الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا يومئ إلى أن معرفة القرآن والسنة كانت للعرب مفتاح النور والعلم وتعلم أصول الحياة الراقية.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
إن الأنبياء على درجة عالية من السمو والأخلاق، فما كان من شأن نبي أن يخون، أو يجور في القسمة، أو يأخذ شيئا من الغنائم بغير حق واضح، فما كان من حقكم أن تتهموا نبيكم بتهمة باطلة. روى الطبراني عن عمرو بن عوف حديثا:«لا إغلال ولا إسلال» أي لا خيانة ولا سرقة.
ومن خان وبّخه الله سلفا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، ويعاقب على ذنبه، وجعل الله تعالى هذه العقوبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه.
والغلول كبيرة من الكبائر بدليل هذه الآية وحديث أبي هريرة المتقدم:
أنه يحمله على عنقه.
وإذا غلّ الرجل في المغنم ووجد لديه، أخذ منه، وأدّب وعوقب بالتعزير.
وقال أحمد والأوزاعي وإسحاق: يحرق متاع الغالّ كله إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه، ولا تنزع منه دابته، ولا يحرق الشيء الذي غلّ، عملا بحديث رواه أبو داود والترمذي عن عمر:«إذا وجدتم الرجل قد غلّ، فأحرقوا متاعه، واضربوه» لكن فيه صالح بن محمد بن زائدة، وهو ضعيف لا يحتجّ به.
وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث: لا يحرق متاعه، إذ لم يثبت ذلك في السنة النبوية.
وتجوز العقوبة في المال، بدليل أن عمر رضي الله عنه أراق لبنا شيب بماء، وإذا باع الذمي خمرا لمسلم أريقت على المسلم، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له، لئلا يبيع الخمر من المسلمين.
وأجمع العلماء على أن للغالّ أن يرد جميع ما غلّ إلى صاحب المقاسم قبل أن يفترق الناس إن وجد السبيل إلى الرد، وأنه إذا فعل ذلك فهي توبة له، وخروج عن ذنبه. فإن افترق العسكر دفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي في رأي مالك والأوزاعي.
وفي تحريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة، فلا يحل لأحد أن يستأثر بشيء منها دون الآخر، فمن غصب شيئا منها أدّب اتفاقا.
ومن الغلول: هدايا العمال أو الولاة، وحكمه في الفضيحة في الآخرة حكم الغالّ، بدليل
حديث ابن اللتبية عند مسلم في صحيحة وأبي داود الذي فيه:
«لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء، وإن كانت بقرة فلها خوار أو شاة تبعر
(1)
»
وروى أبو داود عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول» .
ومن الغلول: حبس الكتب عن أصحابها، ويدخل غيرها في معناها.
2 -
من اتبع شرع الله بترك الغلول والصبر على الجهاد له في الجنة رتبة، وتتفاوت درجات الطائعين. ومن عصى الله بكفر أو غلول أو تولى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب، له في النار رتبة، وتتفاوت دركات العصاة.
3 -
إن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على عظيم منّة الله تعالى، وخصائص النبي
(1)
العيار: صوت الغنم والمعزى.