الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكبر ويرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم:
اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد ووطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية، عصت الله ورسوله. ثم بلغنا أنه ترك ذلك، لما نزلت:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ، فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ} .
المناسبة:
لما حذّر الله تعالى من اتخاذ بطانة السوء، ذكر هنا مثالا واقعيا من ميدان المعارك والغزوات، وهو أن سبب همّ الطائفتين بالفشل (الجبن والضعف) هو تثبيط المنافقين لهم بقيادة زعيمهم عبد الله بن أبي بن سلول.
روى الشيخان عن جابر قال: فينا نزلت: {إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا، وَاللهُ وَلِيُّهُما} قال: نحن الطائفتان: بنو حارثة وبنو سلمة، وما نحب أنها لم تنزل، لقوله تعالى:{وَاللهُ وَلِيُّهُما} .
وقد تحدثت الآيات عن غزوة أحد التي أنزل فيها ستون آية من 121 - 180، وجاء في أثنائها الحديث عن
غزوة بدر
اعتراضا، ليذكّرهم بنعمته تعالى عليهم، حينما نصرهم ببدر وهم قلة.
نبذة يسيرة عن غزوتي بدر وأحد:
غزوة بدر:
حدثت معركة بدر في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة، بعد أن تعرض المسلمون لقافلة أبي سفيان القادمة من الشام، التي تحمل الأموال والتجارة، في وسط من قيام حالة الحرب بين المسلمين وبين مشركي قريش بمكة،
بقصد الحصار الاقتصادي، وتعويض المسلمين ما صادره لهم القرشيون في مكة من أموال وعقارات وممتلكات. وقد عزّ على المكيين هذا الحادث، وأحسوا بالخطر على وجودهم، وشعروا بقوة المؤمنين في المدينة، وملأ الحقد والعزة بالإثم صدورهم. فحشدوا قواهم من قبائل العرب، ولم يتخلف من قريش إلا القليل النادر، وكان عددهم ألفا وزيادة، فيهم الفرسان والأبطال وصناديد قريش.
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه، ثم خرج إليهم مسرعا في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، لم يكن معهم إلا فرسان وسبعون بعيرا، والباقون مشاة ليس معهم من العدد ما يحتاجون إليه.
وتقابل الجيشان في بدر: وهي بئر بين مكة والمدينة، كانت لرجل يسمى بدرا، فسمي به الموضع، والأكثر على أنه ماء هنالك، وبه سمي الموضع. وانجلت المعركة عن نصر مؤزر للمسلمين، وكارثة كبري على المشركين، وكانت معركة حاسمة قررت مصير الفريقين، وأحدثت دويا هائلا بين العرب، فسماها الله تعالى {يَوْمَ الْفُرْقانِ} فقال:{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ، يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ} [الأنفال 41/ 8].
فيها انتصرت الفئة المؤمنة القليلة على الفئة الكثيرة: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} وأمد الله تعالى فيها المؤمنين بالملائكة يقاتلون مع المسلمين، وظهر فيها مدى ثبات المسلمين وجرأتهم النادرة، واشترك فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقاتل -وكان اشتراكه في تسع غزوات-وبرز فيها عنصر الإيمان والعقيدة والتوكل على الله في قلب المعركة وأثناء المشاركة بالسلاح، وتمثل ذلك
بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبيل التحام الصفين فقال:
«اللهم، إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض، اللهم أنجزني ما وعدتني، اللهم نصرك» ورفع يديه إلى السماء، حتى سقط الرداء عن منكبيه،