المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحكام أخرى من آيات المواريث: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٤

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌الرّد على اليهود في تحريم بعض الأطعمة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منزلة البيت الحرام وفرضية الحج

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إصرار أهل الكتاب على الكفر وصدهم عن سبيل الله

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توجيه المؤمنين إلى الحفاظ على الشخصيةوالاعتصام بالقرآن والإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وتأكيد النّهي عن التّفرّق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سبب خيرية الأمة الإسلامية وضرب الذلة والمسكنة على اليهود

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (110):

- ‌نزول الآية (111):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفئة المؤمنة من أهل الكتاب والثواب على أعمالهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ضياع أعمال الكافرين يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الثقة بالكفار واطلاعهم على الأسراروموقفهم الثابت من المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غزوة أحدتنظيم الجيش الإسلامي والتذكير بالنصر في غزوة بدر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}:

- ‌المناسبة:

- ‌ غزوة بدر

- ‌نبذة يسيرة عن غزوتي بدر وأحد:

- ‌غزوة أحد:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إرشادات للمؤمنين بفعل الخيراتوترك المنكرات وجزاء الطائعين والعصاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (130):

- ‌نزول الآية (135):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة المكذّبين والمتّقين وتوفير العزّة للمؤمنين بالجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (139):

- ‌نزول آخر الآية (140):

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عتاب لبعض أهل أحد بقدسية الجهاد وضرورة الثبات على المبدأوتذكير بأن الموت بإذن الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (143):

- ‌نزول الآية (144):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحذير من طاعة الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (149):

- ‌نزول الآية (151):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب انهزام المسلمين في أحد وتفرقهم بعد وعدهم بالنصر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (154):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحذير المؤمنين من أقوال المنافقين وترغيبهم في الجهاد وبيان فضله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالرفق والعفو والمشاورةوالوعد بالنصر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌لمفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدالة النبي صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم ومهامه في إصلاح أمته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أخطاء المؤمنين في غزوة أحد وبعض قبائح المنافقين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منزلة الشهداء المجاهدين في سبيل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (169):

- ‌نزول الآية (172):

- ‌تاريخ غزوة حمراء الأسد:

- ‌تاريخ غزوة بدر الصغرى:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إزالة الحزن من قلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد ومناقشة الكفاروالبخلاء وتمييز الخبيث من الطيب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (179):

- ‌سبب نزول الآية (180):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض قبائح اليهود من نسبة الفقر إلى الله وتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الموت مصير كل نفس والثواب يوم القيامة والابتلاء في الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أخذ الميثاق على أهل الكتاب بالبيان للناسومحبتهم المدح بغير موجب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توجيه النفوس نحو التفكر في خلق السموات والأرضوجزاء العاملين ذكورا وإناثا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (190):

- ‌نزول الآية (195):

- ‌المناسبة:

- ‌فضل هذه الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الكافرون والأتقياء ومؤمنو أهل الكتاب وجزاء كل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (196):

- ‌نزول الآية (199):

- ‌نزول الآية (200):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة النساء

- ‌مدنيتها:

- ‌فضلها:

- ‌مناسبتها لآل عمران:

- ‌لتسمية:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌وحدة الأصل الإنساني ووحدة الزوجين ورابطة الأسرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيتاء اليتامى أموالهم وتحريم أكلها

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إباحة تعدد الزوجات إلى أربع ووجوب إيتاء المهر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (3):

- ‌نزول الآية (4):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحكمة من تعدد الزوجات:

- ‌أسباب تعدّد زوجات النّبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الحجر على السفهاء والصغار ونحوهموعدم تسليم المال إليهم إلا بالرشد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حقوق الورثة في التّركةوحقوق المحتاجين والأيتام والقرابة غير الوارثين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (7):

- ‌نزول الآية (10):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌آيات المواريث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان والأحكام:

- ‌حقوق الأولاد في الميراث:

- ‌ميراث الوالدين:

- ‌تقديم الديون ثم الوصايا:

- ‌ميراث الزوجين:

- ‌ميراث الكلالة:

- ‌أحكام أخرى من آيات المواريث:

- ‌حدود الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الفاحشة في مبدأ التشريع

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌عقوبة الزانيات:

- ‌عقوبة الزناة:

- ‌الأحكام:

- ‌وهل يجتمع النفي مع الجلد

- ‌حالة قبول التوبة ووقتها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌معاملة النساء في الإسلامتحريم إرث النساء كرها والعضل عن الزواج وأخذ شيء من المهوركرها والمعاشرة بالمعروف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الحق الأول-تحريم إرث ذات النساء:

- ‌الحق الثاني-عضل المرأة:

- ‌الحق الثالث-المعاشرة بالمعروف:

- ‌الحق الرابع-حق المرأة في كامل المهر:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المحارم من النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أولا-النكاح المقت:

- ‌ثانيا-المحرمات بسبب قرابة النسب أو المصاهرة أو الرضاع:

- ‌1 - نكاح الأصول:

- ‌2 - نكاح الفروع:

- ‌3 - نكاح الحواشي القريبة والبعيدة:

- ‌4 - ما يحرم بسبب الرضاع:

- ‌5 - ما يحرم بسبب المصاهرة:

- ‌6 - ما يحرم بسبب عارض:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌أحكام أخرى من آيات المواريث:

يوصيكم الله ويأمركم بذلك ويعهد إليكم به عهدا للعمل به وتنفيذه، والله عليم حليم، عليم بمصالح عباده وبمضارهم وبمن يستحق الميراث ومن لا يستحق، وبمقدار المستحق، حليم لا يعجل بالعقوبة على من عصاه، فأضرّ في الوصية بالورثة أو بالدّائنين، أو حرم أحدا من النساء والأطفال حقه في الإرث.

وفي هذه الخاتمة المؤثرة بمن أصغى إليها وفهمها: إشارة إلى أنه تعالى شرع المواريث على هذا النحو، وهو يعلم ما فيها من الخير والمصلحة، فمن الواجب الإذعان لوصايا الله وفرائضه، والتزام منهجه وحدوده، فلا ينبغي الاعتداء وهضم الحقوق، أو التعديل في أنظمة الإرث كإعطاء المرأة مثل الرجل، كما في بعض الدّول الإسلامية أخذا بأعراف فاسدة لمصادمتها للنصوص القرآنية القطعية، أو محاكاة لأنظمة الغرب وقوانين البشر، زعما بأن ذلك عدل يقتضي المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، لكن لا عدل بعد عدل الله، ولا رحمة فوق رحمة الله، فإن افتتاح الآيات بقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} دليل على أنه تعالى أرحم بالناس من الوالدة بولدها، حيث أوصى الوالدين بأولادهم، ويؤيده

الحديث الصحيح: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» .

‌أحكام أخرى من آيات المواريث:

1 -

قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} بيان لما أجمل في قوله:

{لِلرِّجالِ نَصِيبٌ} و {لِلنِّساءِ نَصِيبٌ} فدل على جواز تأخير البيان عن وقت السؤال. وهذه الآية ركن من أركان الدين، وعمدة من عمد الأحكام، وأم من أمّهات الآيات، فإن الفرائض عظيمة القدر، حتى إنها ثلث العلم، وروي نصف العلم، وهو أول علم ينزع من الناس وينسى.

أخرج الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعلموا الفرائض وعلّموه الناس، فإنه نصف العلم، وهو أول شيء ينسى، وهو أول شيء ينتزع من أمتي» .

ص: 280

2 -

قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} قال الشافعية: قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} حقيقة في أولاد الصّلب، فأما ولد الابن فإنما يدخل فيه بطريق المجاز؛ فإذا حلف أن لا ولد له، وله ولد ابن لم يحنث؛ وإذا أوصى لولد فلان، لم يدخل فيه ولد ولده. وأبو حنيفة يقول: إنه يدخل فيه إن لم يكن له ولد صلب.

3 -

ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد، المؤمن منهم والكافر، فلما ثبت

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يرث المسلم الكافر»

(1)

علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، على ظاهر الحديث.

ودلت الأحاديث على أن موانع الإرث هي ثلاث: قتل، واختلاف دين، ورقّ، لكن القتل الخطأ لا يمنع من الميراث عند الإمام مالك، ويمنع كالقتل العمد عند باقي الأئمة.

ولم يدخل في عموم الآية ميراث النبي صلى الله عليه وسلم

لقوله فيما رواه أحمد: «إنا لا نورث ما تركناه صدقة» .

وقال النخعي: لا يرث الأسير، وقال أغلب أهل العلم: إنه يرث ما دام تعلم حياته على الإسلام؛ لأن قوله تعالى: {فِي أَوْلادِكُمْ} دخل فيه الأسير في أيدي الكفار.

4 -

أصحاب الفرائض في الآيات يأخذون حقوقهم، والباقي للعصبات،

لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الأئمة: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقته الفرائض فلأولى رجل ذكر» يعني الفرائض الواقعة في كتاب الله تعالى وهي ستة: النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس. وقوله: لأولى: أي لأقرب.

(1)

روى الجماعة عن أسامة هذا الحديث بلفظ «لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر» .

ص: 281

فالنصف فرض خمسة: ابنة الصلب، وابنة الابن والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والزوج، إذا انفردوا عمن يحجبهم عنه.

والربع: فرض الزوج مع الحاجب وهو الولد: وفرض الزوجة والزوجات مع عدم الحاجب.

والثمن: فرض الزوجة والزوجات مع الحاجب.

والثلثان: فرض أربع: البنتان فصاعدا، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، أو لأب، إذا انفردن عمن يحجبهن عنه.

والثلث فرض صنفين؛ الأم مع عدم الولد وولد الابن، وعدم الاثنين فصاعدا من الإخوة والأخوات، وفرض الاثنين فصاعدا من ولد الأم، وهذا هو ثلث كل المال. فأما ثلث ما يبقى فذلك للأم في مسألة: زوج أو زوجة وأبوان، فللأم فيها ثلث ما يبقى. وفي مسائل الجد مع الإخوة إذا كان معهم ذو سهم، وكان ثلث ما يبقى أحظى له.

والسدس فرض سبعة: الأبوان والجد مع الولد وولد الابن، والجدة والجدات إذا اجتمعن، وبنات الابن مع بنت الصلب، والأخوات للأب مع الأخت الشقيقة، والواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى. ويسقط ولد الأم مع الفرع الوارث والأصل الوارث المذكر.

وهذه الفرائض كلها مأخوذة من كتاب الله تعالى إلا فرض الجد والجدات، فإنه مأخوذ من السنة، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى للجدة بالسدس.

5 -

لا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية، كما بينت.

6 -

لما قال تعالى: {فِي أَوْلادِكُمْ} يتناول كل ولد كان موجودا أو جنينا في بطن أمه، من الطبقة الأولى أو بعدها، من الذكور أو الإناث ما عدا الكافر كما تقدم.

ص: 282

7 -

قوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ} فرض الله تعالى للواحدة النصف بقوله: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ} ولما كان للواحدة مع أخيها الثلث إذا انفردت، علمنا أن للاثنتين الثلثين. وقيل:

{فَوْقَ} زائدة أي كن نساء اثنتين، كقوله تعالى:{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ} [الأنفال 12/ 8] أي الأعناق فما فوقها. وأقوى حجة في أن للبنتين الثلثين الحديث الصحيح المروي في سبب النزول.

8 -

إذا كان مع البنت بنت ابن فللبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين. سئل ابن مسعود عن ذلك فقال: لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين! أقضي فيها بما

قضى النبي صلى الله عليه وسلم: للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت.

9 -

إذا مات الرجل وترك زوجته حبلى، فإن المال يوقف حتى يتبين ما تضع. فإن خرج ميتا لم يرث، وإن خرج حيا يرث ويورث. أما الخنثى وهو الذي له فرجان فأجمع العلماء على أنه يورّث من حيث يبول.

10 -

قوله تعالى {وَلِأَبَوَيْهِ} الأبوان: تثنية الأب والأبه، أو من قبيل التغليب عند العرب، كقولهم للأب والأم: أبوان، وللشمس والقمر: القمران، ولليل والنهار: الملوان، وكذلك العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

11 -

للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم بإجماع العلماء، وأجمعوا على أن الأم تحجب أمها وأمّ الأب، وأجمعوا على أن الأب لا يحجب أم الأم.

ولا يرث في رأي مالك إلا جدّتان: أم الأم وأم الأب وأمهاتهما. ولا ترث الجدة أم أب الأم على حال.

12 -

قوله تعالى {لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} فرض تعالى لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس، وأبهم الولد، فكان الذكر والأنثى فيه سواء.

ص: 283

13 -

قوله تعالى: {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الإخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس، وهذا هو حجب النقصان، سواء كان الإخوة أشقاء أو للأب أو للأم، ولا سهم لهم.

14 -

الدين مقدم على الوصية، بدليل

ما روى الترمذي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية. وهذا مجمع عليه.

وتمسك الشافعي بالآية في تقديم دين الزكاة والحج على الميراث، فقال: إن الرجل إذا فرّط في زكاته، وجب أخذ ذلك من رأس ماله؛ لأنه حق من الحقوق، فيلزم أداؤه عنه بعد الموت لحقوق الآدميين، لا سيما والزكاة مصرفها إلى الآدمي. وقال أبو حنيفة ومالك: إن أوصى بها أديت من ثلثه، وإن سكت عنها لم يخرج عنه شيء، حتى لا يترك الورثة فقراء.

15 -

قوله تعالى: {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} قيل: في الدنيا بالدعاء والصدقة، كما جاء في الأثر:

«إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده»

وفي الحديث الصحيح عند مسلم وغيره: «إذا مات الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث-فذكر-أو ولد صالح يدعو له» . وقيل: في الآخرة، فقد يكون الابن أفضل فيشفع في أبيه.

وفي الجملة: إن الآباء والأبناء ينفع بعضهم بعضا في الدنيا بالتناصر والمواساة، وفي الآخرة بالشفاعة. وإذا تقرر ذلك في الآباء والأبناء تقرر ذلك في جميع الأقارب.

16 -

ليس في الفرائض موضع يكون فيه الذكر والأنثى سواء إلا في ميراث الإخوة للأم، وذلك في قوله تعالى:{فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ} هذا التشريك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى وإن كثروا.

ص: 284

17 -

الضرر والإضرار حرام وهو في الوصية من الكبائر، وكذا في الدين، قال تعالى:{غَيْرَ مُضَارٍّ} والإضرار راجع إلى الوصية والدين، أما رجوعه إلى الوصية فبأن يزيد على الثلث أو يوصي لوارث، فإن زاد فإنه يرد إلا أن يجيزه الورثة؛ لأن المنع لحقوقهم لا لحق الله تعالى. وإن أوصى لوارث فإنه يرجع ميراثا. وأجمع العلماء على أن الوصية للوارث لا تجوز.

وأما رجوعه إلى الدين فبالإقرار في حالة لا يجوز له فيها، كما لو أقر في مرضه لوارثه أو لصديق ملاطف، فذلك لا يجوز. وأجمع العلماء على أن إقراره بدين لغير وارث حال المرض جائز إذا لم يكن عليه دين في الصحة.

فإن كان عليه دين في الصحة ببينة وأقر لأجنبي بدين، فقالت طائفة منهم الحنفية: يبدأ بدين الصحة. وقالت طائفة منهم الشافعي: هما سواء إذا كان لغير وارث.

قال ابن عباس: الإضرار في الوصية من الكبائر، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت، فيضارّان في الوصية فتجب لهما النار» . ومشهور مذهب مالك: أن الموصي لا يعد فعله مضارّة في ثلثه؛ لأن ذلك حقه، فله التصرف فيه كيف شاء.

18 -

قوله تعالى: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} يعني عليم بأهل الميراث، حليم على أهل الجهل منكم.

ص: 285