الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقّ الثابت الذي لا شبهة فيه، كاشفة حقيقة الأمر في الدّنيا والآخرة.
والله لا يريد ظلما للعباد، أي ليس بظالم، بل هو الحاكم العدل الذي لا يجوز؛ لأنه القادر على كلّ شيء، العالم بكلّ شيء، ولأن الظلم يصادم الحكمة والكمال في النّظام وفي التّشريع، فلا يحتاج إلى ظلم أحد من خلقه، وأما ما يأمر به وينهى عنه، فإنما يريد هدايتهم إلى أقوم الطّرق، فإذا خرجوا عن حدود الطّاعة وفسقوا كانوا هم الظالمين لأنفسهم، والظالم هو الذي سبب لنفسه العقاب، كما قال تعالى:{وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود 102/ 11]، وقال:{وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ، وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ} [هود 117/ 11].
ومما يدلّ على عدم احتياج الله لظلم أحد من خلقه: أن جميع ما في السموات والأرض من مخلوقات وكائنات ملك له وعبيد له، وأنهم إليه راجعون، فهو الحاكم المتصرّف في الدّنيا والآخرة.
فقه الحياة أو الأحكام:
أوّلا-إنّ الدعوة إلى الإسلام ونشرها في آفاق العالم والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من فروض الإسلام الكفائية، لقوله تعالى:{وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ، لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة 122/ 9].
ويجب أن يكون الدّعاة علماء بما يدعون الناس إليه، وقائمين بفرائض الدّين، وهم الذين وصفهم الله تعالى بقوله:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ، وَآتَوُا الزَّكاةَ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج 41/ 22]، والسبب أن الدّاعية هو القدوة الحسنة والمثل الصالح
الذي يحتذي به، ويقلّده الآخرون ويتأثّرون به، وتحليل تلك الضوابط يتجلّى في الشروط الآتية المطلوبة في الدّعاة:
1 -
العلم بالقرآن والسّنّة والسّيرة النّبويّة وسيرة الرّاشدين.
2 -
تعلّم لغة القوم الذين يراد دعوتهم إلى الدّين، إذ يتعذّر تحقيق الغاية بدون ذلك، وقد أمر النّبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بتعلّم العبريّة لمحاورة اليهود.
3 -
معرفة الثقافة الحديثة والعلوم العامة وأحوال الأقوام وأخلاقهم وطبائعهم، والملل والنحل، وشبهات التّيارات والمبادئ الاقتصادية والاجتماعية السائدة في العالم المعاصر، وموقف الإسلام منها.
ثانيا-إن التّفرق في الدّين وسياسة الأمة العامة أمر حرام ومنكر عظيم مؤذن بتدمير المصلحة العامة والقضاء على وجود الدولة المسلمة والأمة المؤمنة، وقد عدّ القرآن المتفرقين في الدين من الكفار والمشركين، كما في قوله تعالى:
{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ، وَكانُوا شِيَعاً، كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 32/ 30] وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ، إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام 159/ 6].
ومن خرج عن حدود الدين ومقاصده كان ظالما، ومن لازم الظلم كان كافرا، كما قال تعالى:{وَالْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ} [البقرة 254/ 2].
ومن ترك الاعتصام بالقرآن والإسلام ورد الأمر المتنازع فيه إلى غير الكتاب والسنة كان أيضا من الكافرين.
هذا.. والاختلاف المحظور إنما هو الاختلاف في العقيدة وأصول الدين، وأما اختلاف الفقهاء في الفروع الاجتهادية فهو محمود غير مذموم ومن يسر الشريعة.