الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلم- مالم تكونوا تعلمون إلّا عن طريقه1.
فهدايته صلى الله عليه وسلم هي الهداية، ودينه صلى الله عليه وسلم هو الظاهرعلى سائر الأديان؛ لأنه أكمل الأديان، شريعته هي أتمّ الشرائع، فتربيته من أحسن التربيات، ولا بُدَّ أن تظهر وتعم، لأن ما جاء به هو الإيمان الصحيح والعلم النافع، ولهذا يقول الله عز وجل:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] و [الصف: 9] وقال أيضًا: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28] ، فالله يشهد سبحانه وتعالى على أن ما جاءنا به محمد صلى الله عليه وسلم هو الدين الحق الذي ارتضاه للخلق جميعًا.
1 الخطيب البغدادي: كتاب الكفاية في علم الرواية ص12، ص13.
المثل الأعلى في التربية:
إن المثل الأعلى في التربية وحسن السلوك ورقيّ الأخلاق، هو رسول صلى الله عليه وسلم، ذلك أنه رباه رب العالمين، وجعل منه الأسوة العليا، والأنموذج الأعظم للأخلاق، ومنحه في ذلك أعلى الشهادات، فقال عز من قائل:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، وجعل ذلك منَّةً يمتنُّها على عباده المؤمنين، ونعمة يتحدث بفضلها عليهم؛ فقال سبحانه وتعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} 1، وقال أيضًا:{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} 2.
1 آل عمران: 164.
2 البقرة: 151.
فالله سبحانه وتعالى يبين لنا في قرآنه أن سيدنا محمدًا قد بلغ من الشرف والأدب الرفيع ما لم يدرك شأوه بشر؛ إذ وصفه بهذه الصفات البليغة، وقد كان من خلقه صلى الله عليه وسلم العلم والحلم، وشدة الحياء، وكثرة العبادة والسخاء والصبر والشكر، والتواضع والزهد، والرحمة والشفقة، وحسن المعاشرة والأدب، إلى غير ذلك من الخلال العلية والأخلاق المرضية التي هي المثل الأعلى في جميع نواحيها، بحيث تتسع لتشمل كل الفضائل والكمالات التي تهدي البشرية، وتعلم الناس في كل زمان ومكان كل معاني الشفقة والطهارة والرحمة.
وسيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم خير مثالٍ لكل من أراد أن يصل إلى درجة الكمال في الأخلاق والأعمال، والقرآن يبيّن لنا في وضوحٍ أن أصحابه الذين تربوا على منهاجه صلى الله عليه وسلم قد نالوا هذه الدرجة العليا من السموِّ الأخلاقي، وحازوا بها رضي الله عنهم، فجاء في صفتهم في محكم التنزيل:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} 1.
فكل من سار على نهجه واستضاء بنوره صلى الله عليه وسلم، واتبع هديه، صار من خيرة الناس، وأدخله في رضوانه، وأثباه على عمله جنات تجري من تحتها الأنهار، مصداقًا لقوله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} 2.
1 سورة الفتح آية رقم 29.
2 سورة البينة آية رقم 7، 8.