الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طبقات التابعين:
والتابعون ثلاث طبقات: كبرى ومتوسطة وصغرى، جمعيهم كانوا مشاعل هدايةٍ لأهل المناطق التي عاشوا فيها في بلاد الحجاز والعراق وخراسان والشام ومصر واليمن، فمن الطبقة الأولى: سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي "ت94"، فقيه الفقهاء وأفضل التابعين، وكان من أحفظ الناس لأحكام عمر وأقضيته، حتى كان يسمى رواية عمر، وأيضًا أثبت التابعين في أبي هريرة، كان يُعَلِّمُ الناس بالمدينة1.
وكان بالمدينة أيضًا عروة بن الزبير، وهو أحد الفقهاء السبعة، وهو أعلم الناس بحديث عائشة، وقيل: إن أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: "القاسم بن محمد، عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن"2.
وفي الكوقة 2:
وبها كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تلامذة عبد الله بن مسعود.
- علقمة بن قيس النخعي "ت73"، وعبيدة السلماني "ت73".
- وشريح القاضي، وكان قد ولي القضاء لعمر وعثمان وعلي ومعاوية ستين سنة، إلى أيام الحجاج فاستعفى، وله مائة وعشرون سنة.
1 السيوطي: طبقات الحفاظ، بتحقيق علي محمد عمر، ص17، 18، نشر مكتبة وهبة، عابدين، القاهرة، الطبعة الأولى، 1393هـ، 1973م.
2 المصدر السابق، ص13، وما بعدها.
- ومسروق بن الأجدع الهمداني "ت63هـ".
- عبد الرحمن بن أبي ليلى "ت83"، وكان يدرس للناس، وفي حلقته نفر من الصحابة، منهم: البراء بن عازب.
وبالبصرة 1:
- أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي "ت 93 أو 106 أو 100".
وليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن منه، وبعده سعيد بن جبير، وبعده السدي، وبعده سفيان الثوري.
- ومطْرَف بن عبد الله الشخير العامري "ت95"، وهو من الفضلاء الثقات الورعين العقلاء الأدباء2.
وبالشام:
-عبد الرحمن بن غنم الأشعري "ت78هـ"، وكان يُعْرَفُ بصاحب معاذ بن جبل، لملازمته له، وكان أفقه أهل الشام، وكثير بن مرة الحضرميّ، وجبير بن نفير بن مالك، وهو من أحسن التابعين روايةًَ عن الصحابة3.
- أبو إدريس الخولاني "ت80هـ"، وكان قاص أهل الشام وقاضيهم4.
وغير أولئك كثير.
1 السيوطي، طبقات الحفاظ، ص22.
2 المرجع السابق، ص24.
3 المرجع السابق، ص16.
4 المرجع السابق، ص18.
ثم يلي هؤلاء الطبقة الثالثة، وهي الوسطى من التابعين منهم:
- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، الذي طبقت شهرته الآفاق "ت10".
- وإبراهيم النخعيّ بن يزيد بن قيس، فقيه أهل الكوفة ومفتيها هو والشعبي في زمانهما "ت96".
- ونافع مولى ابن عمر - أبو عبد الله المدني "ت116"، وكان عمر بن عبد العزيز قد بعثه إلى مصر يعلمهم السنن1.
- وعليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب "ت 95 أو 100".
- وسعيد بن جبير الأسدي الكوفي "ت92هـ"، قتله الحجاج، وما على ظهر الأرض أحدٌ إلّا وهو محتاج إلى علمه2.
- ومحمد بن سيرين "ت110"، ولم يكن بالبصرة أحد أعلم منه بالقضاء2، يعبر الرؤيا رأي ثلاثين من الصحابة.
- وعامر بن شراحيل الشعبي، علَّامة التابعين "ت114"، وقد أدرك خمسمائة من الصحابة، ومنهم: عمر بن عبد العزيز "101هـ-719م"، وكان بالشام، لمع اسم عمر بن عبد العزيز كزاهد حتى كاد يخفى سيرة خلافته العادلة، ويبقى زهده وورعه، ولكن الحقّ أن سيرة الخليفة الذي يعده أهل السنة والجماعة من سلسلة الخلفاء الراشدين، هذه السيرة أبت إلّا أن تقرن عدله بزهده، وكأن خلافته دعمت نظرية الزهد وغذتها، فأثبت أنه في
1 المرجع السابق، ص40.
2 المرجع السابق، ص31.
3 المرجع السابق، ص32.
الإمكان الجمع بين الخلافة والزهد، أعني بين الرياسة أو امتلاك ناصية الحكم والتصرف في شئون المسلمين، وبين الحياة الوجدانية وأعمال القلوب في إطارها الإسلاميّ الأصيل، الذي يُعَدُّ عمر بن عبد العزيز أحد الرواد الأوائل فيه، فأصبح من المألوف أن يعتبره أهل السنة والجماعة خامس الخلفاء الراشدين1.
وكان له صلة أيضًا بزهاد البصرة -وعلى رأسهم الحسن البصري، وكذلك بالمدينة وإمامها حينئذ سعيد بن المسيب، فقد أصبح هذا المثلث المدعم بثلاثة من التابعين، سمة بارزة للحياة الوجدانية المحافظة على القيم الإسلامية المثالية حينذاك كلٌّ في مجاله2.
وتبادل الخليفة عمر بن عبد العزيز مع هذين التابعين الرسائل المتعددة في مجال الاستمساك بهذه القيم، بل إن تأثيره تعداهما إلى عامّة الناس إبّان حكمه لتقليده في قراءة القرآن والصلاة والعبادة، فأصبح المسلمون يقلدونه "يلقى الرجل الرجل فيقول: كم وردك؟ كم تقرأ كل يوم؟ ماذا صليت البارحة؟ "3.
وكان باليمن من التابعين وهب بن منبه "ت110هـ"، وهو نموذج من هؤلاء الذين عرفوا كتب الأوائل، وله صلاح وعبادة، ويُرْوَى عنه أقوال حسنة وحكم ومواعظ، يحدثنا عن نفسه فيقول:"قرأت اثنين وتسعين كتابًا كلها أنزلت من السماء"4، فكان ينقل للمسلمين
1 ألحقه سفيان الثوري بالخلفاء الراشدين، وعد الخلفاء الراشدين خمسة "ابن الأثير/ الكامل جـ5 ص26".
2 د. مصطفى حلمي: مع المسلمين الأوائل في نظرتهم للحياة والقيم، نشر دار الدعوة، الطبعة الثانية،1409هـ 1989م، ص96، 97.
3 ابن كثير: البداية والنهاية، جـ9، ص96 97.
4 ابن سعد: الطبقات الكبرى، جـ5، ص543.
القصص عن أخبار بني إسرائيل الذين حادوا عن الطريق القويم، وربما كان يقصد تحذير الزهاد بخاصة، والمسلمين بعامة من تقليدهم"1.
وكان باليمن طاوس بن كيسان اليماني "110"، أدرك خمسين صحابيًّا، وكان من عباد أهل اليمن وسادات التابعين2.
وبمكة مجاهد بن جبر "مات سنة 100 أو 102 أو 103 أو 104"، تلميذ ابن عباس الذي نقل عنه التفسير.
وعكرمة مولى ابن عباس، وكان أعلم الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال قتادة: أعلم التابعين أربعة: كان عطاء بن رباح أعلمهم بالمناسك، وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير، وكان عكرمة أعلمهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام3.
وغير أولئك كثير.
أما طبقة صغار التابعين.
فمنهم مكحول الدمشقي "112هـ"، فقيه أهل الشام.
والزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله المدني "124هـ".
وعمرو بن دينار المكي "125هـ"، وأبو إسحاق السبعي "126هـ".
وغيرهم كثير متفرقون في الأمصار، من شاء أن يرجع إليهم في كتب الرجال؛ مثل: كتاب تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني، أو
1 د. / مصطفى حلمي: مع المسلمين الأوائل، ص170-171.
2 طبقات الحفاظ ص34.
3 المصدر السابق ص37.
كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي، أو كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي، وكتاب طبقات الحفاظ للإمام السيوطي، أو غيرها، فلسوف يجد من أخبارهم ما يرضيه، ومن يطَّلع على سيرهم العطرة سوف يلاحظ أنهم مختارون من قبل العناية الإلهية، وأن أخلاقهم من أخلاق الأنبياء، وأن كلامهم المأثور عنهم أشبه بكلامهم، وأن لنا فيهم حسن الأسوة في الأعمال والأحوال.