الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفاقد في حياتنا الاجتماعية:
إن مجتمع المدينة الفاضلة التي كان يحلم بها الفلاسفة من أمثال أفلاطون تحقق وجوده في ربوع العالم الإسلامي بأفضل مما تصوره أيام النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء، وعصر عمر بن عبد العزيز؛ إنه المجتمع الإسلامي بكل صوره التي ترضي الله سبحانه وتعالى، فهل من سبيل إلى عودة هذا المجتمع الفاضل؟
إن مجتمعنا الإسلامي المعاصر طرأت عليه أمور شوهت صورته الجميلة، ومع ذلك فهو يخلو من الفضيلة ولم تنعدم فيه المروءة، وهو لا يزال من أفضل المجتمعات طرا، لكن الفاقد فيه كبير؛ هذا الفاقد يرجع سببه إلى التأثر بالتيارات الأجنبية الوافدة إليه سواء من الغرب أو من الشرق، والتي أدت إلى وجود فئة من الكتاب والأدباء والعلماء الدنيويين أتوا بكثير من البدع والمستحدثات تحت مسمى الحضارة الحديثة، أفسدت عقول شبابنا وأبنائنا، وأصبح من العسير علاجها دفعة واحدة، ولقد تعاملنا مع كل "الأيدلوجيات" والمذاهب السياسية الموجودة في العالم، ومع ذلك فهي لم تنفع لا في تنظيم الجماهير ولا في إصلاح الدولة ولا في تطوير الاقتصاد.
ونحن لدينا كل المقومات في القرآن الكريم والسنة المطهرة وهدي الصحابة والتابعين والأمثلة الزاهية من العلماء والفقهاء على مختلف العصور، ولكن لا نتحرك لتعميم الإفادة من كل ذلك في مواجهة كوارث الواقع ومتغيراته، بل على العكس نحن نزداد بعدًا عن سبل الهداية في القرآن والسنة والتراث الصالحة لكل زمان ومكان، ونلجأ إلى تطبيق تجارب الأجانب التي تفضي في النهاية إلى الضياع.
صور الفاقد في المجتمع:
وتتمثل صور الفاقد في المجتمع الإسلامي المعاصر في:
1-
غياب القدوة الصالحة.
2-
طغيان المادية.
3-
عدم تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملًا.
4-
تعطيل النصف الآخر من المجتمع وهو المرأة.
5-
الانبهار بالعلوم الكونية وجعلها في درجة أعلى من العلوم القرآنية.
6-
إفساد التعليم بالتنظير له على مناهج مستوردة.
7-
القلق المتزايد إزاء ما يحدث حوالينا من مخترعات العلم الحديث.
8-
عدم الإفادة من التراث الإسلامي العريض.
9-
طغيان العامية على الفصحى وإهدار اللغة العربية.
10-
انحراف وسائل الإعلام عن جادة الصواب في معظم أمور الحياة.
كل ذلك أدى ألى خلو طبائع أغلب الناس من الروح، والإسلام روح ومادة، غيب وشهادة، كما أدى إلى طمس المعاني النبيلة للقيم.
ونحن -كمسلمين- نتعامل مع الأخلاق والفضيلة والمروءة والمعاني والقيم السامية وما ينفع الناس، وغرضنا إرضاء الرب سبحانه وتعالى القائل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، وفي ذات الوقت نحن لا نهمل جنب القوة والاستعداد:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} ، ونبتغي بذلك سعادة الدراين، الدنيا والآخرة.
وباختصار نحن نتعامل مع العلم الديني النازل من السماء، العلم الرباني الذي يرفع من قيمة الإنسان ويعمل على صون كل البشر وهؤلاء الأجانب يتعاملون مع العلم الكوني، علم المادة المحسوسة وعلم الجمادات- يبتغون به الحياة الدنيا ويتمسكون بأهدابها، وكل هذا
زيف باطل ومصيره إلى الزوال ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ضياع الاتحاد السيوفياتي وتفكك ولاياته واندثاره.
فالتفوق في العلوم الإنسانية "الكونية" لا يدوم بل يزول، والذي يبقى هو العلم الرباني؛ لأنه ينفع الناس ويتحقق به عمارة الأرض:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} 1. ولذلك لن تزول حضارة الإسلام وإن ضعف أهله، ولكن حضارة أوربا وأمريكا وغيرهما سوف تزول وسوف تنمحي؛ لأنها لا تستند إلى تأييد السماء، ولا تحكمها شريعة الله الخالق البارئ المصور: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} .
1 الرعد: 17.
2 الروم: آية 4، 5.