الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فراش المبيت، وكذا بينهم وبين آبائهم وأمهاتهم في أماكن النوم.
وإذا بلغ الطفل أربع سنين عودناه ألا يدخل بيتًا، وألا يفتح بابًا حتى يستأذن، فإن أذن له دخل، وإلّا فليرجع، كما علينا أن نحفظهم قدرًا من سور القرآن الكريم لتصح بقراءتها صلواتهم، وتستقيم بتلاوتها ألسنتهم، وتسلم بالعمل بما فيه آخرتهم، وحتى تتفجر في قلوبهم ينابيع الإيمان واليقين -وترتاح نفوسهم إلى العمل بشريعة خاتم المرسلين، وتمتزج أرواحهم بهداية القرآن الكريم، فإن الصغير إذا بدأ في حفظ القرآن الكريم ومعرفة تعاليم الدين- اتطلت هذه التعاليم بشخصيته كلما نما وبلغ مبلغ الرجال، فتمتد البواعث الدينية في نفسه مع البواعث الشخصية على مدى الزمن.
إننا في سباق مع الإلحاد، فإذا لم نحط أولادنا من الآن بسياجٍ من الإيمان والقرآن، فنحن إذن معشر الآباء أساس الداء، مصدر الوباء، ومبعث البلاء، ولا عذر لنا يوم البعث العظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين1.
1 المصدر السابق ص33.
التلطف بالصبيان:
التلطف بالصبيان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا قدم من سفرٍ يتلقاه الصبيان، فيقف عليهم، ثم يأمر بهم فيرمغون إليه، فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه، ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم" فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله -صلى الله عليه سلم- بين يديه وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم: أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم، وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبكرة وليسميه، فيأخذه فيضعه في حجره، فربما بال الصبي فيصيح به بعض من يراه فيقول: لا تزرموا الصبي بوله، فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ من دعائه له
وتسميته، ويبلغ سرور أهله فيه لئلَّا يروا أنه تأذّى ببوله، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده1.
كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صبية فيصلي بها، وهي على عاتقه يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته بعد ذلك بها2.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاطف الصغار ويداعبهم؛ ليدخل على نفوسهم البهجة، كما كان يشفق عليهم غاية الشفقة.
رُوِيَ عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لاخٍ لي صغير: "يا أبا عمير: ما فعل النغير؟ " 3، وروي أيضًا عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوت صببي وهو في الصلاة، فظننا أنه خفَّفَ الصلاة رحمة للصبي من أجل أن أمه كانت في الصلاة4.
ورأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُقَبِّلُ ولده الحسن، فقال:"إن لي عشرةً من الولد ما قَبَّلْتُ واحدًا منهم، فقال عليه الصلاة والسلام: "من لا يرحم لا يرحم" ، وقالت عائشة رضي الله عنها: قال صلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: "اغسلي وجه أسامة، فجعلت أغسله وأنا أنفة، فضرب يدي، ثم أخذه فغسل وجهه"5.
1 الغزالي: إحياء علوم الدين، ج2/ 194.
2 النسائي: سنن النسائي، ج2/ 46، باب إدخال الصبيان المساجد، طبعة دار القلم، بيروت، لبنان.
3 البخاري: الأدب المفرد، ص83، مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز، القاهرة 1979م.
4 ابن أبي الدنيا: كتاب العيال، بتحقيق مسعد عبد الحميد السعدني، مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة 1994، ص54.
5 الغزالي: إحياء علوم الدين، ج2/ 218، باب حقوق الوالدين والولد.