الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرحلة الثالثة: مرحلة الطفولة والصبا
آداب استقبال المولود:
وجَّه الإسلام الآباء إلى استقبال ميلاد الطفل بتكبير الله وتوحيده، فيلقى في أذن المولود اليمنى ألفاظ الأذان بصوت منفخض، ويلقى في الأذن اليسرى ألفاظ الإقامة، ليكون ذلك عهدٌ بالإيمان، وليكون أول ما يقرع سمع المولود كلمات الأذان المتضمنة للتوحيد؛ لأن سماع هذه الكلمات من جانب المولود يضعف تأثير الشيطان عليه، وقد رتَّبَ الإمام الغزالي في آداب الولادة خمسة أمور:
أولها: أن لا يكثر فرح الزوج بالذكر عن الأنثى، فإنه لا يدري الخيرة له في أيهما، فكم من صاحب ابن يتمنى أن لا يكون له، أو يتمنى أن لا يكون بنتًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"من كان له أمة فأحسن تأديبها، وغذاها فأحسن غذاءها، وأسبغ عليها من النعمة التي أسبغ الله عليه، كانت له ميمنة وميسرة من النار إلى الجنة"2.
وروي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له ثلاث بنات أو أخوات فصبر على لأوائهن وضرائهن، أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن، فقال رجل: وثنتان يا رسول الله؟ قال: ثنتان، فقال رجل: أو واحدة؟ فقال: وواحدة"3.
1 المصدر السابق ص17.
2 الغزالي، إحياء علوم الدين، ج2/ 55.
3 المصدر السابق نفسه.
ثانيها: أن يؤذن في أذن المولود، فقد رى رافع عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في أذن الحسين حين ولدته فاطمه رضي الله عنها، ويستحب أن يلقنه أول انطلاق لسانه: لا إله إلّا الله؛ ليكون ذلك أول حديثه، ثم الختان في اليوم السابع.
ثالثها: أن يسمي الوالد ابنه اسمًا حسنًا، فذلك من حق الوالد، وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا سميتم فعبدوا"، وقال صلى الله عليه وسلم:"أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن"، كما قال أيضًا:"تسمَّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"، وقال أيضًا:"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم"1.
رابعها: أن يذبح له احتفاءً بمقدمه وتكريمًا لوفادته وشكرًا لله على هديته ومنِّه، فقد ورد في الخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسن بشاة، وروت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر في الغلام أن يعق بشاتين مكافئتين وفي الجارية بشاة"2.
ومن السنة أيضًا أن يتصدق بوزن شعره ذهبًا أو فضةً لما ورد في الخبر من أنه عليه السلام أمر فاطمة رضي الله عنها يوم سابع حسين أن تحلق شعره، وتتصدق بزنة شعره فضة"3.
وليس من السنة ما نرى عليه الناس من عادة إقامة "السبوع"؛ حيث يوضع الطفل في غربال ويدق الهون عند أذنه مع رش الملح وتوزيع الحمص والحلوى، وما إلى ذلك من مظاهر ليست من الدين في شيء.
خامسها: أن يحنكه بتمرة أو حلاوة، فقد روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: ولدت عبد الله بن الزبير بقباء، ثم أتيبت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه" فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة، ففرحوا به فرحًا شديدًا؛ لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم فلا يُولَدُ لكم4.
1، 2، 3 الغزالي: إحياء علوم الدين، ج2/ 56.
4 الغزالى، إحياء علوم الدين ج 2/ 57.