الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة المسجد في التعليم والتربية:
يقول ابن باديس1 حول الرسالة الرائدة للمسجد في مجال التعليم: المسجد والتعليم صنوان في الإسلام، من يوم ظهر الإسلام، فما بنى النبي صلى الله عليه وسلم يوم استقر في دار الإسلام بيته حتى بنى المسجد، ولما بنى المسجد كان يقيم الصلاة فيه، ويجلس لتعليم أصحابه، فارتبط المسجد بالتعليم كارتباطه بالصلاة، فكما لا مسجد بدون صلاة، كذلك لا مسجد بدون تعليم، وحاجة الإسلام إليه كحاجته إلى الصلاة".
وإذا كان التعليم في المدراس والكتاتيب من نصيب الصبيان والشباب، فإن للعامة نصيبًا وافرًا من التعليم في المساجد.
ويبرز الشيخ ابن باديس الدور الإيجابي الذي تؤديه المساجد في تعليم وتثقيف العامة، فيقول: "إذا كانت المساجد معمورة بدورس العلم، فإن العامة التي تنتاب تلك المساجد تكون من العلم على حظ وافر، وتتكون منها طبقة مثقفة الفكر، صحيحة العقيدة، بصيرة بالدين، فتكمل هي في نفوسها، ولا تهمل -وقد عرفت العلم ذاقت حلاوته- تعليم أبنائها، وهكذا ينتشر التعليم في الأمة ويكثر طلابه من أبنائها
…
أما إذا خلت المساجد من الدروس، كما هو حالنا اليوم في الغالب1، فإن العامة تعمى عن العلم والدين، وتنقطع علاقتها به، وتبرد حرارة شوقها إليه، وتمسي والدين فيها غريب".
1 ابن باديس: داعية إسلامي كبير من الجزائر من أسرة كريمة، كان أبوه من أعيان مدينة قسنطينة وسراة أهلها، وعرف بالدفاع عن حقوق المسلمين بالجزائر، وكذلك نشأ ابنه عبد الحميد بن باديس، فقاوم الاستعمار الفرنسي في بلاده، وكان يؤمن إيمانا لا حدود له بدور القرآن الكريم في تكوين الجيل المنشود على غرار الجيل الذي حققه القرآن في العصور الأولى، وتوفي ابن باديس سنة 1954.
2 المصدر السابق نفسه.
والمتتبع لتاريخ أسلافنا رحمهم الله يدرك الأهمية التي أعطيت لهذا النوع من التعليم، فقد بذلوا الأموال وحبسوا الأحباس؛ لضمان استمرار المسجد في تأدية رسالته التعليمية والتربوية.
وما انتهى المسلمون اليوم إلى ما هم عليه من انحراف في عقائدهم وسلوكهم، وجمود في فكرهم، إنما سببه هو انعدام التعليم الديني في المساجد، التي أصبحت مؤسسات رسمية خاضعة لتوجيهات الساسة.. ولن يرجى لهم شيء من السعادة الإسلامية، إلا إذا أقبلوا على التعليم الديني، فأقاموه في مساجدهم كما يقيمون الصلاة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من إقامته بمسجده.
لقد تضاءلت وظائف المسجد في عصرنا الحاضر إلى درجة أن أصبح أحادي الوظيفة؛ إذ تنحصر وظيفته في صلاة الجماعة في أوقات الفرائض، وتقلص دوره إلى إقامة شعائرها فحسب.
"ولم يعرف الإسلام المسجد الوحيد الوظيفة إلا في عهد ضعفه.. في حين أن في عهود ازدهار الإسلام كان المسجد جامعا لعدة وظائف: كانت فيه وإلى جواره المدراس ومساكن الطلاب العلم والأساتذة والمستشفيات والرعاية الاجتماعية وسبل المياه ومكاتب حفظ القرآن الكريم، ولعل من أبرز النماذج بين أيدينا الجامع الأزهر، ومجموعة قلاوون، ومسجد السلطان حسن برقوق"1.
1 د/ عبد العزيز كامل: الإسلام والعصر. اقرأ - دار المعارف بمصر ص181 طبعة سنة 1972م.