المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراعاة طبيعة الطفل المخطئ في استعمال العقوبة - من قضايا التربية الدينية في المجتمع الإسلامي

[كمال الدين عبد الغني المرسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: مفهوم التربية الدينية في الإسلام

- ‌معنى التربية:

- ‌تربية الله لعباده

- ‌علم التربية والتعليم علم بدأه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌علم التربية والتعليم في المدرسة المحمدية

- ‌الفصل الثاني: مصادر التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌أولًا: التربية في القرآن الكريم

- ‌ثانيا: السنة النبوية

- ‌مدخل

- ‌الرسول نعمةٌ أنعم الله بها على المؤمنين وعلى العالمين:

- ‌سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحة في القرآن:

- ‌المثل الأعلى في التربية:

- ‌للرسول حقوق على كل من آمن به

- ‌ثالثا: هدى الصحابة

- ‌مدخل

- ‌تربية الله للصحابة:

- ‌تربية الرسول للصحابة:

- ‌الصحابي إنسان عالمي:

- ‌رابعا: هدى التابعين

- ‌مدخل

- ‌التابعون في القرآن

- ‌التابعون في السنة:

- ‌طبقات التابعين:

- ‌الفصل الثالث: منهج الإسلام في التربية

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: الزواج وتكوين الأسرة

- ‌العقيدة وحسن اختيار الزوج

- ‌آداب المعاشرة:

- ‌التعاون بين الزوجين

- ‌المرحلة الثانية: الاستعداد لإستقبال المولود

- ‌إعداد البنية الصالحة لنشأة الطفل قبل الميلاد

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة الطفولة والصبا

- ‌آداب استقبال المولود:

- ‌ختان المولود:

- ‌العناية بالرضاع:

- ‌تأديب الولدان

- ‌التلطف بالصبيان:

- ‌مداعبة الأطفال واللعب معهم:

- ‌الإحسان إلى اليتيم:

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الشباب الباكر إلى الرجولة

- ‌الارتقاء في أسلوب التربية:

- ‌تعليمه حقوق الأخوة الإسلامية:

- ‌تعليمه حقوق الجوار:

- ‌كما جاء في حقوق الأقارب والرحم عند الغزالى

- ‌الفصل الرابع: وسائل تطبيق المنهج الإسلامي في التربية

- ‌مدخل

- ‌التربية بالتلقين والتعويد

- ‌مدخل

- ‌رفاعة بك رافع الطهطاوي:

- ‌عبد الله باشا فكري:

- ‌علي مبارك باشا:

- ‌الشيخ محمد عبده:

- ‌ التربية بالقدوة:

- ‌التربية بشغل أوقات الفراغ وتنظيم الأوراد

- ‌مدخل

- ‌رياضة الباطن:

- ‌رياضة البدن:

- ‌التربية بالقصة والعظة

- ‌مدخل

- ‌قصة جريج العابد:

- ‌قصة التائب قاتل المائة:

- ‌شجاعة غلام:

- ‌التربية بالعقوبة

- ‌مراعاة طبيعة الطفل المخطئ في استعمال العقوبة

- ‌التدرج في المعالجة من الأخف إلى الأشد

- ‌شبهة "حقوق الإنسان" التي تنادي بها منظمة اليونسكو:

- ‌خصائص منهج التربية الدينية الإسلامية تقود إلى السيادة

- ‌مدخل

- ‌ الأصالة:

- ‌ الشمولية والتكامل:

- ‌ الأخلاقية:

- ‌ الواقعية وقابلية التطبيق:

- ‌ الثبات والخلود:

- ‌الفصل الخامس: الجهات المسئولة عن التربية

- ‌مدخل

- ‌أولا: الأسرة

- ‌تعويد الطفل على الخصال الحميدة

- ‌تجنيب الطفل العادات السيئة:

- ‌حال الأسرة المسلمة في عصرنا الحاضر:

- ‌ثانيا: المدرسة

- ‌مدخل

- ‌المدرسة هي البيت الثاني للولد:

- ‌ضعف المناهج:

- ‌مشكلة التعليم المعاصر:

- ‌معنى العلم في الإسلام:

- ‌حل مشكلة التعليم:

- ‌ثالثا: المسجد

- ‌مدخل

- ‌رسالة المسجد في التعليم والتربية:

- ‌رابعا: المجتمع

- ‌عناية الإسلام بالتشريع الإجتماعي

- ‌المجتمع المسلم ضرورة لازمة للتربية الإسلامية:

- ‌الفاقد في حياتنا الاجتماعية:

- ‌خاتمة البحث:

- ‌ملحق مضاف إلى البحث

- ‌فصل في الأخطار التى تتهدد المجتمع الإسلامي في الأخلاق والعادات والتقاليد

- ‌تصدير المنكرات إلى بلاد المسلمين

- ‌مدخل

- ‌ تصدير العقائد الزائغة وتأليه الدولة:

- ‌ تصدير التغريب والترويج لكلمة الرجعية

- ‌ تصدير العلمانية:

- ‌ تصدير عبارة "الدين أفيون الشعوب

- ‌ تصدير السفور واختلاط الجنسين:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌مراعاة طبيعة الطفل المخطئ في استعمال العقوبة

‌التربية بالعقوبة

‌مراعاة طبيعة الطفل المخطئ في استعمال العقوبة

التربية بالعقوبة:

يأخذ الإسلام بمبدأ الثواب والعقاب في التربية بعد تقديم النصح الإرشاد بطريقة الترغيب والترهيبن فالثواب لكل من أحسن العمل والعقاب لمن أساء العمل. وعندما يخرج الولد عن المسار الصحيح للدين يأتي دور العقاب ليعيده إلى المسار الصحيح، وطريقة الإسلام في ذلك تنتهج الخطوات التالية.

1-

مراعاة طبيع الطفل المخطئ في استعمال العقوبة:

الأولاد يتفاوتون فيما بينهم ذكاء ومرونة واستجابة.. كما أن أمزجتهم تختلف على حسب الأشخاص، فمنهم صاحب المزاج الهادئ المسالم، ومنهم صاحب المزاج المتعدل. ومنهم صاحب المزاج العصبي الشديد.. وكل ذلك يعود إلى الوراثة، وإلى مؤثرات البيئة، وإلى عوامل النشأة والتربية.

فبعض الأطفال ينفع معهم النظرة العابسة للجر والإصلاح، وقد يحتاج الطفل آخر إلى استعمال التوبيخ في عقوبته، وقد يلجأ المربي إلى استعمال العصا في حالة اليأس من نجاح الموعظة، واستعمال طريقة التوبيخ والتأنيب.

وعند كثير من علماء التربية الإسلامية ومنهم ابن سينا والعبدري وابن خلدون -أنه لا يجوز للمربي أن يلجأ إلى العقوبة إلا عند الضرورة.

ص: 152

القصوى، وأن لا يلجأ إلى الضرب إلا بعد التهديد والوعيد وتوسط الشفعاء.. لإحداث الأثر المطلوب في إصلاح الطفل، وتكوينه خلقيًّا ونفسيا1.

"ويحدثنا الغزالي عما يسميه علماء النفس بتدعيم السلوك الحسن أو أسلوب التدعيم والتعزيز من خلال مكافأة الأطفال وإثابتهم على السلوك الحسن، يقول الغزالي في ذلك: "ثم مهما ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود، فينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة، فينبغي أن يتغافل عنه، ولا يهتك ستره، ولا يكاشفه ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة، فعند ذلك إن عاد ثانيا، فينبغي أن يعاتب سرًّا، ويعظم الأمر فيه، ويقال له: إياك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا"2.

وقد قرر ابن خلدون في مقدمته أن القسوة المتناهية مع الطفل تعوده الخور، والجبن، والهروب عن تكاليف الحياة، فمما قاله:"من كان مربَّاه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم، سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، حمله على الكذب والخبث خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة، ولذلك صارت له هذه عادة وخلقًا وفسدت معاني الإنسانية له".

وقد أسهب ابن خلدون في توضيح ما ينشأ من الأثر السيء، والنتائج الوخيمة، بسبب القهر واستعمال الشدة والعنف في الولد.

1 د. عبد الله ناصح علوان، تربية الأولاد في الإسلام، ج2/ 564.

2 د. موسى محمود أبو حوسة، تصور الغزالي لعملية التنشئة الاجتماعية، مجلة دراسات، المجلد الثامن عشر "أ"، عمان، الأردن، ص223.

ص: 153

فقال: "إن من يعامل بالقهر يصبح حملا على غيره، إذ هو يصبح عاجزًا عن الذود عن شرفه وأسرته لخوله من الحماسة الحمية على حين يقعد عن اكتساب الفضائل الخلق الجميل.. وبذلك تنقلب النفس عن غايتها ومدى إنسانيتها". وهذا الذي ذكره ابن خلدون يتفق كل الاتفاق مع التوجيه النبوي الذي سبق ذكره في الملاطفة والرفق واللين، وينسجم تمامًا مع المعاملة الرقيقة الرحيمة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل عليها الأولاد جميعًا، ويتلاءم أيضا مع المعالجة الحكيمة التي كان عليه الصلاة والسلام يعالج بأسلوبها مشاكل الناس، وأبناء المجتمع على اختلاف أعمارهم، وتباين طبقاتهم.. بل كان رجال السلف وأصحاب المناصب العالية يأخذون أولادهم بالحكمة والرفق واللين.. ولا يلجؤون إلى العقوبة الشديدة إلا بعد اليأس من استعمال أسلوب الموعظة والتأنيب.

ومما ترويه كتب التاريخ أن الخليفة الرشيد طلب إلى "الأحمر" مؤدب ولده ألا يدع ساعة تمر دون أن يغتنم فائدة تفيده من غير أن تحزنة فتميت ذهنه، وألا يمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، ويقومه ما استطاع بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليه بالشدة والغلظة.. والأمثلة على ذلك كثيرة ومستفيضة.

الذي نخلص إليه بعدما تقدم أن على المربي أن يكون حكيمًا في استعمال العقوبة الملائمة التي تتفق مع ذكاء الطفل وثقافته ومزاجه، كما عليه ألا يلجأ إلى العقوبة إلا في مرحلتها الأخيرة.

ص: 154