الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شبهة "حقوق الإنسان" التي تنادي بها منظمة اليونسكو:
"يتحدث الناس اليوم عن حقوق الإنسان التي تتحدث عنها المنظمات السياسية العالمية على نحو يدعو إلى التصور بأنها أمر استحدثه الغرب وحقق به العدل والإخاء والمساواة، مع أن حقوق الإنسان عرفها الإسلام وقدمها للبشرية وطبقها قبل أربعة عشر قرنا، وقبل ما استحدثته بعض المنظمات العالمية في العقود الأخيرة.
شهد بذلك علماء الغرب أنفسهم في عديد من مؤتمراتهم وكتبهم ومنهم على سبيل المثال: الدبلوماسي الألماني مراد هوفمان إذ قال: إن الشريعة الإسلامية قد تضمنت قوانين مختلفة تكفل توافر الحقوق، وبخاصة حق الحياة وسلامة الجسد والحرية والمساواة في المعاملة، وحق الملكية الخاصة والزواج وحرية الضمير، وبراءة المتهم حتى تثبت إدانته، وحق اللجوء، وكذلك عدم الحكم إلا بعد سماع أقوال الطرفين، وهذه الحقوق جميعها قد كفلها الإسلام منذ كان تشريعه"1.
وإذا كان كلام الدبلوماسي الألماني هوفمان واضحا في أن شريعة الإسلام قد كفلت للإنسان جميع الحقوق التي تضمن له حق الحياة الآمنة الكريمة وهذه شهادة نعتز بها؛ لأنها وردت من جانب أجنبي تكلم من وجه الإنصاف بما قد علم من شرائع الدين الإسلامي الحنيف، هذه حقيقة يعلمها علماء الغرب والشرق على حد سواء، وكان من المفيد بعد هذا التصريح أن تترجم حقوق الإنسان التي تحدثت عنها الشريعة الإسلامية إلى جميع لغات العالم، وتوزع على الدول لمن شاء لكن المنظمات الدولية لا سيما تلك المنظمات التي نشأت في الدول
1 السيد أحمد المخزنجي، دعامات إسلامية لحقوق الإنسان، مقال منشور بمجلة الأزهر، الجزء الثامن، السنة السبعون، شعبان 1418، ديسمبر 1997، ص1264.
المسماة بالدول المتقدمة لم تشأ أن تنسب حقوق الإنسان إلى شريعة الإسلام، بل أرادت أن تنبثق من التشريع الدولي حتى لا يذكر اسم الإسلام ولا تنسب إليه هذه الحقوق حتى تتقوى ظاهرة العلمنة وتكتسب صفة السبق إلى الدعوة لخير البشرية فأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومنذ هذا اليوم والاجتماعات تتوالى في اليونسكو لتنمية العمل نحو تقنين حقوق الإنسان وجعلها دعوة عالمية تنطلق منها القرارات والبنود المؤيدة والمشرعة لحقوق الإنسان على النحو الذي تراه هيئة اليونسكو لا كما تراه شريعة الإسلام.
والتقنين الذي ترتضيه هيئة اليونسكو تفرضه على الدول الأعطاء فتكون هذه الدول ملزمة بتطبيق قرارات اليونسكو في هذا الشأن.
وتلقف الباحثون التربويون هذا العنوان "حقوق الإنسان"، وصاروا يروجون له على نحو واسع كأنهم قد وجدوا متسعا عريضا لإظهار الهمة وإجراء البحوث التربوية، وحولوا ذلك إلى قضية كبرى جعلوا يروجون لها حتى الآن وصلت إلى أن طالبوا فهيا بوجوب تدريس مواد القانون العالمي لحقوق الإنسان في المدارس والمعاهد والجامعات، ورأوا أن في ذلك ضرورة تفوق كل الضرورات الاجتماعية، وكأن هذا القانون العالمي هو الذي سينقذ البشرية من الوهدة التي تردت فيها من الظلم الاجتماعي لدى شعوب العالم المختلفة.
"ولقد دعا المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي عقدته اليونسكو سنة 1978 إلى نشر برامج بث الوعي لدى التلاميذ منذ التحاقهم بالمدارس والمتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته ونشر مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في كل مراحل التعليم"1.
1 محمد توفيق سلام: دواعي تعليم حقوق الإنسان بمراحل التعليم قبل الجامعي. مقال منشور بمجلة التربية والتعليم، المجلد الخامس، العدد العاشر، 1977.
ومنذ ذلك الحين والتربويون عندنا في مصر وفي غيرها من البلاد العربية والإسلامية يتبارون في إنشاء البحوث وعقد الندوات والمؤتمرات للترويج للقانون العالمي الصادر من اليونسكو ويرون أن ذلك أمرا في منتهى الخطورة وعظم الشأن، وصل إلى درجة أن السيد الدكتور وزير التربية والتعليم طرح أمام المؤتمر العام لليونسكو المنعقد في 30/ 10/ 1993 بباريس أفكار رئيسية لتطوير التعليم وتجديد التربية منها: ضرورة الرؤية الشاملة للمستقبل واستراتيجية الإصلاح التربوي، وأن مصر تحرص على تحديث مناهج التعليم بإدخال التربية الدولية وتدريس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان"1.
التربية الدولية تصلح لنا حقوق الإنسان ويتم تدريسها في مدراسنا!
وأين التربية الدينية؟! وأين شريعة الله؟ وأين آداب رسول العالمين؟ هل نتعلم حقوق الإنسان من الديقراطية؟ لله الأمر من قبل ومن بعد.. إن شريعة الإسلام كلها منصبة على تحقيق حقوق الإنسان التي أمر الله بها أوضحها لنا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.. أفنترك ما قال الله، وما قال الرسول إلى ما قال "دور كايم"، و"جان جاك روسو" وغيرهما؟! وسرعان ما ظهرت مواد القانون العالمي لحقوق الإنسان في كتب المدراس؛ ليتم تدريس شريعة اليونسكو في المواد الدراسية: كتب اللغة العربية، كتب التربية الدينية الإسلامية، والتربية الدينية المسيحية، والدراسات الاجتماعية، والتربية الوطنية، ووجد التربويون ضالتهم المنشودة في ترجمة الأبحاث المتعلقة بحقوق الإنسان في نشاط منقطع النظير.. وكلها في الحقيقة عبارت جوفاء ومعدلات وهمية، والأمر في النهاية يزيد التعليم تعقيدا وتجهيلا. ألم يكن من الأفضل
1 محمد توفيق سلام، المرجع السابق، ص10.