المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌تقديم الكتاب بقلم: أحمد محمد جمال أستاذ الثقافة الإِسلامية - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٨

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 8 -فَتْحُ مَكَّة

- ‌تقديم الكتاب

- ‌كلمة المؤلف

- ‌الفصل الأول

- ‌ثوار المستضعفين في العيص

- ‌امتحان آخر يواجهه الرسول صلى الله عليه وسلم عقب صلح الحديبية

- ‌الثائر الأول على مشركى مكة

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يسلم أبا بصير لقريش:

- ‌كيف يصنع الإيمان الراسخ:

- ‌أبو بصير يقتل حارسيه ويعود إلى المدينة:

- ‌معقل الثوار ضد قريش:

- ‌التحاق المستضعفين المسلمين بالثائر الأول في العيص:

- ‌ارتفاع عدد ثوار العيص إلى ثلاثمائة:

- ‌أبو بصير قائد الثوار:

- ‌سيطرة الثوار على طريق القوافل:

- ‌موقف المدينة من ثوار العيص:

- ‌استقلال الثوار في العيص:

- ‌حكومة العيص المستقلة:

- ‌شرط .. هم اشترطوه فعاد عليهم بالوبال:

- ‌برلمان قريش يبحث أمر الثورة في العيص

- ‌قريش تلتمس من الرسول إلغاء الشرط الذي أصرت عليه

- ‌أبو سفيان رسول قريش في المدينة

- ‌انتهاء الثورة وعودة الثوار إلى المدينة

- ‌قائد الثوار يموت وهو يقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌انكشاف الغطاء أكثر فأكثر:

- ‌شأن المستضعفات من النساء المسلمات المهاجرات

- ‌هجرة النساء بعد الحديبية

- ‌كيف يكون أثر الإِيمان عندما يتمكن من النفوس

- ‌أول مسلمة تهاجر بعد صلح الحديبية

- ‌مطالبة المشركين بإعادة أم كلثوم

- ‌تسوية أمر النساء بالتراضى مع قريش

- ‌كيف رضيت قريش بعدم إرجاع النساء

- ‌تطليق النساء المشركات

- ‌التزوج من الكتابيات

- ‌الكرم الأنصاري

- ‌قصة الحوت العظيم في هذه الغزوة

- ‌سرية أبي قتادة إلى خضرة بنجد…شعبان سنة ثمان للهجرة

- ‌مدى قوة الإِسلام وانحسار قوة أعدائه

- ‌الفصل الثاني

- ‌انحياز خزاعة إلى المسلمين. وبنى بكر إلى قريش:

- ‌وفاء المسلمين بالعهد:

- ‌كيف نقضت قريش العهد فغزاهم المسلمون:

- ‌اشتراك القرشيين في جريمة الغدر والنكث:

- ‌المشتركون من سادات مكة في نقض العهد

- ‌تاريخ نقض صلح الحديبية:

- ‌قريش تندم على ما ارتكبت ولكن:

- ‌قريش تقرر إرسال مبعوث خاص إلى المدينة لإصلاح ما أفسدت:

- ‌ينصح قريشًا بتحمل ديات القتلى

- ‌قريش تقرر مبعوثًا خاصًّا إلى المدينة لإِصلاح ما أفسدت

- ‌أبو سفيان مبعوث قريش في المدينة

- ‌خزاعة تستنجد بحليفها الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌وفد خزاعة الموسع

- ‌عودة وفد خزاعة إلى ديارهم

- ‌النبي: يطلب من قريش دفع ديات قتلى خزاعة فترفض

- ‌كيف عاد نقض العهد بالخير على قريش

- ‌أبو سفيان في المدينة يطلب تجديد الصلح

- ‌التقاء أبي سفيان بوفد خزاعة

- ‌أبو سفيان في المدينة:

- ‌ابنة أبي سفيان تطرد أباها:

- ‌اتصالات أبي سفيان الثنائية بكبار الصحابة للتوسط عند الرسول

- ‌أبو سفيان يستعين بسعد بن معاذ

- ‌أبو سفيان يستشير علي بن أبي طالب ليجد له حلًا

- ‌عودة أبي سفيان خائبًا إلى مكة

- ‌أول إشارة صريحة لغزو مكة

- ‌قريش تتهم أبا سفيان بالإسلام

- ‌هند تحقق مع زوجها أبي سفيان

- ‌أبو سفيان يبلغ قريشًا نتائج رحلته

- ‌الفصل الثالث

- ‌النبي يستشير خاصة أصحابه بشأن غزو مكة

- ‌رسل النبي إلى القبائل لاستنفارها

- ‌في مجلس استشارى: أبو بكر يطلب الرفق بقريش وعمر يطلب الشدة

- ‌التزام خطة الكتمان الشديدة

- ‌النبي يجرد سرية للتعمية والتمويه

- ‌حراسة الطرق ومنع السفر إلى مكة واحتجاز المشتبه بهم:

- ‌البوليس الحربي يشدد الحراسة على الطرق

- ‌الصحابي الذي حاول إبلاغ قريش نبأ الغزو ففشل

- ‌النبي يحقق مع حاطب بن أبي بلتعة

- ‌النبي يأمر بحفظ القضية ويعفو عن حاطب

- ‌استمرار خطة كتمان الزحف على مكة

- ‌عدد قوات الجيش النبوى المتحركة من المدينة

- ‌نسبة عدد الأنصار والمهاجرين في الجيش المتحرك من المدينة

- ‌المنضمون إلى الجيش النبوى أثناء التحرك

- ‌سلاح الفرسان في الجيش النبوى

- ‌سلاح النقليات في الجيش

- ‌حاكم المدينة بالنيابة

- ‌تاريخ تحرك الجيش من المدينة

- ‌خروج الجيش على غير تعبئة

- ‌الترخيص للجيش بالإِفطار في رمضان

- ‌طليعة الجيش النبوى

- ‌سيد غطفان يلتحق بالرسول بعد خروجه من المدينة

- ‌والأقرع بن حابس أيضًا ينضم للجيش

- ‌قصة أبي سفيان بن الحارث ابن عم النبي وعدوه

- ‌كيف دخل الإسلام قلب أبي سفيان بن الحارث

- ‌الرسول ينهى عن قتل أبي سفيان بن حرب

- ‌القبائل المنضمة إلى الجيش النبوى في الطريق إلى مكة

- ‌قوات غفار في الجيش

- ‌عدد قوات قبيلة أشجع في الجيش النبوى

- ‌قوات بني سعد وضمرة بن بكر في الجيش

- ‌المنضمون من بني ليث إلى الجيش الزاحف

- ‌المنخرطون في سلك جيش النبي من بني كعب

- ‌بنو سليم أقوى قوة قبلية تنضم إلى الجيش النبوى

- ‌النبي يستعرض الجيش في قديد

- ‌أسف عيينة بن حصن لعدم اشتراك غطفان في الغزو

- ‌الشجار بين سيدى سليم وغطفان

- ‌فرسان بني سليم مقدمة الجيش

- ‌تعبئة الجيش وتوزيع الرايات والألوية

- ‌قديد معسكر تجمع الجيش كله

- ‌تعبئة الجيش وتعيين القواد في قديد:

- ‌التعبئة كانت على أساس قبلي

- ‌كتائب الأنصار وضابطهم

- ‌عدد ضباط الأوس وكتائبهم

- ‌عدد الضباط من الخزرج وعدد كتائبهم

- ‌عدد كتائب المهاجرين وأسماء ضباطهم

- ‌كتائب قبيلة مزينة وأسماء ضباطها

- ‌كتائب سُليم وأسماء ضباطها

- ‌كتائب خزاعة وأسماء ضباطها

- ‌كتائب أسلم وعدد ضباطها

- ‌كتائب غفار وأسماء ضباطها

- ‌كتائب ضمرة وسعد

- ‌كتائب بني ليث

- ‌كتائب أشجع وضباطها

- ‌استمرار الكتمان في التحرك

- ‌الجيش النبوى يتحرك من قديد

- ‌الطلائع ومقدمة الجيش

- ‌خالد بن الوليد قائد مقدمة الجيش النبوى

- ‌الرسول يسلك ناحية الطائف ثم يعرج على مكة لتضليل العدو

- ‌هوازن تستعد لمصادمة المسلمين

- ‌لماذا لم تتحالف قريش وهوازن على حرب المسلمين

- ‌جاسوس هوازن الذي وقع في أيدى استخبارات الجيش النبوى

- ‌الرسول يستجوب الجاسوس الهوازنى

- ‌الاستفادة من الاستخبارات

- ‌الرسول يفطر ويأمر الجيش بالفطر في رمضان

- ‌قريش تقرر عدم المقاومة وتفوض أبا سفيان لطلب الأمان من الرسول

- ‌لقد أراد الله خيرًا بقريش

- ‌العباس بن عبد المطلب يتخوف على قريش فينذر سادتها وينصحهم بالاستسلام

- ‌العباس يسعى لإِيجاد مخرج لقريش من الهلاك

- ‌التقاء العباس بصديقه أبي سفيان عند الأراك

- ‌أبو سفيان يطلب المشورة من العباس

- ‌أبو سفيان يتخوف القتل فيطمئنه العباس ويردفه خلفه على بغلة الرسول

- ‌عمر بن الخطاب يحاول قتل أبي سفيان وهو في حماية العباس

- ‌العباس ينجح في استصدار العفو عن أبي سفيان

- ‌أحرج ساعة في حياة أبي سفيان

- ‌المشادة بين الفاروق والعباس في خيمة الرسول

- ‌كيف حصل أبو سفيان على الأمان من الرسول

- ‌أبو سفيان يبيت في خيمة العباس تحت الحراسة

- ‌القلق والشائعات في مكة

- ‌عودة إلى المنطلق

- ‌القلق والشائعات في مكة

- ‌حنق قريش على أبي سفيان

- ‌التفكير النبوي الراحم

- ‌محاولات إقناع أبي سفيان باعتناق الإِسلام طوعًا

- ‌التوتر في مكة يزداد

- ‌النبي يدعو أبا سفيان إلى الإِسلام فيتردد

- ‌كيف كان إسلام أبي سفيان عاملا في إحلال السلام بدل الحرب

- ‌اتفاقية تسليم مكة للجيش النبوي

- ‌دبلوماسية العباس بن عبد المطلب

- ‌الرسول يصدر أمره إلى الجيش بعدم استخدام السلاح في مكة إلا حالة الدفاع عن النفس

- ‌مكة مدينة مفتوحة

- ‌أبو سفيان يشير على الرسول أن يؤجل احتلال مكة ويتحول لمحاربة هوازن

- ‌الرسول يزجر أبا سفيان لمقالة قالها في أصحابه

- ‌العرض العسكري أمام أبي سفيان

- ‌احتجاز أبي سفيان لفترة محدودة ليشهد العرض العسكري

- ‌تأثير الاستعراض العسكري في نفس أبي سفيان

- ‌بدء الاستعراض العسكري

- ‌فرسان خالد أول من بدأ العرض العسكري

- ‌الرسول يختتم العرض العسكري

- ‌سعد بن عبادة عدد قريشًا باستباحة حرمتها فيشتكيه أبو سفيان

- ‌تأثير العرض العسكري في نفس أبي سفيان

- ‌عودة أبي سفيان إلى مكة

- ‌المتطرفون يحاولون المقاومة

- ‌أبو سفيان في مكة يدعو قومه لإِلقاء السلاح

- ‌استجابة أهل مكة لنداء أبي سفيان بإلقائهم السلاح

- ‌أبو سفيان يدعو أهل مكة إلى الإِسلام

- ‌المعارضون لأبي سفيان من قريش

- ‌هند تدعو جماهير قريش إلى قتل زوجها أبي سفيان

- ‌أهل مكة يلقون السلاح ويستعدون للإسلام

- ‌الشاذون الذين قاوموا فهزموا

- ‌توزيع القيادات استعدادًا لدخول مكة

- ‌الجهات التي دخلت منها فرق الجيش مكة

- ‌من أين دخل الرسول مكة

- ‌الأوامر المشددة بعدم استخدام السلاح في مكة عند دخولها

- ‌العرض العسكري في ذي طوى

- ‌اعتدال ميزان التاريخ

- ‌هكذا تكون ثمار الثبات على العقيدة

- ‌اليوم الذي فتحت فيه مكة

- ‌كيف دخل الجيش النبوي مكة

- ‌نظام منع التجول في مكة

- ‌الساعة الحاسمة في تاريخ مكة

- ‌منطقة القتال الوحيدة بمكة

- ‌خالد ينذر المقاومين ثم يسحقهم

- ‌الرسول يستنكر القتال ويأمر بإيقافه

- ‌هل كان قتلى معركة الخندمة سبعين

- ‌النبي يستجوب خالد بن الوليد

- ‌قصة ابن حماس الديلى الطريفة

- ‌النفر الذين أهدر الرسول دمهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة

- ‌الذين أعدمهم الجيش بمكة

- ‌مقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة

- ‌مقتل مقيس بن صبابة

- ‌العفو عن بقية المهدور دمهم

- ‌الرسول القائد يعسكر عند الحجون

- ‌التقاء الرسول بقائد الفرقة الثانية

- ‌تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم لله يوم الفتح

- ‌الرسول يتلو سورة الفتح وهو يدخل مكة

- ‌الرسول يدخل مكة غير محرم

- ‌إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد

- ‌الرسول يدخل مكة من البطحاء

- ‌الحجون ملتقى فرق الجيش الفاتح

- ‌ماذا قال الرسول عندما أشرف على مكة

- ‌المشركان اللذان أجارتهما أم هانئ

- ‌فهل ترك لنا عقيل منزلًا

- ‌التحرك الأخير نحو المسجد الحرام

- ‌المشركون في رؤوس الجبال

- ‌الرسول يدخل وجيشه المسجد

- ‌الرسول يطوف بالبيت على ناقته القصواء:

- ‌الرجل الذي حاول اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في الطواف فأسلم:

- ‌تحطيم الأصنام وإنهاء الوجود الوثني بعد إنهاء الوجود السياسي والعسكري

- ‌محو الصور في الكعبة

- ‌الرسول يصلي في الكعبة:

- ‌أعلام نبوة تتحقق:

- ‌قصة الامتناع عن تسليم الرسول مفتاح الكعبة:

- ‌العباس يطلب إسناد حجابة البيت إلى بني هاشم فيأبى الرسول

- ‌رفع نظام منع التجول في مكة

- ‌شعار التوحيد في مكة إلى الأبد:

- ‌إذن يخزيك الله

- ‌المسلمون يحيون ليلة الفتح بالطواف والتكبير:

- ‌خبر استياء إبليس لفتح مكة:

- ‌خطبة الرسول التاريخية يوم الفتح:

- ‌ماذا ترون أني فاعل بكم:

- ‌العفو العام عن أهل مكة:

- ‌المراسيم التشريعية الجديدة:

- ‌تحريم الرِّبا:

- ‌تحديد دية القتيل خطأ:

- ‌إعلان وحدة الجنس البشرى والتساوى في الحقوق:

- ‌إعلان حرمة مكة أبد الآبدين:

- ‌وحدة المسلمين وتكافؤهم:

- ‌تحريم الاصطياد وعضد الشجر في الحرم:

- ‌طيّ بساط الشرك والوثنية:

- ‌محمد أشرف فاتح وأكرم محارب:

- ‌الطمأنينة بعد القلق

- ‌تخوف الأنصار أن يقيم الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ويترك المدينة:

- ‌مبايعة أهل مكة على الإِسلام:

- ‌بيعة النساء وقصة إسلام هند بنت عتبة

- ‌النبي يعفو عن هند بنت عتبة

- ‌صيغة مبايعة النساء بمكة

- ‌الإِسلام يجب ما قبله

- ‌هند بنت عتبة تحطم صنما في بيتها

- ‌الرسول يقبل الفدية من هند ويدعو لها:

- ‌المختفون في مكة يوم الفتح:

- ‌الفارون من مكة يوم الفتح:

- ‌قصة اختفاء سهيل بن عمرو وإسلامه:

- ‌قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وإلغاء عقوبة إعدامه

- ‌معركة ذات الصوارى البحرية

- ‌فرار صفوان بن أمية ثم إسلامه

- ‌كيف أسلم عكرمة بن أبي جهل

- ‌فرار عكرمة إلى اليمن

- ‌أم حكيم تحصل لزوجها عكرمة على الأمان من رسول الله

- ‌قيام الرسول صلى الله عليه وسلم لعكرمة فرحًا بإسلامه

- ‌عكرمة المهاجر المجاهد

- ‌قصة الهارب هبار بن الأسود

- ‌إسلام ابن الزبعرى

- ‌هروب حويطب بن عبد العزى وإسلامه

- ‌هل جدد الرسول نكاح الذين أسلموا وزوجاتهم

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يعفو عن وحشي قاتل عمه حمزة:

- ‌النبي يستلف من أغنياء مكة ليخفف من ضائقة أصحابه المالية

- ‌غضب الرسول لقتل رجل مشرك من هذيل بمكة يوم الفتح

- ‌الخاتمة

- ‌نظرة وتحليل

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌تقديم الكتاب بقلم: أحمد محمد جمال أستاذ الثقافة الإِسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

‌تقديم الكتاب

بقلم: أحمد محمد جمال

أستاذ الثقافة الإِسلامية بجامعة الملك عبد العزيز

الأستاذ محمد أحمد باشميل: يُغبط، ويُشكر، وينبغى أن يدعى له بمزيد من التوفيق، وجزيل من الثواب.

وذلك أنه ثابر على إصدار كتبه القيمة: (سلسلة معارك الإِسلام الفاصلة) في فترة من الزمن - الثلث الثاني من القرن الرابع عشر الهجرى - يخوض المسلمون خلالها معركة حياة أو موت مع أعدائهم الألداء .. من المستعمرين الصليبيين، واليهود الغاصبين، والشيوعيين الملحدين، تكأكأوا عليهم، واتفقوا - رغم اختلافهم فيما بينهم سياسة واعتقادًا - على حرب الإِسلام، وإذلال المسلمين، واستغلال خيراتهم، ونهب ثرواتهم، واحتلال أرضهم وديارهم، وإفساد عقائدهم وأخلاقهم.

أجل .. إن المسلمين اليوم - ومنذ ثلاثين عامًا تقريبًا - يخوضون معركة فاصلة مع أعدائهم الحاسدين الحاقدين، كالتي كان أسلافهم وأجدادهم - بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبطال - يخوضونها مع أجداد الصليبيين وإليهود، والمشركين والملحدين الغابرين.

فإذا جاء الصديق الأستاذ باشميل ليُصدر هذه السلسلة التاريخية لمعارك الإِسلام الفاصلة الأولى، في هذه الفترة العصيبة الرهيبة من حياة المسلمين - فإنما يقدّمه لقادتهم وعامتهم معًا: دروسًا مصوّرة متحركة في

ص: 5

فنون القتال والدفاع عن الأنفس والأموال والديار، ويعرض نماذج مشرقة وضاءة للقيادة الصالحة الناجحة .. في معركة الحق مع الباطل، واقتتال الخير مع الشر، واعتراك النور مع الظلام.

كيف؟ وبم انتصر أسلاف المسلمين - بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبطال - على أعدائهم الأول؟ وما هي الوسائل النفسية والمادية التي ضمنت لهم النصر المتتابع في كل معاركهم وغزواتهم وبُعوثهم وسراياهم .. حتى مكَّن الله لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وبَدّلهم بخوفهم أمنًا، وبضعفهم قوة، وبهوانهم عزًا، وبتفرّقهم وحدة كاملة شاملة؟

هذا ما تجيب عليه، وتصوّره تصويرًا ناطقًا متحركًا سلسلة كتب الأستاذ باشميل عن معارك الإِسلام الفاصلة: غزوة بدر - وغزوة أحد - وغزوة الأحزاب - وغزوة بني قريظة - وصلح الحديبية - وغزوة خيبر - وغزوة مؤتة - وفتح مكة .. الذي نكتب له هذا التقديم الوجيز.

وهو -أي الحديث عن هذه المعارك الفاصلة في تاريخ الإِسلام-: الدروس العملية التطبيقية، والنماذج الرائعة الصادقة .. لقادة المسلمين وعامتهم، وخاصة جيوشهم المقاتلة، في معركتهم الحاضرة مع أعداء اليوم: من صليبيين وصهيونيين وشيوعيين.

وباختصار: لن ينتصر المسلمون اليوم على أعدائهم، إلا بما انتصر أسلافهم به من قبل: بالإِيمان، والأخلاق، والإِعداد.

***

أما موضوع هذا الكتاب: (فتح مكة) فأمره عَجَب، وحديثه طَرَب. لأنه كان نصرًا بغير حرب، وكان ثمرة يانعة لحكمة القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم وبعد نظره، وحسن قيادته، ومكارم أخلاقه.

وسمَّاه القرآن الكريم (فتحًا مبينا) قبل أن يكون، وبشر به قبل عام من حدوثه، في وقت كان المسلمون فيه بوضع يخيَّل للدارس المتعجِّل أنه وضع مشين مهين .. حين قصد المسلمون - وعلى رأسهم الرسول العظيم - إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، فصدّهم المشركون عن المسجد

ص: 6

الحرام، وأبوا أن يأذنوا لهم بدخول مكة للاعتمار. وانتهى الأمر إلى ما عرف بعد ذلك (بصلح الحديبية) وهو موضوع الكتاب السابق من سلسلة هذه المعارك الفاصلة في تاريخ الإِسلام، ولابد من اطلاع القارئ عليه قبل قراءة هذا الكتاب .. لأن أحداث صلح الحديبية هي مقدمات هذا الفتح المبين، بل هو الفتح المبين على الحقيقة.

إن صلح الحديبية كان في وضعه الظاهر هوانًا للمسلمين في نظر صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول ببعد نظره، وصدق تفكيره، وحبه لحقن الدماء، وحرصه على صلة الرحم وبرِّ ذوي القربى في الفريق المعاكم المشاكس من مشركى مكة - قبل مطالب قريش وشروطها: وهي العودة إلى المدينة دون أن يدخل مكة - على أن يرجع في العام القابل للاعتمار - وأن يرد إلى المشركين من يأتيه مسلمًا منهم، ولا يعيدون إليه من يأتيهم مرتدًا من المسلمين. وقد رد صلى الله عليه وسلم، وهو في مكانه من الحديبية لم يبرحها بعد إلى المدينة - أبا جندل (ابن سهيل بن عمرو) زعيم وفد قريش إلى مفاوضات صلح الحديبية .. رده إلى أبيه، - وفاءً بالعهد وقد جاءه مسلمًا - يرسف في قيوده، فلطَمه أبوه على أعين صحابة الرسول، وهم يتميزون غيظًا، لأنهم لم يستطيعوا له نصرًا.

ومن هنا - من قسوة شروط قريش في صلح الحديبية، اعترض الصحابة على موافقة الرسول وتوقيعه على وثيقة هذا الصلح الذي بدا أنه هوان لهم. حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"علام نرضى الدنية في ديننا يا رسول الله؟ " وحتى لم يستجب الصحابة لأمر الرسول بالتحلل من العمرة بالتقصير أو الحلق، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها مغمومًا مهمومًا، يشكو إليها موقف الصحابة منه، فأشارت عليه أن يخرج ويدعو حالقه ليحلقه بين أعينهم. وقد فعل، فاستجاب الصحابة نادمين.

ص: 7

وإنما قلنا: إن صلح الحديبية كان هو الفتح المبين، لأنه كان: مقدّمة له - لأن هذا الصلح المبارك كانت له ثمراته اليوانع. وكانت له نتائجه الباهرات، التي نلخصها في السطور التالية:

كان عقد قريش للصلح بينها وبين الرسول عليه الصلاة والسلام على نحو ما أسلفنا - اعترافا صريحًا بالكيان السياسي لمحمد وأصحابه.

خلال إقامة الرسول والمسلمين معه في الحديبية تعرّف وسطاء قريش وحلفاؤها الذين كانت تبعث بهم لمقاومة الرسول صلى الله عليه وسلم تعرّفوا على حقيقة الدعوة الإِسلامية ممثلة في أخلاق الرسول وأصحابه وسلوكهم، خلافًا لما كانت تذيعه قريش عنهم من أكاذيب وأباطيل.

أنكر بعض هؤلاء الموفدين إلى الرسول من حلفاء قريش موقفها المتعصب من المسلمين، وبإصرارها على ردهم عن الاعتمار والطواف بالبيت الحرام، حتى أنذرها سيد ثقيف (عروة بن مسعود) الهزيمة إن هم حاربوه، وقال:"ما أراكم إلا ستصيبكم قارعة يا معشر قريش"!

كما أتيحت الفرصة - بعقد هذا الصلح - للمشركين والمسلمين معًا بالاختلاط الذي تكشَّف للمشركين فيه وضيع المسلمين وسلوكهم القويم، وأخلاقهم الرفيعة، وأثمر ذلك اعتناق كثير منهم للإِسلام، حتى بلغ عدد المسلمين يوم فتح مكة نحو عشرة آلاف، بعد أن كان يوم صلح الحديبية لا يزيد على ألفين

ثم جاء نقض قريش للعهد بقتالها مع حلفائها بني بكر، لحلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم: بني خزاعة، فرصة لتخلى المسلمين عن العهد نفسه، وإعداد العدة للقيام بفتح مكة، والعودة إلى أحب أرض الله إلى الله، وإلى الرسول الكريم، وإلى المسلمين أجمعين.

وكان نقض قريش لصلح الحديبية خيرًا من خيرات (الفتح المبين) الذي بشَّر به القرآن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد سألت عائشة الرسول: أترى قريشًا تجترئ على نقض العهد بينكم وبينهم؟ قال: ينتقضون العهد لأمر يريده الله تعالى بهم. قالت عائشة: خير أو شر؟ قال: خير ..

ويكون هذا (الخير) استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد

ص: 8

قومى فإنهم لا يعلمون قالها أيام كانوا يؤذونه في مكة أذى شديدًا، حتى سأله جبريل - بأمر الله - أن يطبق عليهم جبال مكة انتقامًا له، وخلاصًا منهم، فكانت تلك دعوته، وكانت أمنيته:"أن يخرج الله من أصلابهم من يؤمن بالله، لا يشرك به شيئًا".

وصدق الله العظيم فيما خاطبهم به: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} .

* * *

ولن نطيل الحديث عن فتح مكة - في السنة الثامنة من الهجرة وفي رمضان المبارك - ولكنا نكتفى بذكر الآيات القرآنية التي تشير إليه من سورة (الفتح) وسورة (النصر)؛ ففيها ما يغنى من الموعظة والذكرى والاعتبار، لأولى الأبصار:

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} .

هذه هي البشرى التي أنزلت في صلح الحديبية، وقد أنجز الله وعده بالنصر العزيز يوم فتح مكة في السنة التالية، على نحو ما أسلفنا.

{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} .

في هذه الآية الكريمة يبين الله عز وجل الحكمة في إرجاء (الفتح) إلى العام القابل، وإن صلح الحديبية وقع صوابًا ليهد للفتح القريب. ففي مكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يكتمون إيمانهم، ولو أن المسلمين دخلوا مكة عنوة، ونشب القتال بينهم وبين المشركين، لوطأوا المؤمنين مع المشركين، ولأصابتهم منهم معرة

ص: 9

{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} .

ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام والمؤمنون معه، من مهاجرين وأنصار، تصديقًا للرؤيا، وتحقيقًا لبشرى "الفتح المبين"، وتمكينًا لدين الله الخالد الراشد. وكما منحهم الله الأمان منحوا هم أهل مكة الأمان:"من دخل المسجد الحرام فهو آمن - ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن - ومن دخل بيته وأغلق بابه فهو آمن". ومع هذا الأمان للكل خص الرسول الرؤوف الرحيم أعداءه الألداء بالعفو والغفران .. قال لهم: "ما ترون أنى فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم - قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء".

وبقى أن يحمد الرسول صلى الله عليه وسلم ربه الذي حقق له هذا الفتح المبين، والنصر العزيز، دون إراقة دماء العشيرة والأقرباء، بل مع تأليف القلوب ودخولها في الإِسلام - فنزلت سورة (النصر):

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} .

ونحن أيضًا - مسلمة اليوم - ينبغي أن نسبح بحمد الله كثيرًا، ونستغفره طويلًا .. عسى أن يهبنا فتحًا مبينًا على عدونا المبين.

بيروت - في 20/ 7 / 1392 هـ

أحمد محمد جمال

ص: 10