الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مولى له على راحلتين، فأسرع السير وهو يرى أنه أول من خرج من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
خزاعة تستنجد بحليفها الرسول صلى الله عليه وسلم
-
غير أن ظن أبي سفيان وقومه كان خطأ حين ظنوه، فقد كانت خزاعة أسرع من قريش حيث أبلغت حليفها النبي صلى الله عليه وسلم تفاصيل هذا العدوان الغادر قبل أن يصل أبو سفيان إلى المدينة بعدة أيام.
فعقب حدوث هذا العدوان بعثت خزاعة رسولًا خاصًّا (فارسًا) وهو عمرو بن سالم الخزاعي (2) ليبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما تعرضت له خزاعة على يد بني بكر بن كنانة وحلفائهم القرشيين من قتل (غدرًا) في ظل الصلح القائم.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه أشياخ دار الندوة يبحثون (في برلمانهم العشائرى) موضوع تورطهم في نقض العهد بمشاركتهم بني بكر الهجوم على خزاعة. كان عمرو بن سالم في المدينة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم يشرح له تفاصيل ما تعرضت له حليفته خزاعة من عدوان بشع غادر جبان.
فقد وقف عمرو بن سالم في المسجد النبوى وقال شارحًا أحداث العدوان شعرًا:
اللهم إني ناشدًا محمدًا
…
حِلفْ أبينا وأبيك الأتلدا
قد كنتموا وِلدًا وكنّا والدًا
…
ثمَّتَ أسلمنا ولم ننزع يدا
ثم أشار عمرو إلى قيام قريش بنقض صلح الحديبية طالبًا من النبي صلى الله عليه وسلم النصرة بتأديب الغادرين الناكثين بالزحف عليهم وإنهاء وجودهم:
إن قريشًا أخلفوك الموعدا
…
ونقضوا ميثاقك المؤكدًا
(1) انظر مغازي الواقدي وسيرة بن هشام وطبقات بن سعد الكبرى وتاريخ الطبري.
(2)
سيرة ابن هشام ج 4 ص 37.
فانصر هداك الله نصرًا أعتدا
…
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجرَّدا
…
في فيلَقٍ كالبحر يجرى مزبدًا
قِرمْ لقِرم من قروم أصيدا
ثم شرح عمرو بن سالم للرسول صلى الله عليه وسلم كيف غدرت بهم بنو بكر وقريش وقتلوهم وهم آمنون في الوتير وداخل مكة نفسها وهم يصَلُّون يتلون القرآن فقال:
هم بيَّتونا بالوَتير هُجّدا
…
نتلوا القرآن ركعا وسجدا
وجعلوا في كداء رصَدا
…
وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذلّ وأقلّ عددا
وبعد أن سمع الرسول صلى الله عليه وسلم من زعيم خزاعة عمرو بن سالم هذا الشعر المؤثرّ الذي شرح فيه ما تعرضت له خزاعة من عدوان غادر. غضب صلى الله عليه وسلم للذي فعلت قريش وبنو بكر. فأبلغ مبعوث خزاعة استعداده الكامل لنصرتها والانتقام لها ممن غدروا بها قائلًا: نُصرت يا عمرو بن سالم.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد والغضب باد عليه وهو يردد تأكيده بأنه سينصر خزاعة المظلومة على قريش الظالمة.
فقد حدَّث عبد الحمد بن جعفر بن عمران بن أبي أنس عن ابن عباس (1) قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر طرف ردائه، وهو يقول: لا نُصرْتُ
(1) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالة ولد وبنو هاشم محصورون بالشعب قبل الهجرة بثلاثة أعوام قبض النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس ابن عشر سنين. كانت أولى المعارك التي خاضها معركة أفريقية في تونس تحت قيادة عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة سبع وعشرين هـ كان أبيض طويلًا مشربًا صفرة جسيمًا وسيمًا صبيح الوجه. إذا جلس أخذ مقعد رجلين. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل من أكثر الصحابة علمًا. يلقب بحبر الأمة .. ويقال إنه في حرب أفريقية قابل جرجير قائد الرومان فأعجب به وقال: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب وفي معجم البغوي عن عطاء ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس. أكثر فقهًا وأعظم خشية وقال طاووس رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تداروا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس: ولاه الخليفة على البصرة. وكان على ميسرته يوم صفين وهو ترجمان القرآن ولما مات ابن عباس: قال عمرو بن دينار .. مات رباني هذه الأمة توفى ابن عباس في الطائف سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى وسبعين سنة.