الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يومها بين أبي سفيان وخالد، وطلب من أبي سفيان أن يدع خالدًا وشأنه، قائلًا له ما معناه: إننى أخشى أو أتوقع أن لا يأتي العام القادم إلا وقد دخلنا فيما دخل فيه خالد.
إلا أن عكرمة "مع ذلك" غلبت عليه يوم الفتح عصبية الجاهلية المترسبة في نفسه، فلم يوافق أبا سفيان على اتفاقية تسليم مكة للجيش النبوي بدون قتال، فقاد مجموعة من القرشيين قاوم بها قطعات خالد بن الوليد في الخندمة جنوبي مكة هو وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو فهزموا في الحال.
فرار عكرمة إلى اليمن
وكان عكرمة من القادة المطلوبين الذين "قبل دخول مكة" أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دماءهم وأمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة لجرائم استحقوا بها القتل. لذلك لم تكد جيوش الإسلام تستولى على مكة حتى ركب عكرمة وغادر مكة هاربًا نحو الغرب في اتجاه جدة يريد اليمن "عن طريق البحر" خوفًا من القتل، وقد وصل جدة ووجد سفينة على وشك الإبحار من جدة إلى اليمن، فركبها، وبينما كانت السفينة على وشك أن تبحر بعكرمة إلى اليمن، إذا بزوجته الوفية أم حكيم (1) تصل إلى ميناء جدة وتطلب منه العدول عن الهرب، وتبلغه بأنه في إمكانه أن يعود إلى مكة آمنا.
أم حكيم تحصل لزوجها عكرمة على الأمان من رسول الله
وكانت أم حكيم - وهي امرأة عاقلة - قد أسلمت يوم الفتح مع هند بنت عتبة، وطلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتفضل فيعفو عن زوجها عكرمة، ويمنحه الأمان، ويلغى الأمر الصادر بإعدامه. فقد قالت: يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله، فأمنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو آمن (2).
(1) انظر ترجمة أم حكيم هذه في كتابنا (غزوة أحد).
(2)
مغازي الواقدي ج 2 ص 851.
فحزمت أم حكيم أمرها وسافرت في اتجاه جدة لتبلغ زوجها أمان الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أعطاه له ولتطلب منه أن يعود إلى مكة.
وكانت قد اصطحبت معها غلامًا لها مملوكًا إلى جدة، فاستغل الوضع المضطرب التي هي عليه، فراودها عن نفسها أثناء الطريق، فجعلت تمنيه "وكانت امرأة عفيفة فاضلة عاقلة" حتى قدمت على حي من العرب هم بنو عك. فطلب منهم اعتقال الغلام - بعد أن أخبرتهم خبر صنيعه القبيح - فأوثقوه كتافًا، وأبقوه لديهم حسب طلبها. ثم واصلت سفرها حتى وصلت ميناء جدة.
وكان عكرمة قد ركب السفينة، وعندما ركبها قال له ربانها "وكان مسلمًا" أخلص. فقال: أي شيء أقول؟ قال: قل: لا إله إلا الله. قال عكرمة "متعجبًا" ما هربت إلا من هذا.
وبينما هو، هكذا يحاور ربان السفينة، إذ بامرأته الوفية العفيفة أم حكيم بنت الحارث بن هشام واقفة على رصيف الميناء، وتناديه في "إلحاح" .. يابر عم، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك. فوقف لها، واستوضحها: ما الخبر؟
فقالت: إني استأمنت لك محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أنت فعلت ذلك؟ قالت نعم، فلم يتردد في تصديقها، فغادر السفينة إلى البر ورجع معها.
وفي أثناء العودة إلى مكة سألها عن غلامها الرومى .. فأخبرته خبر محاولته الدنيئة، فلما وصل حيث الغلام مكتوفًا قتله في الحال، وذلك قبل أن يسلم.
فلما دنا عكرمة من مكة، بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بإسلام عكرمة، فقال: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرًا. ثم نهى عن سب أبيه أبي جهل قائلًا: لا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذى الحي ولا يبلغ الميت.
قالوا وجعل عكرمة "قبل أن يسلم" يطلب امرأته للفراش. فتأبى عليه