الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
• الرسول يقرر الزَّحف على مكة الكرمة.
• استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة أصحابه وهيئة أركان حربه قبل الزحف.
• اتباع خطة الكتمان الشديد بعد قرار الزحف.
• استنفار المسلمين (حاضرة وبادية للغزو).
• خيانة أحد كبار الصحابة بمحاولته تحذير قريش وتوبته بعد ذلك.
• الجيش يتحرك من المدينة ولا يدرى إلى أين.
• عشرة آلاف مقاتل تتحرك من المدينة.
• تعبئة الجيش في قُديد وتوزيع الرايات وتعيين الأمراء.
• نجاح خطة الكتمان نجاحًا كاملًا.
• النبي صلى الله عليه وسلم على أبواب مكة.
• قريش تباغَتُ بالغزو، فتنهار.
• أبو سفيان بن حرب في معسكر الرسول صلى الله عليه وسلم يفاوضه على شروط تسليم مكة للمسلمين.
• مكة مدينة مفتوحة.
• أبو سفيان يسلم قبل الفتح.
• أوامر الرسول المشددة لجيشه بعدم القتال إلا في حالة الدفاع عن النفس.
• قريش تلقى بسلاحها.
• سيطرة المسلمين على مكة.
• النبي يصدر عفوًا عامًّا عن أهل مكة.
وهكذا عزم النبي صلى الله عليه وسلم على غزو المشركين في مكة - منذ أن تبلغ نقضهم العهد بغدرهم بحلفائه من خزاعة (1) مستغلين هذا الصلح أبشع استغلال- إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم "مع هذا العزم الأكيد" رأى أن يلتزم جانب السرية المطلقة لكى لا تشعر به قريش إلّا وهو يدهمها بجيشه. فيستولى على مكة بأقل خسارة ممكنة في الأرواح. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما سمعه منه بعض خاصته -: اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعوا بنا إلا فجأة (2). وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم كل الحرص على أن تكتم أخبار الغزو عن المشركين في مكة. فاتخذ كل الإجراءات الكفيلة بذلك. فكتم الخبر حتى عن عامة أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقد دعا إلى الحشد والاستعداد للحرب. ولكن دون أن يحدد الجهة التي يقصدها حتى ذهبت بأصحابه التخمينات مذاهب شتى.
فمنهم من ظن (حين رآه يحشد قوات الإسلام) أنه يريد غزو الروم ومنهم من ظن أنه يريد هوازن وثقيف وظن ظان أنه يريد نجد.
ومع عدم إفصاح الرسول لأصحابه عن وجهته فقد استنفر كل قوات الإِسلام. فأرسل إلى سكان البوادى ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة (3).
وقد استجاب أهل البادية للنبي صلى الله عليه وسلم فقدمت المدينة من قبائل
(1) مغازي الواقدي ج 2 ص 792.
(2)
البداية والنهاية ج 4 ص 282.
(3)
السيرة الحلبية ج 2 ص 199.
العرب غفار (1) ومزينة (2) وأشجع (3) وجهينة (4) وأسلم (5).
(1) غفار (بكسر أوله) هم بنو غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة من العدنانية تقع منازلهم بين مكة والمدينة. ومن مياههم (بدر).
(2)
مزينة (بضم اليم وكسر الزاى) اختلف النسابون فيه إلا أنهم كلهم مجمعون على أنهم من مضر. ومن أبناء طابخة بن الياس بن مضر. تقع مساكن مزينة بين المدينة ووادي القرى. من ديارهم (الروحاء والعمق والفرع. ومن جبالهم أره وميطان وورقان، وقدس، وأوارة، ونبهان. ومن أوديتهم .. رثم، وشمس، وساية، ولاى، ويدوم. كانت قبيلة مزينة هذه قبيلة ميمونة. فلم يذكر أحد من أصحاب المغازي (فيما بلغني) أنها حاربت النبي صلى الله عليه وسلم أو حاربها عند ظهور الإسلام. رغم أنها من أقرب القائل إلى المدينة. بل لقد أثبت المؤرخون أن مزينة أسرعت إلى الدخول في الإِسلام بمحض اختيارها. يدل على ذلك أن لها صنما كان يسمى (مُهْم بضم الميم وسكون الهاء) فلما سمعت بالنبي صلى الله عليه وسلم حطمت هذا الصنم وسارعت إلى الدخول في الإسلام. وكان إسلام مزينة قبل الفتح. وكان رجالها ذوو أثر فعال في نصر الإِسلام في العهد النبوى وفيما بعده من عهود. كانت مزينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة. وكانت قواتها في الجيش النبوى ألف مقاتل. وقد شهدت مزينة حنينا بهذا العدد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبهم ويثنى عليهم. فقد روى مسلم في صحيحه ج 7 ص 178 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنصار، ومزينة، وجهينة، وغفار، ومن كان من بني عبد الله موالى دون الناس، يوم القيامة، والله ورسوله مولاهم، ومن مفاخر مزينة. القائد الفارس الناسك التقى، النعمان بن مقرن الذي قاد معركة نهاوند في فارس التي تسمى فتح الفتوح. والتي استشهد فيها بعد أن فتح نهاوند.
(3)
أشجع قبيلة من غطفان النجدية. وهم بنو أشجع بن غطفان بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عبدنان. كانوا أسبق قبائل غطفان إلى الإسلام. كانوا في الجاهلية حلفاء الخزرج. وقد نصروهم في حرب بعاث التاريخية التي دارت قبيل الإسلام بين الأوس والخزرج في المدينة: كانت منازلهم بضواحى المدينة.
(4)
جهينة (بضم أوله وفتح ثانيه) تجيلة قحطانية عظيمة، من قضاعة. وهم بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافى بن قضاعة (انظر ترجمة قضاعة فيما مضى من هذا الكتاب) وجهينة بطون كثيرة تقع منازلهم في الشريط الممتد من ينبع حتى يثرب على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) ويذكر المؤرخون أن فخائذ من جهينة عبروا البحر الأحمر. واستولوا على بلاد النوبة. ثم انتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة. وقال ابن خلدون في تاريخه: إنهم حاربوا الحبشة فأرهقوهم. قال في معجم قبائل العرب: وأهم ذكر جهينة في نسب السودانيين. أنهم وصلوا إلى نيف وخمسين قبيلة على النيل الأزرق حتى تونس، واستقر بعضهم في الجزء الممتد من الجنوب إلى كردفان ودارفور.
(5)
أسلم، اسم لقبائل كثيرة، وأسلم هنا. هم بطن من خزاعة من القحطانية (انظر ترجمة خزاعة في هذا الكتاب).