الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثائر الأول على مشركى مكة
.
وكان أبو بصير (عتبة بن أسيد الزهري)(1) أحد هؤلاء الشباب القرشيين السابقين إلى الإسلام. زج به قومه بنو زهرة في السجن لمفارقته دين الوثنية واعتناقه دين الإِسلام.
ولما تم إبرام صلح الحديبية وأجبرت قريش الشرك على الاعتراف بالمسلمين كأمة ذات كيان - بعد أن كانت قريش لا تنظر إليهم إلا كما تنظر إلى قطاع الطرق والخارجين على القانون - انتعشت آمال الشباب المسلم المقهور في سجون مكة. وصار هؤلاء الشباب يمنون النفس بالاستفادة من معطيات هذا الصلح.
وبدأ بعضهم يفكر في الهرب من سجون قريش بمكة ليلتحق بالأسرة الإِسلامية في المدينة كأعضاء فيها.
وكان أول من تمكن من الخلاص من سجن أهله بمكة الشاب المسلم (أبا بصير). وقد اتجه هذا الشاب المسلم إلى المدينة. وعندما وصل إليها قابل النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يمنحه حق اللجوء والإِقامة بين أسرته الكبرى. أسرة الإِسلام.
وكان بود النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبه إلى طلبه. ولكن السماح له بالإِقامة في المدينة يناقض روح اتفاقية صلح الحديبية التي ينص أحد بنودها على أن يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم بعدم إيواء أحد في المدينة من أبناء قريش حتى وإن جاء
(1) هو عتبة بن أسيد بن جارية بن عبد الله الثقفى (أبو بصير) حليف بني زهرة كان من الشباب السابقين في الإسلام سجنه أهله في سجن بني زهرة بمكة تنكيلا به لدخوله في الإِسلام. فصبر حتى تمكن من الإِفلات فكان أول شباب قريش هربا من سجونها بعد صلح الحديبية ذكر البخاري قصته وقصة أبي جندل بن سهيل بن عمرو في صحيحه: قاد أبو بصير ثوار العيص أنشأ حكومة مستقلة في الساحل في العهد النبوى معادية لقريش وليست مرتبطة بالمسلمين بسبب شروط صلح الحديبية ولكنها كانت على ولاء تام للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. ظل أبو بصير يقود الثورة ضد مشركي مكة ويستولى على قوافلهم في الساحل حتى صدرت إليه الأوامر النبوية بإيقاف نشاطه ضد كفار مكة. فأوقف نشاطه ثم توفى في مقره بالعيص وهو يقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجه إليه بهذا الشأن.
مسلمًا ما لم يكن ذلك بموافقة وليه. وأنّ عليه صلى الله عليه وسلم أن يعيده إلى أهله إذا ما طلبوا منه ذلك.
وهكذا كان مجئ الشاب الطيب المسلم (أبي بصير) لاجئا إلى المدينة امتحانًا ثانيا (وقاسيا) للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه .. ذلك أنّ بني زهرة. قوم أبي بصير لم يكادوا يعلمون أنه التجأ (عقب هربه من سجنهم) إلى المدينة. حتى بعثوا في طلبه. وذلك في خطاب كتبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم اثنان من سادات بني زهرة (الأخنس بن شريق وأزهر بن عبد عوف)(1) طالبا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد إليهم ابنهم أبا بصير. تنفيذًا لاتفاقية صلح الحديبية (2).
وقد بعثا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب مع رجلين من بني عامر بن لؤى وطلبا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسلمها (أبا بصير) ليعودا به إلى مكة تحت حراستهما.
(1) هو أزهر بن عبد عوف .. قال ابن حجر في الإِصابة هو عم عبد الرحمن بن عوف الزهري ولم يذكر في الأصل، أي تفصيل عن إسلامه إلا أنه ذكر أنه ممن شهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب. وأنه رابع أربعة كلفهم الخليفة الفاروق فنصبوا أعلام الحرم. وهم حويطب بن عبد العزى ومخرمة بن نوفل وسعيد بن يربوع وأزهر بن عبد عوف. وهذا يعني أنه كان من مسلمي الفتح والله أعلم.
(2)
ذكر الواقدي في مغازيه ج 2 ص 664 وما بعدها) تفاصيل قصة طلب إعادة أبي بصير ونص الخطاب الذي وجهته قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الشأن. فقال: فكتب الأخنس بن شريق وأزهر بن عبد عوف الزهري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا وبعثا به رجلا من بني عامر بن لؤى استأجره ببكر. ابن لبون - وهو خنيس بن جابر، وخرج مع العامري مولى له يقال له .. كوثر، وحملا خنيس بن جابر على بعير. وكتبا يذكران الصلح بينهم. وأن يرد أبا بصير فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم قدما بعد أبي بصير بثلاثة أيام. فقال خنيس: يا محمد هذا كتاب. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب، فقرأ عليه الكتاب فإذا فيه .. قد عرفت ما شارطناك عليه. وأشهدنا بيننا وبينك من رد من قدم عليك من أصحابنا. فابعث إلينا بصاحبنا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير أن يرجع معهم ودفعه إليهما.