الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالأعاجم، ثم. ذكرت عائدتك وفضلك وبرّك وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك فهدانا الله عز وجل بك، وأنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلى وعما كان يبلغك عنى، فإني مقر بسوء فعلى معترف بذنبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإِسلام، والإِسلام يَجُبُّ ما قبله (1).
وقال الزبير بن العوام: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هبارًا قط إلا تغيظ عليه، ولا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قط، إلّا قال: إن ظفرتم بهبار فاقطعوا يديه ورجليه ثم اضربوا عنقه. والله كنت أطلبه وأسأل عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتلته. ثم طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده جالس، فجعل يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: سُبّ يا محمد من سبك وأوذى من آذك، فقد كنتُ موضعًا في سبك وأذاك وكنت مخذولًا، وقد نصرنى الله وهدانى للإِسلام. قال الزبير: فجعلت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنه ليطأطى رأسه استحياء مما يعتذر هبّار، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قد عفوت عنك، الإِسلام يجبّ ما كان قبله. وكان هبار لسنا. وكان يُسَبُّ حتى يبلغ منه فلا ينتصف من أحد فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم حلمهُ وما يحمل عليه من الأذى، فقال: هبّار سُبَّ من سبك (2).
إسلام ابن الزبعرى
أما عبد الله بن الزبعرى، وهبيرة بن أبي وهب. فقد كانا من سادات المشركين في مكة وذوى الشأن فيها، إلا أنه لم يصدر بحقهما حكم الإعدام كما صدر بحق ابن الأخطل وهبار بن الأسود وابن منقذ، ولكنهما، (رغم ذلك)، خافا على أنفسهما فهربا من مكة يوم الفتح، وكان ابن الزبعرى شاعرًا مجيدًا يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) مغازي الواقدي ج 2 ص 858 طبعة أكسفورد، تحقيق الدكتور مارسدن جونس.
(2)
مغازي الواقدي ج 2 ص 889.
وكان هرب ابن الزبعرى وابن أبي وهب إلى نجران في الجنوب حيث التجأ إلى قبيلة بني الحارث ودخلا حصنًا لهم هناك.
غير أن عبد الله بن الزبعرى، قذف الله الإسلام في قلبه فترك نجران عائدًا إلى المدينة، فطلب الصفح من النبي صلى الله عليه وسلم فصفح عنه بعد أن أعلن إسلامه. أما ابن أبي وهب، فقد ركبه العناد وظل مقيما بنجران حتى مات على الشرك والعياذ بالله تعالى.
قال الواقدي: يروى قصة هرب هذين الزعيمين إلى نجران: "وهرب هُبيرة بن أبي وهب، هو وابن الزبعرى، جميعًا حتى انتهيا إلى نجران، لم يأمنا من الخوف حتى دخلا حصن نجران، فقيل لهم: ما وراءكما؟ قالا: قتلت قريشى ودخل محمد مكة. ونحن والله نرى محمدًا سائرًا إلى حصنكم هذا، فجعلت بنو الحارث بن كعب يصلحون ما رث من حصنهم، وجمعوا ماشيتهم. غير أن ابن الزبعرى أوقع الله الإِسلام في قلبه، فتهيأ للعودة إلى مكة، فقال له زميله هُبيرة بن أبي وهب: أين تريد يا بن عم؟ .
قال: أردت والله محمدًا. قال: أتريد أن تتبعه؟ قال: أي والله. قال: يقول ابن أبي وهب: يا ليت أني رافقت غيرك، والله ما ظننت أنك تتبع محمدًا أبدًا. قال ابن الزبعرى: هو ذلك فعلى أيّ شيء نقيم مع بني الحارث بن كعب وأترك ابن عمى وخير الناس وأبرهم رمع قومى ودارى؟
فانحدر ابن الزبعرى، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قال: هذا ابن الزّبعرى ومعه وجه فيه نور الإِسلام، فلما وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السلام عليكم، أي رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، والحمد لله الذي هدانى للإِسلام، لقد عاديتك وأجلبت عليك، وركبت الفرس والبعير ومشيت على قدمي في عداوتك ثم هربت منك إلى نجران وأنا أريد ألا أقرب الإِسلام أبدًا، ثم أراد بي الله عز وجل منه بخير فألقاه في قلبى وحببه إلى وذكرت ما كنت فيه من الضلالة واتباع ما لا ينفع ذا عقل من حجر يُعبد ويذبح له، لا يدرى مَن عبده ومن لا يعبده قال رسول الله