الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكلفُ اللهُ نفسًا إلا وسعَها، لكن أن يكونَ في وسعِك ثُمَّ لا تعملُ فهذا من تلبيسِ وتثبيطِ الشيطانِ.
ثالثًا: علينا أن نضعَ ثقتَنا في النابغين من طلبةِ العلمِ، لا أن نجعلَهم بمنزلةِ العلماءِ، فقد حذرناك من ذلك آنفًا، لكن على سبيلِ التبليغِ ومذاكرةِ العلمِ فكلُّ مَنْ له فضلُ علمٍ في شيءٍ أَخَذ بيدِ مَن دونَه شيئًا فشيئًا، حتى تجدَ العالمَ فتتشبث به.
فابدأ مع من تقدم عنك ولو بخطوةٍ، خُذْ عنه، نافسه، ولكن حذارِ من أن تقرأَ وحدَك دونَ أخذِ الوسائلِ.
إذًا: ما هي
طرق التعلم
؟!!
طرق التعلم
قال الإمام الشاطبي: " وإذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان:
أحدهما: المشافهة. وهى أنفع الطريقين وأسلمهما؛ لوجهين:
الأول: خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم، يشهدها كل من زاول العلم والعلماء؛ فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب، ويحفظها ويرددها على قلبه فلا يفهمها، فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة، وحصل له العلم بها بالحضرة، وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي من قرائن أحوال، وإيضاح موضع إشكال، لم يخطر للمتعلم ببال، وقد
يحصل بأمر غير معتاد، ولكن بأمر يهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم، ظاهر الفقر، بادي الحاجة، إلى ما يلقى إليه.
وهذا ليس ينكر، فقد نبه عليه الحديث الذي جاء " أن الصحابة أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم " (1) وحديث حنظلة الأسيدى: حين شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم إذا كانوا عنده وفى مجلسه كانوا على حالة يرضونها، فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم تكونون كما تكونون عندى لأظلتكم الملائكة بأجنحتها "(2)
وقد قال عمر بن الخطاب: " وافقت ربى في ثلاث "(3) وهى من فوائد مجالسة العلماء، إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم مالا يفتح له دونهم، ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا في متابعة معلمهم، وتأدبهم معه، وإقتدائهم به.
فهذا الطريق نافع على كل تقدير، وقد كان المتقدمون لا يكتب منهم إلا القليل، وكانوا يكرهون ذلك؛ وقد كرهه مالك فقيل له فما نصنع؟
قال: تحفظون وتفهمون، حتى تستنير قلوبكم، ثم لا تحتاجون إلى الكتابة.
(1) انظر حديث أنس عند الترمذي (3618) ك المناقب عن رسول الله، باب في فضل النبي، وقال: غريب صحيح.
(2)
أخرجه الترمذي (2452) ك صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله، باب ما جاء في صفة أواني الحوض، وقال: حسن غريب.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري (402) ك الصلاة، باب ما جاء في القبلة، ومسلم (2399) ك فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر.