الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخرُ:
فإن يكن الفعلُ الذي ساءَ واحدًا
…
فأفعالُه اللاتي سَرَرْن كثيرُ
واللهُ سبحانَه يوازي يومَ القيامةِ بين حسناتِ العبدِ وسيئاتِه، فأيهما غَلَب كان التأثيرُ له، فيفعلُ بأهلِ الحسناتِ الكثيرةِ الذين آثروا محابَّه ومراضيه وغلبتْهم دواعي طبعِهم أحيانًا من العفوِ والمسامحةِ ما لا يفعلُه مع غيرِهم. (1)
القاعدةُ الثانيةَ عشر: احذرْ من زلاتِ العلماءِ:
فالعالمُ بَشَر غيرُ معصومٍ، والزللُ أمرٌ واردٌ وحاصلٌ -لا محالةَ- لكلِّ أحدٍ، وهذه الزلةُ لا تنقص من قدرِه، بل توهبُ سيئاته لحسناتِه -كما تقدم- ولكن هذا لا يعني الإقرارَ بالخطأِ أو اعتمادَه، بل يُبَيَّنُ حكمُ الشرعِ في هذه المسألةِ، ويُعتزرُ لمن أخطأ في اجتهادِه فهو مأجور على كلِّ حالٍ.
قال الحكماءُ: الفاضلُ مَنْ عُدَّتْ سقطاتُه.
وينبغي لطلبةِ العلمِ أن يُقيلوا ذَوِي الهيئاتِ عَثَراتِهم، فالواجبُ سترُ هذه الزلةِ وعدمُ إشاعتِها بينَ النَّاسِ.
- قال صلى الله عليه وسلم: "أَقِيلوا ذَوِي الهيئاتِ عثراتِهم، إلا الحدود"(2).
(1) مفتاح دار السعادة (1/ 176 - 177).
(2)
رواه الإمام أحمد في مسنده (6/ 181)، وأبو داود (4375) ك: الحدود، باب: في الحد يُشفع فيه، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(3685).
- وقال عليه الصلاة والسلام: "من أقال مسلمًا أقاله اللهُ عَثْرَتَه"(1).
ومِن حقِّ العالمِ أن يُنصحَ إذا زَلَّ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الدينُ النصيحةُ، الدينُ النصيحةُ، الدينُ النصيحة" قالها ثلاثًا.
قلنا: لمن يا رسولَ اللهِ؟
قال: "للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمةِ المسلميَن وعامتِهم"(2).
ومن أئمةِ المسلمينَ العلماءُ، ولهذه المناصحةِ ضوابطُ شرعيةٌ ينبغي أن تُراعَى، ويتأدبَ الناصحُ بها.
أولًا: أن يكونَ هدفُ النَّاصحِ الإصلاحَ، {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].
فيُحسنُ القصدَ ويحررُ نيتَه ويستعينُ باللهِ في إيصالِ هذا النُّصحِ لمُبَلَّغه.
ثانيًا: أن تبدوَ أماراتُ حُسنِ قصدِه في تصرفاتِه، فلا يجرحُ الذواتِ ولا يفتري عليهم.
ثالثًا: أن يتجنبَ ما يثيرُ عنادَ المنصوحِ ويجعلُه يتمادى على الباطلِ.
رابعًا: أن يكون لطيفًا في نصحِه، ولو نَصَح بالإشارةِ قُدِّمت على العبارةِ، ولو كانت الكنايةُ تَفِي بالغرضِ قدمت على الصريحِ
(1) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 252) وأبو داود (3460) ك: البيوع، باب: فضل الإقالة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2954).
(2)
رواه مسلم (55) ك: الإيمان، باب بيان أن الدين النَّصيحة.