الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعمل الصالح، والتعشق به. ثم مثَّل فقال:{كذلك نُخْرِجُ الموتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} يشير بذلك إلى خبر ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم فى البعث - أعنى حشر الأجسام - من أن الله يجعل السماء تُمطر مثل مَنِّى الرجال.. (الحديث) . قال: {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} وليس سوى الموافقة والسمع والطاعة لطهارة المحل، {والذي خَبُثَ} وهو الذى غلبت عليه نفسه والطبع، وهو معتنى به فى نفس الأمر، {لَا يَخْرُجُ إِلَاّ نَكِداً} مثل قوله:"إن لله عباداً يُقادرون إلى الجِنَّة بالسلاسل"، وقوله فى الآية [15] من سورة الرعد:{وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً} فقلنا: طوعاً لا إلهنا".
وفى سورة الحج عند قوله تعالى فى الآيتين [32، 33] : {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق} .. نجده يُفسِّر: {شَعَائِرَ الله} فيقول: {شَعَائِرَ الله} أعلامه، وأعلامه الدلالة الموصلة إليه، ويُفسِّر قوله:{ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق} .. فيقول: {ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق} وهو بيت الإيمان عند أهل الإشارات، وليس إلا قلب المؤمن الذى وسع عظمة الله وجلاله".
وفى سورة لقمان عند قوله تعالى فى الآية [16] : {يابني إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ}
…
. الآية، نجده يُفسِّر قوله تعالى:{فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} .. فيقول: "أى عند ذى قلب قاس لا شفقة له على خلق الله. قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذلك فَهِيَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74] ،
* *
نماذج من التفسير الظاهر لابن عربى
فى سورة الأنعام عند قوله تعالى فى الآية [153] : {وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلَا تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .. يقول: {وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} فأضافه إليه، ولم يقل: صراط الله، ووصفه بالاستقامة.. ثم قال:{فاتبعوه} الضمير يعود على صراطه، {وَلَا تَتَّبِعُواْ السبل} يعنى شرائع من تقدَّمه ومناهجهم من حيث ما هى شرائع لهم، إلا إن وجد حكم فيها في شرعى فاتبعوه من حيث ما هو شرع لنا لا من حيث ما كان شرعاً لهم، {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ} يعنى تلك الشرائع، {عَن سَبِيلِهِ} أى عن طريقه الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يقل عن سبيله الله، لأن الكل سبيل الله، إذ كان الله غايتها، {ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أى تتخذون تلك السبيل وقاية تحول بينكم وبين المشى على غيره".
وهذا تفسير مقبول، لجريانه على مقتضى الظاهر من الآية، ولكن نجد صاحبنا أحياناً يشطح فى فهمه لظاهر الآيات شطحات لا نستطيع أن نسلمها له على ظاهرها، وإنما أقول "على ظاهرها" لأنه ربما كان يعنى من وراء هذا الظاهر معنى لا غبار عليه، أراده هو، وجهلته أنا، فمن ذلك أنه يقول:"اعلم - وفقك الله - أن الله أخبر عن نبيه ورسوله عليه السلام فى كتابه أنه قال: {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ} فما ثَمَّ إلا مَن هو مستقيم على الحقيقة على صراط الرب، لأنه ما ثَمَّ إلا مَن الحقُّ آخذ بناصيته، ولا يمكن إزالة ناصيته من يد سيده وهو على صراط مستقيم، ونكَّرَ لفظ "دابة" فعمَّ، فأين المعوج حتى نعدل عنه؟ فهذا جبر، وهذه استقامة، فالله يوفقنا فى إنزال كل حكمة فى موضعها".
هذه بعض النماذج من تفسير ابن عربى. ومنها تستطيع أن تحكم على فهمه لمعانى القرآن، كما تستطيع أن تقارن بينها وبين ما فى تأويلات القاشانى، المنسوبة لابن عربى، لتقف على مقدار التشابه بين التفسيرين، وتأثر كل منهما بعقيدته فى وحده الوجود.
وبعد.. فهذا هو تفسير الصوفية، وهؤلاء هم أهم مفسريه، وهذه هى أهم الكتب المؤلَّفة فيه، ولعلى أكون قد أوفيتُ البحث حقه، وألممتُ بالموضوع من جميع نواحيه.
* * *