الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* ومن الزيدية:
ألَّف حسين بن أحمد النجرى، من أهل القرن الثامن الهجرى: كتابه "شرح الخمسمائة آية" ولم يصل إلى أيدينا هذا التفسير.
وألَّف شمس الدين بن يوسف بن أحمد من علماء القرن التاسع الهجرى: "الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة" ومنه نسخة فى دار الكتب المصرية، مخطوطة فى ثلاث مجلدات، ويوجد بالمكتبة الأزهرية الجزء الثانى منه فى مجلد واحد مخطوط.
وألَّف محمد بن الحسين بن القاسم من علماء القرن الحادى عشر الهجرى: كتابه "منتهى المرام، شرح آيات الأحكام" ولم نقف على هذا التفسير.
* ومن الإمامية الإثنا عشرية:
ألَّف مقداد السيورى، من أهل القرن الثامن الهجرى: كتابه "كنز الفرقان فى فقه القرآن" ومنه نسخة بدار الكتب المصرية، مطبوعة فى مجلد صغير على هامش تفسير الحسن العسكرى.
وهناك كتب أُخرى فى تفسير آيات الأحكام ذكرها صاحب كشف الظنون، لا نطيل بذكرها، كما لا نطيل بالكلام عن كل ما وصل إلينا من الكتب، ويكفى أن نعرض لأهمها وهو ما يأتى:
1- أحكام القرآن - للجصَّاص (الحنفى)
* ترجمة المؤلف:
هو أبو بكر، أحمد بن علىّ الرازى، المشهور بالجصَّاص. وُلِد رحمه الله تعالى ببغداد سنة 305 هـ (خمس وثلاثمائة من الهجرة) .
كان إمام الحنفية فى وقته، وإليه انتهت رياسة الأصحاب. أخذ عن أبى سهل الزجَّاج، وعن أبى الحسن الكرخى، وعن غيرهما من فقهاء عصره. واستقر التدريس له ببغداد، وانتهت الرحلة إليه، وكان على طريق الكرخى فى الزهد، وبه انتفع، وعليه تخرَّج، وبلغ من زهده أنه خُوطِبَ فى أن يلى القضاء فامتنع، وأُعيد عليه الخطاب فلم يقبل. أما مصنفاته فكثيرة. أهمها كتاب "أحكام القرآن" وهو ما نحن بصدده الآن، وشرح مختصر الكرخى، وشرح مختصر الطحاوى، وشرح الجامع الكبير للإمام محمد ابن الحسن الشيبانى، وكتاب أُصول الفقه، وآخر فى أدب القضاء، وعلى الجملة فقد كان الجصَّاص من خيرة العلماء الأعلام، وإليه يرجع كثير من الفضل فى تدعيم مذهب الحنفية على البراهين والأدلة.
هذا وقد ذكره المنصور بالله فى طبقات المعتزلة، وسيأتيك فى تفسيره ما يؤيد هذا القول.
أما وفاته فكانت سنة 370 هـ (سبعين وثلاثمائة من الهجرى) ، فرحمه الله ورضى عنه.
* *
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يُعَد هذا التفسير من أهم كتب التفسير الفقهى خصوصاً عند الحنفية، لأنه يقوم على تركيز مذهبهم والترويج له، والدفاع عنه. وهو يعرض لسور القرآن كلها ولكنه لا يتكلم إلا عن الآيات التى لها تعلق بالأحكام فقط، وهو - وإن كان يسير على ترتيب سور القرآن - مبوب كتبويب الفقه، وكل باب من أبوابه معنون بعنوان تندرج فيه المسائل التى يتعرَّض لها المؤلف فى هذا الباب.
* *
* استطراده لمسائل فقهية بعيدة عن فقه القرآن:
هذا.. وإن المؤلف رحمه الله لا يقتصر فى تفسيره على ذكر الأحكام التى يمكن أن تُستنبط من الآيات - بل نراه يستطرد إلى كثير من مسائل الفقه والخلافيات بين الأئمة، مع ذكره للأدلة بتوسع كبير، مما جعل كتابه أشبه ما يكون بكتب الفقه المقارن، وكثيراً ما يكون هذا الاستطراد إلى مسائل فقهية لا صلة لها بالآية إلا عن بُعْد.
فمثلاً نجده عندما عرض لقوله تعالى فى الآية [25] من سورة البقرة: {وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} يستطرد لمذهب الحنفية فى أن من قال لعبيده: مَن بشَّرنى بولادة فلانة فهو حر، فبشَّره جماعة واحداً بعد واحد أن الأول يُعتق دون غيره.
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [26] من سورة يوسف: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ}
…
الآية، نجده يستطرد لخلاف الفقهاء فى مُدَّعى الُّقُطة إذا ذكر علامتها، وخلافهم فى اللقيط إذا ادَّعاه رجلان ووصف أحدهما علامة فى جسده، وخلافهم فى متاع البيت إذا ادَّعاه الزوج لنفسه وادَّعته الزوجة لنفسها، وخلافهم فى مصراع الباب إذا ادَّعاه رب الدار والمستأجر.. وغير ذلك من مسائل الخلاف التى لا تتصل بالآية إلا عن بُعْدٍ.
* *
* تعصبه لمذهب الحنفية:
ثم إن المؤلف رحمه الله وعفا عنه- متعصب لمذهب الحنفية إلى حد كبير، مما جعله فى هذا الكتاب يتعسف فى تأويل بعض الآيات حتى يجعلها فى جانبه،
أو يجعلها غير صالحة للاستشهاد بها من جانب مخالفيه، والذى يقرأ الكتاب يلمس روح التعصب فيه فى كثير من المواقف.
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [187] من سورة البقرة: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل} .. نجده يحاول بتعسف ظاهر أن يجعل الآية دالة على أن من دخل فى صوم التطوع لزم إتمامه.
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [232] من سورة البقرة: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}
…
الآية، نجده يحاول أن يستدل بالآية من عدة وجوه على أن للمرأة أن تعقد على نفسها بغير الولى وبدون إذنه.
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [2] من سورة النساء: {وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب}
…
الآية، وقوله فى الآية [6] منها:{وابتلوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فادفعوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}
…
الآية، نجده يحاول أن يأخذ من مجموع الآيتين دليلاً لمذهب أبى حنيفة القائل بوجوب دفع المال لليتيم إذا بلغ خمساً وعشرين سنة، وإن لم يؤنس منه الرشد.
* *
* حملة الجصَّاص على مخالفيه:
ثم إن الجصَّاص مع تعصبه لمذهبه وتعسفه فى التأويل، ليس عف اللسان مع الإمام الشافعى رضى الله عنه ولا مع غيره من الأئمة، وكثيراً ما نراه يرمى الشافعى وغيره من مخالفى الحنفية بعبارات شديدة، لا تليق من مثل الجصَّاص فى مثل الشافعى وغيره من الأئمة رحمهم الله.
فمثلاً عندما عرض لآية المحرَّمات من النساء فى سورة النساء نجده يعرض للخلاف الذى بين الحنفية والشافعية فى حكم من زنى بامرأة، هل يحل له التزوج ببنتها أو لا؟ ثم ذكر مناظرة طويلة جرت بين الشافعى وغيره فى هذه المسألة، ويناقش الشافعى فيما يرد به على مناظره، ويرميه بعبارات شنيعة لاذعة كقوله:"فقد بان أن ما قاله الشافعى وما سلَّمه له السائل كلام فارغ لا معنى تحته فى حكم ما سُئِل عنه".
وقوله: "ما ظننت أن أحداً ممن ينتدب لمناظرة خصم يبلغ به الإفلاس من الحجاج أن يلجأ إلى مثل هذا، مع سخافة عقل السائل وغباوته".
وقوله حين لم يرقه أحد أجوبة الشافعى على سؤال مناظره: "ولو كُلِّم بذلك المبتدئون من أحداث أصحابنا لما خفى عليهم عوار هذا الحجاج، وضعف السائل والمسئول فيه".
ومثلاً عند ذكره لمذهب الشافعى فى الترتيب بين أعضاء الوضوء نجده يقول: "وهذا القول مما خرج به الشافعى عن إجماع السَلَف والفقهاء" كأن الشافعى فى نظر الجصَّاص ممن لا يُعتد برأيه، حتى ينعقد الإجماع بدونه.
* * *
* تأثر الجصَّاص بمذهب المعتزلة:
كذلك نجد الجصَّاص يميل إلى عقيدة المعتزلة، ويتأثر بها فى تفسيره، فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [102] من سورة البقرة:{واتبعوا مَا تَتْلُواْ الشياطين على مُلْكِ سُلَيْمَانَ}
…
الآية، نجده يذكر حقيقة السحر ويقول إنه:"متى أُطلق فهو اسم لكل أمر هو باطل لا حقيقة له ولا ثبات"، كما ينكر حديث البخارى فى سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقر أنه من وضع الملاحدة.
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [103] من سورة الأنعام: {لَاّ تُدْرِكُهُ الأبصار}
…
الآية، نجده يقول:"معناه لا تراه الأبصار. وهذا تمدح بنفى رؤية الأبصار كقوله تعالى - فى الآية [255] من سورة البقرة: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} - وما تمدّح الله بنفيه عن نفسه فإن إثبات ضده ذم ونقص، فغير جائز إثبات نقيضه بحال.. فلما تمدَّح بنفى رؤية البصر عنه لم يجز إثبات ضده ونقيضه بحال، إذ كان فيه إثبات صفة نقص، ولا يجوز أن يكون مخصوصاً بقوله تعالى فى الآيتين [22، 23] من سورة القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ؛ لأن النظر محتمل لمعان: منها انتظار الثواب، كما روى عن جماعة من السَلَف، فلما كان ذلك محتملاً للتأويل لم يجز الاعتراض به على ما لا يساغ للتأويل فيه. والأخبار المروية فى الرؤية إنما المراد بها العلم لو صحَّت، وهو علم الضرورة الذى لا تشوبه شبهة، ولا تعرض فيه الشكوك، لأن الرؤية بمعنى العلم مشهورة فى اللُّغة".
* *
* حملة الجصَّاص على معاوية رضى الله عنه:
كما أننا نلاحظ على الجصَّاص أنه تبدو منه البغضاء لمعاوية رضى الله عنه، ويتأثر بذلك فى تفسيره. فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآيات [39 - 41] من سورة الحج:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الذين أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ}
…
إلى قوله: {الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بالمعروف وَنَهَوْاْ عَنِ المنكر وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور} .. يقول: ".. وهذه صفة الخلفاء الراشدين، الذين مكنهم الله فى الأرض وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلىّ رضى الله عنهم. وفيه الدلالة الواضحة على صحة إمامتهم، لإخبار الله تعالى بأنهم إذا مُكِّنوا فى الأرض قاموا بفروض الله عليهم، وقد مُكِّنوا فى الأرض فوجب أن يكونوا أئمة قائمين بأوامر الله منتهين عن زواجره ونواهيه، ولا يدخل معاوية فى هؤلاء، لأن الله إنما وصف بذلك المهاجرين الذين أُخرجوا