الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
داعي العمل ليوم الأمل.. للشيخ محمد بن يوسف إطفيش.. من أهل القرن الحاضر.
5-
هميان الزاد إلى دار المعاد.. له أيضاً.
6-
تيسير التفسير.. له أيضاً.
فقلت له: وهل يوجد شىء من هذه الكتب إلى اليوم؟
فقال لى: أما تفسير عبد الرحمن بن رستم، فغير موجود. وأما تفسير هود بن محكم، فموجود، ومتداول بين الإباضية فى بلاد المغرب.. وهو يقع فى أربع مجلدات، وقد أطلعنى منه على جزئين مخطوطين عنده، وهما الأول والرابع. أما الأول: فيبدأ بسورة الفاتحة، وينتهى بآخر سورة الأنعام. وأما الرابع: فيبدأ بسورة الزمر، وينتهى بآخر القرآن.
قال: وأما تفسير أبى يعقوب الورجلانى، فغير موجود، ويذكر المحققون من علمائنا أنه من أحسن التفاسير بحثاً، وتحقيقاً، وإعراباً.
وأما تفسير داعى العمل ليوم الأمل، فلم يتمه مؤلفه، لأنه عزم على أن يجعله في اثنين وثلاثين جزءاً، ثم عدل عن عزمه هذا، واشتغل بتفسير هميان الزاد إلى دار المعاد.
وقد أطلعنى مُحدِّثى على أربعة أجزاء من تفسير داعى العمل، فى مجلدين مخطوطين بخط المؤلف، أما أحد المجلدين: فإنه يحتوى على الجزء التاسع والعشرين، والجزء الثلاثين من أجزاء الكتاب، وهو يبدأ بسورة الرحمن، وينتهى بآخر سورة التحريم، وأما المجلد الثانى: فإنه يحتوى على الجزء الحادى والثلاثين، والجزء الثانى والثلاثين، وهو يبدأ بسورة تبارك، وينتهى بآخر القرآن. وقد وجدت بالمجلد الأخير بعض ورقات فيها تفسير أول سورة [ص] ، ويظهر - كما قال مُحدِّثى - أن المؤلف قد ابتدأ تفسيره هذا بسورة الرحمن إلى أن انتهى إلى آخر سورة الناس، ثم بدأ بسورة [ص] ووقف عندها ولم يتم.
وأما تفسير هميان الزاد، فموجود ومطبوع فى ثلاثة عشر مجلداً كباراً، ومنه نسخة فى دار الكتب المصرية، ونسخة أخرى عند مُحدِّثى.
وأما تيسير التفسير، فموجود ومطبوع فى سبع مجلدات متوسطة الحجم، ومنه نسخة بدار الكتب المصرية، وأخرى عند مُحدِّثى أيضاً.
* *
أسباب قِلَّة إنتاج الخوارج فى التفسير
وأنت ترى أن هذه الكتب المذكورة، ما وُجِد منها وما لم يُوجد، كلها للإباضية وحدهم، ولعل السر فى ذلك: أن جميع فِرَق الخوارج ما عدا الإباضية بادت ولم يبق لها أثر.
أما الإباضية فموجودون إلى يومنا هذا، ومذهبهم منتشر فى بلاد المغرب، وحضرموت، وعُمان، وزنجبار.
ولكن بقى بعد هذا سؤال يتردد فى نفسى، ولعله يتردد فى نفس القارئ أيضاً وهو: ما السر فى أن الخوارج قَلَّ إنتاجهم فى التفسير؟
والجواب عن هذا السؤال - كما أعتقد - ينحصر فى أُمور ثلاثة وهي ما يأتى:
أولاً: أن الخوارج كان أكثرهم من عرب البادية، ومن قبائل تميم على الأخص، وقليل منهم كان يسكن البصرة والكوفة مع احتفاظه ببداوته، فكانوا لغلبة البداوة عليهم أبعد الناس عن التطور الدينى، والعلمى، والاجتماعى، وكانوا يمثلون الإسلام الأول فى بساطته، وعلى فطرته، بدون أن تشوبه تعاليم الأُمم الأُخرى. أضف إلى ذلك: احتفاظهم بأهم خصائص أهل البدو من سذاجة التفكير، وضيق التصور، والبُعْد عن التأثر بحضارة الأمم المجاورة لهم.
ثانياً: أنهم شُغِلوا بالحروب من مبدأ نشأتهم. وكانت حروباً قاسية وطويلة، ومتتابعة.. أسلمتهم حروب علىّ إلى حروب الأمويين، وأسلمتهم حروب الأمويين إلى حروب العباسيين التى تركتهم في حالة تشبه الاحتضار، وتؤذن بالفناء، فكان من الطبيعى أن لا تدع الحرب لهم من الوقت ما يتسع للبحث والتصنيف.
ثالثاً: أن الخوارج - مع ما هم عليه من شذوذ - كانوا يخلصون لعقيدتهم، ويتمسكون بإيمانهم إلى حد كبير، ويرون أن الكذب جريمة من أكبر الجرائم، وبه - عند جمهورهم - يخرج الإنسان من عِداد المؤمنين - فلعل هذا دعاهم إلى عدم الخوض في تفسير القرآن، وجعلهم يتورعون عن البحث وراء معانيه، مخافة أن لا يصيبوا الحق فيكونوا قد كذبوا على الله.. وقد سُئِل بعضهم: لِمَ لَمْ تُفسِّر القرآن؟ فقال: "كلما رأيت قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين} [الحاقة: 44-46] أحجمت عن التفسير".
من أجل هذا كله لم يكن يُنتظر من الخوراج أن يُؤلِّفوا لنا فى التفسير كما ألفَ غيرهم، وليس التفسير وحده هو الذي حُرِم من تصنيف الخوارج وتأليفهم، بل كل العلوم فى ذلك سواء، وما وُجِد لهم من مؤلفات فى علم الكلام، أو الفقه، أو الأُصول، أو الحديث، أو التفسير، أو غير ذلك من العلوم فكله من عمل الإباضية وحدهم، لأن هذه الفِرْقة هى التى عاشت وانتشرت فى كثير من بلاد المسلمين، واستمرت إلى يومنا هذا، وتأثرت بتعاليم المعتزلة وغيرهم، وسايرت التطور العلمى والاجتماعى.
وبعد.. فهذا هو تراث الخوارج في التفسير، وهو تراث نادر عزيز، وما وُجِد منه أندر وأعز، وأرى أن أكتفى بالكلام عن "هميان الزاد إلى دار المعاد" وحده، وعذرى
فى ذلك: أن ما وجدناه من تفسير هود بن محكم، لم يتيسر لنا الاطاع عليه الاطلاع الكافى الذى يعطينا فكرة واضحة عنه، وعن مؤلِّفه، وذلك راجع إلى رداءة خطه، وضياع بعض أوراقه، وتآكل بعضها.
وما وجدناه من تفسير "داعى العمل ليوم الأمل". لم يكن أكثر حظاً من تفسير هود بن محكم.
وأما "تيسير التفسير".. فهو فى الحقيقة خلاصة لما تضمنه "هميان الزاد" فلم يكن الكلام عنه بمعطينا فكرة جديدة عن التفسير عند الإباضية أو عند مُفسِّره على الأقل.
* * *