المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11 - زينة النساء والرجال - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٤

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني عشركتاب النكاح وتوابعه

- ‌1 - كتاب النكاح

- ‌1 - أحكام النكاح

- ‌2 - العيوب في النكاح

- ‌3 - شروط النكاح

- ‌4 - المحرمات في النكاح

- ‌5 - الشروط في النكاح

- ‌6 - خطبة المرأة

- ‌7 - عقد النكاح

- ‌8 - نكاح الكفار

- ‌9 - الصداق

- ‌10 - وليمة العرس

- ‌11 - زينة النساء والرجال

- ‌12 - آداب الزفاف

- ‌13 - أحكام الحمل والولادة

- ‌14 - الحقوق الزوجية

- ‌15 - أحكام القَسْم بين الزوجات

- ‌16 - أحكام النفقة

- ‌17 - النشوز

- ‌2 - الإيلاء

- ‌3 - الظهار

- ‌4 - الطلاق

- ‌الطلاق المنَجَّز والمعلَّق

- ‌الطلاق السني والبدعي

- ‌الطلاق الرجعي والبائن

- ‌5 - الرجعة

- ‌6 - الخلع

- ‌7 - اللعان

- ‌8 - العدة

- ‌1 - الإحداد

- ‌2 - الاستبراء

- ‌9 - الرضاع

- ‌10 - الحضانة

- ‌الباب الثالث عشركتاب الأطعمة والأشربة

- ‌1 - أحكام الأطعمة والأشربة

- ‌2 - باب الأطعمة

- ‌1 - أقسام الأطعمة المباحة

- ‌2 - أقسام الأطعمة المحرمة

- ‌3 - أقسام الأطعمة المختلطة بمحرم

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌1 - أقسام الأشربة المباحة

- ‌2 - أقسام الأشربة المحرمة

- ‌4 - باب الذكاة

- ‌5 - باب الصيد

- ‌الباب الرابع عشركتاب الفرائض

- ‌1 - أحكام الإرث

- ‌2 - أصحاب الفروض

- ‌1 - ميراث الأب

- ‌2 - ميراث الجد

- ‌3 - ميراث الأم

- ‌4 - ميراث الجدة

- ‌5 - ميراث الزوج

- ‌6 - ميراث الزوجة

- ‌7 - ميراث البنت

- ‌8 - ميراث بنت الابن

- ‌9 - ميراث الأخت الشقيقة

- ‌10 - ميراث الأخت لأب

- ‌11 - ميراث الأخ لأم والأخت لأم

- ‌3 - العصبة

- ‌4 - الحجب

- ‌5 - تأصيل المسائل

- ‌6 - قسمة التركة

- ‌7 - العول

- ‌8 - الرد

- ‌9 - ميراث ذوي الأرحام

- ‌10 - ميراث الحمل

- ‌11 - ميراث المفقود

- ‌12 - ميراث الخنثى المشكل

- ‌13 - ميراث الغرقى ونحوهم

- ‌14 - ميراث أهل الملل

- ‌15 - ميراث القاتل

- ‌16 - ميراث المرأة

- ‌17 - التخارج من الميراث

- ‌الباب الخامس عشركتاب نواقض الإسلام

- ‌1 - الكفر

- ‌2 - الشرك

- ‌3 - النفاق

- ‌4 - الردة

- ‌5 - البدعة

- ‌الباب السادس عشركتاب الكبائر

- ‌1 - تعريف الكبيرة والصغيرة

- ‌2 - الكبائر التي نصت عليها السنة

- ‌3 - الفرق بين الكبائر والصغائر

- ‌4 - درجات الكبائر

- ‌5 - حكمة التكليف بالأمر والنهي

- ‌6 - آثار الكبائر والمعاصي

- ‌7 - أقسام الكبائر

- ‌8 - حكم من اقترف الكبائر

- ‌9 - شروط تكفير الصغائر

- ‌10 - أهمية معرفة الكبائر

- ‌11 - أنواع الكبائر

- ‌1 - كبائر القلوب

- ‌2 - كبائر الجوارح

- ‌1 - كبائر العلم والجهاد

- ‌2 - كبائر العبادات

- ‌3 - كبائر المعاملات

- ‌4 - كبائر المعاشرات

- ‌5 - كبائر الأخلاق

- ‌12 - أسباب سقوط العذاب في الآخرة

الفصل: ‌11 - زينة النساء والرجال

‌11 - زينة النساء والرجال

- الزينة: هي كل ما يتزين به الإنسان مما يُكسب جمالاً وحُسناً.

- حكم الزينة:

رغّب الإسلام في الزينة للرجال والنساء لما فيها من زيادة الحسن والجمال الذي يحبه الله، واهتم الإسلام بزينة المرأة وحسن لباسها وَزِيِّها أكثر من اهتمامه بزينة الرجل ولباسه؛ لأن الزينة أمر أساسي للمرأة، فإن الله قد فطرها على حب الظهور بالزينة والجمال، ومن أجل هذا أباح الإسلام للمرأة من الزينة أكثر مما أبيح للرجل؛ لأن الزينة تلبية لنداء الأنوثة، وإدخال السرور على الزوج، وحسنها وجمالها يزيد من رغبة الزوج بها ومحبته لها.

1 -

قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف:32].

2 -

وقال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف:26].

3 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» . قال رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قال:«إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ» . أخرجه مسلم (1).

4 -

وَعَنْ أَبي الأَحْوَصِ عَنْ أَبيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فِي ثوْبٍ دُونٍ فَقَالَ: «أَلَكَ

(1) أخرجه مسلم برقم (91).

ص: 86

مَالٌ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «مِنْ أَيِّ المَالِ؟» قَالَ: قَدْ آتَانِي اللهُ مِنَ الإبلِ وَالغَنَمِ وَالخَيْلِ وَالرَّقِيقِ. قَالَ: «فَإِذا آتَاكَ اللهُ مَالاً فَلْيُرَ أَثرُ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ» . أخرجه أبو داود والنسائي (1).

- أقسام الزينة:

تنقسم الزينة إلى ثلاثة أقسام:

الأولى: الزينة الخُلقية: وهي الصفات المحمودة التي أمر بها الإسلام، وأعلاها صفة الإيمان التي هي منبع أحسن الصفات كالتقوى، والصبر، والحلم، والكرم، والشجاعة ونحوها.

الثانية: الزينة الخارجية: وهي كل ما يُدْرَك بالبصر، سواء كان في الإنسان كحسن الوجه، وجمال البشرة، واعتدال القامة، وسعة العيون ونحو ذلك، أو كان حول الإنسان كالسماء وما فيها من الشمس والقمر والنجوم، وكالأرض وما فيها من الحيوان والنبات والجبال ونحو ذلك.

الثالثة: الزينة المكتسبة: وهي كل زينة خارجة عن الجسم المزين بها كاللباس والكحل والطيب والخضاب ونحو ذلك.

ومن كملت له هذه الزينات الثلاث فقد كمل حسنه وجماله.

قال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف:26].

- حكم استعمال المرأة للزينة:

تنقسم الزينة من حيث استعمال النساء لها إلى ثلاثة أقسام:

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4063) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5224).

ص: 87

الأولى: الزينة المباحة: وهي كل زينة أباحها الشرع للنساء مما فيه جمال وعدم ضرر كألوان الثياب، والحرير، والحلي، والطيب، ووسائل التجميل المباحة ونحو ذلك.

الثانية: الزينة المستحبة: وهي كل زينة رغّب فيها الشرع وحث عليها ومن ذلك ما ورد في سنن الفطرة.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ- الخِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ» . متفق عليه (1).

الثالثة: الزينة المحرمة: وهي كل ما حرمه الشرع وحذر منه، مما تعتبره النساء زينة، سواء نص الشرع على تحريمه كالنمص، والوشم، ووشر الأسنان، ووصل الشعر، أو كان عن طريق التشبه بالكفار، أو التشبه بالرجال.

ففاعل المحرم يستحق العقاب، ومن تركه امتثالاً فهو مثاب، وفاعل المستحب مثاب، وفاعل المباح لا يثاب ولا يعاقب.

فإن كان المباح وسيلة فحكمه حكم ما كان وسيلة إليه.

فالطيب مثلاً مباح، لكن إن كان وسيلة لإدخال السرور على الزوج صار مستحباً.

وإن كان وسيلة لقصد فتنة الرجال الأجانب فهو محرم.

- أنواع الزينة المباحة للمرأة:

يباح للنساء من الزينة ما يلي:

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5889) واللفظ له، ومسلم برقم (257).

ص: 88

الأول: اللباس: وهو نعمة عظيمة يستر جسد الإنسان، ويحفظه من الأذى، إلى جانب ما فيه من الجمال والزينة.

ويجوز لبس كل لباس لكن بشروطه الشرعية.

1 -

قال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف:26].

2 -

وَعَنْ أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذهَب عَلَى ذكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لإنَاثهِمْ» . أخرجه الترمذي والنسائي (1).

الثاني: الحلي: فيباح للمرأة أن تلبس من الحلي ما شاءت بلا إسراف ولا مباهاة.

سواء كان من الذهب، أو الفضة، أو اللؤلؤ، أو الألماس ونحو ذلك، وسواء كان في الرقبة، أو اليد، أو الأصابع، أو الرأس، أو الأرجل؛ لأن الحلي زينة للمرأة يزيدها حسناً وجمالاً، لكن لا يجوز كشفه للأجانب.

قال الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)} [الزُّخرُف:18].

الثالث: الطيب: فيباح للمرأة أن تتطيب بما شاءت من أنواع العطور، سواء في بدنها أو لباسها، وهي مأجورة على حسن تجملها وطيبها لزوجها.

ويحرم على المرأة مس الطيب إذا أرادت الخروج من بيتها لأماكن الرجال كالمساجد والأسواق؛ لأن ذلك يحرك شهوة الرجال، ويلفت أنظارهم.

1 -

عَنْ زَيْنَبَ امْرَأةِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَتْ: قال لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا

شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ المَسْجِدَ فَلا تَمَسَّ طِيباً». أخرجه مسلم (2).

(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1720) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5265).

(2)

أخرجه مسلم برقم (443).

ص: 89

2 -

وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيب يَنْفَحُ وَلِذيْلِهَا إِعْصَارٌ فَقَالَ: يَا أَمَةَ الجَبَّارِ جِئْتِ مِنَ المَسْجِدِ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبي أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لاِمْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذا المَسْجِدِ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الجَنَابَةِ» . أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).

3 -

وَعَنْ أَبي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ وَالمَرْأَةُ إِذا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بالمَجْلِسِ فَهِيَ كَذا وَكَذا يَعْنِي زَانِيَةً» . أخرجه أبو داود والترمذي (2).

الرابع: الكحل: وهو زينة وجمال، والكحل بالإثمد زينة ودواء.

الخامس: الخضاب: وهو جعل الحنا في اليدين والرجلين وهو يكسب المرأة زينةً وجمالاً.

السادس: تسريح شعر الرأس وتنظيفه والعناية به تجملاً للزوج.

أما صبغ شعر الرأس بالسواد تجملاً للزوج فلا مانع منه، وأما صبغه بالسواد للتدليس والتغرير من أجل الزواج فهو محرم، وأما صبغ المرأة الشعر الأسود لتحويله إلى لون آخر كالذهبي والأصفر والأحمر، فهذا عبث بالشعر، ولا ينبغي لعاقلة أن تفعله، لما فيه من التشويه، والتشبه بالكافرات.

السابع: وسائل التجميل الحديثة: فيباح للمرأة أن تتزين لزوجها بكل ما يرغِّبه

فيها مما ليس فيه محذور شرعي.

فيباح لها التزين بما ظهر من الأصباغ والمساحيق الحديثة بشروط:

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4174) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (4002).

(2)

حسن/ أخرجه أبو داود برقم (4173)، وأخرجه الترمذي برقم (2786) ، وهذا لفظه.

ص: 90

أن لا يكون فيه ضرر عليها .. أو لا يُظهر المرأة بصورة مستهجنة بشعة منفرة .. وليس فيه تشبه بالكافرات .. وليس فيه تغيير الخلقة الأصلية كالعدسات اللاصقة الملونة، والرموش والحواجب الصناعية ونحو ذلك .. وأن لا تمنع وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء أو الغسل .. وأن لا يكون فيها إسراف ولا تبذير ولا إضاعة للأوقات في شرائها واستعمالها.

وقد أثبت الطب أن في أكثر هذه الأصباغ والمساحيق ضرراً على بشرة المرأة على المدى الطويل لا سيما الوجه وما فيه.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)} [النساء:119].

2 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» . أخرجه أحمد وأبو داود (1).

- حكم إبداء المرأة زينتها:

زينة المرأة قسمان:

زينة ظاهرة .. وزينة باطنة.

1 -

فالزينة الباطنة: كالقلادة، والخلخال، والسوار، والخاتم والكحل ونحوها.

فهذه لا يجوز إبداؤها وإظهارها للأجانب.

2 -

وأما الزينة الظاهرة: فهي ما تتزين به المرأة خارج بدنها كظاهر الثياب ونحوها مما لا يمكن إخفاؤه.

(1) حسن/ أخرجه أحمد برقم (5114) ، وأخرجه أبو داود برقم (4031).

ص: 91

فهذه لا جناح على المرأة إذا ظهر منها بدون قصد الفتنة.

وقد ذكر الله الزينتين الظاهرة والباطنة، ونهى عن إبداء الزينة الظاهرة مطلقاً إلا ما ظهر منها كظاهر الثياب، ونهى عن إبداء الزينة الباطنة مطلقاً إلا لمن استثناهم الله من المحارم.

1 -

قال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)} [النور:30].

2 -

وقال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} [النور:31].

- عورة المرأة:

العورة: هي ما يجب ستره من جسم الرجل أو المرأة، وما لا يجوز النظر إليه.

وعورة المرأة نوعان:

1 -

عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب، فالمرأة بالنسبة لهؤلاء كلها عورة،

فيجب عليها ستر جميع بدنها إلا ما ظهر دون قصد كثيابها الظاهرة، أو شيء خرج من بدنها كيدها أو وجهها دون قصد منها.

1 -

قال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا

ص: 92

يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} [النور:31].

2 -

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا» . قَالَ: لَا. قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِى أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا» . أخرجه مسلم (1).

2 -

عورة المرأة عند محارمها أو النساء.

وعورتها بالنسبة لهؤلاء جميع جسمها ما عدا ما يظهر منها غالباً كالوجه والرأس، والرقبة والنحر، والكفين والقدمين.

ومحارم المرأة: هم من تحرم عليهم بسبب القرابة كالأب والابن، والأخ والعم والخال، أو بسبب النكاح كوالد زوجها أو ابنه، أو بسبب الرضاع كأبيها وابنها وأخيها من الرضاع ونحوهم.

- أقسام اللباس:

اللباس ثلاثة أقسام:

1 -

قسم حلال للذكور والإناث: وهو جميع أنواع الملابس التي لم يمنع الشرع منها.

(1) أخرجه مسلم برقم (1424).

ص: 93

2 -

وقسم حرام على الذكور والإناث: وهي الملابس المسروقة والمغصوبة ونحوها، وما فيه تشبه بالكفار، وما فيه تشبه كل واحد من الرجال والنساء بالآخر، وما فيه شهرة وخيلاء.

3 -

وقسم حرام على الذكور دون الإناث، مثل الحرير والذهب والفضة إلا خاتم الفضة للرجال فهو حلال.

- شروط لباس المرأة:

شروط لباس المرأة تنقسم إلى قسمين:

الأول: شروط التفصيل والخياطة:

1 -

أن يكون اللباس ساتراً لجميع البدن، ليستر العورة، ويستر الزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها للرجال الأجانب.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} [الأحزاب:59].

2 -

أن يكون اللباس واسعاً مريحاً لحركة أعضاء البدن، فلا يجوز أن تلبس المرأة اللباس الضيق الذي يصف مفاتن الجسم عند الأجانب والمحارم والنساء.

ويحرم عليها لبس البنطلون؛ لأنه من الثياب الضيقة التي تحدد أجزاء الجسم، ولما فيه من الفتنة، والتشبه بالرجال، والتشبه بالكافرات، ولما فيه

من الشهرة والخيلاء.

1 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ

ص: 94

عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الجَنّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإنّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا». أخرجه مسلم (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. أخرجه البخاري (2).

3 -

أن لا يشبه لباس الرجال في الزي والطول.

فلباس الرجال فوق الكعبين، ولباس النساء أسفل الكعبين ليستر القدمين.

فيحرم على النساء لبس القصير من الثياب سواء كانت كبيرة أو صغيرة.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَرَّ ثوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بذيُولِهِنَّ، قَالَ:«يُرْخِينَ شِبْرًا» . فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» . أخرجه الترمذي والنسائي (3).

4 -

أن لا يشبه لباس الكافرات، فمن تشبه بقوم فهو منهم.

عَنْ عَبْداللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ «إِنّ هََذِهِ مِنْ ثِيَابِ الكُفّارِ، فَلَا تَلْبَسْهَا» . أخرجه

مسلم (4).

الثاني: ما يجب مراعاته في نوع اللباس:

(1) أخرجه مسلم برقم (2128).

(2)

أخرجه البخاري برقم (5885).

(3)

صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1731) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5336).

(4)

أخرجه مسلم برقم (2077).

ص: 95

1 -

أن يكون ساتراً، لا شفافاً يصف ما تحته؛ لأن الشفاف يزيد المرأة جمالاً وزينة وفتنة، ويكشف العورة، وذلك محرم.

2 -

أن يكون جميلاً، لكن لا يكون زينة في نفسه بلفت أنظار الرجال إليها، ويفتنهم بها.

3 -

أن يكون لباساً محتشماً، فلا تلبس ثياب شهرة ترفع بسببها الأبصار إليها، وتفتن الناس بها.

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبسَ ثوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللهُ ثوْبَ مَذلَّةٍ يَوْمَ القِيَامَةِ ثمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَاراً» . أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).

- صفة لباس المرأة في الصلاة:

يجب على المرأة إذا أرادت الصلاة أن تصلي بقميص يستر بدنها .. وخمار يستر رأسها .. وجلباب تلتحف به من فوق القميص.

ووجه المرأة ليس بعورة في الصلاة فالسنة أن تكشفه أثناء الصلاة، وإن كانت تصلي بحضرة رجال أجانب فتغطيه.

أما الكفان والقدمان فليسا بعورة، فلا يلزم سترهما في الصلاة إلا بحضرة الأجانب.

- حكم قص شعر المرأة:

قص شعر رأس المرأة له صور:

الأولى: أن يكون القص فاحشاً: وهذا تفعله المتشبهات من النساء بالرجال فتبدو

(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (4029) ، وأخرجه ابن ماجه برقم (3607) وهذا لفظه.

ص: 96

كأنها رجل، وهذا القص محرم، ومن فعله فهو ملعون.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. أخرجه البخاري (1).

الثانية: قص المشابهة المحرَّم: وهو أن تقص المسلمة شعرها تشبهاً بالنساء الكافرات.

وهذا القص محرم؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم.

الثالثة: تخفيف الشعر: وهو أن يكثر ويحصل منه أذية أو مشقة عند غسله أو تسريحه، فتخفف منه للحاجة.

فهذا الأصل عدم تغيير الخلقة، وقد خلق الله الشعر للمرأة جمالاً لها، فلا يحل الأخذ منه إلا في النسك، وعند حصول الضرر أو الأذى، فيزال منه بقدر الحاجة، ويبقى ما سوى ذلك على المنع؛ لأنه خروج عن سنن الفطرة.

وأمهات المؤمنين قصصن شعورهن كالوفرة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب التقشف؛ لأنه لا رغبة لهن في الزواج، ولا يحل لهن ذلك.

1 -

عَنْ أبِي سَلَمَةَ قال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أنَا وَأخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَسَألَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرِ الصَّاعِ، فَاغْتَسَلَتْ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا سِتْرٌ، وَأفْرَغَتْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلاثاً، قَالَ: وَكَانَ أزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذْنَ

مِنْ رؤُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالوَفْرَةِ. أخرجه مسلم (2).

2 -

وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ، وَكَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ، فَقالَ: يَا أهْلَ المَدِينَةِ،

(1) أخرجه البخاري برقم (5885).

(2)

أخرجه مسلم برقم (320).

ص: 97

أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ:«إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ» . متفق عليه (1).

- حكم لبس الشعر المستعار:

يحرم على المرأة حلق شعر رأسها كله، ويحرم عليها قصه تشبهاً بالرجال، أو النساء الكافرات، ولها قص بعضه عند الحاجة بإذن زوجها، وتركه أزين وأجمل.

ولبس المرأة (الباروكة) وهي الشعر المستعار محرم.

فإن كانت المرأة قرعاء فلا حرج في لبسها تجملاً للزوج بإذنه، وعمليات التجميل إن كانت لإزالة عيوب في الشعر فتباح.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ جَارِيَةً مِنَ الأنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا، فَأرَادُوا أنْ يَصِلُوهَا، فَسَألُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ» . متفق عليه (2).

- حكم إزالة شعر الجسد:

لا يجوز لأحد أن يغير خلق الله في الإنسان أو يزيله إذا كان معتاداً على الخلقة الأصلية من شعر وغيره.

1 -

ما نبت على جسد المرأة غير شعر الرأس يجوز للمرأة إزالته كشعر اليدين والرجلين والساقين والظهر والصدر والوجه، فهذا إذا وُجِد يزال بما لا ضرر فيه على بشرة المرأة، لا سيما إذا كان كثيفاً يؤثر على زينة المرأة وجمالها، وكمال الاستمتاع بها. ونتف شعر الحاجب محرم، وهو من الكبائر.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3468) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2127).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5934) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2123).

ص: 98

عنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ تَعَالَى. مَالِي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيّ ُ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . متفق عليه (1).

2 -

إذا ظهر في وجه المرأة شعر فيستحب لها إزالته تزيناً لزوجها؛ لأن الله خلق وجه المرأة بلا شعر، فيعتبر عيباً، وإزالة العيوب جائز شرعاً.

3 -

يجوز للرجل إزالة شعر جسده من الظهر والصدر والساق إذا زاد عن العادة، ولم يضر البدن، ولم يقصد التشبه بالنساء، وناله منه أذى.

- حكم لبس الكعب العالي:

يجوز للمرأة لبس ما شاءت من الحذاء والنعال والخفاف والجوارب.

ولا ينبغي للمرأة لبس الأحذية ذات الكعب العالي؛ لما يلي:

ما في لبسها من الزور والكذب، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، ولما فيه من التشبه بالكافرات، ولما فيها من الكبر والعجب، ولما فيها من التبرج المشين، ولما فيها من الخطر والضرر على الجسم والأرحام بسبب عدم اعتدال الجسم أثناء المشي.

- حكم صوت المرأة:

صوت المرأة ليس بعورة، لكنه فتنة.

ولهذا أُمرت النساء بالتصفيق عند السهو في الصلاة؛ لأن في صوتها فتنة، فتخاطب الرجال بقدر الحاجة بكلام مختصر جزل، لا خضوع فيه ولا هزل،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5931) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2125).

ص: 99

لئلا يحصل بسبب صوتها فتنة الرجال الأجانب، ويفعل الرجال كذلك عند مخاطبة النساء.

قال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)} [الأحزاب:32].

- حكم الإسراف في الزينة:

الإسراف: صرف المال في المباح زائداً على ما ينبغي، والتبذير: صرف المال فيما لا ينبغي كالمحرمات، والاعتدال: في كل شيء محمود، والإسراف في كل شيء مذموم.

وإسراف النساء في اللباس والزينة فتنة وبلاء.

فقد تُفتن المرأة في دينها بالزينة .. وقد يتسلط عليها من لا خير فيه .. وقد تُفسد بلباسها غيرها من نساء المسلمين .. وقد تجرهن إلى الاقتداء بها وصرف الأموال في الإكثار من الملابس .. وقد يستشرفها الشيطان لتتطاول بلباسها على من سواها .. ثم يجرها إلى ما هو أعظم ليراها الرجال بهذا اللباس الفاضح .. فتحصل لها ولهم الفتنة .. وتفسد البيوت.

وربما فتنت فتنة تشقى بها الأبد فتخسر الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)} [النور:19].

- الزينة المحرمة:

شرع الإسلام للمرأة التجمل والتزين لزوجها بكل ما أباحه الله تعالى من طِيب، ولباس، وحلي ونحو ذلك.

ورخص للمرأة في مجال الزينة أكثر مما رخص للرجل؛ تلبية لفطرتها

ص: 100

وأنوثتها، وحرصاً على دوام المحبة وحسن العشرة بين الزوجين.

وحرم الإسلام كل زينة فيها تغيير لخلق الله، وخروج عن الفطرة، وكل ما فيه تدليس وإيهام كالوشم، والنمص، ووصل الشعر، وتفليج الأسنان، وجراحة التجميل من غير حاجة ونحو ذلك مما فيه تغيير لخلق الله كالعدسات الملونة، والأصباغ للشعور بالأحمر أو الأصفر أو الأزرق، لما فيه من الفتنة والتشبه بالكافرات، والسفور والتعري والاختلاط بالرجال الأجانب.

ويحرم على المرأة لبس الكعب العالي؛ لأنه من التبرج الذي نهى الله عنه، وتُمنع المرأة من النقاب والبرقع الذي يظهر زينتها؛ لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز وقد حصل.

ولا يجوز للمرأة لبس البنطلون ولو كانت أمام النساء، لأنه يبين تفاصيل البدن، ولما فيه من التشبه بالرجال والكافرات، ولا يجوز للمرأة صبغ الأظافر بما يمنع وصول الماء عند الوضوء والغسل كالمناكير ونحوها مما يمنع أو يضر، ويجوز بالحنا ونحوه مما لا يمنع وصول الماء.

وتحرم كل زينة فيها إسراف واختيال وعجب.

ولا يجوز لها نتف الحواجب، وإطالة الأظفار ونحو ذلك.

1 -

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أوْ قال أبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ،

فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». متفق عليه (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، مَا لِي لا ألْعَنُ مَنْ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5789) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2088).

ص: 101

لَعَنَ رَسُولُ اللهِ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ؟. متفق عليه (1).

- حكم التبرج:

التبرج: هو خروج المرأة عن الحشمة، وإظهار مفاتها، وإبراز محاسنها، لتفتن الرجال بها، ليقع الجميع فيما حرم الله.

والتبرج يكون في اللباس والزينة، وهو محرم لما فيه من عظيم الفتنة.

فأعز ما تملكه المرأة الشرف والحياء والعفاف، والمحافظة على هذه الصفات محافظة على إنسانية المرأة في أسمى صورها.

وخروج المرأة عن الاحتشام إلى التبرج والتبذل مثير للغريزة الجنسية، ومطلق لها من عنانها، يسهل الوقوع فيما حرم الله.

من أجل هذا عني الإسلام عناية خاصىة بملابس المرأة وزينتها، وأمرها بغض البصر، وعدم إبداء الزينة ولو كانت عجوزاً أو صغيرة أو امرأة صالحة.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} [الأحزاب:59].

2 -

وقال الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ

أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)} [النور:60].

3 -

وقال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5943) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2125).

ص: 102

زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:31].

4 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الجَنّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإنّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» . أخرجه مسلم (1).

5 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى امْرَأةً، فَأتَى امْرَأتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ:«إِنَّ المَرْأةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أبْصَرَ أحَدُكُمُ امْرَأةً فَلْيَأْتِ أهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» . أخرجه مسلم (2).

- أسباب التبرج:

وقعت كثير من نساء المسلمين ضحية للتبرج بسبب الجهل والتقليد الأعمى، وضعف الإيمان، ثم جاء الأعداء من الكفار والمنافقين فنفخوا فيه وأوصلوه إلى غايته ومداه، فأصبح من المألوف والمعتاد أن يرى المسلم

المرأة المسلمة في الأسواق والجامعات وغيرها متبذلة، متبرجة، خارجة في زينتها، كاشفة عن محاسنها، متزينة متعطرة، لابسة الملابس القصيرة الشفافة الفاتنة التي تغري الرجال بها، وأصبحت المرأة تفتخر بحضور مسابقات الجمال، وترتاد أماكن الفجور والفسق تعرض نفسها وجسمها أمام سفلة

(1) أخرجه مسلم برقم (2128).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1403).

ص: 103

الناس، وشارك الإعلام وتجار الأزياء في التغرير بالمرأة حتى وصلت إلى هذا المستوى الحيواني الرخيص.

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} [البروج:10].

2 -

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» . متفق عليه (1).

- صفة التبرج:

التبرج: هو كل ما تفعله المرأة لفتنة الرجال بها بإبداء زينتها .. وكشف جمال وجهها .. وإبراز مفاتن جسدها .. ومحاسن ملابسها وحليها .. وحلاوة كلامها .. وحسن صوتها .. وتبخترها وتمايلها في مشيتها.

فهذا وأمثاله من التبرج الذي نهى الله عنه، وحذر النساء منه بقوله سبحانه:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} [الأحزاب:33].

- نتائج التبرج:

أدى تبرج النساء إلى انحلال الأخلاق، وتدمير الآداب، وزوال العفاف والاحتشام، فظهرت الفتن، وكثر الفسق، وانتشر الزنا، وانهدم كيان الأسرة، وأُهملت الواجبات الدينية، وكُسِرت القيم الأخلاقية، وتُركت العناية بالأطفال، وشب الأولاد والبنات على حب الصور، والغناء، والتمثيل،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5096) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2740).

ص: 104

والميوعة، والإباحية، والاختلاط، واللهو واللعب.

واشتدت أزمة الزواج، وأصبح الحرام أيسر حصولاً من الحلال.

- علاج مأساة التبرج:

لعلاج هذا الهبوط المشين للمرأة المسلمة لابد مما يلي:

تقوية الإيمان بالله في النفوس .. والإشادة بالفضيلة والحشمة والتستر .. وشَغْل الأوقات بطلب العلم .. وتذكير الناس باليوم الآخر .. وصفة نعيم الجنة .. وعذاب النار .. ومعرفة سعة رحمة الله .. وعظمة قدرته وبطشه بمن عصاه.

إلى جانب حماية الأخلاق والآداب بمنع الإعلام من نشر الصور الرخيصة التي تثير الغرائز، ومنع مسابقات الجمال والرقص الفاجر، وتصميم اللباس المحتشم، وترغيب النساء فيه، وتحقير ملابس العري، ومظاهر الفسق، وألوان التبرج.

تبدأ المرأة بنفسها، ثم تدعو غيرها، وبمرور الزمن يصلح الله الأحوال.

1 -

قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} [الحديد:16].

2 -

وقال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} [الحديد:17].

- حكم مصافحة المرأة الأجنبية:

المرأة الأجنبية: هي من ليست زوجة ولا محرماً للرجل.

ص: 105

المَحْرم: من يحرم على الرجل نكاحها على التأبيد إما بالقرابة أو الرضاع أو المصاهرة.

1 -

لا يجوز لرجل أن يصافح امرأة أجنبية عنه، وأشد منه أن يقبِّلها، وأشد منه أن يخلو بها في غرفة أو سيارة، سواء كان شاباً أو شيخاً كبيراً، وسواء كانت المرأة شابة أو عجوزاً، وسواء كانت المصافحة بحائل أو بغير حائل.

عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتَ رُقَيْقَةَ رضي الله عنها قَالتْ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِسْوَةٍ؛ فَلَقَّنَنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ. قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْنَا؟ قَالَ:«إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ» . أخرجه أحمد والنسائي (1).

2 -

يجوز لأب الزوج وابن الزوج أن يصافحوا زوجته.

ولا يجوز لأخ الزوج، أو عمه، أو خاله، أو ابن عمه، أو ابن خاله وغيرهم من الأقارب أن يصافحوا زوجته، أو يروا وجهها؛ لأن هؤلاء أجانب عنها، وليسوا بمحارم لها.

- حكم سفر المرأة بلا محرم:

يحرم على المرأة أن تخلو بأجنبي بلا محرم.

ويحرم عليها أن تسافر بلا محرم، سواء كانت في سيارة، أو قطار، أو طائرة،

أو سفينة، وسواء كانت ماشية أو راكبة، وسواء كانت كبيرة أو صغيرة.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُسَافِرِ المَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» . فَقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أرِيدُ أنْ أخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأتِي تُرِيدُ الحَجَّ؟ فَقالَ:

(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (27006) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (4181).

ص: 106

«اخْرُجْ مَعَهَا» . متفق عليه (1).

- صفة الحجاب الشرعي:

الحجاب الشرعي: هو أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه كالوجه، والكفين، والشعر، والعنق، والساق، والقدم، والذراع ونحو ذلك من مفاصل البدن.

- شروط الحجاب الشرعي:

يشترط في حجاب المرأة المسلمة ما يلي:

أن يكون لباس وحجاب المرأة ساتراً لجميع بدنها .. وأن يكون ثخيناً لا يَشِفّ عما تحته .. فضفاضاً غير ضيق .. غير مزين يستدعي أنظار الرجال .. وغير مطيب يثير غرائز الرجال .. وأن لا يكون لباس شهرة يصرف الأنظار إليه .. وأن لا يشبه لباس الرجال .. وأن لا يشبه لباس الكافرات .. وأن لا يكون فيه صلبان ولا تصاوير .. وأن يكون تاماً يغطي رأسها ووجهها وجميع بدنها.

- حكم الحجاب:

شرع الله الحجاب للنساء صيانة لأعراض النساء من الفجار، وحفظاً لهن

وللرجال من الفتنة، والحجاب الشرعي واجب على كل امرأة مسلمة بالغة.

1 -

قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} [الأحزاب:53].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1341).

ص: 107

2 -

وقال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} [الأحزاب:33]

3 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وقالَ:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ

وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ

قَالَتْ: لَسْتَ كَذَاكَ. قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} . فَقَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى، وَقَالَتْ: وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ عَائِشَة رضي الله عنها في قصة الإفك

وفيه: وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ، قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي. متفق عليه (2).

- شروط لبس النقاب:

النقاب: هو ما تغطي به المرأة وجهها مع فتحتين لعينيها، ويسمى البرقع.

ويشترط في لبس النقاب ما يلي:

أن يكون ساتراً للخدين .. وأن لا يكون في العينين كحل .. وأن يكون له حاجة .. وأن لا يقع فتنة بإبراز العينين .. وأن لا يكون زينة في نفسه .. وأن يكون النقب بقدر العين.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4756) واللفظ له، ومسلم برقم (2488).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4750) ، ومسلم برقم (2770) ، واللفظ له.

ص: 108

- حكم نظر المرأة إلى الأعمى:

يجوز للمرأة كشف وجهها عند الأعمى؛ لأنه لا يتمكن من النظر إليها، ولا يُخشى من نظره فتنة.

أما نظر المرأة إليه فلا يجوز؛ لأن نظرها إلى الرجال الأجانب ممنوع، سواء الأعمى أو المبصر؛ لئلا تحصل لها الفتنة به، بل حتى النظر إلى صور النساء والرجال في الصحف والأفلام يُخاف منه إثارة الشهوة عند الرجل أو المرأة، وذلك موجب للإثم والفتنة.

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ رضي الله عنها أنَّ زَوْجَهَا المَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا، فَأبَى أنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لا نَفَقَةَ لَكِ فَانْتَقِلِي، فَاذْهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكُونِي عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ» . أخرجه مسلم (1).

(1) أخرجه مسلم برقم (1480).

ص: 109