الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - الشروط في النكاح
- أنواع الشروط في النكاح:
الشروط في النكاح أربعة أنواع:
شروط يجب الوفاء بها .. وشروط لا يجب الوفاء بها .. وشروط فيها نفع للمرأة .. وشروط نهى الإسلام عنها، ولكل نوع من هذه الشروط حكم خاص به.
1 -
الشروط التي يجب الوفاء بها:
هي ما كانت من مقتضيات العقد، ولم تتضمن تغييراً لحكم الله ورسوله كاشتراط العشرة بالمعروف، والإنفاق عليها، وكسوتها، وسكناها، والقَسْم لها، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، ولا تنفق من بيته إلا برضاه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ونحو ذلك.
فهذه الشروط كلها يجب الوفاء بها؛ لأنها مما أمر الله ورسوله بها.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أحَقُّ الشُّرُوطِ أنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» . متفق عليه (1).
2 -
الشروط التي لا يجب الوفاء بها:
هي الشروط التي يصح معها عقد النكاح، لكنها باطلة؛ لمنافاتها لمقتضى العقد.
كاشتراط ترك الإنفاق عليها، أو عدم الوطء لها، أو ترك المجيء لها، أو
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2721) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1418).
اشتراط أن لا مهر لها، أو يعزل عنها، أو اشتراط أن تنفق عليه ونحو ذلك.
فالعقد في نفسه صحيح، لكن هذه الشروط كلها باطلة؛ لأنها تنافي العقد، ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد شرعاً.
عَنْ عُرْوَةَ أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أخْبَرَتْهُ: أنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا: وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئاً، قالتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أهْلِكِ، فَإِنْ أحَبُّوا أنْ أقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا فَأبَوْا، وَقالوا: إِنْ شَاءَتْ أنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقال لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«ابْتَاعِي، فَأعْتِقِي، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ» . قال: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال: «مَا بَالُ أنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللهِ أحَقُّ وَأوْثَقُ» . متفق عليه (1).
3 -
الشروط التي فيها نفع للمرأة:
هي الشروط التي لا تنافي العقد كأن تشترط المرأة أن لا يخرجها من دارها، أو بلدها، أو زيادة في مهرها، أو أن لا يتزوج عليها، أو لا يسافر بها ونحو ذلك مما لا ينافي عقد النكاح.
فالعقد صحيح، ويجب على الزوج الوفاء بالشرط، فإن خالف فللزوجة الفسخ إن شاءت.
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2561) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1504).
إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)} [المائدة:1].
2 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أحَقُّ الشُّرُوطِ أنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» . متفق عليه (1).
4 -
الشروط التي نهى الإسلام عنها، وهي نوعان:
الأول: شروط فاسدة تبطل عقد النكاح، ومنها:
1 -
نكاح الشغار: وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليها، على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليها، ويتم النكاح بموجب هذا الشرط.
وهذا النكاح فاسد ومحرم، سواء سمي فيه مهر أو لم يسم.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. متفق عليه (2).
- حكم الشغار إذا حصل:
إذا تم نكاح الشغار بين رجلين وامرأتين فعلى كل واحد من الرجال تجديد عقد النكاح دون شرط الأخرى، فيعقد على من دخل بها عقداً جديداً، بمهر جديد، ويفعل الآخر مثله، ولا حاجة إلى الطلاق؛ لأن العقد الأول باطل، ومن لم يرغب في تجديد العقد فعليه فراق من دخل بها.
2 -
نكاح المحلِّل: وهو أن يتزوج الرجل المرأة المطلقة ثلاثاً بشرط أنه متى حلَّلها للأول طلقها، أو نوى التحليل بقلبه، أو اتفقا عليه قبل العقد.
وهذا النكاح فاسد ومحرم، ومن فعله فهو ملعون.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2721) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1418).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5112) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1415).
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ» . أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- الزواج الذي تحل به المطلقة ثلاثاً للأول:
المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها الأول إلا بثلاثة شروط:
أن يكون زواجها بالزوج الثاني صحيحاً .. وأن يكون عن رغبة .. وأن يدخل بها ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته -يعني يجامعها-.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: جَاءَتِ امْرَأةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقالَ:«أتُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» . متفق عليه (2).
3 -
نكاح المتعة: وهو أن يعقد الرجل على المرأة ليطأها ويتمتع بها يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة، أو أقل أو أكثر، ويدفع لها مهراً، فإذا انتهت المدة فارقها.
وهذا النكاح فاسد ومحرم، وقد أُحل في أول الإسلام لفترة ثم حُرِّم إلى الأبد؛ لأنه يضر بالمرأة، ويجعلها سلعة تنتقل من يد إلى يد، ويضر بالأولاد كذلك، حيث لا يجدون بيتاً يستقرون فيه، ومقصده قضاء الشهوة، فهو يشبه الزنا من حيث الاستمتاع، وإذا وقع هذا النكاح فيجب إنهاؤه، ولها المهر بما استحل من فرجها.
عَنْ سَبْرَةَ الجُهَنِيّ رضي الله عنه أنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2076) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1119).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2639) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1433).
النَّاسُ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أذِنْتُ لَكُمْ فِي الاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً». أخرجه مسلم (1).
الثاني: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح، ومنها:
1 -
اشتراط المرأة عند الزواج طلاق ضرتها.
فهذا النكاح صحيح، والشرط فاسد ومحرم؛ لأنها شرطت عليه إبطال حقه وحق امرأته بفراقها، وكسر قلبها، وشماتة أعدائها، وهذه أضرار لا يجوز له الوفاء بها.
أما لو اشترطت أن لا يتزوج عليها فالشرط صحيح، ولها الفسخ إن تزوج عليها.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. «وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ، وَلا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، وَلا تَسْألُ المَرْأةُ طَلاقَ أخْتِهَا لِتَكْفَأ مَا فِي إِنَائِهَا» . متفق عليه (2).
2 -
إذا شرط الزوج في عقد النكاح إسقاط حق من حقوق المرأة كما سبق، كأن يشترط أن لا مهر لها، ولا نفقة لها، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر، فالنكاح صحيح، والشرط باطل؛ لمخالفته أمر الله ورسوله.
3 -
إذا شرطها الزوج مسلمة فبانت كتابية، أو شرطها بكراً فبانت ثيباً، أو شرط نفي عيب لا ينفسخ به عقد النكاح كالعمى والخرس ونحوهما فبانت بخلاف ما ذُكر، فالنكاح صحيح، وله الفسخ إن شاء.
(1) أخرجه مسلم برقم (1406).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2140) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1413).
4 -
إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أَمَة فله الخيار إن كانت ممن تحل له، وإذا تزوجت المرأة رجلاً حراً فبان عبداً فلها الخيار في البقاء أو الفسخ.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ» زَادَ أَحْمَدُ: «إِلَاّ صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً» وَزَادَ سُلَيْمَانُ ابْنُ دَاوُدَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . أخرجه أبو داود (1).
- حكم النكاح الباطل:
النكاح الباطل لا اعتبار له، فلا يحتاج إلى طلاق ولا فسخ، ولا يجب به عدة ولا مهر بدون الوطء؛ لأنه باطل كنكاح خامسة، ونكاح زوجة الغير، ونكاح ذات مَحْرم، ونكاح الموطوءة بشبهة، ونكاح المعتدة.
فهذا النكاح باطل، ويجب التفريق بينهما فوراً، وعلى الموطوءة الاستبراء بحيضة، لِتُعْلم براءة الرحم.
وإذا وطئ المرأة بالنكاح الباطل فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها.
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3594).