الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - الكفر
- أصول نواقض الإسلام:
نواقض الإسلام كثيرة ويجمعها خمسة:
الأول: الكفر .. ويزول بالإسلام.
الثاني: الشرك .. ويزول بالتوحيد.
الثالث: النفاق .. ويزول بالإيمان.
الرابع: الردة .. وتزول بالتوبة.
الخامس: البدعة .. وتزول بالسنة.
وإليك تفصيل هذه النواقض ..
- الكفر: هو إنكار الخالق سبحانه.
- الفرق بين الكفر والشرك:
الإسلام والإيمان .. والنبي والرسول .. والكفر والشرك.
هذه ألفاظ مترادفة، يطلق كل واحد منهما على الآخر إذا انفرد، وإذا اجتمعا في جملة صار لكل واحد معنى خاصاً به.
وقد أطلق الله الكفر على الشرك وعكسه في عامة آيات القرآن.
وإذا اجتمع الكفر والشرك في آية أو جملة، فالمراد بالكفر: جحود الخالق سبحانه، وهو أعم وأعظم من الشرك.
والمراد بالشرك: جَعْل شريك لله في ربوبيته، أو ألوهيته، أو أسمائه وصفاته.
1 -
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)} [البيِّنة: 6].
2 -
وقال الله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)} [المُلك: 6].
3 -
وقال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72)} [المائدة: 72].
- أركان الكفر:
أركان الكفر أربعة:
الكبر .. والحسد .. والغضب .. والشهوة.
فالكبر يمنع الإنسان من الانقياد للحق.
والحسد يمنعه من قبول النصيحة وبذلها.
والغضب يمنعه من العدل.
والشهوة تمنعه من التفرغ للعبادة.
فإذا انهدم ركن الكبر سهل على الإنسان الانقياد للحق .. وإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله .. وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع .. وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والتفرغ للعبادة.
1 -
قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} [البقرة: 34].
2 -
وقال الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ
عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)} [النساء: 54 - 55].
3 -
وقال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} [مريم: 59].
- أقسام الكفر:
الكفر قسمان:
القسم الأول: كفر أكبر مخرج من الملة، وهو خمسة أقسام:
1 -
كفر التكذيب:
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)} [العنكبوت: 68].
2 -
كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:
قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} [البقرة: 34].
3 -
كفر الظن والشك:
4 -
كفر الإعراض:
قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)} [الأحقاف: 3].
5 -
كفر النفاق:
1 -
قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)} [المنافقون: 3].
القسم الثاني: كفر أصغر لا يخرج من الملة، وهو الكفر العملي كالذنوب التي سميت في القرآن والسنة كفراً وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر.
مثل كفر النعمة، والحلف بغير الله، وقتال المسلم ونحو ذلك.
1 -
قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)} [النحل: 112].
2 -
وَعَنْ ابنِ مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ لَا وَالكَعْبَةِ، فَقَالََ ابْنُ عُمَرَ: لَا يُحْلَفُ بغَيْرِ اللهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ حَلَفَ بغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» . أخرجه أبو داود والترمذي (2).
وقد جعل الله مرتكب الكبيرة مؤمناً، وجعلهم إخوة جميعاً، فقال سبحانه:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} [الحُجُرات: 9 - 10].
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (48) ، ومسلم برقم (64).
(2)
صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3251) ، وأخرجه الترمذي برقم (1535)، وهذا لفظه.
- الفرق بين الكفر الأكبر والأصغر:
1 -
الكفر الأكبر يخرج من الملة .. ويحبط الأعمال .. وصاحبه مخلد في النار .. مباح الدم والمال .. ولا يجوز للمؤمن محبته وموالاته.
2 -
والكفر الأصغر لا يخرج من الملة .. ولا يحبط الأعمال .. لكن ينقصها بحسبه .. ويعرِّض صاحبها للوعيد .. ولا يخلد صاحبه في النار فيعذب ثم يخرج منها .. وقد يتوب الله عليه فلا يدخله النار أصلاً.
والكفر الأصغر لا يبيح الدم والمال .. ولا يمنع الموالاة مطلقاً.
فيوالى بقدر ما فيه من الإيمان .. ويُبغض بقدر ما فيه من العصيان.
- أسباب الكفر:
للكفر أسباب كثيرة أهمها:
1 -
الجهل والضلال، وتقليد الأسلاف، وهذا كُفْر أكثر الأتباع والعوام.
1 -
قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)} [البقرة: 170].
2 -
وقال الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)} [الجاثية: 24].
2 -
الجحود والعناد، والحسد والكبر.
وأغلب ما يقع هذا النوع فيمن له رئاسة علمية في قومه كالأحبار، والرهبان، من اليهود والنصارى.
أو له رئاسة سلطانية كفرعون وكسرى وقيصر، أوله تجارة في قومه كقارون.
فيخاف هذا على ماله .. وهذا على سلطانه .. وهذا على مكانته .. فيؤْثِر الكفر
على الإيمان عمداً.
1 -
قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)} [البقرة: 89].
2 -
وقال الله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75)} [يونس: 75].
3 -
وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34].
4 -
وقال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)} [النمل: 14].
3 -
الإعراض المحض عن الحق، فلا ينظر فيه، ولا يحبه، ولا يبغضه، ولا يواليه، ولا يعاديه؛ لأن قلبه متعلق بغيره.
كمحبة المال والشهوات، ومحبة الدار والوطن، والأهل والعشيرة والعادة.
1 -
قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)} [الأحقاف: 3].
2 -
وقال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)} [لقمان: 21].
- جزاء الكفار:
كل كافر يعيش في الدنيا في ظلمة وحيرة، وقلق وظنك، وشقاء ونكد؛ لأنه حُرِم نور الإيمان، وضل عن الصراط المستقيم.
قال الله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} [إبراهيم: 1].
والكفار في النار متفاوتون في العذاب بحسب غلظ كفرهم.
وغلظ الكفر الموجب للعذاب ثلاث درجات:
الأولى: من جحد وجود رب العالمين بالكلية، وعطل العالم عن الرب الخالق المدبر له، وهؤلاء هم الدهرية الذين جحدوا الرب، وإمامهم فرعون.
وهذا أغلظ أنواع الكفر، وعذابه أشد العذاب يوم القيامة.
1 -
قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)} [الجاثية: 24].
2 -
وقال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 45 - 46].
الثانية: من كفر عناداً عمداً على بصيرة.
مثل من شهد قلبه أن الرسول حق لِمَا رآه من آيات صدقه، ثم كفر عناداً وبغياً كالمنافقين وأمثالهم.
1 -
2 -
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ
نَصِيرًا (145)} [النساء: 145].
الثالثة: مَنْ سعى من الكفار في إطفاء نور الله، وصد عباده عن دينه بما تصل إليه قدرته.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)} [النحل: 88].
فهؤلاء أشد الكفار عذاباً يوم القيامة، وعذابهم بحسب غلظ كفرهم وعنادهم وأذاهم.
الرابعة: مَنْ دون هؤلاء في الكفر من جهلة الكفار وعامتهم الذين لم يغلظ كفرهم، ولم يؤذوا المسلمين، فهؤلاء مع أولئك في النار، لكن عذابهم أقل منهم.
1 -
قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة: 257].
2 -
وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أدْنَى أهْلِ النَّارِ عَذَاباً، يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ» . أخرجه مسلم (1).
- طبيعة النفوس:
الإنسان إذا طابت نفسه اختار التوحيد، والإيمان، والطاعات، والخير.
وإذا خبثت نفسه اختار الكفر، والشرك، والمعاصي، والشر.
(1) أخرجه مسلم برقم (211).
وشياطين الإنس والجن، وإبليس وجنوده يختارون الكفر، والشرك، والشر، والمعاصي، ويلتذون بذلك، ويطلبونه، ويحرصون عليه؛ لخبث أنفسهم، وإن كان موجباً للعذاب.
والإنسان إذا فسد مزاجه اشتهى ما يضره، وتلذذ به، وعشقه عشقاً يفسد عليه عقله، ودينه، وخلقه، وبدنه، وماله.
والشيطان عدو خبيث، فمن تقرب إليه بما يحب من الكفر والشرك قضى له بعض حوائجه.
- نواقض الإسلام:
نواقض الإسلام كثيرة، ويمكن حصرها في عشرة نواقض:
الأول: الشرك بالله.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} [النساء: 48].
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم الشفاعة، فهو كافر.
1 -
قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)} [الزُّمَر: 38].
2 -
وقال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)} [يونس: 18].
الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، فهو كافر.
1 -
2 -
وقال الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)} [البقرة: 256].
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه فهو كافر.
1 -
قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65].
2 -
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85].
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كَفَر.
1 -
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)} [محمد: 8 - 9].
2 -
وقال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)} [محمد: 28].
السادس: من استهزأ بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ثوابه، أو عقابه، كَفَر.
1 -
قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ
أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)} [التوبة: 65 - 66].
2 -
السابع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر.
1 -
قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} [الأنعام: 153].
2 -
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء: 115].
الثامن: الإعراض عن دين الله تعالى، لا يتعلمه، ولا يعمل به.
1 -
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)} [السجدة: 22].
2 -
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} [الأعراف: 179].
التاسع: مظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين.
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)} [المائدة: 51].
2 -
وقال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)} [آل عمران: 28].
العاشر: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كَفَر.
1 -
2 -
وقال الله تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)} [طه: 69].
هذه أعظم نواقض الإسلام، وهي أخطر ما يكون، وأكثر ما يكون وقوعاً.
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل، والجاد، والخائف إلا المكره، والإكراه يكون بالقول أو الفعل.
قال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل: 106].
- حكم التكفير:
من عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كإبليس وفرعون وأمثالهما.
فإن عمل بالتوحيد ظاهراً وهو لا يعتقده بقلبه، فهو منافق، والمنافق شر من الكافر الخالص.
وليس كل من فعل مكفراً يُحكم بكفره، لأنه لا بد أن تثبت شروط التكفير في حقه، وتنتفي موانعه.
فمن كفَّره الله ورسوله، وقامت عليه الحجة، فهو كافر، ومن لا فلا.
فقد يكون حديث عهد بالإسلام، وقد يفعل المكفر ولا يعلم أنه مكفر، وقد ينكر شيئاً متأولاً، فإذا بُيِّن له رجع.
فالواجب أن يكون القصد بيان الحق، وإزهاق الباطل، مع العدل والإنصاف، والدعاء والرحمة، ليكون الدين كله لله.
فنفرق بين تكفير الفعل، وتكفير الفاعل.
فنقول من فعل كذا فهو كافر، ومن قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله أو فعله لا نحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة بكفره، ومن لا فلا.
فالمؤمن إذا كان يخاف الله، لكنه شك في قدرة الله على بعثه إذا ذري بسبب جهله فالله يغفر له، مع أنه اعتقد ما يكفر به.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي البَحْرِ، فَوَاللهِ! لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَاباً مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَداً قَالَ: فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِلأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ، يَا رَبِّ أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ» . متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3481) ، ومسلم برقم (2756)، واللفظ له.