الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - الخلع
- الخلع: هو فراق الزوج زوجته بعوض يأخذه منها أو من غيرها، بألفاظ مخصوصة.
- حكمة مشروعية الخلع:
إذا عُدمت المحبة بين الزوجين، وحلت محلها الكراهة، وكثرت المشاكل، وزاد الشر، وكثر الخلاف، وظهرت العيوب من الزوجين أو أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً، ورخص في علاج يريح الطرفين.
فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق.
وإن كان ذلك من قِبَل الزوجة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي زوجها ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر ليفارقها.
وقد شرع الله الخلع للمرأة في مقابلة الطلاق للرجل، وجعله طريقاً للخلاص من الخلاف.
- فائدة الخلع:
فائدة الخلع تخليص الزوجة من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها، وعقد جديد.
فإذا كانت الحال غير مستقيمة، وكرهت المرأة زوجها، وكرهت العيش معه لأسباب خَلقية، أو خُلقية، أو دينية، أو صحية لكبر، أو ضعف، أو مرض ونحو ذلك، أو خشيت ألا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه
بعوض تفتدي به نفسها منه.
- حكم الخلع:
يجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه.
ويباح للمرأة الخلع إذا كرهت خلق زوجها، أو خافت إثماً بترك حقه، وإن كان يحبها فيسن صبرها عليه، وعدم فراقها إياه.
ويستحب للزوج أن يجيب زوجته إلى الخلع إذا كانت الزوجة تتأذى ببقائها معه.
ويجب الخلع إذا رأى من زوجته ما يدعوه إلى فراقها، من ظهور فاحشة، أو ترك فرض من صلاة، أو صوم ونحو ذلك.
ويحرم الخلع مع استقامة حال الزوجين، وعدم وجود خلاف وشقاق بينهما.
ويحرم ولا يصح إنْ عضلها وضارّها بالتضييق عليها، أو منعها حقوقها، لتفتدي نفسها بالخلع منه.
1 -
1 -
وقال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} [النساء: 4].
3 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أنَّ امْرَأةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أكْرَهُ
الكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» . قَالَتْ: نَعَمْ، قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» . أخرجه البخاري (1).
- حكم عَضْل الزوجة:
إذا كره الزوج امرأته، ورغب عنها لسبب من الأسباب المقبولة، فله أن يمسكها بمعروف، أو يفارقها بإحسان، ويستحب له الصبر عليها إن كانت ديِّنة، ولا يجوز له حبسها والإضرار بها لتفتدي منه بمال، فإن فعل فهو آثم، وعليه أن يرد ما أخذه منها أو بدله.
ويحرم على الزوج أن يؤذي زوجته بمنع بعض حقوقها، حتى تضجر وتختلع نفسها، إلا إذا أتت بفاحشة مبينة، فله مخالعتها، ولا إثم عليه.
1 -
…
[النساء: 19].
2 -
3 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» . أخرجه مسلم (2).
(1) أخرجه البخاري برقم (5273).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1469).
- أسباب الخلع:
1 -
يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها لسوء عشرته، أو سوء خلقه، أو دمامته، أو خافت إثماً بترك حقه، ونحو ذلك، ويستحب للزوج في مثل هذه الحالات إجابة زوجته إلى الخلع.
2 -
إذا كرهت المرأة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإن لم يستجب للنصح ولم يستقم فإنه يجب عليها أن تسعى لفراقه.
وإذا فعل بعض المحرمات، ولم يجبرها على فعل محرم، فلا يجب عليها أن تختلع منه، وعليها أن تسعى في نصحه وتقويمه.
- وقت الخلع:
يجوز الخلع في أي وقت، حال الطهر، وحال الحيض؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل دفع الضرر الذي يلحق المرأة بطول العدة.
والخلع شرع لإزالة الضرر الذي يلحق المرأة بسوء العشرة، وهو أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولأن المرأة هي التي طلبت الفراق، واختلعت نفسها، ورضيت بالتطويل.
ولأن الله عز وجل قد أطلق وقت الخلع، ولم يقيده بزمن دون زمن.
قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229].
- ألفاظ الخلع:
يصح الخلع بكل لفظ يدل عليه، فيصح بلفظ الخلع، أو بلفظ مشتق منه، أو بلفظ يؤدي معناه، كأن يقول الزوج لزوجته:
خالعتك على ألف ريال، أو يقول: فارقتك على كذا، أو فاديتك على كذا، أو فسختك على كذا، أو بعتك نفسك بكذا، أو طلقتك على كذا، ونحو ذلك مما يدل على الخلع بعوض تقبله المرأة.
- شروط صحة الخلع:
يشترط لصحة الخلع ما يلي:
1 -
أهلية الزوج، فكل من لا يصح طلاقه لا يصح خلعه.
2 -
أن يكون النكاح صحيحاً، سواء كان الخلع قبل الدخول أو بعده، ولو كانت مطلقة رجعية ما دامت في العدة.
3 -
أن يصدر من الزوج بالصيغة المشروعة.
4 -
الرضا والقبول من الزوجين.
5 -
أن يكون الخلع على مال يصح تملكه، سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، من المرأة أو غيرها، وكل ما صح أن يكون مهراً صح أن يكون بدل الخلع.
- حكم التوكيل في الخلع:
يجوز لكل من الزوجين التوكيل في الخلع.
وكل من صح خلعه لنفسه جاز توكيله ووكالته، حراً كان أو عبداً، ذكراً أو أنثى؛ لأن كل واحد منهم يجوز أن يوجب الخلع، فيصح أن يكون وكيلاً وموكلاً فيه.
والخلع عقد معاوضة، فيجب على الوكيل أن يلتزم بما وُكِّل فيه، فإن خالف لم يُلزم الموكِّل بالخلع.
- مقدار العوض في الخلع:
كل ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع.
فإذا قالت: اخلعني بألف، ففعل، بانت، واستحقت الألف.
ويجوز للزوج أن يأخذ من زوجته مثل ما أعطاها من المهر، أو بعضه، وله أن يأخذ زيادة على ما أعطاها ما لم تكن الزيادة فاحشة ترهقها فتحرم.
والأَوْلى عدم أخذ الزيادة؛ لمنافاته المروءة.
1 -
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلا خُلُقٍ، إِلا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» . فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ فَفَارَقَهَا. أخرجه البخاري (1).
- أنواع العوض في الخلع:
يجوز أخذ العوض في الخلع سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، أو حقاً.
فالنقد: كالذهب، أو الفضة، أو الدراهم ونحوها.
والعين: كالدار، والسيارة، والمزرعة ونحوها.
والمنفعة: كأن ترضع ولده وتحضنه، أو يسكن دارها سنة مثلاً.
(1) أخرجه البخاري برقم (5276).
وإسقاط الحق: كأن تعفيه عن نفقة ولده الصغير، وتتحملها عنه.
- صفة الخلع:
الخلع فسخ بائن لا طلاق، سواء أوقعه بلفظ الفسخ، أو الطلاق، أو الخلع، أو الفداء أو غير ذلك.
فالخلع فسخ بأي لفظ كان ما دام أنه بعوض، لا ينقص به عدد الطلاق، فهو فرقة بائنة، وفسخ للنكاح، وليس من الطلقات الثلاث، إنما هو فسخ للنكاح لمصلحة المرأة، مقابل ما افتدت به، تَبِين به الزوجة، ولا رجعة فيه، وتعتد منه بحيضة، وتحل له بعقد جديد إن رضيت وإن خالعها عدة مرات.
وقد ذكر الله الطلاق والخلع في آية واحدة.
1 -
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلا خُلُقٍ، إِلا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» . فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ فَفَارَقَهَا. أخرجه البخاري (1).
- عدة المختلعة:
المختلعة تعتد بحيضة واحدة؛ لأنه لا رجعة لها، فتكفي حيضة للعلم ببراءة رحمها كالاستبراء.
(1) أخرجه البخاري برقم (5276).
عَنْ الرُّبَيِّع بنْت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها أَنَّ ثابتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَكَسَرَ يَدَهَا وَهِيَ جَمِيلَةُ بنْتُ عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَتَى أَخُوهَا يَشْتَكِيهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ثابتٍ فَقَالَ لَهُ: «خُذِ الَّذِي لَهَا عَلَيْكَ وَخَلِّ سَبيلَهَا» . قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فَتَلْحَقَ بأَهْلِهَا. أخرجه الترمذي والنسائي (1).
- آثار الخلع:
يترتب على حصول الخلع ما يلي:
1 -
تَبِين المرأة من زوجها، وتملك نفسها.
2 -
بذل الزوجة العوض المتفق عليه.
3 -
إنهاء العلاقة الزوجية.
4 -
لا يلحق المختلعة طلاق؛ لأنها ليست زوجة.
5 -
لا رجعة على المختلعة أثناء العدة؛ لأنها بائن.
- حكم الاختلاف في الخلع:
إذا اختلف الزوجان في جنس العوض، أو في مقداره، ولا بينة لواحد منهما، فالقول قول الزوجة مع يمينها؛ لأنها مدعىً عليها، والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر.
كأن يقول زوجها: خالعتك بألفين، فتقول: بل بألف، ولا بينة، فالقول قولها، والبينة شهادة مسْلِمَين عدلين.
وإن اختلف الزوجان في وقوع الخلع، فادعت الزوجة خلعاً، وأنكره الزوج ولا بينة له، صُدِّق بيمينه؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وعدم الخلع.
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1185)، وأخرجه النسائي برقم (3497) وهذا لفظه.