المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌13 - أحكام الحمل والولادة - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٤

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني عشركتاب النكاح وتوابعه

- ‌1 - كتاب النكاح

- ‌1 - أحكام النكاح

- ‌2 - العيوب في النكاح

- ‌3 - شروط النكاح

- ‌4 - المحرمات في النكاح

- ‌5 - الشروط في النكاح

- ‌6 - خطبة المرأة

- ‌7 - عقد النكاح

- ‌8 - نكاح الكفار

- ‌9 - الصداق

- ‌10 - وليمة العرس

- ‌11 - زينة النساء والرجال

- ‌12 - آداب الزفاف

- ‌13 - أحكام الحمل والولادة

- ‌14 - الحقوق الزوجية

- ‌15 - أحكام القَسْم بين الزوجات

- ‌16 - أحكام النفقة

- ‌17 - النشوز

- ‌2 - الإيلاء

- ‌3 - الظهار

- ‌4 - الطلاق

- ‌الطلاق المنَجَّز والمعلَّق

- ‌الطلاق السني والبدعي

- ‌الطلاق الرجعي والبائن

- ‌5 - الرجعة

- ‌6 - الخلع

- ‌7 - اللعان

- ‌8 - العدة

- ‌1 - الإحداد

- ‌2 - الاستبراء

- ‌9 - الرضاع

- ‌10 - الحضانة

- ‌الباب الثالث عشركتاب الأطعمة والأشربة

- ‌1 - أحكام الأطعمة والأشربة

- ‌2 - باب الأطعمة

- ‌1 - أقسام الأطعمة المباحة

- ‌2 - أقسام الأطعمة المحرمة

- ‌3 - أقسام الأطعمة المختلطة بمحرم

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌1 - أقسام الأشربة المباحة

- ‌2 - أقسام الأشربة المحرمة

- ‌4 - باب الذكاة

- ‌5 - باب الصيد

- ‌الباب الرابع عشركتاب الفرائض

- ‌1 - أحكام الإرث

- ‌2 - أصحاب الفروض

- ‌1 - ميراث الأب

- ‌2 - ميراث الجد

- ‌3 - ميراث الأم

- ‌4 - ميراث الجدة

- ‌5 - ميراث الزوج

- ‌6 - ميراث الزوجة

- ‌7 - ميراث البنت

- ‌8 - ميراث بنت الابن

- ‌9 - ميراث الأخت الشقيقة

- ‌10 - ميراث الأخت لأب

- ‌11 - ميراث الأخ لأم والأخت لأم

- ‌3 - العصبة

- ‌4 - الحجب

- ‌5 - تأصيل المسائل

- ‌6 - قسمة التركة

- ‌7 - العول

- ‌8 - الرد

- ‌9 - ميراث ذوي الأرحام

- ‌10 - ميراث الحمل

- ‌11 - ميراث المفقود

- ‌12 - ميراث الخنثى المشكل

- ‌13 - ميراث الغرقى ونحوهم

- ‌14 - ميراث أهل الملل

- ‌15 - ميراث القاتل

- ‌16 - ميراث المرأة

- ‌17 - التخارج من الميراث

- ‌الباب الخامس عشركتاب نواقض الإسلام

- ‌1 - الكفر

- ‌2 - الشرك

- ‌3 - النفاق

- ‌4 - الردة

- ‌5 - البدعة

- ‌الباب السادس عشركتاب الكبائر

- ‌1 - تعريف الكبيرة والصغيرة

- ‌2 - الكبائر التي نصت عليها السنة

- ‌3 - الفرق بين الكبائر والصغائر

- ‌4 - درجات الكبائر

- ‌5 - حكمة التكليف بالأمر والنهي

- ‌6 - آثار الكبائر والمعاصي

- ‌7 - أقسام الكبائر

- ‌8 - حكم من اقترف الكبائر

- ‌9 - شروط تكفير الصغائر

- ‌10 - أهمية معرفة الكبائر

- ‌11 - أنواع الكبائر

- ‌1 - كبائر القلوب

- ‌2 - كبائر الجوارح

- ‌1 - كبائر العلم والجهاد

- ‌2 - كبائر العبادات

- ‌3 - كبائر المعاملات

- ‌4 - كبائر المعاشرات

- ‌5 - كبائر الأخلاق

- ‌12 - أسباب سقوط العذاب في الآخرة

الفصل: ‌13 - أحكام الحمل والولادة

‌13 - أحكام الحمل والولادة

- صفة خلق الإنسان:

يخلق الله العزيز القدير الإنسان في بطن أمه في ظلمات ثلاث:

ظلمة البطن .. وظلمة الرحم .. وظلمة المشيمة.

ويصوره كيف شاء ذكراً أو أنثى، تاماً أو ناقصاً، أبيضاً أو أسوداً وغير ذلك من الصفات الجسدية والعقلية والأخلاقية.

1 -

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)} [آل عمران:6].

2 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}

[الحج:5].

3 -

وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى:49 - 50].

4 -

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ عز وجل وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكاً، يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قال: أذَكَرٌ أمْ أنْثَى، شَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ وَالأجَلُ، فَيُكْتَبُ

ص: 123

فِي بَطْنِ أمِّهِ». متفق عليه (1).

- كيف تحمل المرأة:

1 -

تفرز المرأة بأمر الله كل شهر بويضة، فإذا جاء موعد القدر، وجامع الرجل زوجته، لقح الحيوان المنوي من الرجل تلك البويضة، فاتحدت النطفتان، وحملت المرأة، وهي النطفة والأمشاج.

قال الله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} [الإنسان:2 - 3].

2 -

أكثر ما تلد النساء مولوداً واحداً كل سنة، وقد تلد توأمين ذكرين، أو أنثيين، أو ذكراً وأنثى، وقد تلد ثلاثة أو أكثر.

قال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى:49 - 50].

- أنواع التوائم:

التوائم نوعان:

أحدهما: توأم متشابه: يخلقه الله من حيوان منوي واحد من الرجل، وبويضتين من المرأة، فيكون التوأمان متشابهان تمام التشابه.

الثاني: توأم غير متشابه: يحدث بأمر الله من حيوانين منويين من الرجل يلقحان بويضتين من المرأة، كل واحد يلقح بويضة. والله أعلم.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (318) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2646).

ص: 124

- سر شبه الحمل:

إذا جامع الرجل زوجته، فإن سبق وعلا ماؤه كان الشبه له، وإن سبق وعلا ماؤها كان الشبه لها بإذن الله تعالى.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ امْرَأةً قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَغْتَسِلُ المَرْأةُ إِذَا احْتَلَمَتْ وَأبْصَرَتِ المَاءَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» . فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ، وَألَّتْ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«دَعِيهَا، وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إِلا مِنْ قِبَلِ ذَلِكِ، إِذَا عَلا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أشْبَهَ الوَلَدُ أخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أشْبَهَ أعْمَامَهُ» . أخرجه مسلم (1).

- سر الذكورة والأنوثة:

إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَرا بإذن الله، وإن علا ماء المرأة آنثا بإذن الله تعالى.

عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ قَائِماً عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أحْبَارِ اليَهُودِ -وفيه-: فَقَالَ: جِئْتُ أسْألُكَ عَنِ الوَلَدِ؟ قال: «مَاءُ الرَّجُلِ أبْيَضُ وَمَاءُ المَرْأةِ أصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأةِ، أذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلا مَنِيُّ المَرْأةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ» . قال اليَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ. أخرجه مسلم (2).

- حكم الإنجاب بالتلقيح:

الله عز وجل هو الخالق وحده لا شريك له، يخلق ما يشاء بالأسباب، وبدون الأسباب، وبضد الأسباب، وله سبحانه سنة جارية، وقدرة قاهرة، وبيده

(1) أخرجه مسلم برقم (314).

(2)

أخرجه مسلم برقم (315).

ص: 125

مقاليد الأمور كلها.

ومن سنته في الإنجاب أن يطأ الرجل المرأة فتحمل منه، وللتلقيح أحوال:

1 -

إذا حملت الزوجة من مائين أجنبيين، أو من بيضتها وماء أجنبي، فهذا حمل سفاح محرم شرعاً.

2 -

إذا حملت الزوجة من ماء زوجها بعد انتهاء عقد الزوجية بوفاة أو طلاق، فهذا حمل محرم.

3 -

إذا كان الماء من الزوجين، والرحم أجنبي مستعار، فهذا حمل محرم.

4 -

إذا كان الماء من الزوجين وُضِع في رحم زوجة له أخرى، فهذا حمل محرم.

5 -

إذا كان الماء من الزوجين وُضِع في رحم الزوجة ذات البويضة، يوضع في أنبوب ثم يُنقل إلى رحم الزوجة نفسها، فهذا العمل يَحفّ به عدد من المخاطر والمحاذير، فيباح للمضطر، والضرورة تقدّر بقدرها، وعلى المسلم إذا ابتلي بهذا حسن الاحتياط، وسؤال من يثق بدينه وعلمه، وإجراء ذلك عند طبيب يثق بأمانته.

- حكم تحويل الحمل:

1 -

الذكر والأنثى إذا كملت أعضاء خلقهما، لا يجوز تحويل أحدهما إلى النوع الآخر.

ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقاب؛ لأنها تغيير لخلق الله، وهو محرم.

2 -

من اجتمع في خلقه وأعضائه علامات الرجال والنساء، فينظر في حاله، فإن

ص: 126

غلبت عليه الذكورة، جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته بالجراحة أو الهرمونات، وإن غلبت عليه الأنوثة، جاز علاجه بما يزيل الاشتباه في ذكوريته.

- مدة الحمل:

أقل مدة الحمل ستة أشهر، وغالبها تسعة أشهر، وغالب مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً.

1 -

قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف:15].

2 -

وقال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233].

- حكم تناول ما يمنع الحمل:

1 -

يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهو ما يُعرف بالإعقام، ولا يجوز إلا عند تيقن الضرر المحقق.

2 -

يجوز للمرأة تناول ما يمنع الحمل إذا رضي زوجها، ولم تتضرر بتناوله، ولم يكن المنع من أجل عدم القدرة على النفقة.

ويجوز للمرأة تناول ما يمنع الحمل في الصور الآتية:

وجود الضرر المحقق كأن تكون المرأة لا تلد ولادة عادية .. أو مريضة يضرها أن تحمل كل سنة .. أو ضعيفة لا تطيق الحمل والرضاع والعمل ونحو ذلك من الحالات.

ففي هذه الصور وأمثالها لا مانع من منع الحمل أو تأخيره، إذا رضي

ص: 127

الزوجان بذلك، وكان بوسيلة مشروعة لا تضر المرأة، وقرر ذلك طبيب ثقة.

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَنْهَنَا. متفق عليه (1).

- حكم إسقاط ما في الرحم:

إسقاط ما في رحم المرأة له أحوال:

1 -

يباح إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً لعذر، بشرط إذن الزوج، وعدم تضرر الزوجة.

2 -

يحرم إسقاط الجنين بعد مرور أربعين يوماً إلا إذا كان هناك خطر محقق على حياة الأم.

3 -

إذا نُفخت الروح في الحمل فيحرم إسقاطه؛ لأنه قَتْل للنفس المعصومة، إلا إذا قرر الأطباء أنه لا يعيش إلا أحدهما، فتقدم سلامة الأم.

4 -

إذا بلغ الحمل أربعة أشهر فأكثر فيحرم إسقاطه؛ لأنه قَتْل صريح للنفس المحرم قتلها، فالإجهاض جناية فاحشة موجبة للقصاص أو الدية.

ومن أسقط هذا الحمل خطأ كأن يضرب الحامل فَتُسقط الحمل، فعليه الكفارة والدية غرة عبد أو أَمَة، وهي بقدر عُشْر دية أمه.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} [الإسراء:31].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5207) ، ومسلم برقم (1440) ، واللفظ له.

ص: 128

2 -

وقال الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)} [التكوير:8 - 9].

3 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه يُبََبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَدْخُلُ المَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِى الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ: يَارَبِّ أَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَيُكْتَبَانِ، فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَيُكْتَبَانِ وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم تحديد النسل:

النسل نعمة كبرى منّ الله بها على عباده، وأباح من أجلها الزواج ورغّب فيه؛ لتكثر أمة الإسلام، ويكثر من يعبد الله من هذه الأمة، وتحصل به القوة والمنفعة.

والله عز وجل قد خلق كل إنسان، وخلق رزقه، فلا يفوته أبداً، ولا يقصر عنه أبداً.

فلا يجوز تحديد النسل مطلقاً؛ لأنه تحكُّم في حياة البشر وكثرتهم، وسوء ظن بالله إذا كان من أجل الفقر، وتقليل للأمة الإسلامية.

1 -

قال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى:49 - 50].

2 -

وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إِلَاّ أَنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا، فَنَهَاهُ ثمَّ

(1) أخرجه مسلم برقم (2644).

ص: 129

أَتَاهُ الثانِيَةَ فَنَهَاهُ ثمَّ أَتَاهُ الثالِثةَ فَنَهَاهُ، فَقَالَ:«تَزَوَّجُوا الوَلُودَ الوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بكُمْ» . أخرجه أبو داود والنسائي (1).

- حكم البشارة بالحمل:

تستحب بشارة الزوج بالحمل؛ لأن ذلك يسره ويفرحه، فإن فاتت البشارة استحب تهنئته.

والفرق بينهما: أن البشارة إعلام له بما يسره، والتهنئة دعاءٌ له بالخير بعد أن عَلم به.

وقد بشر الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم بإسحاق كما قال سبحانه: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} [الصافات:112].

وبشرت الملائكة زكريا بيحيى كما قال سبحانه: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)} [مريم:7].

وقال سبحانه: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)} [آل عمران:38 - 39].

- حكم تحنيك المولود:

التحنيك: هو مضغ التمرة ونحوها، ثم وضع شيء منها على الإصبع، ثم إدخال الإصبع وتحريكه في فم المولود.

والتحنيك سنة مستحبة عند الولادة، يقوم بها والد المولود أو والدته، أو أحد

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2050) ، وأخرجه النسائي برقم (3227).

ص: 130

من أهل العلم والفضل، فيحنكه ويدعو له.

1 -

عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: وُلِدَ لِي غُلامٌ، فَأتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَىَ بِالصّبْيَانِ، فَيُبَرّكُ عَلَيْهِمْ، وَيُحَنّكهُمْ. أخرجه مسلم (2).

- وقت تسمية المولود:

يستحب تسمية المولود في اليوم السابع من ولادته، وتجوز يوم الولادة، كما يجوز بين يوم الولادة إلى السابع وبعده، والأمر في ذلك واسع بحمد الله.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ» . متفق عليه (3).

- من يقوم بالتسمية:

يقوم الأب والأم باختيار الاسم الحسن لمولودهما، فإن اختلفا فالحق في التسمية للأب؛ لأنه يدعى لأبيه، ويجوز أن يكل الأبوان التسمية إلى غيرهما من قريب أو غيره، وقد يموت المولود قبل أن يسمى فتشرع تسميته أسوة بغيره.

والسقط وهو الجنين الذي يسقط قبل تمام ستة أشهر ينبغي أن يسمى؛ ليدعى يوم القيامة باسمه.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5467) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2145).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2147).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1303) ، ومسلم برقم (2315) ، واللفظ له.

ص: 131

- تسمية المولود:

من حق المولود على والديه أن يختارا له اسماً حسناً في لفظه ومعناه، يفخر به إذا ذُكر به أمام غيره، ذكراً كان أو أنثى.

ويسن أن يختار للمولود أحسن الأسماء وأحبها إلى الله كعبد الله وعبد الرحمن .. ثم التسمية بالتعبيد لأيٍّ من أسماء الله الحسنى كعبد العزيز وعبد الملك ونحوهما .. ثم التسمية بأسماء الأنبياء والرسل كمحمد وإبراهيم ونحوهما .. ثم التسمية بأسماء الصالحين .. ثم ما كان وصفاً صادقاً للإنسان مثل يزيد وحسن ونحوهما.

عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم «إِنّ أَحَبّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُاللهِ وَعَبْدُالرَّحْمَن» . أخرجه مسلم (1).

- الأسماء الممنوعة:

يجب على المسلم اجتناب الأسماء المخالفة للشرع، ومنها:

1 -

الأسماء المعبدة لغير الله كعبد الرسول، وعبد الكعبة ونحوهما.

2 -

الأسماء المختصة بالله وحده كالرحمن والخالق والأحد ونحوها.

3 -

أسماء اليهود والنصارى مثل: جورج، ديفيد، جوزيف، مايكل، يارا، ديانا، جانكلين؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم.

4 -

أسماء الطغاة والجبابرة كفرعون، وقارون ونحوهما، وأسماء الملاحدة مثل ماركس ولينين وستالين ونحوها.

5 -

الأسماء التي فيها تشاؤم أو معان مذمومة تكرهها النفوس مثل: حرب،

(1) أخرجه مسلم برقم (2132).

ص: 132

وحمار، وكلب، وجعل ونحوها.

6 -

الأسماء التي فيها ميوعة ورخاوة مثل: هيام، ونهاد، وسهام، وفاتن، وشادية ونحوها.

7 -

الأسماء التي فيها تزكية دينية للمسمى مثل: برة، ونافع، وأفلح ونحوها.

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُسَمّ غُلَامَكَ رَبَاحاً، وَلَا يَسَاراً، وَلَا أَفْلَحَ، وَلَا نَافِعاً» . أخرجه مسلم (1).

- حكم تغيير الاسم الممنوع شرعاً:

ينبغي المبادرة إلى تغيير الأسماء التي فيها مخالفة شرعية كما سبق، واستبدالها بأحد الأسماء المستحبة أو المباحة مع مراعاة تقارب الألفاظ بين الاسم الجديد والقديم.

وقد غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم الأسماء الممنوعة، فغير اسم عاصية فسماها جميلة، وحَزْن باسم سهل، وبرّة بزينب، وجثّامة إلى حسّانة، وشهاباً إلى هشام، وحرباً إلى سلم.

1 -

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنّ ابْنَةً لِعُمَرَ كَانَتْ يُقَالُ لَهَا عَاصِيَةُ، فَسَمّاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيلَةَ. أخرجه مسلم (2).

2 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرّةَ، فَقِيلَ: تُزَكّي نَفْسَهَا، فَسَمّاهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ. أخرجه مسلم (3).

(1) أخرجه مسلم برقم (2136).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2139).

(3)

أخرجه مسلم برقم (2141).

ص: 133

- حكم تكنية الصغير:

يجوز تكنية الطفل الصغير بأبي فلان، أو أم فلان، تكريماً له، وإشعاراً له بمكانته، مع ما فيه من الفأل الحسن.

ومن كان له أولاد فإنه يكنى بأكبر أولاده الذكور، ويجوز أن يكنى من له أولاد بغير أولاده كما كان أبو بكر، وأبو حفص رضي الله عنهما، إذ لم يكن لأبي بكر ابن اسمه بكر، ولا لعمر ابن اسمه حفص.

ويجوز أن يكنى الرجل أو المرأة بالبنت فيقال أبو عائشة، أو أبو ريحانة أو أم صفية ونحو ذلك.

- حكم العقيقة عن المولود:

العقيقة: هي ما يذبح عن المولود.

والعقيقة سنة مؤكدة، وتسن عن الغلام شاتان، وعن البنت شاة.

- وقت ذبح العقيقة:

وقت ذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة، فإن فات ففي أي يوم شاء، ولا تشرع العقيقة عن السقط؛ لأنه لا يسمى مولوداً، وإذا وضعت المرأة المولود حياً ثم مات فيحسن العقّ عنه.

- حكمة مشروعية العقيقة:

العقيقة شكر لله على نعمة متجددة، وقربة إلى الله، وفداء للمولود.

ولما كان الذكر أعظم نعمة وامتناناً من الله تعالى، كان الشكر عليه أكثر، فصار له شاتان، وللأنثى شاة.

1 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ العَقِيقَةِ

ص: 134

فَقَالَ: «لَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل العُقُوقَ» وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الاِسْمَ. قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا نَسْأَلُكَ، أَحَدُنَا يُولَدُ لَهُ. قَالَ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَنْسُكْ عَنْهُ عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ» . أخرجه أبو داود والنسائي (1).

2 -

وَعَنْ سَلْمَان بْن عَامِرٍ الضَّبِّيّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَعَ الغُلامِ عَقِيقَةٌ، فَأهْرِيقُوا عَنْهُ دَماً، وَأمِيطُوا عَنْهُ الأذَى» . أخرجه البخاري (2).

- شروط العقيقة:

السنة أن تكون العقيقة من الغنم، وتجوز من الإبل والبقر، إلا أنه لا يجزئ فيها شَرَك في دم، فلا يجزئ البعير أو البقرة إلا عن واحد.

والعقيقة كالأضحية يجب أن تبلغ السن المعتبر شرعاً، وأن تكون سليمة من العيوب، وأفضلها أغلاها وأسمنها وأنفسها عند أهلها.

ويحسن أن يأكل من العقيقة ويطعم، ويتصدق، ويجوز أن يوزع لحمها نيئاً ومطبوخاً، وأن يدعو الأقارب والأغنياء والفقراء إليها؛ لما في ذلك من جلب المحبة، والدعاء للمولود.

ومن كبر ولم يُعقّ عنه فله أن يَعقّ عن نفسه؛ ليحصل له فك الرهان.

- حكم ختان المولود:

السنن التي تُفعل عند ولادة المولود التحنيك، وتسميته، والعق عنه،

والختان: وهو قطع حشفة الذكر، وخفض الأنثى بلا إنهاك.

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2842) ، وأخرجه النسائي برقم (4212) ، وهذا لفظه.

(2)

أخرجه البخاري برقم (5472).

ص: 135

والختان واجب في حق الرجال، مباح في حق النساء، وهو من خصال الفطرة، ومن أسباب دفع الشبق، وفيه وقاية من الأمراض والأوساخ، وعلامة تميز الرجل المسلم من الكافر.

ويجوز الختان في أي وقت، وفي السابع أولى، فيجوز قبل السابع وبعده إلى قبل وقت البلوغ، فإذا بلغ وجب ختانه.

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ» . متفق عليه (1).

- أحكام المولود:

إذا ولد المولود فله ثلاثة أحكام:

1 -

الصلاة عليه إن مات إذا بلغ أربعة أشهر، ونفخت فيه الروح.

2 -

أحكام تتعلق بماله من ميراث ووصية ونحوها، إذا ولد حياً حياة مستقرة.

3 -

بقية الأحكام تتعلق بوضع ما فيه خلق إنسان كالنفاس والعدة ونحوهما.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5891) ، واللفظ له، ومسلم برقم (257).

ص: 136