الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - اللعان
- اللعان: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين، مقرونة بلعن من الزوج، وغضب من الزوجة.
- حكمة مشروعية اللعان:
إذا رأى الرجل زوجته تزني، ولم يمكنه إقامة البينة، أو قذفها بالزنا ولم تقر هي بذلك، فقد شرع الله عز وجل اللعان حلاً لمشكلته، وإزالة للحرج عنه؛ لئلا يلحقه العار بزناها، ويفسد فراشه، ويلحقه ولد غيره، ويأثم بسكوته عن الفاحشة في فراشه.
- حكم من قذف غير زوجته:
من قذف غير زوجته بفعل الفاحشة، ولم يستطع إقامة البينة، وهي أربعة شهود، وجب جلده ثمانين جلدة، ويعتبر فاسقاً، لا تقبل شهادته إلا إن تاب وأصلح. وأوجب الله ذلك كله صيانة لأعراض النساء، وحماية لهن من ظن السوء، ودفعاً للعار عنهن.
…
[النور: 4 - 5].
- حكم اللعان:
إذا رمى الرجل زوجته بالزنا، ولم تقر هي بذلك، ولم يرجع عن رأيه، ولم تكن له بينة، فقد شرع الله لهما اللعان فيتلاعنان أمام القاضي، ثم يفرق بينهما أبداً.
1 -
…
[النور: 6 - 9].
2 -
وَعن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» . فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«البَيِّنَةَ وَإِلَاّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» . فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} -فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ- {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» . ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ» . فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» . أخرجه البخاري (1).
- أسباب اللعان:
يكون اللعان في صورتين:
رمي الزوج زوجته بالزنا .. أو نفي الحمل منه.
(1) أخرجه البخاري برقم (4747).
فإذا حصل ذلك من الزوج فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يقيم البينة الشرعية على صحة دعواه، وهي أربعة شهود، فإذا أقام البينة أقيم على زوجته حد الزنا.
الثانية: إذا لم يكن له بينة، وأقرت هي بذلك، فيقام عليها حد الزنا.
الثالثة: إذا لم يكن للزوج بينة، ولم تقر الزوجة بالزنا، فيقام عليه حد القذف، إلا أن يسقط حد القذف باللعان.
فإذا قذف الرجل زوجته، وتعسر عليه إقامة البينة، فقد جعل الله له فرجاً ومخرجاً ثالثاً غير البينة والحد، بأن شرع اللعان بين الزوجين.
1 -
…
[النور: 4 - 5].
2 -
- شروط اللعان:
يشترط لصحة اللعان ما يلي:
1 -
أن يكون بين زوجين مكلفين.
2 -
أن يقذف زوجته بالزنا قبل الدخول أو بعده.
3 -
أن تكذبه الزوجة فيما ادعاه.
4 -
أن يكون بحضور القاضي أو نائبه.
- صفة اللعان:
1 -
يسن للقاضي وعظ الزوجين قبل اللعان، فيرغِّبهما بتقوى الله، ويخوِّفهما عذاب الله، وأن يكون اللعان في المسجد بحضرة جماعة من الناس، وأن يؤدي المتلاعنان الشهادات والأيمان حال القيام.
2 -
يبدأ القاضي بالزوج فيأمره أن يقول أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا، ويشير إليها.
ثم يزيد في الخامسة: {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7].
3 -
ثم يأمر القاضي الزوجة أن تقول أربع مرات: أشهد بالله إنه من الكاذبين فيما رماني به من الزنا.
ثم تزيد في الخامسة: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 9].
4 -
إذا تم اللعان فرق القاضي بين الزوجين، فلا تحل لزوجها ولو بعد أن تنكح أزواجاً، وتعتد بحيضة.
1 -
2 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ: أبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ! المُتَلاعِنَانِ، أيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قال: سُبْحَانَ اللهِ! نَعَمْ، إِنَّ أوَّلَ مَنْ سَألَ عَنْ ذَلِكَ فُلانُ ابْنُ فُلانٍ، قال: يَا رَسُولَ اللهِ! أرَأيْتَ أنْ لَوْ وَجَدَ أحَدُنَا
امْرَأتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قال: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَألْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ. فَأنْزَلَ اللهُ عز وجل هَؤُلاءِ الآْيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
…
}. فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأخْبَرَهُ أنَّ عَذَابَ الدُّنْيَاأهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآْخِرَةِ، قال: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأخْبَرَهَا أنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآْخِرَةِ، قَالَتْ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرْأةِ فَشَهِدَتْ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ، وَالخَامِسَةُ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. أخرجه مسلم (1).
3 -
وَعَن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، أحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا» . قال: مَالِي؟ قال: «لا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أبْعَدُ لَكَ» . متفق عليه (2).
- وقت وقوع الفرقة في اللعان:
تقع الفرقة بين الزوجين إذا فرغا من اللعان، وتكون الفرقة على سبيل التأبيد، فلا يحل له نكاحها أبداً.
والفرقة الحاصلة باللعان فسخ لا طلاق؛ لأن التحريم بهذه الفرقة مؤبد،
(1) أخرجه مسلم برقم (1493).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5312) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1493).
وليس للمرأة بعده نفقة ولا سكنى أثناء العدة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: لاعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ وَامْرَأتِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. متفق عليه (1).
- آثار اللعان:
إذا تم اللعان ترتبت عليه الأحكام الآتية:
1 -
سقوط حد القذف عن الزوج.
2 -
سقوط حد الرجم عن الزوجة.
3 -
الفرقة بين المتلاعنين.
4 -
التحريم المؤبد بين المتلاعنين.
5 -
انتفاء الولد عن الزوج إن وجد.
6 -
لحوق الولد بالزوجة.
7 -
سقوط النفقة والسكنى على المرأة أثناء العدة.
أما المحرمية فتبقى، فلا يجوز أن يزوج الملاعن بنته لمن نفي نسبه منه، لاحتمال كونه ابناً له.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَاعَنَا كَمَا قَالَ اللهُ، ثُمَّ قَضَى بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلَاعِنَيْنِ. متفق عليه (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2748) ، ومسلم برقم (1494)، واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4748) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1494).
- حكم النكول عن اللعان:
النكول عن اللعان إما أن يكون من الزوج أو من الزوجة.
فإن امتنع الزوج عن اللعان حُدّ حَدّ القذف، وإن امتنعت الزوجة حُدّت حَد الزنا؛ لأن اللعان بدل عن حد الزنا للمرأة، وبدل عن حد القذف للرجل، واللعان مسقط لهما، وإذا أكذب الزوج نفسه بعد اللعان حُدَّ حَدَّ القذف.
- ما يُسقط اللعان بعد وجوبه:
يَسقط اللعان بعد وجوبه بما يلي:
1 -
طروء عارض من عوارض الأهلية كالجنون، أو الردة، أو الخرس.
2 -
تصديق المرأة زوجها في القذف أو عفوها أو سكوتها.
3 -
البينونة بالطلاق أو الفسخ أو الموت.
4 -
تكذيب الزوج نفسه.