الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - فقه حسن الخلق
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاقًا» متفق عليه (1).
خلق الله عز وجل هذا الإنسان في أحسن تقويم، وجعله مركباً من جسد وروح، فالجسد مدرك بالبصر، والروح مدركة بالبصيرة، ولكل واحد منهما هيأه وصورة، إما جميلة أو قبيحة.
وخَلْق الإنسان: صورته الظاهرة .. وخُلُق الإنسان: صورته الباطنة.
والنفس المدركة بالبصيرة: أعظم قدراً من الجسد المدرك بالبصر، ولذلك عظم الله أمره فقال:{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)} [ص: 71 - 72].
فنبه سبحانه على أن الجسد منسوب إلى الطين والروح منسوبة إليه سبحانه.
فالخلق: هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة، فإن كانت الأفعال جميلة سميت خلقاً حسناً .. وإن كانت الأفعال قبيحة سميت خلقاً سيئاً.
والخلق الحسن صفة الأنبياء والصديقين .. والخلق السيء صفة الشياطين والمجرمين.
والأخلاق السيئة سموم قاتلة، تهوي بصاحبها إلى القاع، وتنظم صاحبها في سلك الشياطين.
وحسن الخلق هو الاعتدال، فإذا مال عنه العبد وقع في ضده من سوء الخلق، وهذا الاعتدال تارة يحصل بكمال الفطرة منحة من الخالق عز وجل، وكرامة منه لمن شاء من عباده.
فكم من صبي يخلقه الله صادقاً سخياً كريماً حليماً.
وتارة يحصل حسن الخلق بالاكتساب، وذلك بحمل النفس على الأعمال
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3559)، واللفظ له، ومسلم برقم (232).
الجالبة للخلق المطلوب.
فمن أراد تحصيل خلق الجود، فليفعل فعل الجواد من البذل، ليصير بذلك طبعاً له، كما أن من أراد أن يكون كاتباً تعاطى فعل الكتابة، إلا أن ذلك يحتاج إلى تكرار ومداومة، كما أن نمو القامة والبدن يحتاج إلى وقت.
وكما أن تعاطي أسباب الفضائل يؤثر في النفس ويغير طباعها، فكذلك مساكنة الكسل والكسالى يصير عادة، فيحرم بسببه كل خير.
وكما لا ينبغي أن يستهان بقليل الطاعات، فإن دوامها يؤثر خيراً، فكذلك لا يستهان بقليل الذنوب، فإن دوامها يؤثر شراً.
وكذلك تكتسب الأخلاق الحسنة بمصاحبة أهل الإيمان والخير، وإنما المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
والاعتدال في الأخلاق هو صحة النفس، والميل عن الاعتدال سقم لها ومرض، والنفس في علاجها كالبدن في علاجه، فكما أن البدن لا يخلق كاملاً وإنما يكمل بالتربية بالغذاء، كذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال، وإنما تكمل بالتزكية، وتهذيب الأخلاق بالعلم.
وكما أن البدن إذا كان صحيحاً فشأن الطبيب العمل على حفظ الصحة، وإن كان مريضاً فشأنه جلب الصحة إليه.
كذلك النفس إذا كانت زكية طاهرة مهذبة الأخلاق فينبغي للعبد أن يسعى لحفظها، وجلب مزيد القوة إليها.
وإن كانت عديمة الكمال سعى في جلب الكمال إليها.
وكما أن أمراض البدن تعالج بضدها، إن كانت من حرارة فبالبرودة، وإن كانت من برودة فبالحرارة، فكذلك الأخلاق السيئة التي هي من مرض القلب علاجها بضدها من الأخلاق الحسنة.
فيعالج مرض الكبر بالتواضع .. ومرض الجهل بالعلم .. ومرض البخل بالكرم .. ومرضى السفه بالحلم .. ومرض الظلم بالعدل والإحسان .. وهكذا.
وكما أنه لا بدَّ من احتمال مرارة الدواء، وشدة الصبر عما يشتهي من أجل صلاح البدن، فكذلك لا بدَّ من احتمال مرارة المجاهدة، والصبر على مداومة مرض القلب، بل هو أولى، فإن ألم مرض البدن يخلص منه بالموت، وألم مرض القلب يؤلمه قبل الموت وبعد الموت.
وكل عضو في الإنسان خلقه الله لفعل خاص، فعلامة مرضه أن يتعذر منه ذلك الفعل، فمرض العين تعذر الإبصار .. ومرض الأذن تعذر السماع، ومرض القلب أن يتعذر عليه فعله الخاص به الذي خلقه الله من أجله وهو الإيمان والعلم، والحكمة والمعرفة، وحب الله تعالى وتعظيمه، وعبادته وشكره، وإيثار ذلك على كل شهوة.
ولو أن الإنسان عرف كل شيء ولم يعرف الله سبحانه فكأنه لم يعرف شيئاً.
وعلامة المعرفة: الحب، فمن عرف الله أحبه.
وعلامة المحبة: أن لا يؤثر عليه شيئاً من المحبوبات، فمن آثر عليه شيئاً من المحبوبات فقلبه مريض، كما أن المعدة التي تؤثر أكل الطين على أكل الخبز مريضة.
وأمراض القلوب خفية لا يعلمها أكثر الناس فلذلك يغفلون عنها، وإذا عرف الإنسان مرض قلبه، صعب عليه الصبر على مرارة دوائه؛ لأن دواءه مخالفة الهوى.
وإن وجد الصبر لم يجد طبيباً حاذقاً يعالجه، والأطباء هم العلماء بالله وأسمائه وصفاته ودينه وشرعه وأكثرهم مرضى، والطبيب إذا كان مريضاً .. فلما يلتفت إلى علاجه وإلى غيره.
فلما قل العلماء الربانيون صار الداء عضالاً، واندرس هذا العلم، وأنكر أكثر الناس طب القلوب، ومرضها بالكلية، وأقبل الناس على أعمال ظاهرها عبادات، وباطنها عادات، لا تزيد إيماناً، ولا تحجز عن محرم، فهذا علامة أصل المرض.
وأما عافية القلب، وعوده إلى الصحة بعد المعالجة، فهو أن ينظر إلى العلة:
فإن كان المرض مثلاً داء البخل فعلاجه بذل المال، ولكن لا يسرف ويصير إلى حد التبذير، فيحصل به داء آخر، بل المطلوب الاعتدال.
وإذا أراد الإنسان أن يعرف الوسط فلينظر إلى نفسه:
فإن كان جمع المال وإمساكه ألذ عنده وأيسر عليه من بذله لمستحقه فليعلم أن الغالب عليه خلق البخل، وهو مرض فليعالجه بالبذل.
وإن كان البذل ألذ عنده وأخف عليه من الإمساك فقد غلب عليه التبذير، وهو مرض، فليرجع إلى المواظبة على الإمساك .. وهكذا ولا يزال الإنسان يراقب نفسه حتى تنقطع علاقة قلبه عن المال، فلا يميل إلى بذله ولا إمساكه.
بل يصير عنده كالماء، فكل قلب صار كذلك فقد جاء الله سليماً في المقام .. وهكذا بقية الصفات.
ويجب أن يكون القلب سليماً من سائر الأخلاق السافلة، مزيناً بالأخلاق العالية، حتى لا تكون له علاقة بشيء من الدنيا، حتى ترتحل النفس عن الدنيا منقطعة العلائق منها، غير ملتفتة إليها، ولا متشوفة إلى أسبابها، فحينئذ ترجع إلى ربها رجوع النفس المطمئنة كما قال سبحانه:{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} [الفجر: 27 - 30].
ولما كان الوسط الحقيقي بين الطرفين في غاية الغموض فلا جرم من استوى على هذا الصراط المستقيم في الدنيا، حاز على مثل هذا الصراط في الآخرة.
ولأجل عسر الاستقامة ودوامها أمر الله العبد أن يقول في كل يوم مرات عديدة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 6،7].
ومن لم يقدر على الاستقامة فليجتهد على القرب منها، فإن النجاة بالعمل الصالح، فسددوا وقاربوا، واستقيموا ولن تحصوا ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لا يُدْخِلُ أحَداً الْجَنَّةَ عَمَلُهُ» .
َقالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه (1).
والأعمال الصالحة كالأخلاق الحسنة يصيبها الخلل والنقص، فليتفقد كل عبد صفاته وأخلاقه وأعماله وأقواله، وليشتغل بعلاجها تدريجياً، وليصبر على ذلك وشدته ومرارته فإنه سيحلو كما يحلو الفطام للطفل بعد كراهته له، فلو رد إلى الثدي لكرهه.
وإذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً بصَّره بعيوب نفسه، فمن كملت بصيرته لم تخف عليه عيوبه، وإذا عرف العبد عيوبه أمكنه العلاج، ولكن أكثر الناس جاهلون بعيوبهم، يرون الصغائر في غيرهم، ولا يرون الكبائر في أنفسهم.
ولا بدَّ لكل مسلم مع الإيمان والإخلاص والعمل الصالح من الأخلاق الحسنة، فهي التي تحفظ الأعمال الصالحة.
فيأتي العبد يوم القيامة بأعمال صالحة كالجبال، وهي من الأعمال المقبولة، ولكن إذا كانت أخلاقه سيئة أكلت هذه الأعمال.
يأتي وقد شتم هذا .. وسب هذا .. وقذف هذا .. وسرق هذا .. وظلم هذا، وغدر بهذا .. وقتل هذا ..
فماذا يبقى له من الأجر والحسنات إذا أخذ هؤلاء حقوقهم منه؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ:«إنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أمَّتِي، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار» أخرجه مسلم (2).
فالإيمان فريضة، وتعلمه فريضة .. والإخلاص فريضة، وتعلمه فريضة .. والعمل
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6467)، واللفظ له، ومسلم برقم (2818).
(2)
أخرجه مسلم برقم (2581).
فريضة، وتعلمه فريضة .. والأخلاق فريضة، وتعلمها فريضة:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت: 34 - 36].
وأكمل الناس إيماناً أكملهم خلقاً .. ولذلك وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].
وأحسن الناس أخلاقاً هم الأنبياء والرسل، ثم يليهم من آمن بهم، فقد فرق الله الأخلاق الحسنة في الأنبياء والرسل، ثم جمعها في محمد صلى الله عليه وسلم، ثم فرقها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي خير أمة أخرجت للناس، والناس معادن فيجب الاستفادة من هذه المعادن النفيسة فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم خير القرون؛ لأنهم أخذوا الدين والأخلاق عن النبي مباشرة، فكانت فيهم حياة محمد صلى الله عليه وسلم، وجهد محمد صلى الله عليه وسلم.
فظهرت في حياتهم أحسن الأخلاق كالإيمان والتقوى، والصدق والإخلاص، واليقين والتوكل، والرحمة والشفقة، والجود والكرم، والحياء والتواضع، والعدل والإحسان، والمحبة والإيثار.
وغير ذلك من الصفات والأخلاق التي كانت سبباً في هداية الناس للدين، وجذبهم إليه، ومحبتهم له.
وكانت فيهم صفات مشتركة بينهم لا يخلو منها أحد منهم أهمها:
الإيمان بالله .. وطاعة الله ورسوله .. والعبادات التي تزكي النفوس وأعظمها الصلاة .. وتعلم العلم الذي تصح به العبادات والمعاملات وتعليمه .. والدعوة التي بسببها تنتشر الهداية .. والكرم الذي بسببه تُقبل النفوس إلى الدين .. والرحمة التي بسببها تنزل الرحمة عليهم وعلى الناس .. والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله .. والإخلاص الذي يُقبل به العمل .. ثم مضى زمن فصار الجهاد من أجل الملك والمال فتركه الناس، واشتغلوا بطلب العلم وتعليمه، ثم
دخلت الدنيا على طلبة العلم، ودخل فيهم من يطلب العلم لا لله، بل لأمر يريده من جاه أو مال.
ثم اشتغل أناس من أهل الإيمان بالتزكية فلازموا المساجد، وتركوا الساحة للشيطان، يعيث في الخلق فساداً.
ثم دخل فيهم ونافسهم أهل البدع والأهواء، فاشتغلوا بالتزكية الإبليسية، وتبعهم أناس على ذلك، وبذلك انتشرت البدع، وصارت ديناً يعبد الله به، ويتقرب إليه به.
ثم ذهبت حقيقة العبادة وروحها، وبقيت في أكثر الأمة صورة العبادة ثم خرجت الأخلاق من المعاملات والمعاشرات، وترك أكثرهم الدعوة إلى الإيمان والأعمال، وأقاموا مكانها الدعوة إلى الأموال والأشياء ..
فقامت الدنيا .. وقعد الدين .. وزاد المال .. وقل الإيمان .. وكثرت الأشياء .. وقلت الأعمال .. وقعد أكثر الناس على موائد الدنيا .. وقاموا عن موائد الآخرة؟ .. وتسابق أكثر الناس إلى سنن اليهود والنصارى .. وتركوا سنن الأنبياء والمرسلين ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ» . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» متفق عليه (1).
فخير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، الذين فيهم الإيمان، والعبادة، والدعوة، والتعليم، والجهاد، ومكارم الأخلاق، ثم يليهم من بعدهم .. ثم من بعدهم .. ثم خيرهم مِنْ بعدهم من اتصف بصفاتهم، وعمل كأعمالهم، وتخلق بأخلاقهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» متفق عليه (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3456)، ومسلم برقم (2669). واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2652)، واللفظ له، ومسلم برقم (2533).
ومن فوائد مكارم الأخلاق:
محبة الله ورسوله للعبد .. وكثرة الأجر والثواب .. وحفظ الأعمال الصالحة .. ومعية الله للعبد .. ومحبة الناس له .. وجذب الناس إلى الدين .. ومحبتهم له .. ودخولهم فيه.
وكما أن للمؤمنين علامات .. وللكفار علامات .. وللحي علامات .. وللميت علامات، فكذلك أهل الأخلاق الحسنة لهم علامات .. وأهل الأخلاق السيئة لهم علامات:
أما علامات حسن الخلق، فقد يجاهد الإنسان نفسه حتى يترك الفواحش والمعاصي، ثم يظن أنه قد هذب نفسه، واستغنى عن المجاهدة، وليس كذلك.
فإن حسن الخلق: هو مجموع صفات المؤمنين التي وصفهم الله بها حين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)} [التوبة: 112].
ومن صفاتهم التي وصفهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
محبة الله ورسوله .. ومحبة دينه .. ومحبة المؤمنين .. وإكرام الجار .. وإكرام الضيف .. والقول الحسن .. والعفو .. وكف الأذى .. والصبر .. واحتمال الأذى .. وصلة الرحم .. والحلم والأناة .. والرفق والسماحة .. والعدل والإحسان .. والرحمة والشفقة .. وحفظ اللسان والسمع والبصر.
ومن لم يجد في نفسه هذه الصفات، أو بعض هذه العلامات، فليجاهد نفسه حتى تصير صفة له.
وقد بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق، فكان خلقه القرآن، وكان أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً، يأمر بكل خير، ويكون أسبق الناس إليه، وينهى عن كل شر ويكون أبعد الناس منه، جمع مع جمال الباطن جمال الظاهر، فكان قدوة للناس، وأسوة للبشرية إلى يوم القيامة:
في الإيمان .. والعبادات .. والمعاملات .. والمعاشرات .. والأخلاق.
وأمرنا الله عز وجل بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم في سائر أحواله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].
فكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها له أدب:
مع الله .. ومع كتابه .. ومع رسوله .. ومع نفسه .. ومع غيره ..
فأدبه مع الله: يكون بالإيمان بالله، وتوحيده، وتعظيمه، ومحبته، وطاعته، وعبادته وشكره، والتوكل عليه، والحياء منه.
وأدبه مع كتاب الله: يكون بحسن تلاوته، وسماعه، والعمل بما فيه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وتصديق أخباره، وإبلاغه للناس، والإعراض عما سواه.
وأدبه مع رسول الله: يكون بطاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
وأدبه مع نفسه: يكون بحملها على طاعة الله ورسوله، وامتثال جميع أوامر الله على طريقة رسول الله، وفعل الخيرات، واجتناب المنكرات.
وأدبه مع غيره: يكون بالعدل والإحسان، وحسن الخلق، والتوقير والإكرام، والإحسان إلى إخوانه المسلمين، وجيرانه، ووالديه، وأقاربه، وسائر الناس، وسائر المخلوقات، فالمؤمن كالغيث أينما حل نفع، وكالشمس حيث سار أنار.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» متفق عليه (1).
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: «تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ» وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالََ: «الْفَمُ وَالْفَرْج» أخرجه الترمذي وابن ماجه (2).
فكل عبد عليه حقان:
حق الله عز وجل .. وحق لعباده.
فالحق الذي عليه لا بدَّ أن يخل ببعضه أحياناً إما جهلاً، أو نسياناً، أو تهاوناً، إما بترك مأمور، أو فعل محظور، فأمره بتقوى الله.
والمسلم يعمل ويخطئ عمداً وسهواً، فأمره بفعل الحسنات التي تزيل السيئات وتمحوها.
وبهذا وذاك يكون قد قضى حق الله من العمل الصالح، وإصلاح الفاسد.
ثم قال: وخالق الناس بخلق حسن، فهذا حق الناس.
وجماع ذلك:
أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام والدعاء له .. وتعطي من حرمك من العلم والمال .. وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض .. وتحسن إلى من أساء إليك.
ومعية الله ونصرته ومحبته تكون لمن اتصف بالصفات الإيمانية كالتقوى
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (481)، ومسلم برقم (2585). واللفظ له.
(2)
حسن: أخرجه الترمذي برقم (2004) وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (1630).
وأخرجه ابن ماجه برقم (4246)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (3424).
والتوكل، والصبر والإحسان، والإيمان وغيرها.
فمن اتصف بهذه الصفات أحبه الله، وكانت معه نصرة الله ومعيته، واستفاد من قدرة الله كما قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)} [النحل: 128].
فهنا نوعان:
الأول: الصفات الإيمانية، ومن اتصف بها حصلت له نصرة الله ومعيته ومحبته كالإيمان واليقين والتوكل ونحوها.
الثاني: الأعمال الإيمانية كالصلاة والصوم والحج ونحوها، فهذه على قسمين:
الأول: أعمال مقبولة، وهي المقرونة بالصفات الإيمانية كما قال سبحانه:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1،2].
الثاني: أعمال غير مقبولة، وهي الخالية من الصفات الإيمانية كما قال سبحانه:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 4،5].
والأعمال التي فيها شرك أو رياء، والرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ومن يجاهد ليقال جريء، أو يقرأ ليقال قارئ، أو ينفق ليقال جواد، كما قال سبحانه:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} [التوبة: 54].
والصفات الإيمانية محلها القلب .. والأعمال محلها الجوارح .. وأعمال الجوارح مبنية على ما في القلوب من الإيمان أو عدمه.
وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة.
وأصل الأخلاق المذمومة كلها:
الكبر .. والمهانة .. والدناءة.
فالفخر والبطر والأشر، والظلم والبغي والتجبر، والعجب والخيلاء والحسد، وإباء قبول النصيحة، وطلب العلم، وحب الرئاسة والجاه، كلها أمراض قلبية ناشئة من الكبر.
والكذب والمكر، والخسة والخيانة، والرياء والحرص، والخديعة والطمع، والجبن والبخل، والعجز والكسل، والفزع والذل لغير الله، ونحوها، كلها أمراض قلبية ناشئة من المهانة والدناءة وصغر النفس.
فما أجمل مكارم الأخلاق .. وما أحسن التحلي بها .. وما أعظم أجرها وثوابها .. وما أخفها على نفوس الكرام .. وما أثقلها على نفوس اللئام .. وهي بحار مختلفة لا يقدر عليها كل أحد:
بحر الصبر .. وبحر التقوى .. وبحر الحلم .. وبحر العفو .. وبحر الإيثار .. وبحر الإحسان .. وبحر الصدق .. وبحر العلم .. وبحر العدل.
فلهذا قل واردها، وندر من أبحر فيها، وهي تقسم كما تقسم الأرزاق والآجال، ولها أهل، ولضدها أهل، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
إن العاقل حقاً من أرضى ربه قبل أن يلقاه .. وبنى قبره قبل أن يدخله .. وترك الدنيا قبل أن تتركه.
ومن استطاع أن يتحلى بمكارم الأخلاق، ويترقى فيها حتى يكون إماماً لحيه، وإماماً للناس، فليفعل، فإن له من عمل كل مقتد به نصيب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم (1).
وحسن الخلق قسمان:
حسن الخلق مع الله .. وحسن الخلق مع الناس.
حسن الخلق مع الله أن يكون العبد منشرح الصدر بأوامر الله تعالى ونواهيه، يفعل ما أمره الله به، راضياً به، فرحاً بأدائه، مستبشراً بطاعة ربه، مجتنباً ما نهى الله عنه، وأن يعلم أن كل ما يكون من نفسه يوجب عذراً، وأن كل ما يأتي من الله
(1) أخرجه مسلم برقم (2674).
يوجب شكراً، فلا يزال شاكراً لربه، معتذراً إليه من تقصيره، سائراً إليه بين مطالعة منة الله، وشهود عيب نفسه.
وحسن الخلق مع الناس جماعه أمران:
بذل المعروف قولاً وفعلاً .. وكف الأذى قولاً وفعلاً.
ففي المعاملات مع الناس يكون سمحاً لحقوقه، لا يطالب بها غيره، ويوفي ما يجب عليه لغيره منها:
فإن مرض ولم يعد .. أو قدم من سفر فلم يزر .. أو ضاف فلم يكرم .. أو أحسن فلم يشكر .. أو تكلم فلم ينصت له .. أو استأذن فلم يؤذن له .. أو خطب فلم يزوج .. وما أشبه ذلك لم يغضب ولم يعاقب، ولم يتنكر من حاله حال، ولا يقابل ذلك بمثله.
بل يضمر أنه لا يعتد بشيء من ذلك، ويقابل كلاً منه بما هو أحسن وأفضل، واقرب منه إلى البر والتقوى.
ثم يكون في إيفاء ما يكون عليه أفضل وأحسن وأجمل، فإذا مرض أخوه المسلم عاده .. وإن استمهله في قضاء دين أمهله .. وإن جاء في شفاعة شفعه .. وإن احتاج منه إلى معونة أعانه .. وإن استسمحه في بيع سمح .. ولا ينظر ولا يلتفت إلى سوء معاملته له فيما خلا.
إنما يتخذ الأحسن إماماً لنفسه، ويسبق إلى كل فضيلة، ويأنف من كل رذيلة، ويتجاوز لإخوانه عن كل سيئة، ويعفو ويصفح، ويتبع السيئة الحسنة:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت: 34،35].
وبحسب قوة إيمان العبد، وكمال تصديقه بالجزاء، ومعرفة حسن موعود الله وثوابه، يسهل على العبد تحمل ذلك، والقيام به، ويلذ له الاتصاف به.
وحسن السمت من أخلاق الأنبياء والصالحين، وهو دليل على كمال الإيمان
ورجاحة العقل، وهو حسن المظهر الخارجي للإنسان من طريقة الكلام والصمت، والحركة والسكون، والدخول والخروج، وحسن الهيئة، وحسن السيرة العملية بين الناس، وحسن المعاشرة مع الأهل.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: كَانَ النَّبِيُّ (مَرْبُوعاً، وَقَدْ رَأيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، مَا رَأيْتُ شَيْئاً أحْسَنَ مِنْهُ. متفق عليه (1).
وحسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَمُوتَنَّ أحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُّحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عز وجل» أخرجه مسلم (2).
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأبْصَرَنَا، فَقال:«مَا ظَنُّكَ يَا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» متفق عليه (3).
والأخلاق غرائز كامنة، وحسن الخلق ميل النفس نحو الأرفق الأحمد من الأقوال والأفعال، والتخلق بأخلاق الشريعة، والتأدب بآداب الله التي ذكرها في كتابه.
وإذا حسنت أخلاق الإنسان كثر محبوه وقلّ معادوه، فسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت له القلوب الغضاب، ونبتت على جوارحه المحاب، وسال لسانه بكل ما لذ وطاب.
فحسن الخلق ذهب بخيري الدنيا بالآخرة، وخيار الناس أحاسنهم أخلاقاً.
وأحسن البشرية أخلاقاً على الإطلاق سيد الأولين والآخرين، وسيد ولد آدم، وسيد الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربه:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].
ولحسن خلقه صلى الله عليه وسلم وكمال أدبه، فهو محمود عند الله .. ومحمود عند ملائكته ..
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5848)، واللفظ له، ومسلم برقم (2337).
(2)
أخرجه مسلم برقم (2877).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3653)، واللفظ له، ومسلم برقم (2381).
ومحمود عند إخوانه المرسلين .. ومحمود عند أهل الأرض كلهم .. وما فيه من صفات الكمال محمود عند كل عاقل .. وهو أحمد الخلق لربه.
وهو محمود بما يملأ به الأرض من الهدى والإيمان، والعلم النافع والعمل الصالح .. فتح الله به القلوب .. وكشف به الظلمة عن أهل الأرض .. واستنقذهم من أسر الشياطين .. ومن الشرك بالله والكفر به والجهل به .. ونال أتباعه شرف الدنيا والآخرة.
أغاث الله به البلاد والعباد .. وأحيا به الخليقة بعد الموت .. فهدى به من الضلالة .. وعلَّم به من الجهالة .. فعرف الناس ربهم ومعبودهم.
عرَّفهم بربهم .. وعرَّفهم بالطريق الموصل إليه .. وعرَّفهم بمالهم بعد القدوم عليه.
لم يدع حسناً إلا أمرهم به .. ولا قبيحاً إلا نهاهم عنه .. ولم يدع باباً من أبواب العلم النافع المقرب إلى الله إلا فتحه .. ولا مشكلاً إلا بيَّنه وشرحه .. ولا خيراً إلا رغَّب به .. ولا شراً إلا حذر منه.
حتى هدى الله به القلوب من ضلالها .. أرسله الله رحمة للعالمين.
فأي بشر أحق بأن يحمد منه صلى الله عليه وسلم؟.
فمحمد صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق، وأعظمهم أمانة، وأصدقهم حديثاً، وأجودهم، وأسخاهم، وأصبرهم، وأعظمهم عفواً ومغفرة ورحمة، وأعظم الخلق نفعاً للعباد في دينهم ودنياهم، وأشدهم تواضعاً، وأعظمهم إيثاراً على نفسه، وأقوم الخلق بما يأمر به، وأتركهم لما ينهى عنه.
ولما كانت هذه صفاته، وهذه أخلاقه، أمرنا الله عز وجل أن نقتدي به كما قال سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].