الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - فقه المروءة
قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله» . وَأحْسِبُهُ قَالَ: «كَالْقَائِمِ لا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لا يُفْطِرُ» متفق عليه (1).
المروءة: استعمال كل خلق حسن، واجتناب كل خلق قبيح، واستعمال ما يجمل العبد ويزينه، وترك ما يدنسه ويشينه.
وفي نفس كل إنسان ثلاثة دواع متجاذبة:
داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشياطين من الكبر والحسد، والبطر والعلو، والبغي والشر، والظلم والفساد، والغش والأذى.
وداع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الحيوان، وهو داعي الشهوة والحرص والطمع.
وداع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الملائكة من الإحسان والنصح، والبر والعلم، وحسن الطاعة، وكمال الاستقامة.
فحقيقة المروءة: بغض الداعيين الأولين، وإجابة الداعي الثالث.
وقلة المروءة: إجابة ذينك الداعيين، وترك الثالث.
والمروءة لها ثلاث مراتب:
المروءة مع النفس .. والمروءة مع الخلق .. والمروءة مع الحق.
فالمروءة مع النفس، تكون بحملها قسراً على ما يجمل ويزين، وترك ما يدنس ويشين، ليصير لها ملكة في العلانية.
فمن أراد شيئاً في سره وخلوته ملكه في جهره وعلانيته، فلا يفعل خالياً ما يستحي من فعله في الملأ إلا ما يحضره الشرع والعقل كالجماع والتخلي ونحو ذلك.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6007)، واللفظ له، ومسلم برقم (2982).
الثانية: المروءة مع الخلق، بأن يستعمل معهم الحياء والخلق الجميل، وحسن الأدب، ومكارم الأخلاق، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره.
الثالثة: المروءة مع الحق سبحانه، بالاستحياء من نظره إليك، وإصلاح عيوب النفس قدر الإمكان، فإن الله قد اشتراها منك، وليس من المروءة تسليم المبيع على ما فيه من العيوب، وتقاضي الثمن كاملاً.
وحقوق المروءة كثيرة، وشروطها في نفس الإنسان مع الاستقامة ثلاثة:
الأول: العفة: وهي نوعان: العفة عن المحارم .. والعفة عن المآثم.
الثاني: النزاهة: وهي نوعان: النزاهة عن المطامع الدنيوية .. والنزاهة عن مواقف الريبة.
الثالث: الصيانة: وهي نوعان: صيانة النفس بالتزام كفايتها .. وصيانتها عن تحمل المنن من الناس؛ لأن المنَّة تحدث ذلة.
أما شروط المروءة في الغير فهي ثلاثة:
المؤازرة: وهي نوعان: الإسعاف بالجاه، ويكون من الأعلى قدراً، وربما كان أعظم من المال نفعاً، ومن بخل به فهو أسوأ من البخيل بماله، والإسعاف في النوائب.
الثانية: المياسرة، وهي نوعان:
العفو عن الهفوات .. والمسامحة في الحقوق.
الثالثة: الإفضال، وهو نوعان:
إفضال اصطناع، وهو ما أسداه إلى غيره جوداً وكرماً.
وإفضال استكفاف، وهو الكف عن السفهاء؛ لأن ذا الفضل لا يعدم حاسد نعمة يبعثه اللؤم على البداء بسفهه.
والفرق بين العقل والمروءة، أن العقل يأمرك بالأنفع، والمروءة تأمرك بالأجمل.
والمروءة صدور الأفعال الجميلة الممدوحة شرعاً وعقلاً وعزماً من الإنسان لكافة المخلوقات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3467)، واللفظ له، ومسلم برقم (2245).