الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُحاول منِّي أن أرُدَّ جوابَها
…
وفِكْرتيَ اسْتولى عليها قَتامُها
وقد لعبتْ أيْدي المشيب، بمَفْرقِي
…
وتوَّجَنِي دُرًّا يسوءُ انْتظامُها
رعى الّلهُ أيامَ الشبابِ وعهدَه
…
وأوقاتَ أُنْسٍ ليت عمريَ عامُها
وحيَّى لُيَيْلاتٍ مضتْ وتصرَّمتْ
…
لياليَ أُنْسٍ كان صُبحاً ظلامُها
يغازلني فيها أغُّن مهَفْهَفٌ
…
لواحظُه وسْطَ الفؤاد سهامُها
وبِتُّ يُعاطيني كؤوسَ حديثهِ
…
فلله من خمْرٍ حلالٍ حَرامُها
وطوراً يُحيِّيني بوردةِ خدِّه
…
وآونةً من خمر فيه مُدامُها
فرِيقتُه نَفْسُ الشَّمولِ وثغْرُه
…
حَبابٌ لها يطْفو ومن فيه جَامُها
وقد عِفْتُ أبيات القريضِ ونظْمَه
…
وقُوِّض من بين الفؤاد خيامُها
ولكن بحمْد الله جادتْ قريحتي
…
وما خلتُ يوماً أن تجود جَهامها
فدونكَها يا ابن الكرامِ بديعةً
…
تؤُمُّ ذَرَى نادِيك يُهْدَى سلامُها
ودُمْ وابْق ما أنْشأ بليغٌ قصيدةً
…
تضوَّعَ مِسْكاً بالثَّناء خِتامُها
فضل الله بن شهاب الدين
الفضل التام له منه جله، والحسن للناس بعضه وله كله.
والزيادة من فضل الله لا تنتهي، والنعم لديه منها ما يشتهي
وقد ولد في طالع عنه الإقبال يترجم، فكاد يقضي له بالسعد من لم يكن ينجم.
والحر تكفيه عن تنجيم وتقويم، تسنحة خُلُق وخَلْق له في أحسن تقويم.
فاقترن باليمن باستهلاله، حتى كأن نونه خطت من هلاله.
فودت الجوزاء لو كانت قلادة تراقيه، والزهرة لو غدت عوض ذؤابته التي تراقيه.
ونشأ في نعمة تتملى اقتبالا، وكرامةٍ تسبغ سربالا.
ووقاية الله تحفظه، وعيون الألطاف تحفه وتلحظه.
حتى جمع أريحية الشباب، ونجابة الكهول، وحل من الفضل المحل السامي والمربع المأهول.
وتقدم إلى دقائق العلوم فتغلغل في شعابها، وتميز على نظرائه بحل رموزها وتسهيل صعابها.
وهذه دعوةٌ شاهدها من كان مثلي برياً من الريب، ولست أخبر عن الموتى ولا أستشهد الغيب.
وقد بلغني من بدائع فكره المتلهب الوقد، وروائع شعره الخالي من التكلف والنقد.
ما تتناثر على مذهباته الدرر، وتتكاثر على محاسنه الغرر.
فمن ذلك قوله:
مُذْ مال خرَّتْ له الأغصانُ ساجدةً
…
خُوط به من رحيق الثغرِ إسْكارُ
حَطَّ اللِّثام فغاب البدرُ من خَجَلٍ
…
وقد بدا في الدُّجَى للصبح إسْفارُ
أضحى كجسمى منه الخَصْر ليس يُرَى
…
ومَنْطقَتْه من العشاق أبْصارُ
وِشاحُه مثلُ قلبي خافقٌ أبداً
…
ولَحْظُه الفاتك الفتَّانُ سَحَّارُ
كأنَّما شعرُه في خالِ وجْنتِه
…
دخانُ قطعةِ نَدٍّ تحتها نارُ
قلت هذه القطعة قطعة عمادية، والقول بأنها تماثل نزعة عنادية.
ولابن سناء الملك فيما يشبه هذا التشبيه، وإن لم يكن منه:
سمراءُ قد أزرتْ بكلِّ أسمرٍ
…
بلَوْنها ولِينها وقَدِّهَا
أنفاسُها دخانُ نَدِّ خالِها
…
وريقُها من ماء وردِ خدِّهَا
وأقرب منه قول السيد محمد العرضي:
على وجَناتِه خالٌ عليه
…
تبدَّتْ شعرةٌ زادتْه لطفَا
كقطعةِ عنْبرٍ من فوق نارٍ
…
بدَا منها دخانٌ طاب عَرْفَا
ومثله للسيد باكير بن النقيب:
في خدِّه القانِي المضَرَّجِ شامةٌ
…
قد زِيد بالشَّعرات باهرُ شأنِهَا
كلهِيبِ جمْرٍ تحت قطعةِ عنبرٍ
…
قد أُوقِدتْ فبدا ذَكِيُّ دُخانِهَا
وله:
ومُدير لنا المُدام بكأسٍ
…
مثل عِقْدٍ حَبابُه منْظومُ
هو بدرٌ وفي اليمين هلالٌ
…
فيه شمسٌ وقد علتْها النجومُ
من دنَا دَنَّه يشمُّ عبيراً
…
من شَذاه رحيقُه مختومُ
حَيِّ يا صاحِ بالفلاح عليها
…
واصْطحِبْها تنْفكُّ عنك الهمومُ
ودعِ العمرَ ينْقضي بالتَّصابِي
…
وكذاك الوُشاةَ دعْهُم يلومُوا
قوله: هو بدر، إلى آخر البيت، قد أحسن فيه، لكن تشبيه الكأس بالهلال محل نظر، والمتعارف تشبيهه بالبدر، كما في قول ابن الفارض:
لها البدرُ كأسٌ وهي شمسٌ يُديرُها
…
هلاللٌ وكم يبدو إذا مُزِجتْ نَجْمُ
إلا أن يكون قصد الزورق، فإنه شبه به الهلال، كما في قول ابن المعتز:
وانْظُرْ إليه كزورقٍ من فضةٍ
…
قد أثْقلتْه حمولةٌ من عَنْبَرِ
فعكس التشبيه.
ويمكن أن يقال: إنه شبهه بالهلال، بالنظر إلى هيئته، إذا أمسكه الساقي، كما يفعل الأعاجم في مناولة إناء المشروب؛ وذلك أنهم يقبضون بالإبهام والمسبحة على الإناء من فوق، فينستر نصف الكأس بالأصبعين، ويبقى النصف ظاهراً كهيئة الهلال. انتهى.
وله:
ذَممْتُ النَّوَى من قبلُ منِّي جهالةً
…
ولم أدْرِ أن البَيْنَ أصلُ شفائِي
فحِبِّيَ لمَّا حازه البعد حازَني
…
سَقامٌ فأخْفانِي عن الرُّقباءِ
وصرتُ إذا شاء الزيارةَ زُرْتُه
…
ولم ترَني عينٌ لفَرْطِ خَفائِي
أخذه من قول كشاجم:
ومازال يَبْرِي أعْظُمَ الجسم حبُّها
…
وينْقُصها حتى لَطُفْنَ عن النَّقْصِ
فقد ذُبْتُ حتى صرتُ إن أنا زرتُها
…
أمِنْتُ عليها أن يَرى أهلُها شخصِي
وله:
أطار الهوى مِن جمر خدَّيْه جَذْوةً
…
فأصْلَى بها قلبي الذي ضم أضْلُعِي
وصعَّده مِنْ بعد ماقو قد أذاقَهُ
…
وقطَّرِهُ من مقلتي دَرَّ أدْمُعِي
أحسن منه قول ابن النبيه:
تعلّمتُ علمَ الكيمياء بحبِّه
…
غزالٌ بجسمي ما بعيْنيه من سُقْمِ
فصعَّدتُ أنفاسي وقطَّرتُ أدْمُعي
…
فصحَّ من التَّقْطير تصغيرةُ الجسمِ
وللشهاب الخفاجي:
في بُكائِي راحةٌ من شجَنِي
…
بعد يأْسٍ من أمانٍ يُطمعُ
فكأن الحزنَ من نار الجوَى
…
ذاب حتى اسْتقْطَرتْه الأدْمُعُ
وله:
أيا شاهراً سيْفاً يُشابه لحْظَه
…
يصُول به ضَرْباً وموقعُه القلبُ
دعِ السيفَ وانظر نحْو مَنْ رُمْتَ قتْلَه
…
فعيْناك كلٌّ منهما صارمٌ عَضْبُ
وله:
دَائِيَ الحبُّ والأماني طبيبي
…
والنَّوى والفِراقُ من عُوَّادِي
ودوائي ذكرُ اللِّوَى وسَميري
…
ضَيْفُ طيفٍ مُوكَّل بسُهادِي
وله:
بِي ظَبْيُ إنْسٍ لاح في قُرْطُقٍ
…
قد فضح الدُّرَّ سنَا ثغْرِه
ما فيه من عيْبٍ سوى أنه
…
أشْبَهَ جسمِي بِضنَى خَصْرِه
وله:
تحجَّب البدرُ من غَيْمِ الصدودِ وفي
…
ليلٍ من الهجرِ عن مأسورِ ألْفاظِه
ومرَّ يبخلُ حتى بالسلام ترى
…
مِنْ خَوْفهِ لَقْط سمعي دُرّ ألْفاظِه
وله:
كأنَّ مَبْدَأَ نَبْت الشَّاربَيْن وقد
…
بدا على شفَةٍ شطَّتْ عن الدَّنِفِ
زُبانَيَا عقْرَبَيْ صُدْغَيْه قد حمَتَا
…
رحيقَ ريِّقهِ عن رشْفِ مُرْتشِفِ
وله:
فديْتُك رَابني الإعراضُ عنِّي
…
ولم أعرفْ له سببتاً وحقِّكْ
سوى أنِّي المقيمُ على وِدادِي
…
وأنِّي يا حبيبي عبدُ رِقِّكْ
وله:
إذا زارني ليلاً مَخافةَ عاذلٍ
…
وأسْفر وجْهاً صار صبحاً بغُرَّتِهْ
وإن زارني صُبْحاً وأرْخى غدائراً
…
على الوجهِ صار الصبحُ ليلاً بطُرَّتِهْ
وله:
وبدرٍ حكَتْه الشمسُ عند شروقِها
…
إذا غرُبتْ في فِيه والليلُ سابلُ
إذا ما تثنَّى قَدُّه وَسْطَ روضةٍ
…
تخِرُّ له الهِيفُ الغصونُ الموائلُ
وله:
لمَّا غدا جِيدُك الحالي بعِقْدِك من
…
قلائدٍ وعقودٍ عاطلَ الْخالِ
دمِي تقلَّده ظلْماً ألسْتَ ترى
…
نَقْطاً عليه دمى سَمُّوه بالْخالِ
وله:
ودَّعَني مَن نواهُ أوْدَعنِي
…
شَوْقاً يزيد الفؤادَ نِيرانَا