الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فارقتُ أوطاني وأهلَ مودَّتي
…
وحبائباً غِيداً لهنَّ وفاءُ
من كلِّ مائسةِ القَوامِ إذا بدتْ
…
لجمالِ بهْجتها تغارُ ذُكاءُ
ما أسْفرتْ والليلُ مُرْخٍٍ سِتْره
…
إلا تهتَّكُ دونها الظلماءُ
ترْمِى القلوبَ بأسهُمٍ تُصْمِى وما
…
لجِراحهنَّ سوى الوِصالِ دواءُ
شمسٌ تَغارُ لها الشموسُ مُضيئةً
…
ولها قلوبُ العاشقين سَماءُ
هيفاءُ تختلس العقولَ إذا رنَتْ
…
فكأنما لَحَظاتُها الصَّهْباءُ
ومَعاشرٍ ما شاَنَ صدقَ وفائهمْ
…
نقضُ العهودِ ولا الودادَ مِراءُ
ما كنتُ أحسبُ قبل يوم فِراقهمْ
…
أن سوف يُقْضَى بعد ذاك بقاءُ
فسقَى رُبَي وادي دمشق وجادَها
…
من هاطِل المزْنِ المُلِثِّ حَياءُ
فيها أُهَيْلُ مودَّتي وبتُرْبها
…
لجَليلِ وجدي والسَّقامِ شِفاءُ
ورعى ليالِينا التي في ظِلِّها
…
سلَفتْ ومُقْلةُ دهْرنا عَمْياءُ
أترى الزمان يعود لي بإيابها
…
ويباح لي بعد البعاد لقاء
فإلى متى يا دهْر تصدَعُ بالنَّوَى
…
أعْشارَ قلبٍ ما لهُنَّ قواءُ
وتسُومني فيك المُقامَ بذلَّةٍ
…
ولِهمَّتي عمَّا تسُوم إباءُ
فأجابني لولا التَّغرب ما ارتقى
…
رتبَ العلا من قبلك الآباءُ
فاصبرْ على مُرِّ الخطوب فإنما
…
مِن دون كلِّ مسرَّةٍ ضَرَّاءُ
واترُكْ تذكُّرَك الشآمَ فإنما
…
دون الشآمِ وأهلِها بَيْداءُ
وقوله من قصيدة في المدح، مستهلها:
شامَ بَرْقاً لاح بالأبْرَقِ وَهْنَا
…
فصبَا شوقا إلى الجِزْعِ وحَنَّا
وجرى ذكْرُ أُثَيْلاتِ النَّقَا
…
فشكا من لاعِجِ الشوقِ وأنَّا
دَنِفٌ قد عاقه صَرْفُ الرَّدَى
…
وخُطوبُ الدهرِ عمَّا يتمَنَّى
شَفَّه الشوقُ إلى بَانِ اللِّوَى
…
فغدا مُنْهمِلَ الدمع مُعَنَّى
أسلمتْهُ للرَّدَى أيْدِي الأسَى
…
عندما أحْسنَ بالأيام ظَنَّا
طالما أمَّلَ إلمْاَم الكرَى
…
طمَعا في زَوْرِة الطَّيْفِ وأنَّي
كلَّما جَنَّ الدجى حَنَّ إلى
…
زمنِ الوصلِ فأبْدَى ما أجَنَّا
وإذا هبَّ نسيمٌ من رُبَى
…
حاجِرٍ أهْدَى له سُقْما وحُزْنَا
يا عربيا بالحِمَى لولاكمُ
…
ماصَبا قلبي إلى رَبْعٍ ومَغْنَى
كان لي صَبرٌ فأوْهاه النَّوى
…
بعدَكم يا جِيرةَ الحيِّ وأفْنَى
قاتَلَ اللهُ النَّوى كم قرَّحتْ
…
كبِداً من ألمِ الشوق وجَفْنَا
كدَّرتْ مَورِدَ لَذَّاتي وما
…
تركتْ لي من جميل الصبرِ رُكْنَا
قطعت أفلاذ قلبي والحشا
…
وكستني من جليل السقم وَهْنَا
فإلى كم أشْتكي جَوْرَ الهوى
…
وأُقاسِي من هوى ليلى ولُبْنَى
قد صَحَا قلبيَ من سُكْرِ الهوى
…
بعد ما أزْعجه السكرُ وعَنَّى
ونَهانِي عن هوى الغِيدِ النُّهىَ
…
وحَباني الشَّيبُ إحساناً وحُسْناً
وتفرَّغْتُ إلى مَدحِ فتىً
…
سُنَّةَ المعروفِ والأفْضالِ سَنَّا
السيد نور الدين بن أبي الحسن الحسيني
هو نورٌ للمجتلى القابس، وابتسامٌ في الزمان العابس.
سما قدره بين فضلاء الأنام، وحلَّ من الأدب بين الذورة والسنام.
وصيته في الحجاز أشهر من يوم بدر، وأنور من ليلة القدر.
مع نزاهة عن الدنيا، ورفعة نيطت بالثريا، ولهجةٍ ترقرق فيها ماء الحيا، فأحيي وحي.
وكرم طبعه مع حسن صمته، دليلٌ للرواة على حسن سمته.
فإذا حبا أنى توازن به الغيوث السواكب، وإذا احتبى هيهات أن تشبهه الجبال الرواسب.
وله فوائد قد تأنق فيها، وأشعارٌ أصبح جوهره سلك مقتفيها.
وقد أثبت له ما يعجب إحسانه، ولا يجحد حسنه أو ينكر استحسانه.
فمنه قوله، من قصيدة طويلة في المدح، مطلعها:
لك الفخرُ بالعَلْيا لك السَّعُد راتبُ
…
لك العزُّ والإقبال والنصر غالبُ
سمَوْتَ على قَبِّ السَّراحِين صائلاً
…
فكلَّتْ بكفَّيْك القّنا والقواضبُ
وحُزْتَ رِهان السَّبق في حَلْبة العلى
…
فأنت لها دون البريَّة صاحبُ
وجُلْتَ بحَوْماتِ الوغى جَوْل باسلٍ
…
فرُدَّت على أعْقابهن الكتائبُ
فلا الدَّارعاتُ المُقتماتِ تكنُّها
…
ملابُسها لما تَحِقُّ المضاربُ
ولا كثرةُ الأعداء تغنى جموعُها
…
إذا لمعتْ منك النجومُ الثواقبُ
خُضِ الحَتْفَ لا تخشَ الورى واقْهرِ العدى
…
فليس سوى الإقدام في الرأيِ صائبُ
وشمِّر ذيولَ الحزْمِ عن ساقِ عزْمِها
…
فما ازدحمتْ إلا عليك المراتبُ
إذا صدَقت للناظرين دلائلٌ
…
فدَعْ عنك ما تُبدِي الظنونُ الكواذبُ
بِبيضِ المَواضي يُدرِك المرءُ شأوَهُ
…
وبالسُّمْر إن ضاقتْ تهون المصاعبُ
لِأسْلافك الغُرِّ الكرام قواعدٌ
…
على مثلها تُبنَى العلى والمناصبُ
زكَوْتَ وحُزْتَ الفضل مجداً ومحتِدا
…
فآباؤُك الصِّيد الكرام الأطايبُ
ومن يَزْكُ أصلاً في المعالي سمتْ به
…
ذُرَا المجد وانْقادتْ إليه الرَّغائبُ
بَنُو عمِّكم لمَّا أضاءتْ مشارقٌ
…
بكم أشرقتْ منهم علينا مغاربُ
وفيكم لنا بدرٌ من الغرب طالعٌ
…
فلا غَرْو أن كانت لديه العجائبُ
هو الفخر مَدَّ الله في الأرض ظلَّه
…
ولا زال تُجْلَى من سَناه الغياهِبُ
إلى حلبَ الشَّهباءِ منِّى بِشارةٌ
…
تعطِّرها حتى تفوحَ الجاونبُ
إذا ما مضى من بعد عشرٍ ثلاثةٌ
…
من الدَّوْر فيها تُستَتمُّ المآربُ
لقد حدَّثتْ عنها أولو العلم مثلَما
…
جَرى وانْقضت تلك السِّنونَ الجوادِبُ
بدا سعدُها لمَّا علىٌّ بد بها
…
وياطالما قد أُنحستْ وهْو غاربُ
وفَوْزُ عليٍّ بالعلى فوزُها به
…
فكلٌ إلى كلٍّ مضافٌ مُناسبُ
كأنِّي بسيف الدولة الآن وارداً
…
إليها يُلاقي ما جنْته الثَّعَالبُ
لقد جادَها صَوْبُ الحيا بعد مَحْلِها
…
وشرَّفها مَن أحكمتْه التَّجارِبُ
كريمٌ إذا ما أمحلَ الغيْثُ أمطرتْ
…
أيَادِيه جُوداً منهع تصفُو المشاربُ
أديب أرِيب لو تجسَّم لفظُه
…
أصابتْه عِقْداً للنُّحور الكواعبُ
فيا أيها المنصورُ بُشْراك رتبة
…
بها السعدُ حقا والسرورُ مُواظبُ
مدحْتكُمُ والمدحُ فيه تجارةٌ
…
بها تُثمِر النُّعمَى وتْغلو المكاسبُ
إلى باب عَلْياكم شدَدْت رواحِلِي
…
ويا طالما شُدَّت إليه الركائبُ
بها الفضلُ منشورٌ بها الجودُ وافرٌ
…
بها فتحُ من سُدَّت عليه المَذاهبُ
وماذا عسى أن يبُلغ الوصفُ فيكمُ
…
إلى غايةٍ هل يْنقُص البحرَ شاربُ
فلا زلتمُ في أكْملِ السعدِ والهنا
…
مدَى الدهر ما مالتْ وماسَتْ ذوائبُ
وله يتغزل:
يا مَن مَضَوْا بفؤادي عندما رحلُوا
…
من بعد ما في سُوَيْدا القلبِ قد نزلوا
جارُوا على مُهْجتي ظلما بلا سببٍ
…
فليت شعرِي إلى مَن في الهوى عَدَلوا
وأطلقوا عَبْرتي من بعد بُعدهمُ
…
والعْينُ أجفانها بالسُّهد قد كحَلُوا
يا من تعذَّب من تسْويفهم كبدي
…
ما آنَ يوماً لقطْع الحبل أن تصِلوا
جادُوا على غيْرنا بالوَصْل مُتَّصِلاً
…
وفي الزمان علينا مرَّةً بَخِلُوا