الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: هذا ما وصل من أشعاره إلى، والمنة لمن منحني به علي.
وقد قيل: من أحيي قلب صديق، بكلام رقيق، أمن من كل حريق، وسلم في كل مضيق.
ولو استزدت لزدت، وما قلت عسيت أو كدت.
حسين بن شههاب الدين
بن حسين بن محمد بن يحيى ابن جاندار البقاعي الكركي
باقعة البقاع، المخجل بغرره وجوه الرقاع.
طلعت محاسنه طلوع النجوم الزواهر، وسعدت تلك البقاع بآدابه المعجبة البواهر.
وإذا تأمَّلتَ البقاعَ وجدتَها
…
تشْقَى كما تشقى الرجالُ وتسعَدُ
وهو وحيدٌ في كرم ضرائبه، متفرد بكثرة عجائبه وغرائبه.
تستوعب محفوظاته المقروء والمسموع، وتجمع معلوماته ما هو في الحقيقة منتهى الجموع.
وله أدب جزل، وجدٌ مقرون إلى هزل.
وأما نظمه فبابل منشأ كلامه، وما أنزل على الملكين في ضمن أقلامه.
وكان في أخريات أمره، حين لم يبق إلا قذىً في كأس عمره.
اشتغل بالطب فأتقن قواعده وأحكم، ولعب بالأرواح والأجسام كما شاء وتحكم.
ولكنه طاشت سهام رأيه عن أغراضها، وأصابت فما أخطأت النفوس في تخليصها من آلام أمراضها.
فكم عليلٍ دبَّ فيه علاجه ثم درج، فأنشد:
أنا القتيلُ بلا إثمٍ ولا حَرج
وتلاعبت به الظنون في مهاوى العربة، إلى أن دخل الهند وهو سفير الفقر والكربة.
فاستقبله النظام ابن معصوم ببريد كرمه، وأنزله حيث استرد شبابه بعد هرمه إلا أنه لم تظل مدته، حتى أخلقت بحادث الموت جدته.
وقد أوردت من محاسنه التي بهر اتقادها، وبعد عن مظان أولى النباهة انتقادها.
ما تستهدي منه شمالي الرُّبى آذنت لصحة الأجسام بالتكفل، ونسيم الصبا جاءت بعرف الصندل وريا القرنفل.
فمنه قوله، من قصيدة، مستهلها:
هو الحب لا يْبقَى على النَّأْيِ بارِحَا
…
فصبراً وأنَّي يردعُ الصبرُ جامِحَا
حليفَ غرامٍ مُدْنَفٍ فتكتْ به
…
جوارحُ ألْحاظٍ تُذيب الجوارحَا
وهل يُرْتجىَ بُرْءُ السليم الذي غدتْ
…
عليه أماراتُ الهلاكِ روائحَا
أراقتْ دمي بالسَّفْح غرَّاءُ ناهدٌ
…
على مثلِها أمستْ دموعي سوافِحَا
مضتْ غيرَ ما أبْقتْ من الوجدِ والأسَى
…
ليالٍ بنا نلْنَا المُنَى والمنائحَا
برَغْمِي حلَلْت الدمعَ بين طلولُهم
…
فلم أرَ مُرّاً يُرجِع القلبَ فارِحَا
خَلَا مَلْعب أوْدَى بأرجائِه البِلىَ
…
تُلاعُبه هُوجُ الرياض روائحَا
وعهدِي به بالأمْسِ للعينِ مألَفٌ
…
فعُوِّضَ عنهنَّ ابنُ دَايةَ نائحِاَ
ابن داية: الغراب، وهو علم جنس ممنوع من الصرف، سمي به لأن أنثاه إذا طارت من بيضها حضنها الذكر فيكون كالداية للأنثى.
وكان جَلاءَ الناظريْن من القَذَى
…
فأضحى يردُّ الطَّرف بالدمع سافحَا
فيا مُمْتطِى كَوْماءَ كالهِقَل جَسْرَةٍ
…
عَرَنْدية تطوِى الرُّبَى والأباطِحَا
الكوماء: الناقة الطويلة السنام.
والهقل: الفتى من النعام.
والجسرة: الناقة القوية، ويقال هي: الجرية.
والعرندية: الناقة القوية.
إذا عاينَتْ عيْناك كُثْبانَ رَامةٍ
…
وجازتْ بك الوَجْناءُ تلك الصَّحاصِحَا
أنِخَها برَبْعٍ يَنْفح الرِّيحُ رائحاً
…
تجاهَك من رَيَّا شَذاه الرَّوائِحَا
وبلِّغ رعاك اللهُ من أُهَيْلَه
…
سلاما كنَشْر المَنْدَل الرَّطْب نافحَا
وقل لهمُ خلَّفتُ بالشامِ مُدْنَفا
…
صريعَ اشْتياقٍ نائِىَ الدارِ نازِحَا
يئنُّ ويشكُو بانْتحابٍ ولوعةٍ
…
نَواكُم إذا أرْخَى الظلامُ المَسائحَا
عسى أَوْبةٌ تطفِى لهيب جوانحِي
…
إذا كنتَ لي فيما تحملَّتَ ناصِحَا
فبِي ظمأٌ لو كان بالتُّرْبِ ما عدَتْ
…
على صفحِة الأرض المِياهُ سوائحا
ولو أن أنْفاسِي أصاب سعيرُها
…
رياحَ الغَضا ما كُنَّ يوماً لواقِحَا
فيا قلبُ صبراً إن يكُ الصبرُ نافعا
…
فمن حارب الأيامَ لم يُلْفَ رابحا
رُوَيْداً هي الأيامُ لا تَرْجُ سُقْهَما
…
فما كان منها غادياً كان رائحَا
وما كان منها دانِياً كان نائياً
…
وما كان سانحاً كان بارِحَا
وقوله من أخرى، أولها:
هو الحبُّ لأُقرْب يدوم ولا بُعْدُ
…
وقد دقَّ معنًى أن يُحيِط به حَدُّ
يحَارُ أُولو الألباب في كُنْهِ ذاتِه
…
فمِن جِدِّه هزلٌ ومن هزلهِ جِدُّ
لك اللهُ قلبي كم تُجِنُّ لواعِجاً
…
يذوب لأدْنَى حَرِّها الحجر الصَّلْدُ
نصَحْتُك جُهْدِي لاقبلتَ نصيحتي
…
فعدْلُ الهوى جَوْرٌ وحُرُّ الهوى عبدُ
لقد عالج الحبَّ المُحِبُّون قبلَنا
…
فما نالَهم إلا القطيعةُ والصَّدُّ
فإن قال قومٌ إن في العشقِ لَذَّةً
…
فما أنْصفوا هذا خلافُ الذي يْبدُو
نعيمٌ هو البَلْوَى ورِىٌّ هو الظَّما
…
وذاك فَناءُ الجسم يجْلبه الوَجْدُ
على أنني جرَّبْتُه وبلَوْتُه
…
إذا أنه كالصَّابِ ذِيفَ به الشُّهْدُ
وما قلتُ جهلاً بالغرام وإنما
…
يُصدِّق قولي من له بالهوى عهدُ
وقوله من أخرى، أولها:
ما لاح بَرْقٌ برُبَي حاجِرِ
…
إلَّا اسْتهلَّ الدمعُ من ناظرِي
ولا تذكَّرتُ عهودَ الحِمى
…
وإلا وسار القلبُ عن سائرِي
أوَّاهُ كم أحمل جَوْرَ الهوى
…
ما أشْبهَ الأولَ بالآخرِ
يا هل ترى يدْرِي نَؤُومُ الضحى
…
بحالِ سَاهٍ في الدجى ساهرِ
تهُبُّ إن هبَّتْ يمانَّيةٌ
…
أشْواقُه للرَّشأ النافرِ
يضربُ في الآفاقِ لا يأْتِلي
…
في جَوْبِها كالمثلِ السائرِ
طوراً تِهامِيّاً وطوراً له
…
شوقٌ إلى من حلَّ في الحائرِ
كأنَّ ممَّا رابَه قلبَه
…
عُلِّق في قادِمَتَيْ طائرِ
أصل هذا المعنى لعروة بن حزام، قال:
كأنَّ قَطاةً عُلِّقتْ بجناحِها
…
على كبدِي من شِدَّةِ الخفَقانِ
وقوله، من أخرى:
لك الخيرُ لا زيدٌ يدوم ولا عمرُو
…
ولا ماءَ يبْقَى في الدِّنانِ ولا خمرُ
فبادِرْ إلى الَّلذَّاتِ غيرَ مُراقبٍ
…
فمالك إن قَّصرتَ في نَيْلها عذرُ
فإن قيل في الشَّيبِ الوَقارُ لأهِله
…
فذاك كلامٌ منه في مَسْمِعي وَقْرُ
وقالوا نَذِيرُ الشيبِ جاء كما ترى
…
فقلتُ لهم هيهات أن تُغْنِىَ النُّذْرُ
لئِن كان رأسِي غيَّر الشيبُ لونَه
…
فرِقَّة طبعي لا يغيِّرها الدهرُ
يقولون دَعْ عنك الغواني فإنما
…
قُصاراك لَحْظُ العين والنَّظر الشَّزْرُ
وهل فيك للْغِيد الحسان بقيَّةٌ
…
وقد ظهر المكنونُ وارتفع السِّتْرُ
وما للغواني وابنِ سبعين حِجَّةً
…
وحِلمُ الهوى جهلٌ ومعروفُه نُكْرُ
فقلتُ دعوني والهوى ذلك الهوى
…
وما العمرُ إلا العامُ واليومُ والشهرُ
نشأتُ أُحِبُّ الغِيدَ طفلا ويافِعا
…
وكهلا ولو أَوفِى على المائة العُمْرُ
وهُنَّ وإن أعرضْنَ عني حَبائِبٌ
…
لهُنَّ علىَّ الحكمُ والنَّهْىُ والأمرُ
أُحاشِيك بي منهنَّ مَن لو تعرَّضتْ
…
لنَوْءِ الثُّريَّا لاسْتهلَّ لها القَطْرُ
ترقْرَق ماءُ الحسن في نارِ خدِّها
…
فماءٌ ولا ماءٌ وجمرٌ ولا جمرُ
فيا بُعْد ما بين الحِسان وبينها
…
لهُنَّ جميعاً شَطْرُه ولها الشطرُ
بَرَهْرَهَةٌ صِفْرُ الوِشاحِ إذا مشَتْ
…
تجاذَب منها الرّدْفُ والعِطْف والخَصْرُ
من البِيض لم تْغِمس يداً في لَطِيمةٍ
…
وقد ملأ الآفاقَ من طِيبها نَشْرُ
تَخَرُّ لها زُهْر الكواكب سُجَّداً
…
وتْعنُو لها الشمسُ المنيرةُ والبدرُ
تَخالُ بجَفنيها من النومِ لَوْثةً
…
وتحسَبُها سكرَى وليس بها سُكرُ
وقالوا إلى هاروتَ يُنسَب سحرُها
…
أبى اللهُ بل من لَحْظِها يُؤخَذ السحرُ
تخالَف حالي في الغراِم وحالُها
…
لها مَحْضُ وُدِّي في الهوى وليَ الهجرُ
وقوله من أخرى، أولها:
أرَبْعَ الندى لا زال نجْمُك مشرِقَا
…
وسَحَّ سحابُ العزِّ فيك وأغْدقَا
ولا برِحتْ فيك السُّعودُ سوانِحاً
…
لتجمعَ من مكْنونها ما تفرَّقَا
سقاك رُضاب الغانيات إذا أبَتْ
…
عيونُ الغوادِي فيك أن تَتَرقْرَقَا
لتْغدُو رُباك السامياتُ كأنما
…
كستْها يدُ الأنْواءِ وَشْياً مُنَّمقا
إذا ما ذوَى نبْتُ الرِّياضِ فنَوْرُه
…
نَضارتُه تبْقَى إذا الدهرُ أخْلَقَا
فكم قد نهَبْنا فيك أوقاتَ لَذَّةٍ
…
رَقَمْنا بها في الدهر رَسْما مُحقَّقَا
يدير علينا اللهوُ في طَيِّ نَشْرِها
…
كؤوسَ الصّبا لا البابِليَّ المُعتَّقَا
وقوله من أخرى، أولها:
أشمسُ الضحى لا بل مُحَيَّاك أجملُ
…
وخُوط النَّقا لا بل قَوامُك أعْدل
سفَرْتِ لنا حيثُ النجومُ كأنها
…
كواعبُ في سُود المطارِف ترفُلُ
وحيث الهزِيعُ الآبَنُوسِيُّ حالِكٌ
…
كأن الدجى سِتْرٌ على الأرضِ مُسَبلُ
كأن غرابَ البَيْن قُصَّ جناحُه
…
فليس له مَنْأَى ولا مُتحوَّلُ
كأن رياضاً من أقاحٍ ونَرْجِسٍ
…
سقاهُنَّ من نهر المَجرَّةِ جدولُ
كأن الثريَّا إذا تَراءتْ لناظرِي
…
وِشاحٌ على زَنْد الزَّمان مُفصَّلُ
كأن سُهَيْلاً والنجومُ تؤُمُّه
…
نوافِرُ وُرْقٍ خِلْنَ قد لاح أجْدَلُ
كان السُّهَا ذو صَبْوةٍ غالَه النوى
…
فأنْحلَه والبَيْن للصبِّ يُنْحِلُ
كأنَّا رأيْنا بالنَّعائمِ إذ بدَتْ
…
نعائمَ تجْتابُ الفَلا وهْيَ هُمَّلُ
كأن السِّماكَيْن اسْتطارا لغارةٍ
…
فهذا له رُمْحٌ وذلك أعْزَلُ
فلما بدا مَرْآك شابتْ فروعُه
…
وقد كان مُسوَدَّ الغدائرِ ألْيَلُ
نزَحْت فلا غصنُ المَسرَّة يانِعٌ
…
ولا الماءُ سَلْسال ولا الروضُ مُخضَلُ
كأنِّي غَداة البَيْن حاسِي سُلافةٍ
…
إذا شُدَّ منه مَفْصِل هاضَ مَفصِلُ
تناولها صِرْفا ليحيَى فقرَّبتْ
…
إليه الرَّدَى مما يُعلُّ وينْهَلُ
إذا رفعوه خَرَّ مُلْقًى كأنه
…
نَقاً وكِلا أرجائه يتهيَّلُ
يُعاوده طوراً جنونٌ وتارةً
…
لِما شربتْ من عقله الراحُ أخْيَلُ
وأنْكَى جوًى يْعتادني لَومُ لائمٍ
…
وهل يَرْعوِى ذو جِنَّة ليس يعقلُ
أأسلُو وبي مالو يُلِمّ بيَذْبُلٍ
…
لَدُكَّ لما لاقَى من الوجد يَذْبُلُ
يرمون قْتلى بالمَلام تعمُّداً
…
وما أكثروا التأْنيبَ إلَاّ ليفعلُوا
لك الحكمُ يا دهري بما شئتَ فارْمِني
…
أيجزعُ من حَرِّ الضِّرامِ السَّمَنْدَلُ
السمندل: طائر هندي.
قال بعضهم: هو ناريٌ يعيش في النار كما يعيش طائر الماء في الماء.
وقال آخرون: هو طائر إذا هرم دخل نار الأتون أو نارا جاحمة غيرها، فيمكث فيها ساعات فيعود شابا.
وإياه عنى البهراني بقوله:
وطائرٍ يسبح في جاحمٍ
…
كماهرٍ يسبحُ في غَمْرِ
قال الجاحظ: وفي السمندل آية غريبة، وصنعة عجيبة، وداعية للتفكر، وسبب للتعجب، وذلك أنه يدخل في أتون النار فلا تحترق له ريشة.
لَعاً لِعثاري كيف لا أبلغ المنى
…
وأُدرِك شأْواً نَيْلُه لا يُؤمَّلُ
وقد شمِلتْني من أبي الجُود نظرةٌ
…
فأشرق نجْمى بعدما كاد يأفُلُ
لَعاً: كلمة يدعى بها للعاثر، معناها الارتفاع.
قال ابن السيد: هي اسم فعل مبنى على السكون، والتنوين فيه علامة التنكير، كهو في صهٍ ومهٍ.
وقد بين القزاز الفعل الذي لعاً اسمه، فقال: يقال لعاك الله أي نعشك الله ورفعك، فلعا اسم لنعش، وتكتب بالألف، لأن لامها منقلبة عن واو.
وله من أخرى، أولها:
هل طالبٌ بدم القتيلِ
…
بين المعاهد والطُّلولِ
سلَب الجمالُ فؤادَه
…
ونأَى عن الصبرِ الجميلِ
عبثتْ به أيدي الهوَى
…
فهوَى بوادِيه المَهولِ
قسَماً بأجْياد الظِّبا
…
وتحيَّةِ الظبْيِ الكحيلِ
ما مِلتُ عن نَهْج الغرا
…
مِ إلى مُلاحاةِ العَذُولِ
وَيْلاه كم أطْوِى الضلو
…
عَ أسًى على الداء الدَّخِيلِ
ما آن أن تُقضَي لُبا
…
ناتِي وأن يُشْفَى غليلِي
وبمُهجتِي ظَبْيٌ شما
…
ئلُه أرقُّ من الشَّمُولِ
فَعْم المُخَلْخَل ساحرُ الَّل
…
حظاتِ كالرشأ الخَدُولِ
الفعم: الملآن.
والمخلخل: موضع الخلخال من الساق، ومثله المسور موضع السوار من الذارع، والمقلد: موضع القلادة من العنق، والمقرَّط: موضع القرط من الأذن.
والخدول: الممتلئ الأعضاء الدقيق العظام.
يصْطاد أفئدةَ الورى
…
بحبائلِ الشَّعْر الرَّسِيلِ
قمرٌ يجِلُّ عن المَحا
…
قِ ضياؤُه وعن الأُفولِ
أرْتاعُ عمد نهوضِه
…
جزَعاً على الخَصْرِ النحيلِ
أحسن منه قول: ديك الجن:
وتمايلتْ فضحكتُ من أرْدافِها
…
عجَبا ولكنِّي بكيتُ لخَصْرِهَا
ومما يستجاد له قوله، من أبيات:
لمن طَلَلٌ عافِى الرُّبوع بذي الضَّالِ
…
ذكرتُ به ما مَرَّ من عيشِيَ الخالِي
حبستُ به طَرْفي وأرسلتُ مُقلتِي
…
وبُدِّلت إرْشادي لديه بإضْلالِي
أُسائله والدمعُ ينْهلُّ وَدْقُه
…
غراماً فلم ينْجَع بكائي وتَسْآلِي
وله من قصيدة، مطلعها:
تلك الديارُ وهذه أعْلامُها
…
فسَلِ المَدامع أن يجود سِجامُها
وأطلُب لها من طَرْفك السُّقْيا إذا
…
أبَتِ الثُّريَّا أن يَصُوب غَمامُها
واُحْبِسْ بَعْقوتها المَطِىَّ مُسائلا
…
في مَ اسْتباح دماءَنا آرامُها
فلعل سُعْدَى أن تُساعد باللقا
…
وعسى سُلَيمى أن يزورَ سلامُها
للهِ مسرحُ لهوِها ومَراحُه
…
ومِحُّلها حيث الهوى ومُقامُها
إذ كان بالبِيض الأوانِس جِيدُها
…
حالٍ وظَلَّك أثْلُها وثُمامُها
ومَرادُ طَرْفك كلُّ من فضَح القَنا
…
وجَلا الظلامَ جَبِينُها وقَوامُها
لو أنها عرَضتْ لِذمِّ كنيسةٍ
…
سجدُوا وهانتْ عندهم أصْنامُها
أو خاطبَتْ مَيْتاً تقادَم عهدُه
…
لأذاقَه طعمَ الحياة كلامُها
لَفَّاء هيفاءُ القَوام سِبَحْلَةٌ
…
يُصْبِى الحليمَ جلوسُها وقيامُها
أثْرَتْ رَوادِفها وأمْلَق خَصرُها
…
فتكاملتْ قَصْداً وتمَّ تمامُها
كيف التخلُّصُ من هوى فتَّاكةٍ
…
يقْتاد آسادَ العَرِين غرامُها
رفع الجمالُ حِجابَها لكنها
…
كالشمسِ أعْيَى الطالبين مَرامُها
يا قلبُ دَعْ ذكرَ الصبابِة للذي
…
يحلُو بفِيه زُعافُها وسِمامُها
وله من أخرى، مستهلها:
ما صاح صاحِي الوُرْق في ألحانِه
…
إلا وأذْكره بديعُ بيانِهِ
وإذا تنازَعه اللوائمُ في الهوى
…
ذكر العَقِيقَ فسحَّ من أجْفانِهِ
كَلِفٌ إذا هبَّت به نَجْديَّةٌ
…
يذْكو بها ماسَحَّ من أجفانِهِ