الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لن يبُلغ المدحُ فيك غايَته
…
بل دون مَعْناك تنفَدُ الكلِمُ
أنت الذي تُرتجَى مكارمُه
…
وكم أناسٍ وجودُهم عَدَمُ
أنت الذي الدهرُ دون هِمَّتِه
…
وفوق هامِ السَّما له قدمُ
مَن ذا يُضاهِيك هِمَّةً وعُلا
…
وهل تَساوَى الأنوارُ والظُّلَمُ
طَوْدُ وَقار بالحِلْم مُشتِملٌ
…
بحرُ نَوالٍ بالجود مُلتطِمُ
يُخجِل صَوْبَ الغمام نائلُه
…
بل دون هَتَّان كفِّه الدِّيَمُ
أعْتابُه مَأمَنٌ لداخلِها
…
من كلِّ هَوْلٍ كأنها حَرَمُ
وله أيضاً:
بأيِّ لسانٍ يحصُر العبدُ شكرَ من
…
دَمِى من أيادِيه ولحمِى وأعْظُمِى
ومَن عشتُ دهَراً تحت أكْنافِ ظِلِّه
…
أروح بأفْضالٍ وأغْدُو بأنْعُمِ
وفُزْت بعلمٍ منه عَزَّ اكْتسابُه
…
وذاك لَعَمْرِي حسرةُ المتعلِّمِ
ينزِّهنِي في ظاهرِي وسَرائرِي
…
بإرْشادِه عن كل رَيْبٍ ومأْثَمِ
ويمنْحني مَحْضَ النصيحِة جاهداً
…
يُعلِّمني طُرْقَ العُلى والتَّكرُّمِ
ولولاه مَن عبدُ اللطيف ومَن له
…
ومن يخدِم الأمْجادَ يشْرُفْ ويكرُمِ
وحسبِيَ من شكرِي اعْترافي بفضِله
…
وتصديقُ قلبي والجوارِح والفمِ
وله أيضاً:
مَعاذَ الوَفا أن يُصبح العبدُ خاليَا
…
عن الشكرِ للمولى الذي قد وفَا لِيَا
وأنْعمَ حتَّى لم يدعْ ليَ مَطلبَا
…
وأنْكَى بما أسْدَى إلىَّ الأعاديَا
وكلُّ الذي أمَّلْتُه من نَوالِه
…
حَظِيتُ به بل فوق ما كنتُ راجِيَا
وفرَّغ عن قلبي سوى حُبِّه الذي
…
تمكَّن في قلبي وأنْعَم بالِيَا
فغايةُ سُؤْلِي في الزمان رِضاؤُه
…
فأقْصى المُنى أن كان عنِّي رَاضيَا
ولي نفسُ حُرٍّ قد أبتْ غيرَ حُبِّه
…
وحاشا لمْثلى أن يُرَى عنه سالِيَا
وقلبٌ إذا ما البرقُ أوْمَض مَوْهِنا
…
قدحْتُ به زَنداً من الشوق وارِيَا
تحكَّم فيه حبُّه واشْتياقُه
…
له الحكمُ فْليَقْصِ الذي كان قاضيَا
فلله عيشٌ مَرَّ لي بظِلالِه
…
أجُرُّ به ذيلَ المآربِ ضافِيَا
أرُوح بأفْضالٍ وأغْدُو بأنْعُمٍ
…
ويمْنحني وِرْدَ المحبَّة صافيَا
وفُزتُ بعلمٍ منه عزَّ اكْتسابُه
…
وأصبحتُ من حَلْىِ الفضائل حالِيَا
إذا ما دجَى بحثٌ وأظلم مُشكلٌ
…
أضاء بنور الفكر منه الدياجِيَا
يجول على نُجْبِ الذَّكاءِ بفكْرةٍ
…
أَبَتْ في الذي تُبدِيه إلَاّ التَّناهِيَا
يُغادر قدماً ذا الذكاء دقيقُها
…
ولا عجبٌ فالشمسُ تخفِى الدَّرارِيَا
يفُوق على البحر الَخِضمِّ بعلمِه
…
ويرْجَح في الحِلم الجبالَ الرَّواسِيَا
يُسابق أجْنادَ الرياحِ إلى الندَى
…
ويفضحُ جَدْوَى راحتْيه الغوادِيَا
نظمتُ له عِقْدَ المديح مُنضَّداً
…
جعلتُ مكان الدُّرِّ فيه القوافيَا
فلا زال مَلْحوظاً بعينِ عِنايةٍ
…
من الله في أَوْج المفاخر راقيَا
مدى الدهر مالاحت بُروق لناظر
…
ودام على كرِّ الجديدين باقيا
حسن بن درويش الكاتب الطرابلسي
شاعر مادح، طير فصاحته صادح، وزند براعته قادح.
ومنشٍ كاتب يجلو دمىً كواعب، بألباب الرجال لواعب.
خطه حسن كاسمه، وله القيام على رسم الأدب ووسمه.
فكأن مداده مركب من أجزاء القلوب، ففي كل قلبٍ من خطه شهوة تدعو إلى المطلوب.
وكان خرج من بلده حماة وهو كهل، ورحل بطرابلس بين كنف رحب، ومسرحٍ سهل.
فاسترجع بها شبابه، واستمطر وبله وربابه.
فزهت به أرجاؤها وباهت، وفخرت بها سكانها وتاهت.
فعكف في نديها الخضر، يتقلب في العيش النضر.
ويأتي من النظم بما هو أعطر من السحيق، ومن النثر بما هو أبهر من در الحباب على خد الرحيق.
وقد أثبت له من شعره قصيدتين لكل منهما من الحسن علامة، فإحداهما كافية كافية والأخرى لامية عليها من النضار لامة.
فالأولى قوله، وقد مدح بها الامير منجك
مالِكتي تملَّكِي
…
النفسُ لم تَملَّكِ
وهْيَ لك أطوعُ من
…
رَعيَّةٍ للملِكِ
إن تأمرِي تُطِعْ وإن
…
تدْعِي بهب تُلبِّكِ
لِم تسْترين طَلْعةً
…
فيها حَلَا تهتكُّيِ
مَهْلَكِ بي يا مَطْلبِي
…
دونَك ألفُ مَهْلَكِ
فإن بعدْتِ تحْرِقِي
…
وإن دنَوْتِ تفْتكيِ
وإن صبرتُ لم أُطِقْ
…
وإن خضعتُ تزمُكيِ
وإن طرقتُ خِفْيةً
…
أهلَكُ بين أهلِكِ
أين لِطيْر مهجتِي الْ
…
خَلاصُ من ذا الشَّرَكِ
عيشُ الخَلِيِّ قد صفاَ
…
يا قلبُ فاسْلُ واتْرُكِ
واقصِد بنا سبيلَ من
…
راح خلِيّاً واسْلُكِ
ما مَن يبِيتُ شاكراً
…
كمن يبيتُ يشْتكيِ
فاخْلَعْ على العشاقِ ثوْ
…
بَ جسمِك المنْهتِكِ
وانتهزِ الفرصةَ قب
…
ل فَوْتِها واستدْرِكِ
هذا الربيعُ مقبِلٌ
…
يصحبُ آلَ بَرْمَكِ
يكسُو لأعطافِ الرُّبَى
…
غلائلاً لم تُحَكِ
وحلَّ في نُحورِها
…
عقودَ دُرِّ الحُبُكِ
حتى أنما بها
…
مجلسُنا في الفَلَكِ
والنَّرْجِس اصطضفَّ وما
…
أحسنَ صَفَّ الملِكِ
زَبَرْجَدٌ في فضةٍ
…
في ذهبٍ لم يُسبَكِ
يرنُو بلَحْظِ عاشقٍ
…
بمَدْمعِ الطَّلِّ بُكِي
والوردُ في سَكْرتِه
…
على الغُصونِ مُتَّكيِ
تُمسك أذيالُ الصَّبا
…
بكفِّه المُمَسَّكِ
كوَجْنةٍ العَذْراء إن
…
قلت لها هَيْتُ لَكِ
والنّهر في يد النَّسِي
…
م كالقبا المُفرَّكِ
من قول القيسراني في وصف غدير:
وإذا الصَّبا هبّتْ عليْ
…
هِ أتاك في ثَوْبٍ مُفَرَّكْ
وللغصُون حولَه
…
دلائلُ المُنْهمِكِ
ألقتْ شِباكَ الطَّلِّ فاصْ
…
طادتْ خيالَ السَّمَكِ
والأقْحُوان ضاحِكٌ
…
بمَبْسمٍ لم يضحكِ
والياسَمِينُ عَرْفه ال
…
غَضُّ له عَرْفٌ زَكيِ
والطيرُ في مُغرِّدٍ
…
ووَالِهٍ مُرتبِكِ
في روضةٍ كأنها
…
وصف الأميرِ مَنْجَكِ
مَن حار في أوصافِه
…
كلُّ لبيبٍ وذكيِ
بحرٌ وفيه بالثَّنا
…
ألسُنُنا كالفُلكِ
ترى العيونُ عنده الْ
…
بحارَ مثلَ البِرَكِ
له أكفٌّ مُسِّكتْ
…
سُنَّة غيرِ مُمْسِكِ
تفْتك في أموالهِ
…
فَتْكَ المَهَا في نسُكِ
وفكرُه أهْدَى لنا
…
وَشْيَ بلادِ اليَزْبكِ
من كلِّ بيت يحْتوِي
…
ابْنَةَ كسرؤى الملِكِ
مَشَتْ به لاهيةً
…
عن عِقْدِها المُفكَّكِ
فالدُّرُّ مِلْءُ مسمَعِي
…
منه ومِلءُ الحَنَكِ
ملكتَ رقِّي سيدي
…
أفْدِيك من مُمَلَّكِ
أدركتَ كلَّ فائتٍ
…
وفُتَّ كلَّ مُدْرَكِ
لك المعالِي وعلى الْ
…
الفضلِ ضمانُ الدَّرَكِ
هذا من قول ابن النبيه:
واللهِ لا زلتُمْ ملوكَ الورى
…
شرقاً وغرباً وعليَّ الضمانْ
وللهرمزي:
ِبنحْسِ أعادِيك دار الفلَكْ
…
وما دار يوماً بسعْدٍ فلَكْ
وإن هَمَّ دهرٌ بما لا أقول
…
فنفْسِي الفِدا وعليَّ الدَّرَك
وهذه القصيدة الثانية، وهي في مدح الأمير أيضاً:
غُصنٌ أيْنعتْ قطُوفُ دَلالِهْ
…
يجْتَنى الحبُّ من رياض جمالِهْ
ورَشاً في مَرابضِ الأسْد تحمِي
…
هِ وتُدْعَى بعمِّه وبخالِهْ
فاتِكٌ يحْذَر الفؤادُ تمنِّي
…
هِ ويخْشَى الضميرُ فكرَ وِصالِهْ
أوْقف السُّهدَ في طريق رقادِي
…
غَيْرةً أن يزورني بخَيالِهْ
وترُدُّ العيونَ عنه عيونٌ
…
قتلتْ مَن رآه قبل قتالِهْ
أعْجز الشمسَ وهي تنصُب في الأرْ
…
ض حبَالاً وقوعُ صَيْدِ ظلالِهْ
بل على وَصْلِه يُحيل بوعْدٍ
…
وأراه مُخادعاً بمِحالِهْ
كم كَسانِي بالوعدِ ثوبَ حياةٍ
…
وغدا بالِياً بطُول مِطالِهْ
واحدُ الحسنِ من قبلُ لكن
…
قد ترقَّى مُذ شِمْتُ نقطةَ خالِهْ
يريد أنه بالترقي صار عشرة جريا على أن الحسنة بعشر أمثالها.
وأفصح السيد محمد العرضي عنها، في قوله:
ألِفَ القَدِّ زانَها نُقطةُ الْخا
…
لِ فصارتْ وواحدُ الحسنِ عَشْرَهْ
وفي شفاء الغليل للشهاب: حسنة بمعنى الشامة والخال، مولدة مشهورة.
قال:
بِخَدِّه شِمْتُ شامةً حُرِقتْ
…
فقلتُ للقلبِ إذْ شكا شجَنَهْ
لا تشْتَكِي مِن نارِ مُهْجتي حُرَقاً
…
فإنَّ في الخالِ أُسْوةٌ حسنَهْ
لِيَ هُزْءٌ إذا تنفَّس بالمِسْ
…
كِ وهُزْءٌ إذا رناَ بغَزالِهْ
وأرى البدرَ عنده لا يُساوِي
…
دِرهماً والهلالَ إحدَى نِعالِهْ
هاك من ظُفْرِه هلالاًوإن شِئْ
…
تَ نجوماً هات من خَلْخالِهْ
واستلمْ من يمينِه الكأسَ شمساً
…
مثلهعا من إنائِها في شمالِهْ
وتأمَّلْ إذا تبسَّم دُرَّاً
…
وحَباباً طفَى على جِرْيالِهْ
ملِكٌ كلُّ مُهْجة من رَعايا
…
هـ وكلُّ الغرامِ من عمَّالِهْ
أنا والناسُ من هواه ومن صُدْ
…
غَيْه في سِجْنِه وفي أغْلالِهْ
يسترِقُّ القلوب بالحُسن لكن
…
مَنْجَكٌ يسترِقها بكمالِهْ
هو بحرٌ تموَّج الفضلُ فيه
…
وبدا الدُّرُّ من فصيح مَقالِهْ
وهْو غَيْثٌ مَن اسْتغاث يديْهِ
…
أمْطرتْ بالغِنَى رُبَا آمالِهْ
وهْو للمجد دَوْحةٌ حيث أعْنا
…
قُ رَجانا مُطوَّقاتُ نَوالِهْ
كلُّ أيامنا ربيعٌ بلُقْيا
…
هُ ومن لُطْفه نسيمُ اعْتدالِهْ
كلُّ روضٍ فمُخصِبٌ بسجايا
…
هُ وغصنٍ فمثمِرٌ بِخصالِهْ
لبِس الفخرَ فالمكارمُ في أطْ
…
واقِه والعَفافُ في أذْيالِهْ
كلُّ وقتٍ بجُوده في يديه
…
غارةٌ شَنَّها على أمْوالِهْ
لم يدعْ درهماً ولا ديناراً
…
غيرَ شاكٍ نقُوشه عرض حالِهْ
فترى الدهرَ مُسْتجيشاً عليه
…
وترى الدهرَ لا يمرُّ ببالِهْ
شغلته هِباتُه والمعالِي
…
ما رِضاءُ الزمان من أشْغالِهْ
شِيَمٌ لم تكنْ لغيرِ أبيهِ
…
وأخيه وأقْرباهُ وآلِهْ
أشرقتْ شمسُه وغابُوا نجوماً
…
ونجومُ الباقين حول هلالِهْ
منه أبْقَى الزمان واسِطَة العِقْ
…
دِ الذي بَدَّدتْه أيدي اغْتيالِهْ
هو دُرٌّ فمَن رآه يتيماً
…
عرف الدهرَ ما جنَى بفِعالِهْ
يا مُعِيداً زمان آبائه الما
…
ضِي بإقْبالِه إلى اسْتقبالِهْ
أنت للجودِ والفضائلِ ظلٌّ
…
لا أرانا الإلهُ وقتَ زوالِهْ
وله في التضمين: