الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشجارُه بسَقتْ أغصانُه ات؟ َّسقتْ
…
خِيامَ ظِلٍّ ولكن ذاتُ أفْنانِ
والسَّرْوُ تخْتال في أزْهَى ملابسها
…
كأنها الغِيدُ في قَدٍّ ومَيلانِ
ُتمِليها الريحُ إذْ تثَنْى معاَطَفها
…
فتنهبُ الُّلبَّ من أحشاءِ وَلْهانِ
وقد رأى بَصَرِى من حسنِ رَوْنقِه
…
أضْعافَ ما وصَفُوا في شِعب بَوَّانِ
فدَام يسْقيه في الأسْحار فَيْضُ نَدَى
…
وصَوْبُ غيثٍ غزيرِ الهطْلِ هَتَّانِ
؟
أخوه محب الله
هذا أصغرهم الذي أنار الحلك، والسعد الأكبر بين كواكب هذا الفلك.
وهو جدي الذي وصل خيره إلي، وفرض الله تعالى حقه على.
فأنا القائم بآثاره، وأحمد الله على ما خصني به من إيثاره.
صاحب النسب الوضاح، المتقلد تلك المفاخر والأوضاح.
بنور وجهه على خيط الظلام بخيطه، ومحاسنٍ مجدٍ بهرن بما كسينه من حبر المديح وريطه.
أهله الله لعظيم ما استوفاه، وهيأ له الاستقلال بما استكفاه.
فأطلق عنان الاعتنا، وتفنن في غرائب الاقتنا.
فلم تضق له ساحة، ولا قصرت له راحة.
والمجد يرشفه رضابه، والشرف يرقيه هضابه.
في حوزة محوطة، وسعادة بالأماني منوطة.
وبه الكفاية في الخطب إذا عم، والملم إذا ألم.
إلا أنه لم تطل مدته، ولم تتوسع في متصرفاتها عدته.
فقبض في سن الكهولة، واسوحشت لفقده المنازل المأهولة.
فالله يحله في فسيح الرضوان ورحبه، ويجعل الرحمات المتواليات من حزبه وصحبه.
وله نظم أثير، ودرٌ نثير.
أثبت منها ما أحكم نسقاً ورصفا، وتناهى في الحسن تحليةً ووصفا.
فمن ذلك وقله:
أفْديك يا مَن حاز قلبي
…
مُستأثراً بجميعِ لُبِّي
قُل لي بحقِّ أبيك مَن
…
أغْراك في تَلَفِي وسَلْبِي
هل كان من ذنبٍ فإنِّي
…
تائبٌ منه لربِّي
أو عن دَلالٍ فالذي
…
تخْتارُه حظُّ المحبِّ
وله:
في سبيلِ الغرامِ قلبي مُعَنىَّ
…
أثْخنَتْه نُجْلُ العيونِ جِراحَا
قيَّدتْه فليس يرجو خَلاصاً
…
مِن هواها ولا يرُوم برَاحَا
يشْتكى حُرْقة التَّباعُد حتى
…
علَّم الوُرْق في الرِّياض النُّواحَا
وإذا ما أراد كَتْمَ هَواه
…
زادَه دَمْعُ ناظِريْه افْتضاحَا
وقوله:
تظنُّ العِدى والظَّنُّ مُرْدٍ ومتْلفُ
…
بأَنّيَ أخْشَى من عظيمٍ وأفْرَقُ
وهيهات بل عفْو وحِلم وعفَّةٌ
…
وما كنْت من شيءٍ سوى العارِ أُشفِقُ
ويبْغون أن أُعْطِي قِياداً ودونه
…
تسيلُ دماءٌ من رجال وتُهْرَقُ
وكتب لبعض أحبابه: لو وصفت أشواقي لأعربت عن حصر، ماء البيان في إحصائه حصر، وطول الباع في البراعة عند استقصائه قصر.
ولتكلفت ما ليس في الوسع والطاقة، ولاعترفت مع الوجد والغنى في البلاغة بالعدم والفاقة.
ولأقررت مع القدرة بالعجز، ولنبا غرب عضبي وإن كان لدن المهز.
ولست أشرح وجداً لا يشرح، وحنيناً مبرحاً لا يبرح.
ولا أصف دمعا يكف ولا يقف، ولا مقلةً تجافت عن الكرى ولا تجف.
ولا أعرب عن شوق بنار الصبابة يتلهب، وقلبٍ على فراش الضنى يتقلب.
وكيف لي بعد ما لا يعد، وقد غلب الوجد.
وغاض الجلد، وقاض الكمد.
وخلب الخلب وسلب، وتغلب الوجد على القلب فغلب.
وجفا الجفن الكرى فما كرّ، وخانه الصبر فما ثبت ولا استقرّ.
ولو أغرقت في البيان لخضت في غماره، وغرقت في تياره، وعثرت في مضماره وكبوت ونبوت، وضللت وزللت.
لكني حين عجزت أوجزت، ولما قصرت اقتصرت.
فأضربت عن ضروبه، وأعرضت عن عروضه.
واكتفيت عن ذكر كله، بإبداء بعضه.
وأشفقت على الكتاب من الاحتراق، إذا درجته على نيران الأشواق، وطويته على لواقح الفراق.
محمد بن عبد اللطيف الشهير بالخلوتي
هذا الفرع نتيجة ذلك الأصل، فلهذا هو في حدة الذكاء أمضى من النصل.
تحقق بالعلم الحديث والقديم، وتصرف في طريقه الواضح القويم.
وزهد زهد ابن أدهم، ورغب عن أن يقبض على درهم.
فتنازعته الحظوة بين الأماني والأمان، ولم تدع له أيامه مقترحاً على الزمان.
وكان له أخ أكبر منه، إلا أنه في ناحية، ولا أرى ذاك إلا الشمس المنكسفة وهذا الشمس الضاحية.
وله في المحاضرة محاسن غلبت على الأقمار التمائم، فهي زهر لها المحاسن بروج وزهرات لها القلوب كمائم.
فأين حل فالمحل به أنيس، وهو إذا فارقه عليه حبيس.
وله شعر أزهى من الزهر، وأبهى من الحباب على النهر.
فمنه قوله:
ذا ربعُ دَعْدٍ بالأجارِع فارْبَعِ
…
إن كنت مَن يرعى حقوقَ الأرْبُعِ
لي مقلةٌ تسقِى الطلولَ ومَسْمَعٌ
…
يدعو حمائمَهنَّ قُولِي أسمعِ
فأنا المُجيبُ لهنَّ عن شجْنٍ وهُنَّ
…
سَجعْن عن طربٍ وفَرْطِ توجُّعِ
ما الصادحُ الجَذْلانُ مثل النَّادبِ الْ
…
وَلْهانِ ذا دَاعٍ وذلك مُدَّعِ
ولقد حبسْتُ على الديار ركائبي
…
والركبُ بين مُودِّعٍ ومُودَّعِ
وكلاهما يرضى بأن يقْضِى أسىً
…
ويكونَ غيرَ مُشيِّع ومُشيَّعِ
فلكم جَرعْنا الوجدَ مُرّاً طعُمه
…
لما تَزايلْنا غداةَ الأجْرعِ
هي وقفةٌ في الدار لا بَلَّتْ صَدَى
…
قلبي ولا أرقْيتُ فيها أدْمُعِي
ماذا الذي يُجْديك نَدْبُ معاهدٍ
…
أسَدتْ بها هُوج الرياح الأرْبَعِ
سكانُها نقضوا العهودَ وضيَّعوا
…
يا حافظاً للعهد غيرَ مُضيِّعِ
فاشْمَخْ بأنْفِكَ عن أُناسٍ خلَّفوا
…
ما أوْعدوك وحبلَ وُدِّهمُ دعِ
واشكرْ لأغْربةٍ نعَبْن بِبَيْنهِم
…
من أسودٍ يدعو الزَّيالَ وأبْقعِ
واصدِف عن البرْق اللَّمُوع بأرضهمْ
…
وارقُدْ قريرَ الجَفْنِ غيرَ مُروَّعِ
من شاقه ريحُ الشَّمالِ فإنني
…
لم أُعْطه وجهاً ولم أتطلَّعِ
لاساعَد الرحمنُ قلباً ذاكراً
…
أيامَ مَن خان العهودَ ولا رُعِى
الناسُ بين مُجاهرٍ لك في الأذى
…
ومُوارِبٍ تْغلى ضمائُره فَعِ
أغفلتَ رأيَهم ورُمْتَ رشادَهم
…
أنت الملومُ فذُقْ أذاهم واجْرَعِ
قابلتَ جهلَهم بحِلْمٍ واسعٍ
…
قل للفَوادحِ عند ذلك توسَّعِي
الفَتْكُ عينُ الرأيِ في تدْبيرهم
…
لو لم تكنْ لله لم تتورَّعِ
خُلِقوا من الشرِّ الصريحِ وصُوِّرا
…
شَرَّ الورى سكنوا بشرِّ الموضعِ
ما للزمانِ جرى على عاداتِه
…
في رِفعةِ الأدْنى وخفضِ الأرْفعِ
وبنُوه قد جُبِلوا على أفعالِه
…
فالحر بْينهم بحالٍ أشنعِ
دهرٌ قضى أن لا يطيبَ لماجدٍ
…
قُل للَّيالي ما بدا لكِ فاصْنعِي
فاعْرِض عن الدهرِ الخؤونِ وأهلِه
…
وافْرَغْ إلى ربِّ البرايا وارْجعِ
وقوله من أخرى، كتب بها إلى محمد الكريمي:
نراجع إلى الفضلِ أهلَ الكلامْ
…
ونأخذُ عن كلِّ حَبْرٍ هُمامْ
ونسألُ مِن ساحِة الأكرمين
…
ونخضعُ للمجد لا للأنامْ
فنتْبع من رفعتْه النفوسُ
…
ونترُك من قدَّمتْه اللئامْ
فأختارُ طوراً زوايا الخمولِ
…
وطوراً أحبُّ الأمورَ العظامْ
تراني على كلِّ حالٍ أُرَى
…
أسيَر الهوى ومليكَ الغرامْ
وما جرعَةُ الحب إلا المَنونُ
…
وما لوعةُ الهجرِ إلا الهُيامْ
وما راحةُ العشقِ إلا العَنا
…
ولا صحةُ الصَّبِّ إلا السَّقامْ
ولي حَسرةٌ بعد أخرى لها
…
زفيرٌ ولي له انْحسامْ
يُذيب الحشا ويُثيِر الشُّجونَ
…
بنارٍ غدا وَقْدُها كالضِّرامْ
وهل للهوى غيرُ مَن ذاقه
…
فَنشكْو له مُرّ سَمْع المَلامْ