المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَفِي رِوَايَة أبي صَالح حَاتِم بن وردان عَن أَيُّوب: قدمت على - الجمع بين الصحيحين للحميدي - جـ ٣

[الحميدي، ابن أبي نصر]

فهرس الكتاب

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي هُرَيْرَة الدوسي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌الْقسم الرَّابِع

- ‌مسانيد المقلين

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الْفضل، الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْفضل بن الْعَبَّاس رضي الله عنهما

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي جَعْفَر عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌ مُسْند أبي بكر، وَيُقَال: أَبُو خبيب عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي زيد أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل بن عبد الْعُزَّى الْكَلْبِيّ

- ‌ أَبُو سُلَيْمَان خَالِد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، سيف الله رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي حَفْص عمر بن أبي سَلمَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عَامر بن ربيعَة بن ثُمَامَة بن مَالك الْعَدوي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي معبد الْمِقْدَاد بن الْأسود

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند بِلَال بن رَبَاح مُؤذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَمولى أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌ مُسْند أبي رَافع [رضي الله عنه] مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ مُسْند أبي عبد الله سلمَان الْخَيْر الْفَارِسِي وَمن كَلَامه رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله خباب بن الْأَرَت بن جندلة بن سعد رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن عبد الْمطلب رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث جُبَير بن مطعم بن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الرَّحْمَن الْمسور ابْن مخرمَة بن نَوْفَل بن عبد منَاف بن زهرَة رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند أبي خَالِد حَكِيم بن حزَام بن خويلد بن أَسد [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن مَالك، ابْن بُحَيْنَة الْأَسدي [رضي الله عنه] حَلِيف بني عبد الْمطلب

- ‌ مُسْند أبي وَاقد اللَّيْثِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند الْمسيب بن حزن بن أبي وهب بن عَمْرو بن عَائِذ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سُفْيَان بن أبي زُهَيْر الْأَزْدِيّ [رضي الله عنه] " من أَزْد شنُوءَة

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الصعب بن جثامة اللَّيْثِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي يزِيد السَّائِب بن يزِيد [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من أبي شُرَيْح خويلد بن عَمْرو الْخُزَاعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند خفاف بن إِيمَاء بن رحضة الْغِفَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الرَّحْمَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله الْمُغيرَة بن شُعْبَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله عَمْرو بن الْعَاصِ بن وَائِل [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند وَاثِلَة بن الْأَسْقَع بن كَعْب [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عقبَة بن عَامر بن عبس الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند أبي أُمَامَة صدي بن عجلَان الْبَاهِلِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند عبد الله بن بسر السكونِي ثمَّ الْمَازِني [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند أبي مَالك أَو أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنهما

- ‌ مُسْند أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ من الصَّحَابَة

- ‌الَّذين أخرج عَنْهُم فِي كِتَابه الصَّحِيح دون مُسلم مِنْهُم:

- ‌ أَبُو عَمْرو سعد بن معَاذ بن النُّعْمَان الأشْهَلِي [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو عقبَة سُوَيْد بن النُّعْمَان بن مَالك بن عَامر الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو مُحَمَّد، ثَابت بن قيس بن شماس [رضي الله عنه]

- ‌ رِفَاعَة بن رَافع بن مَالك بن العجلان بن عَمْرو الزرقي [رضي الله عنه]

- ‌ قَتَادَة بن النُّعْمَان بن يزِيد [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن رَوَاحَة [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو سعيد بن الْمُعَلَّى [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو عبس، عبد الرَّحْمَن بن جبر الْحَارِثِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ معن بن يزِيد [رضي الله عنه]

- ‌ مَحْمُود بن الرّبيع بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو سروعة، عقبَة بن الْحَارِث بن عَامر المَخْزُومِي [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير [رضي الله عنه]

- ‌ مرداس الْأَسْلَمِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ عَمْرو بن سَلمَة الْجرْمِي [رضي الله عنه]

- ‌ زَاهِر الْأَسْلَمِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ أهبان بن أَوْس الْأَسْلَمِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ عَمْرو بن الْحَارِث الْخُزَاعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن هِشَام الْقرشِي [رضي الله عنه]

- ‌ شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي [رضي الله عنه]

- ‌ عَمْرو بن تغلب [رضي الله عنه]

- ‌ سلمَان بن عَامر الضَّبِّيّ [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو كَرِيمَة، الْمِقْدَام بن معدي كرب [رضي الله عنه]

- ‌ مُحَمَّد إِيَاس بن البكير [رضي الله عنه]

- ‌ سِنِين أَبُو جميلَة [رضي الله عنه]

- ‌ حزن، جد سعيد بن الْمسيب [رضي الله عنه]

- ‌ عَمْرو بن مَيْمُون الأودي [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو رَجَاء العطاردي [رضي الله عنه]

- ‌ وَحشِي الحبشي مولى جُبَير بن مطعم [رضي الله عنه]

- ‌ مُحَمَّد بن مسلمة [رضي الله عنه]

- ‌ النُّعْمَان بن مقرن [رضي الله عنه]

- ‌ سعيد بن الْمسيب [رضي الله عنه] عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى [رضي الله عنه] عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ عبد الرَّحْمَن بن جَابر [رضي الله عنه] عَمَّن سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ سراقَة بن مَالك بن جعْشم [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم من الصَّحَابَة الَّذين أخرج عَنْهُم دون البُخَارِيّ (157) عبد الْمطلب بن ربيعَة ابْن الْحَارِث بن عبد الْمطلب [رضي الله عنه]

- ‌ هِشَام بن حَكِيم بن حزَام [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو وهب، صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف [رضي الله عنه]

- ‌ الشريد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ نَافِع بن عتبَة بن أبي وَقاص [رضي الله عنه]

- ‌ مُطِيع بن الْأسود بن حَارِثَة [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو مَحْذُورَة سَمُرَة بن معير [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو سريحَة، حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن السَّائِب بن أبي السَّائِب المَخْزُومِي [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سهم السَّهْمِي [رضي الله عنه]

- ‌ معمر بن عبد الله بن نَافِع بن نَضْلَة بن عبيد بن عويج بن عدي بن كَعْب [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو الطُّفَيْل، عَامر بن وَاثِلَة بن عبد الله بن خُنَيْس [رضي الله عنه]

- ‌ عُمَيْر مولى آبي اللَّحْم [رضي الله عنه]

- ‌ عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ أَبُو الْيُسْر، كَعْب بن عَمْرو السّلمِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه

- ‌ أَبُو نجيح، عَمْرو بن عبسة بن عَامر السّلمِيّ رضي الله عنه

- ‌ ذُؤَيْب بن حلحلة رضي الله عنه

- ‌ أَبُو مرْثَد، كناز بن الْحصين الغنوي رضي الله عنه

- ‌ فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ، أَبُو مُحَمَّد رضي الله عنه

- ‌ النواس بن سمْعَان الْكلابِي رضي الله عنه

- ‌ أَبُو أُمَامَة، إِيَاس بن ثَعْلَبَة الْحَارِثِيّ رضي الله عنه

- ‌ أَبُو يحيى صُهَيْب بن سِنَان [رضي الله عنه]

- ‌ سفينة، مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه

- ‌ أَبُو رقية، تَمِيم بن أَوْس الدَّارِيّ رضي الله عنه

- ‌ أَبُو عَمْرو، سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ رضي الله عنه

- ‌ الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد، أَخُو بني فهر رضي الله عنه

- ‌ عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ رضي الله عنه

- ‌ أَبُو بصرة، حميل بن بصرة الْغِفَارِيّ رضي الله عنه

- ‌ ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه

- ‌ أَبُو هنيدة، وَائِل بن حجر الْكِنْدِيّ رضي الله عنه

- ‌ عَمْرو بن حُرَيْث رضي الله عنه

- ‌ عمَارَة بن رؤيبة رضي الله عنه

- ‌ عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ رضي الله عنه

- ‌ عرْفجَة بن شُرَيْح رضي الله عنه

- ‌ أَبُو عبد الله، طَارق بن أَشْيَم وَالِد أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ رضي الله عنه

- ‌ قُطْبَة بن مَالك رضي الله عنه

- ‌ سُوَيْد بن مقرن، أَبُو عَليّ

- ‌ عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ رضي الله عنه

- ‌ هِشَام بن عَامر الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌ عتبَة بن غَزوَان، أَبُو عبد الله رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن الشخير بن عَوْف بن مَالك بن ربيعَة أَبُو مطرف رضي الله عنه

- ‌ حَنْظَلَة بن الرّبيع الأسيدي الْكَاتِب رضي الله عنه

- ‌ الْأَغَر الْمُزنِيّ رضي الله عنه

- ‌ مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ رضي الله عنه

- ‌ عبد الله بن سرجس الْمُزنِيّ رضي الله عنه

- ‌ قبيصَة بن مُخَارق بن عبد الله الْهِلَالِي وَزُهَيْر بن عَمْرو الْهِلَالِي رضي الله عنهما

- ‌ قبيصَة بن مُخَارق وَحده

- ‌ أَبُو رِفَاعَة الْعَدوي، تَمِيم بن أسيد بن عبد مَنَاة

- ‌ أَبُو زيد، عَمْرو بن أَخطب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌ نُبَيْشَة الْهُذلِيّ رضي الله عنه

- ‌ عِيَاض حمَار بن عرْفجَة ابْن نَاجِية بن عقال الْمُجَاشِعِي رضي الله عنه

- ‌ رجلٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم

الفصل: وَفِي رِوَايَة أبي صَالح حَاتِم بن وردان عَن أَيُّوب: قدمت على

وَفِي رِوَايَة أبي صَالح حَاتِم بن وردان عَن أَيُّوب:

قدمت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم أقبيةٌ، فَقَالَ أبي مخرمَة:

انْطلق بِنَا إِلَيْهِ عَسى أَن يُعْطِينَا مِنْهَا شَيْئا. فَقَامَ أبي على الْبَاب، فَتكلم، فَعرف النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَوته، فَخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ قبَاء، وَهُوَ يرِيه محاسنه، وَهُوَ يَقُول:" خبأت هَذَا لَك، خبأت هَذَا لَك ".

‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

2860 -

الحَدِيث الأول: فِي عمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَالصُّلْح: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن الْمسور ومروان، يصدق كل وَاحِد مِنْهُمَا حَدِيث صَاحبه قَالَا:

خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمن الْحُدَيْبِيَة، حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" إِن خَالِد بن الْوَلِيد بالغميم فِي خيل لقريش طَلِيعَة، فَخُذُوا ذَات الْيَمين " فوَاللَّه مَا شعر بهم خَالِد حَتَّى إِذا هم بقترة الْجَيْش، فَانْطَلق يرْكض نذيراً لقريش، وَسَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذا كَانُوا بالثنية الَّتِي يهْبط عَلَيْهِم مِنْهَا بَركت رَاحِلَته، فَقَالَ النَّاس: حل، حل. فألحت، فَقَالُوا: خلأت الْقَصْوَاء، خلأت الْقَصْوَاء. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" مَا خلأت الْقَصْوَاء، وَمَا ذَاك لَهَا بِخلق، وَلَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا ". ثمَّ زجرها فَوَثَبت. قَالَ: فَعدل عَنْهُم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة، على ثمدٍ قَلِيل المَاء، يتبرضه النَّاس تبرضاً. فَلم يلبث النَّاس حَتَّى نَزَحُوهُ، وشكي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعَطش، فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته، ثمَّ أَمرهم أَن يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فوَاللَّه مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ.

فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك، إِذْ جَاءَ بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ فِي نفر من قومه من خُزَاعَة،

ص: 373

وَكَانُوا عَيْبَة نصح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهَامَة، فَقَالَ:

إِنِّي تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي نزلُوا أعداد مياه الْحُدَيْبِيَة، مَعَهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِنَّا لم نجئ لقِتَال أحد، وَلَكِن جِئْنَا معتمرين، وَإِن قُريْشًا قد نهكتهم الْحَرْب وأضرت بهم، فَإِن شَاءُوا ماددتهم مُدَّة ويخلوا بيني وَبَين النَّاس، فَإِن أظهر فَإِن شَاءُوا أَن يدخلُوا فِيمَا دخل فِيهِ النَّاس فعلوا، وَإِلَّا فقد جموا، وَإِن هم أَبَوا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأقاتلنهم على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره " فَقَالَ بديل: سأبلغهم مَا تَقول. فَقَالَ: إِنَّا قد جئناكم من هَذَا الرجل، وَقد سمعناه يَقُول قولا، فَإِن شِئْتُم أَن أعرضه عَلَيْكُم فعلت: فَقَالَ سفهاؤهم: لَا حَاجَة لنا أَن تخبرنا عَنهُ بِشَيْء.

وَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُم: هَات مَا سمعته يَقُول قَالَ: سمعته يَقُول كَذَا وَكَذَا.

فَحَدثهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

فَقَامَ عُرْوَة بن مَسْعُود فَقَالَ:

أَي قوم، ألستم بالوالد؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: أَو لست بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَهَل تتهموني؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَنِّي استنفرت أهل عكاظ، فَلَمَّا بلحوا عَليّ جِئتُكُمْ بأهلي وَوَلَدي وَمن أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَإِن هَذَا قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته.

قَالُوا: ائته. فَأَتَاهُ، فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم نَحوا من قَوْله لبديل، فَقَالَ عُرْوَة عِنْد ذَلِك: أَي مُحَمَّد، أَرَأَيْت إِن استأصلت أَمر قَوْمك، هَل سَمِعت بأحدٍ من الْعَرَب اجتاح أَهله قبلك؟ وَإِن تكن الْأُخْرَى فَإِنِّي وَالله لَا أرى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأرى أشواباً من النَّاس خليفاً أَن يَفروا ويدعوك، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر:

ص: 374

امصص بظر اللات، أَنَحْنُ نفر عَنهُ وندعه؟ . فَقَالَ: من ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بكر.

فَقَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يدٌ كَانَت لَك عِنْدِي وَلم أجزك بهَا لأجبتك.

قَالَ: وَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَكلما كَلمه كلمة أَخذ بلحيته، والمغيرة بن شُعْبَة قَائِم على رَأس النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ السَّيْف، وَعلي المغفر فَكلما أَهْوى عُرْوَة بِيَدِهِ إِلَى لحية النَّبِي صلى الله عليه وسلم ضرب يَده بنعل السَّيْف وَقَالَ: أخر يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَرفع عُرْوَة رَأسه، فَقَالَ: من هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغيرَة بن شُعْبَة. فَقَالَ: أَي غدر، أَلَسْت أسعى فِي غدرتك؟ وَكَانَ الْمُغيرَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم، ثمَّ جَاءَ فَأسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أما الْإِسْلَام فَأقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء ".

ثمَّ إِن عُرْوَة جعل يرمق أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِعَيْنِه. قَالَ: فوَاللَّه مَا تنخم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نخامةً إِلَّا وَقعت فِي كف رجل مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده، وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره، وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ، وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده، وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا.

فَرجع عُرْوَة إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: أَي قوم، وَالله لقد وفدت على الْمُلُوك، ووفدت على قَيْصر وكسرى وَالنَّجَاشِي، وَالله إِن رَأَيْت ملكا قطّ يعظمه أَصْحَابه مَا يعظم أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدًا، وَالله إِن تنخم نخامةً إِلَّا وَقعت فِي كف رجل مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده، وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره، وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ، وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده، وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ، وَإنَّهُ قد عرض عَلَيْكُم خطة رشدٍ فاقبلوها.

فَقَالَ رجل من بني كنَانَة: دَعونِي آته. فَقَالُوا: ائته. فَلَمَّا أشرف على النَّبِي

ص: 375

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " هَذَا فلَان، وَهُوَ من قوم يعظمون الْبدن، فابعثوها لَهُ " فَبعثت لَهُ، واستقبله النَّاس يلبون. فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: سُبْحَانَ الله، مَا يَنْبَغِي لهَؤُلَاء أَن يصدوا عَن الْبَيْت، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابه قَالَ: رَأَيْت الْبدن قد قلدت وأشعرت، فَمَا أرى أَن يصدوا عَن الْبَيْت.

فَقَامَ رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ مكرز بن حَفْص فَقَالَ: دَعونِي آته: فَقَالُوا: ائته. فَلَمَّا أشرف عَلَيْهِم قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " هَذَا مكرز، وَهُوَ رجلٌ فاجرٌ " فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يكلمهُ جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو. قَالَ معمر: فَأَخْبرنِي أَيُّوب عَن عِكْرِمَة: أَنه لما جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " قد سهل لكم من أَمركُم ".

قَالَ معمر: قَالَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيثه:

فجَاء سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ: هَات اكْتُبْ بَيْننَا وَبَيْنكُم كتابا، فَدَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْكَاتِب، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" اكْتُبْ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَقَالَ سُهَيْل: أما الرَّحْمَن فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا هِيَ، وَلَكِن اكْتُبْ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ كَمَا كنت تكْتب. فَقَالَ الْمُسلمُونَ: وَالله لَا نكتبها إِلَّا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " اكْتُبْ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ ". ثمَّ قَالَ: " هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله " فَقَالَ سُهَيْل: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت، وَلَا قَاتَلْنَاك، وَلَكِن اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني. اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله " قَالَ الزُّهْرِيّ: وَذَلِكَ لقَوْله: " لَا يَسْأَلُونِي خطةً يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا " قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " على أَن تخلوا بَيْننَا وَبَين الْبَيْت فنطوف بِهِ " قَالَ سُهَيْل: وَالله لَا تَتَحَدَّث الْعَرَب أَنا أَخذنَا ضغطةً، وَلَكِن ذَلِك من الْعَام الْمقبل. فَكتب. فَقَالَ سُهَيْل: وعَلى أَلا يَأْتِيك منا رجل - وَإِن كَانَ على دينك - إِلَّا رَددته إِلَيْنَا.

قَالَ الْمُسلمُونَ: سُبْحَانَ الله! كَيفَ يرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جَاءَ مُسلما؟ .

ص: 376

فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك، إِذْ دخل أَبُو جندل بن سُهَيْل بن عَمْرو يرسف فِي قيوده، وَقد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين، فَقَالَ سُهَيْل: هَذَا يَا مُحَمَّد أول من أقاضيك عَلَيْهِ أَن ترده إِلَيّ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّا لم نقض الْكتاب بعد " قَالَ: فوَاللَّه إِذا لم أصالحك على شيءٍ أبدا. قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " فَأَجره لي " قَالَ: مَا أَنا بمجيره لَك. قَالَ: " بلَى فافعل " قَالَ: مَا أَنا بفاعل. قَالَ مكرزٌ. بل قد أجرناه لَك. قَالَ أَبُو جندل: أَي معشر الْمُسلمين، أرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما؟ أَلا ترَوْنَ مَا قد لقِيت؟ وَكَانَ قد عذب عذَابا شَدِيدا فِي الله.

قَالَ: فَقَالَ عمر بن الْخطاب:

فَأتيت نَبِي الله صلى الله عليه وسلم فَقلت: السِّت نَبِي الله حَقًا؟ قَالَ: " بلَى " قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل؟ قَالَ: " بلَى ". قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذا؟ قَالَ: " إِنِّي رَسُول الله، وَلست أعصيه، وَهُوَ ناصري " قلت: أَو لَيْسَ كنت تحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت فنطوف بِهِ؟ قَالَ: " بلَى. فأخبرتك أَنا نأتيه الْعَام؟ " قلت: لَا. قَالَ " فَإنَّك آتيه ومطوفٌ بِهِ " قَالَ: فَأتيت أَبَا بكر فَقلت: يَا أَبَا بكر، أَلَيْسَ هَذَا نَبِي الله حَقًا؟ قَالَ: بلَى. قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل؟ قَالَ: بلَى. قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذا؟ قَالَ: أَيهَا الرجل، إِنَّه لرَسُول الله، وَلَيْسَ يَعْصِي ربه، وَهُوَ ناصره، فَاسْتَمْسك بغرزه، فوَاللَّه إِنَّه على الْحق. قلت: أَلَيْسَ كَانَ يحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ؟ قَالَ: بلَى، أفأخبرك أَنَّك تَأتيه الْعَام؟ قلت: لَا. قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوفٌ بِهِ: قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَ عمر: فَعمِلت لذَلِك أعمالاً.

قَالَ: فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه:

قومُوا، فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا " قَالَ: فوَاللَّه مَا قَامَ مِنْهُم رجلٌ، حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.

فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحدٌ، دخل على أم سَلمَة، فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس، فَقَالَت

ص: 377

أم سَلمَة: يَا نَبِي الله، أَتُحِبُّ ذَلِك؟ اخْرُج، ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى تنحر بدنك، وَتَدْعُو حالقك فيحلقك. فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى فعل ذَلِك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا، وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا، حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعْضًا غماً.

ثمَّ جَاءَهُ نسَاء مؤمناتٌ، فَأنْزل الله تَعَالَى:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} حَتَّى بلغ: {بعصم الكوافر} [الممتحنة] فَطلق عمر يومئذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك، فَتزَوج إِحْدَاهمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَالْأُخْرَى صَفْوَان بن أُميَّة.

ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة، فجَاء أَبُو بَصِير - رجل من قُرَيْش - وَهُوَ مُسلم، فأرسلوا فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالُوا: الْعَهْد الَّذِي جعلت لنا. فَدفعهُ إِلَى الرجلَيْن، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بلغا ذَا الحليفة، فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم. فَقَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: وَالله إِنِّي لأرى سَيْفك هَذَا يَا فلَان جيدا، فاستله الآخر فَقَالَ: أجل، وَالله إِنَّه لجيد، لقد جربت بِهِ ثمَّ جربت بِهِ، ثمَّ جربت. فَقَالَ: أَبُو بَصِير: أَرِنِي أنظر إِلَيْهِ، فأمكنه مِنْهُ، فَضَربهُ حَتَّى برد، وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة، فَدخل الْمَسْجِد يعدو. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين رَآهُ:" لقد رأى هَذَا ذعراً " فَلَمَّا انْتهى إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: قتل - وَالله - صَاحِبي، وَإِنِّي لمقتول، فجَاء أَبُو بَصِير فَقَالَ: يَا نَبِي الله، قد أوفى الله ذِمَّتك، قد رددتني إِلَيْهِم، ثمَّ أنجاني الله مِنْهُم. قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" ويل أمه، مسعر حربٍ، لَو كَانَ لَهُ أحدٌ " فَلَمَّا سمع ذَلِك عرف أَنه سيرده إِلَيْهِم.

فَخرج حَتَّى أَتَى سيف الْبَحْر، ويفلت مِنْهُم أَبُو جندل بن سُهَيْل، فلحق بِأبي بَصِير، فَجعل لَا يخرج من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير، حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة، فوَاللَّه مَا يسمعُونَ بعيرٍ خرجت لقريش إِلَى الشَّام إِلَّا

ص: 378

اعْترضُوا لَهُم، فقتولهم وَأخذُوا أَمْوَالهم. فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تناشده الله وَالرحم لما أرسل، فَمن أَتَاهُ فَهُوَ آمن، فَأرْسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِم، فَأنْزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} حَتَّى بلغ: {حمية الْجَاهِلِيَّة} [سُورَة الْفَتْح] وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه نَبِي الله، وَلم يقرُّوا ب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وحالوا بَينهم وَبَين الْبَيْت.

وَقَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ:

قَالَ عُرْوَة: فأخبرتني عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يمتحنهن. وبلغنا أَنه لما أنزل الله تَعَالَى أَن يردوا إِلَى الْمُشْركين مَا أَنْفقُوا على من هَاجر من أَزوَاجهم، وَحكم على الْمُسلمين أَلا يمسكوا بعصم الكوافر، أَن عمر طلق امْرَأتَيْنِ: قريبَة بنت أبي أُميَّة، وَابْنَة جَرْوَل الْخُزَاعِيّ، فَتزَوج قريبَة مُعَاوِيَة، وَتزَوج الْأُخْرَى أَبُو جهم. فَلَمَّا أَبى الْكفَّار أَن يقرُّوا بأَدَاء مَا أنْفق الْمُسلمُونَ على أَزوَاجهم، أنزل الله تَعَالَى:{وَإِن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إِلَيّ الْكفَّار فعاقبتم} [الممتحنة] وَالْعِقَاب: مَا يُؤَدِّي الْمُسلمُونَ إِلَى من هَاجَرت امْرَأَته من الْكفَّار. فَأمر أَن يعْطى من ذهب لَهُ زوجٌ من الْمُسلمين مَا أنْفق من صدَاق النِّسَاء الْكفَّار اللائي هَاجَرْنَ، وَمَا نعلم أحدا من الْمُهَاجِرَات ارْتَدَّت بعد إيمَانهَا. وبلغنا أَن أَبَا بَصِير بن أسيد الثَّقَفِيّ قدم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُؤمنا مُهَاجرا فِي الْمدَّة، فَكتب الْأَخْنَس بن شريق إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يسْأَله أَبَا بَصِير

فَذكر الحَدِيث.

وَفِي حَدِيث يحيى بن بكير:

أَن عُرْوَة سمع مَرْوَان والمسور يخبران عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَا: لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو يومئذٍ، كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَن لَا يَأْتِيك منا أحد - وَإِن كَانَ على دينك - إِلَّا رَددته إِلَيْنَا، وخليت بَيْننَا وَبَينه، فكره الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك، وامتعضوا مِنْهُ، وأبى سهيلٌ إِلَّا ذَلِك، فكاتبه النَّبِي صلى الله عليه وسلم على ذَلِك، فَرد يومئذٍ أَبَا جندل إِلَى أَبِيه سُهَيْل. وَلم يَأْته أحدٌ من الرِّجَال إِلَّا رده فِي تِلْكَ الْمدَّة وَإِن كَانَ مُسلما.

ص: 379

وَجَاءَت الْمُؤْمِنَات مهاجرات، وَكَانَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مِمَّن خرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ وَهِي عاتقٌ، فجَاء أَهلهَا يسْأَلُون النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يرجعها إِلَيْهِم، فَلم يرجعها إِلَيْهِم لما أنزل الله فِيهَا: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن

. . وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} .

قَالَ عُرْوَة:

فأخبرتني عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يمتحنهن بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} إِلَى: {غَفُور رَحِيم} . قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " قد بَايَعْتُك " كلَاما يكلمها بِهِ. وَالله مَا مست يَده يَد امرأةٍ قطّ فِي الْمُبَايعَة، وَمَا بايعهن إِلَّا بقوله.

وَحَدِيث مَحْمُود بن غيلَان مُخْتَصر من حَدِيث الْمسور وَحده:

أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أَن يحلق، وَأمر بذلك أَصْحَابه.

وَفِي حَدِيث ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن عَمه:

أَنه سمع مَرْوَان والمسور يخبران خَبرا من خبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة، فَذكر نَحْو حَدِيث ابْن بكير، وَلم يقل: عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

وَفِي حَدِيث سُفْيَان الَّذِي ثبته فِيهِ معمر، عَن الزُّهْرِيّ:

أَن الْمسور بن مخرمَة ومروان - يزِيد أَحدهمَا على صَاحبه قَالَا: خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَتَى ذَا الحليفة قلد الْهَدْي وَأَشْعرهُ، وَأحرم مِنْهَا بِعُمْرَة، وَبعث عينا لَهُ من خُزَاعَة، وَسَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم، حَتَّى كَانَ بغدير الأشطاط تَلقاهُ عينه فَقَالَ: إِن قُريْشًا جمعُوا لَك جموعاً، وَقد جمعُوا لَك الْأَحَابِيش، هم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت ومانعوك. فَقَالَ: " أَشِيرُوا أَيهَا النَّاس عَليّ. أَتَرَوْنَ أَن أميل

ص: 380

على عِيَالهمْ وذراري هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يصدونا عَن الْبَيْت، فَإِن يَأْتُونَا كَانَ الله قد قطع جنبا من الْمُشْركين، وَإِلَّا تركناهم محروبين ". قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، خرجت عَامِدًا لهَذَا الْبَيْت، وَلَا تُرِيدُ قتال أحد وَلَا خوف أحد فَتوجه لَهُ، فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ:" امضوا على اسْم الله ".

ولعَبْد لله بن الْمُبَارك عَن معمر طرفٌ مُخْتَصر من أَوله: قَالَا:

خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الْمَدِينَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه، حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد الْهَدْي، وأشعر، وَأحرم بِالْعُمْرَةِ. لم يزدْ.

وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان:

أَن مَرْوَان والمسور قَالَا: خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَام الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحليفة قلد الْهَدْي وأشعر، وَأحرم مِنْهَا، لَا أحصي كم سمعته من سُفْيَان، حَتَّى سمعته يَقُول: لَا أحفظ من الزُّهْرِيّ الْإِشْعَار والتقليد، فَلَا أَدْرِي يَعْنِي مَوضِع الْإِشْعَار والتقليد، أَو الحَدِيث كُله.

قلت:

ذكر أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه طرف هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور فِي أَمر الْحُدَيْبِيَة، وَذكر أسانيده، وخلط مَعهَا أَسَانِيد الحَدِيث الَّذِي بعده فِي وَفد هوَازن، وَهُوَ لم يذكرهُ أصلا مَعَه، وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ، وَلَو ذكره مَعَه مَا كَانَ لذَلِك وَجه، لِأَنَّهُ لَا مشابهة بَينه وَبَينه فِي وَجه من الْوُجُوه. وَعمرَة الْحُدَيْبِيَة قبل الْفَتْح، فِي أَمر الْعمرَة والمصالحة، ووفد هوَازن فِي عقب غَزْوَة حنين وَذكر السَّبي. ثمَّ أحَال على أَن ذَلِك من أصل البُخَارِيّ فِي كتب لَيْسَ هُوَ فِيهَا، وَهَذَا من أعجب مَا رَأَيْت فِي كِتَابه من وهمه، وَذَلِكَ مَوْجُود فِيمَا ظهر من خطه كَمَا حكينا عَنهُ.

ص: 381

2861 -

الثَّانِي: فِي وَفد هوَازن؛ من رِوَايَة عُرْوَة عَن الْمسور ومروان: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَامَ حِين جَاءَهُ وَفد هوَازن مُسلمين، فَسَأَلُوهُ أَن يرد إِلَيْهِم أَمْوَالهم وَسَبْيهمْ. فَقَالَ لَهُم:" إِن معي من ترَوْنَ، وَأحب الحَدِيث إِلَيّ أصدقه، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا المَال، وَإِمَّا السَّبي. وَقد كنت اسْتَأْنَيْت بكم " وَفِي رِوَايَة: " بهم ".

قد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم بضع عشرَة لَيْلَة حِين قفل من الطَّائِف، فَلَمَّا تبين لَهُم

أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير رادٍّ إِلَيْهِم إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فإننا نَخْتَار سبينَا، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسلمين، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ:" أما بعد، فَإِن إخْوَانكُمْ هَؤُلَاءِ جَاءُونَا تَائِبين، وَإِنِّي قد رَأَيْت أَن أرد إِلَيْهِم سَبْيهمْ، فَمن أحب مِنْكُم أَن يطيب ذَلِك فَلْيفْعَل، وَمن أحب مِنْكُم أَن يكون على حَظه حَتَّى نُعْطِيه إِيَّاه من أول مَا يفِيء الله علينا فَلْيفْعَل " فَقَالَ النَّاس: طيبنَا ذَلِك يَا رَسُول الله. فَقَالَ لَهُم فِي ذَلِك. " إِنَّا لَا نَدْرِي من أذن مِنْكُم مِمَّن لم يَأْذَن، فَارْجِعُوا حَتَّى يرفع إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمركُم " فَرجع النَّاس،، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أَنهم قد طيبُوا وأذنوا.

فَهَذَا الَّذِي بلغنَا فِي شَأْن سبي هوَازن.

2862 -

الثَّالِث: عَن عُرْوَة عَن الْمسور بن مخرمَة: أَن سبيعة الأسْلَمِيَّة نفست بعد وَفَاة زَوجهَا بليالٍ، فَجَاءَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أَن تنْكح، فَأذن لَهَا.

ص: 382

2863 -

الرَّابِع: فِي النَّهْي عَن الهجران: من حَدِيث الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي عَوْف ابْن مَالك بن الطُّفَيْل - وَهُوَ ابْن أخي عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأمها: أَن عَائِشَة حدثت: أَن عبد الله بن الزبير قَالَ فِي بيع أَو عَطاء أَعطَتْهُ عَائِشَة: وَالله لتنتهين عَائِشَة أَو لأحجرن عَلَيْهَا. قَالَت: أهوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نعم. قَالَت: هُوَ لله عَليّ نذرٌ أَلا أكلم ابْن الزبير أبدا. فاستشفع ابْن الزبير إِلَيْهَا حِين طَالَتْ الْهِجْرَة، فَقَالَت: لَا وَالله، لَا أشفع فِيهِ أبدا، وَلَا أتحنت إِلَى نذري. فَلَمَّا طَال ذَلِك على ابْن الزبير، كلم الْمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث - وهما من بني زهرَة، وَقَالَ لَهما: أنشدكما الله لما أدخلتماني على عَائِشَة، فَإنَّا لَا يحل لَهَا أَن تنذر قطيعتي. فَأقبل بِهِ الْمسور وَعبد الرَّحْمَن مشتملين بأرديتهما، حَتَّى استأذنا على عَائِشَة: فَقَالَا: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، أندخل؟ قَالَت عَائِشَة: ادخُلُوا. قَالُوا: كلنا. قَالَت: نعم، ادخُلُوا كلكُمْ، وَلَا تعلم أَن مَعَهُمَا ابْن الزبير.

فَلَمَّا دخلُوا دخل ابْن الزبير الْحجاب، فاعتنق عَائِشَة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق الْمسور وَعبد الرَّحْمَن يناشدانها إِلَّا كَلمته وَقبلت مِنْهُ، ويقولان:

إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهى عَمَّا قد علمت من الْهِجْرَة، وَلَا يحل لمسلمٍ أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيَال. فَلَمَّا أَكْثرُوا على عَائِشَة من التَّذْكِرَة والتحريج، طفقت تذكرهما وتبكي وَتقول: إِنِّي نذرت وَالنّذر شَدِيد، فَلم يَزَالَا بهَا حَتَّى كلمت ابْن الزبير، وأعتقت فِي نذرها ذَلِك أَرْبَعِينَ رَقَبَة، وَكَانَت تذكر نذرها بعد ذَلِك فتبكي حَتَّى تبل دموعها خمارها.

وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:

2864 -

من حَدِيث أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف عَن الْمسور قَالَ: أَقبلت بحجرٍ ثقيل أحملهُ، وَعلي إِزَار خَفِيف، قَالَ: فانحل إزَارِي وَمَعِي الْحجر، فَلم أستطع أَن أَضَعهُ حَتَّى بلغت بِهِ إِلَى مَوْضِعه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" ارْجع إِلَى ثَوْبك فَخذه وَلَا تَمْشُوا عُرَاة ".

ص: 383