الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(109)
الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس [رضي الله عنه]
2894 -
حَدِيث وَاحِد لَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره، فرقه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع عدَّة من كِتَابه، وَهُوَ عِنْدهمَا من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي أَبُو سُفْيَان من فِيهِ إِلَى فِي قَالَ: انْطَلَقت فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَبينا أَنا بِالشَّام، إِذْ جِيءَ بِكِتَاب من النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرقل، قَالَ: وَكَانَ دحْيَة الْكَلْبِيّ جَاءَ بِهِ، فَدفعهُ إِلَى عَظِيم بصرى، فَدفعهُ عَظِيم بصرى إِلَى هِرقل قَالَ: فَقَالَ هِرقل: هَل هَا هُنَا أحدٌ من قوم هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي؟ قَالُوا: نعم. فَدُعِيت فِي نفرٍ من قُرَيْش، فَدَخَلْنَا على هِرقل، فأجلسنا بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيّكُم أقرب نسبا من هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نبيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَان: فَقلت: أَنا. فأجلسوني بَين يَدَيْهِ، وأجلسوا أَصْحَابِي خَلْفي، ثمَّ دَعَا بترجمانه، فَقَالَ: قل لَهُم: إِنِّي سَائل هَذَا عَن هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نبيٌّ، فَإِن كَذبَنِي فَكَذبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَان: وَايْم الله، لَوْلَا أَن يؤثروا عَليّ الْكَذِب لكذبته. ثمَّ قَالَ لِترْجُمَانِهِ: سَله: كَيفَ حَسبه فِيكُم؟ قَالَ: قلت: هُوَ فِينَا ذُو حسب. قَالَ: فَهَل كَانَ من آبَائِهِ من ملك؟ قلت: لَا. قَالَ: فَهَل كُنْتُم تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَهَل يتبعهُ أَشْرَاف النَّاس أم ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قلت: بل ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أيزيدون أم ينقصُونَ؟ قلت: لَا، بل يزِيدُونَ. قَالَ: هَل يرْتَد احدٌ مِنْهُم عَن دينه بعد أَن يدْخل فِيهِ سخطَة لَهُ؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَهَل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قَالَ: فَكيف كَانَ قتالكم إِيَّاه؟ قَالَ: قلت: تكون الْحَرْب بَيْننَا وَبَينه سجالاً، يُصِيب منا وَنصِيب مِنْهُ. قَالَ: فَهَل يغدر؟
قلت: لَا، وَنحن مِنْهُ فِي هَذِه الْمدَّة لَا نَدْرِي مَا هُوَ صانع فِيهَا. قَالَ: وَالله مَا أمكنني من كلمة أَدخل فِيهَا شَيْئا غير هَذِه. قَالَ: فَهَل قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله؟ قلت: لَا.
ثمَّ قَالَ لِترْجُمَانِهِ: قل لَهُ: إِنِّي سَأَلتك عَن حَسبه فِيكُم، فَزَعَمت أَنه فِيكُم ذُو حسب، وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبْعَث فِي أَحْسَاب قَومهَا. وَسَأَلْتُك هَل كَانَ فِي آبَائِهِ ملك، فَزَعَمت أَن لَا، فَقلت: لَو كَانَ من آبَائِهِ ملك قلت: رجلٌ يطْلب ملك آبَائِهِ.
وَسَأَلْتُك عَن أَتْبَاعه: أضعفاؤهم أم أَشْرَافهم؟ فَقلت: بل ضُعَفَاؤُهُمْ، وهم أَتبَاع الرُّسُل. وَسَأَلْتُك: هَل تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ؟ فَزَعَمت أَن لَا، فَعرفت أَنه لم يكن ليَدع الْكَذِب على النَّاس ثمَّ يذهب فيكذب على الله.
وَسَأَلْتُك: هَل يرْتَد أحدٌ مِنْهُم عَن دينه بعد أَن يدْخل فِيهِ سخطَة لَهُ؟ فَزَعَمت أَن لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَان إِذا خالط بشاشة الْقُلُوب. وَسَأَلْتُك: هَل يزِيدُونَ أَو ينقصُونَ؟ فَزَعَمت أَنهم يزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَان حَتَّى يتم. وَسَأَلْتُك: هَل قاتلتموه؟ فَزَعَمت انكم قاتلتموه فَتكون الْحَرْب بَيْنكُم وَبَينه سجالاً، ينَال مِنْكُم وتنالون مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبتلى ثمَّ تكون لَهَا الْعَاقِبَة. وَسَأَلْتُك: هَل يغدر؟ فَزَعَمت أَنه لَا يغدر، وَكَذَلِكَ الرُّسُل لَا تغدر. وَسَأَلْتُك: هَل قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله؟ فَزَعَمت أَن لَا.
فَقلت: لَو كَانَ قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله، قلت: رجلٌ ائتم بقولٍ قيل قبله.
قَالَ: ثمَّ قَالَ:
بِمَ يَأْمُركُمْ؟ قُلْنَا: يَأْمُرنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة والصلة والعفاف. قَالَ: إِن يَك مَا تَقول حَقًا فَإِنَّهُ نَبِي، وَقد كنت أعلم أَنه خَارج، وَلم أك أَظُنهُ مِنْكُم، وَلَو أَنِّي أعلم أَنِّي أخْلص إِلَيْهِ لأحببت لقاءه، وَلَو كنت عِنْده لغسلت عَن قَدَمَيْهِ، وليبغلن ملكه مَا تَحت قدمي.
ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، فَإِذا فِيهِ: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم، سَلام على من اتبع الْهدى. أما بعد،
فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام، أسلم تسلم، وَأسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ، فَإِن توليت فَإِن عَلَيْك إِثْم الأريسيين. وَيَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا، وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله، فَإِن توَلّوا فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ " فَلَمَّا فرغ من قِرَاءَة الْكتاب ارْتَفَعت الْأَصْوَات عِنْده، وَكثر اللَّغط، وَأمر بِنَا فأخرجنا، فَقلت لِأَصْحَابِي حِين خرجنَا: لقد أَمر أَمر ابْن أبي كَبْشَة أَن يخافه ملك بني الْأَصْفَر، فَمَا زلت موقناً بِأَمْر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه سَيظْهر، حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام.
قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَدَعَا هِرقل عُظَمَاء الرّوم فَجَمعهُمْ فِي دَار لَهُ فَقَالَ: يَا معشر الرّوم، هَل لكم فِي الْفَلاح والرشد آخر الْأَبَد، وَأَن يثبت لكم ملككم. قَالَ: فحاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش إِلَى الْأَبْوَاب، فوجدوها قد غلقت. قَالَ: عَليّ بهم، فَدَعَا بهم فَقَالَ: إِنِّي اختبرت شدتكم على دينكُمْ، فقد رَأَيْت مِنْكُم الَّذِي أَحْبَبْت، فسجدوا لَهُ وَرَضوا عَنهُ. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ فِي رِوَايَة هِشَام بن يُوسُف وَعبد الرَّزَّاق عَن معمر.
وَعند مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر نَحوه، من أَوله إِلَى قَوْله: حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام. وطرف من حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ فِيهِ: وَزَاد فِي الحَدِيث:
وَكَانَ قَيْصر لما كشف الله عَنهُ جنود فَارس مَشى من حمص إِلَى إيلياء، شكرا لما أبلاه الله، قَالَ مُسلم: وَقَالَ فِي الحَدِيث: " من مُحَمَّد بن عبد الله وَرَسُوله ". وَقَالَ: " إِثْم اليريسيين ". وَقَالَ: " بداعية الْإِسْلَام ".
اختصر مُسلم زِيَادَة أبي صَالح وَلم يذكر مِنْهَا غير هَذَا الْقدر، وتمامها فِي كتاب أبي بكر البرقاني مُتَّصِلا بقوله: شكرا لما أبلاه الله:
فَلَمَّا جَاءَ قَيْصر كتاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قَالَ حِين قَرَأَهُ:
التمسوا هَا هُنَا أحدا من قومه نسألهم عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَأَخْبرنِي أَبُو سُفْيَان بن حَرْب أَنه كَانَ بِالشَّام، قدمُوا تجارًا فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله وَبَين كفار قُرَيْش. قَالَ أَبُو سُفْيَان: فَوَجَدنَا رَسُول قَيْصر بِبَعْض الشَّام، فَانْطَلق بِي وبأصحابي حَتَّى قدمنَا إيلياء، فأدخلنا عَلَيْهِ، فَإِذا هُوَ جَالس فِي مجْلِس ملكه، عَلَيْهِ التَّاج، وَإِذا حوله عُظَمَاء الرّوم، فَقَالَ لِترْجُمَانِهِ: سلهم: أَيهمْ أقرب نسبا من هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي. وَذكر نَحْو مَا تقدم من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر البرقاني عَن أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان النَّيْسَابُورِي من حَدِيث صَالح عَن الزُّهْرِيّ:
فَإِن عَلَيْكُم إِثْم اليريسيين " يَعْنِي الحراثين.
وَفِي رِوَايَة عَن أبي بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي يعلى حمد بن عَليّ بن الْمثنى " إِثْم الركوسيين ".
وللبخاري من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحْو حَدِيث معمر، وَفِيه: قَالَ: مَاذَا يَأْمُركُمْ؟ قلت: يَقُول: اعبدوا الله وَحده وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ أحدا، واتركوا مَا يَقُول آباؤكم، وَيَأْمُر بِالصَّلَاةِ والصدق والعفاف والصلة. وَفِي آخِره بعد قَوْله: حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام: وَكَانَ ابْن الناطور صَاحبه وهرقل أسقفه على نَصَارَى الشَّام يحدث: أَن هِرقل حِين قدم إيليا، أصبح يَوْمًا خَبِيث النَّفس، فَقَالَ بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك. قَالَ ابْن الناطور: وَكَانَ هِرقل حزاء، ينظر فِي النُّجُوم، فَقَالَ لَهُم حِين سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة حِين نظرت فِي النُّجُوم ملك