المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَالْقُفَّازَيْنِ شَيْءٌ يُجْعَلُ عَلَى الذِّرَاعَيْنِ يُحْشَى قُطْنًا لَهُ أَزْرَارٌ يُلْبَسَانِ - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: وَالْقُفَّازَيْنِ شَيْءٌ يُجْعَلُ عَلَى الذِّرَاعَيْنِ يُحْشَى قُطْنًا لَهُ أَزْرَارٌ يُلْبَسَانِ

وَالْقُفَّازَيْنِ شَيْءٌ يُجْعَلُ عَلَى الذِّرَاعَيْنِ يُحْشَى قُطْنًا لَهُ أَزْرَارٌ يُلْبَسَانِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ.

[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ) الْجَبَائِرُ عِيدَانُ يُجْبَرُ بِهَا الْكَسْرُ وَأَجْرَى الْحُكْمَ فِيمَا إذَا شَدَّهَا بِخِرْقَةٍ أَوْ انْكَسَرَ ظُفُرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ الْعِلْكَ أَوْ الدَّوَاءَ مَجْرَى ذَلِكَ وَالْحَدَثُ وَالْجُنُبُ فِي مَسْحِ الْجَبِيرَةِ سَوَاءٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَدَّهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) اعْلَمْ أَنَّهَا تُخَالِفُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا إذَا سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ يُكْتَفَى بِغَسْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا سَقَطَ يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ. وَالثَّانِي إذَا سَقَطَتْ عَلَى غَيْرِ بُرْءٍ شَدَّهَا مَرَّةً أُخْرَى وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَسْحِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ مَسْحَهَا لَا يَتَوَقَّفُ. وَالرَّابِعُ إذَا شَدَّهَا عَلَى طَهَارَةٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ إذَا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْجِرَاحَةِ يَضُرُّهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَيَكُونُ تَبَعًا لِلْمَجْرُوحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ شَدُّ الْجَبِيرَةِ عَلَى الْجُرْحِ خَاصَّةً وَعَلَى هَذَا عِصَابَةُ الْمُقْتَصَدُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى جَمِيعِ الْعِصَابَةِ مَا لَمْ يَنْسَدَّ فَمُ الْعِرْقِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَمْ يَبْطُلْ الْمَسْحُ) لِأَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ بَطَلَ) لِزَوَالِ الْعُذْرِ فَلَوْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ غَسَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَاسْتَقَلَّ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ كَالتَّيَمُّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ سُقُوطُهَا عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَسْحِ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْعِلَّةِ، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ وَهُوَ غَيْرُ الصَّلَاةِ شَدَّهَا مَرَّةً أُخْرَى وَيُصَلِّي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَسْحِ سَوَاءٌ شَدَّهَا بِتِلْكَ الْجَبَائِرِ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا لَمْ يَغْسِلْهُ

[بَابُ الْحَيْضِ]

(بَابُ الْحَيْضِ) لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا مِنْ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ وَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا أَصْلًا وَخَلَفًا ذَكَرَ عَقِيبَهُ حُكْمَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي يَقِلُّ وُجُودُهَا وَهُوَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَدَّمَ ذِكْرَ الْحَيْضِ عَلَى النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْهُ وَالْحَيْضُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا حَتَّى قَالُوا حَاضَتْ الْأَرْنَبَةُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا الدَّمُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ دَمٍ مَخْصُوصٍ أَيْ دَمِ بَنَاتِ آدَمَ مِنْ مَخْرَجٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَوْضِعُ الْوِلَادَةِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ احْتِرَازًا عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَانِهِ يَمْتَدُّ مُدَّةً مَخْصُوصَةً أَيْ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشْرِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الثَّلَاثِ وَيُقَالُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا أَيْضًا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ رَحِمِ امْرَأَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الدَّاءِ وَالصِّغَرِ، فَقَوْلُهُمْ " سَلِيمَةٍ مِنْ الدَّاءِ " احْتِرَازٌ مِنْ الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ رحمه الله (أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا) يَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَالرَّفْعُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارِ تَقْدِيرِهِ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ دَمٌ لَا أَيَّامٌ وَالنَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ وَقَوْلُهُ وَلَيَالِيهَا لَا يُشْتَرَطُ ثَلَاثُ لَيَالٍ بَلْ إذَا رَأَتْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيْلَتَيْنِ كَانَ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَيَّامِ دُونَ اللَّيَالِيِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَلَى مَا إذَا رَأَتْهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَثَلَاثِ لَيَالٍ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ الثَّالِثَ لَا يَكْمُلُ إلَّا إلَى مِثْلِهِ مِنْ الرَّابِعِ فَيَدْخُلُ ثَلَاثُ لَيَالٍ، وَأَمَّا لَوْ رَأَتْهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ طَهُرَتْ عِنْدَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ حَيْضًا وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيْلَتَانِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَقَلُّهُ يَوْمَانِ وَأَكْثَرُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ مَعْنًى إذْ الدَّمُ لَا يَسِيلُ عَلَى الْوِلَاءِ (قَوْلُهُ فَمَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ وَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ»

(قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ) لِمَا رَوَيْنَا.

(قَوْلُهُ: وَمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ) سَوَاءٌ رَأَتْ الْكُدْرَةَ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهَا أَوْ فِي آخِرِهَا فَهُوَ

ص: 29

حَيْضٌ عِنْدَهُمَا تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ رَأَتْهَا فِي أَوَّلِ أَيَّامِهَا لَمْ تَكُنْ حَيْضًا وَإِنْ رَأَتْهَا فِي آخِرِ أَيَّامِهَا كَانَتْ حَيْضًا فَهِيَ عِنْدَهُ لَا تَكُونُ حَيْضًا إلَّا إذَا تَأَخَّرَتْ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْكُدْرَةِ يَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّافِي فَإِذَا تَقَدَّمَهَا دَمٌ أَمْكَنَ جَعْلُهَا حَيْضًا تَبَعًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا دَمٌ فَلَوْ جَعَلْنَاهَا حَيْضًا كَانَتْ مَتْبُوعَةً لَا تَبَعًا وَهُمَا يَقُولَانِ مَا كَانَ حَيْضًا فِي آخِرِ أَيَّامِهَا كَانَ حَيْضًا فِي أَوَّلِ أَيَّامِهَا كَالْحُمْرَةِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مُدَّةِ الْحَيْضِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ إنَّ خُرُوجَ الْكُدْرَةِ يَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّافِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مَخْرَجُهُ مِنْ أَعْلَاهُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ أَسْفَلِهِ فَالْكُدْرَةُ تَخْرُجُ قَبْلَ الصَّافِي وَهُنَا الْمَخْرَجُ مِنْ أَسْفَلَ؛ لِأَنَّ فَمَ الرَّحِمِ مَنْكُوسٌ فَتَخْرُجُ الْكُدْرَةُ أَوَّلًا كَالْجَرَّةِ إذَا ثُقِبَ أَسْفَلُهَا

(قَوْلُهُ: حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ خَالِصًا) قِيلَ هُوَ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْمُخَاطَ يَخْرُجُ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْحَيْضِ، وَقِيلَ هُوَ الْقُطْنُ الَّذِي تَخْتَبِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا إذَا خَرَجَ أَبْيَضَ فَقَدْ طَهُرَتْ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَيْضُ يُسْقِطُ عَنْ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ ثُمَّ سَقَطَتْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ وَهِيَ أَنَّ الْأَحْكَامَ هَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْحَائِضِ أَمْ لَا فَاخْتَارَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ وَالسُّقُوطُ بِعُذْرِ الْحَرَجِ، قَالَ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ أَصْلٌ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ عَلَيْهِ عُشْرَ أَرْضِهِ وَخَرَاجَهَا بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الشَّيْخِ بِنَاءً عَلَى هَذَا.

وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ كُنَّا عَلَى هَذَا مُدَّةً ثُمَّ تَرَكْنَاهُ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ) إنَّمَا قَالَ فِي الصَّوْمِ يَحْرُمُ وَفِي الصَّلَاةِ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصَّوْمِ وَاجِبٌ فَلَا يَلِيقُ ذِكْرُ السُّقُوطِ فِيهِ وَالصَّلَاةُ لَا تُقْضَى فَحَسُنَ ذِكْرُ السُّقُوطِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَتَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ) لِأَنَّ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ مَشَقَّةً؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَيَكُونُ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ خَمْسُونَ صَلَاةً وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً فَلَا يَلْحَقُهَا فِي قَضَائِهِ مَشَقَّةٌ.

(قَوْلُهُ) : (وَلَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) وَكَذَا الْجُنُبُ أَيْضًا وَسَطْحُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَا يَحِلُّ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ

(قَوْلُهُ) : (وَلَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ) فَإِنْ قِيلَ الطَّوَافُ لَا يَكُونُ إلَّا بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ عُرِفَ مَنْعُهُمَا مِنْهُ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ الطَّوَافِ، قِيلَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا جَاءَهَا الْحَيْضُ بَعْدَمَا دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ وَقَدْ شَرَعَتْ فِي الطَّوَافِ أَوْ تَقُولُ لَمَّا كَانَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَصْنَعَ مَا يَصْنَعُهُ الْحَاجُّ مِنْ الْوُقُوفِ وَغَيْرِهِ رُبَّمَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الطَّوَافُ أَيْضًا كَمَا جَازَ لَهَا الْوُقُوفُ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَأَزَالَ هَذَا الْوَهْمَ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ) : (وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا) ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ تَأَدُّبًا وَتَخَلُّقًا وَاقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] ، وَإِنْ أَتَاهَا مُسْتَحِلًّا كَفَرَ وَإِنْ أَتَاهَا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، وَقِيلَ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ فَدِينَارٌ، وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَنِصْفُ دِينَارٍ وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ وَحْدَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ دُونَهَا وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ، وَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيُضَاجِعَهَا وَيَسْتَمْتِعَ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا مَا خَلَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْتَمْتِعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَيَجْتَنِبُ شِعَارَ الدَّمِ لَا غَيْرُ وَهُوَ مَوْضِعُ خُرُوجِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَكْتُمَ الْحَيْضَ عَلَى زَوْجِهَا لِيُجَامِعَهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ، وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ أَنَّهَا حَائِضٌ مِنْ غَيْرِ حَيْضٍ لِتَمْنَعَهُ مُجَامَعَتَهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَعَنَ اللَّهُ الْغَائِصَةَ وَالْمُغَوِّصَةَ» فَالْغَائِصَةُ الَّتِي لَا تُعْلِمُ زَوْجَهَا أَنَّهَا حَائِضٌ فَيُجَامِعُهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَالْمُغَوِّصَةُ هِيَ الَّتِي تَقُولُ لِزَوْجِهَا إنَّهَا حَائِضٌ وَهِيَ طَاهِرَةٌ حَتَّى لَا يُجَامِعَهَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَحَرَامٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] ، أَيْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ بِتَجَنُّبِهِ فِي الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ، «وَقَالَ عليه السلام إتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَعْجَازِهِنَّ حَرَامٌ» وَقَالَ «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ وَمَتَى شِئْتُمْ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَقْلِبَاتٍ وَبَارِكَاتٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْفَرْجِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الزَّوْجَةَ حَرْثًا فَإِنَّهَا لِلْوَلَدِ كَالْأَرْضِ لِلزَّرْعِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْفَرْثِ لَا مَوْضِعُ الْحَرْثِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا يَقْرَأْ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَلِأَنَّهُ

ص: 30

يُبَاشِرُ الْقُرْآنَ بِعُضْوٍ يَجِبُ غَسْلُهُ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِرَاءَةُ حَالَةَ الْوَطْءِ وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْآيَةَ وَمَا دُونَهَا سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يَجُوزُ لَهُمْ مَا دُونَ الْآيَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالُوا إلَّا أَنْ لَا يَقْصِدَ بِمَا دُونَ الْآيَةِ الْقِرَاءَةَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ الشُّكْرَ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ، قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لَا يَجُوزُ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ إذَا كَانَ مُبَاشِرَ اللَّوْحِ وَالْبَيَاضِ وَإِنْ وَضَعَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَكَتَبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَكْتُوبِ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا التَّهَجِّي بِالْقُرْآنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذَا كَانَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ مُعَلِّمَةً جَازَ لَهَا أَنْ تُلَقِّنَ الصِّبْيَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً وَتَقْطَعَ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَلَا تُلَقِّنُهُمْ آيَةً كَامِلَةً؛ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إلَى التَّعْلِيمِ وَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ حَدَثِهَا فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ حَدَثِهِ وَلَا بَأْسَ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ يُسَبِّحُوا اللَّهَ وَيُهَلِّلُوهُ.

(قَوْلُهُ) : (وَلَا يَجُوزُ لِمُحْدِثٍ مَسُّ الْمُصْحَفِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَالْجُنُبَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقِرَاءَةِ أَخَفُّ مِنْ حُكْمِ الْمَسِّ فَإِذَا لَمْ تَجُزْ لَهُمْ الْقِرَاءَةُ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ لَهُمْ الْمَسُّ أَوْلَى الْفَرْقُ فِي الْمُحْدِثِ بَيْنَ الْمَسِّ وَالْقِرَاءَةِ أَنَّ الْحَدَثَ حَلَّ الْيَدَ دُونَ الْفَمِ وَالْجَنَابَةُ حَلَّتْ الْيَدَ وَالْفَمَ أَلَا تَرَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدِ وَالْفَمِ فِي الْجَنَابَةِ فَرْضَانِ وَفِي الْحَدَثِ إنَّمَا يُفْرَضُ غَسْلُ الْيَدِ دُونَ الْفَمِ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِغِلَافِهِ أَوْ بِعَلَّاقَتِهِ) وَغِلَافُهُ مَا يَكُونُ مُتَجَافِيًا عَنْهُ أَيْ مُتَبَاعِدًا بِأَنْ يَكُونَ شَيْئًا ثَالِثًا بَيْنَ الْمَاسِّ وَالْمَمْسُوسِ كَالْجِرَابِ وَالْخَرِيطَةِ دُونَ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ كَالْجِلْدِ الْمُشَرَّزِ هُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَ الْإِسْبِيجَابِيِّ الْغِلَافُ هُوَ الْجِلْدُ الْمُتَّصِلُ بِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ تَبَعٌ لِلْمُصْحَفِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُحْدِثِ الْمَسُّ فَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ أَصَابِعِهِ عَلَى الْوَرَقِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ عِنْدَ التَّقْلِيبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّ شَيْءٍ مَكْتُوبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ لَوْحٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا كَانَ آيَةً تَامَّةً وَكَذَا كُتُبُ التَّفْسِيرِ لَا يَجُوزُ مَسُّ الْقُرْآنِ مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَمَسَّ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ تَبَعٌ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحْدَاثَ ثَلَاثَةٌ حَدَثٌ صَغِيرٌ وَحَدَثٌ وَسَطٌ وَحَدَثٌ كَبِيرٌ فَالصَّغِيرُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا غَيْرُ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْقَيْءِ إذَا مَلَأَ الْفَمَ وَخُرُوجُ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِنْ الْبَدَنِ إذَا تَجَاوَزَ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ وَالْحَدَثُ الْوَسَطُ هُوَ الْجَنَابَةُ وَالْحَدَثُ الْكَبِيرُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَتَأْثِيرُ الْحَدَثِ الصَّغِيرِ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَكَرَاهَةِ الطَّوَافِ، وَالْحَدَثُ الْأَوْسَطُ تَأْثِيرُهُ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بِتَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَدَثِ الْكَبِيرِ تَأْثِيرُهُ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَكَرَاهَةِ الطَّلَاقِ وَلَا يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ النَّظَرُ إلَى الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تَحِلُّ الْعَيْنَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ قُلْت فَلَوْ تَمَضْمَضَ الْجُنُبُ فَقَدْ ارْتَفَعَ حَدَثُ الْفَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ لَهُ التِّلَاوَةُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ وَكَذَا إذَا غَسَلَ الْمُحْدِثُ يَدَيْهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمَسُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا قُلْنَا كَذَا فِي إيضَاحِ الصَّيْرَفِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ كَامِلَةٍ) لِأَنَّ الدَّمَ يَدُرُّ تَارَةً وَيَنْقَطِعُ تَارَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الِاغْتِسَالِ لِيَتَرَجَّحَ جَانِبُ الِانْقِطَاعِ، وَقَوْلُهُ كَامِلَةً يُحْتَرَزُ عَمَّا إذَا انْقَطَعَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ نَاقِصَةٍ كَصَلَاةِ الضُّحَى وَالْعِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَهَذَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ لِعَادَتِهَا أَمَّا إذَا كَانَ لِدُونِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ اغْتَسَلَتْ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الْعَادَةِ غَالِبٌ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الِاجْتِنَابِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا انْقَطَعَ دُونَ عَادَتِهَا فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا احْتِيَاطًا، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي آخِرِ حَيْضَةٍ مِنْ عِدَّتِهَا بَطَلَتْ الرَّجْعَةُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا فَيُؤْخَذُ لَهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالِاحْتِيَاطِ.

وَفِي النِّهَايَةِ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَانْقَطَعَ الدَّمُ عَلَى الْعَادَةِ أَخَّرَتْ الْغُسْلَ إلَى الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهُ هُنَا اسْتِحْبَابٌ لَا إيجَابٌ

ص: 31

وَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ دُونَ الْعِدَّةِ فَتَأْخِيرُ الْغُسْلِ إلَى الْوَقْتِ إيجَابٌ وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْمُسَافِرَةِ وَلَمْ تَجِدْ الْمَاءَ فَتَيَمَّمَتْ حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا حَتَّى إنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا وَلَكِنْ فِي انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ خِلَافٌ فَعِنْدَهُمَا لَا تَنْقَطِعُ مَا لَمْ تُصَلِّ بِالتَّيَمُّمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ تَنْقَطِعُ بِالتَّيَمُّمِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَتْ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ وَفِي شَرْحِهِ إذَا تَيَمَّمَتْ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَدْرَكَهَا الْحَيْضُ بَعْدَمَا شَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَسَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ أَمْ لَا.

وَقَالَ زُفَرُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ وَجَبَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا إذَا حَاضَتْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَلَمْ تُصَلِّ فَعَلَيْهَا قَضَاؤُهَا، وَلَوْ شَرَعَتْ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ أَوْ صَوْمِ النَّفْلِ ثُمَّ حَاضَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَشَرَةِ أَيَّامٍ جَازَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ) لِأَنَّهُ لَا مَزِيدَ لَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ لِلنَّهْيِ فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ وَكَذَا انْقِطَاعُ النِّفَاسِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ حُكْمُهُ عَلَى هَذَا ثُمَّ الِانْقِطَاعُ عَلَى الْعَشَرَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَإِذَا انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ.

(قَوْلُهُ: وَالطُّهْرُ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ فَهُوَ كَالدَّمِ الْجَارِي) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَوَجْهُهُ أَنَّ اسْتِيعَابَ الدَّمِ مُدَّةَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيُعْتَبَرُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ كَالنِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ الْحَيْضَ بِالطُّهْرِ وَيَخْتِمُهُ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ دَمٌ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إذَا انْتَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِسَاعَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَفْصِلُ وَهُوَ كَدَمٍ مُسْتَمِرٍّ، وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا نَظَرَتْ إنْ كَانَ الطُّهْرُ مِثْلَ الدَّمَيْنِ أَوْ الدَّمَانِ أَكْثَرُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الدَّمَانِ فِي الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَفْصِلُ أَيْضًا وَهُوَ كَدَمٍ مُسْتَمِرٍّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الدَّمَيْنِ أَوْجَبَ الْفَصْلَ ثُمَّ تَنْظُرُ إنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا جُعِلَ حَيْضًا وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةً، وَإِنْ كَانَ فِي كِلَاهُمَا مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا كَانَ كُلُّهُ اسْتِحَاضَةً وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَبْتَدِئُ الْحَيْضَ بِالطُّهْرِ وَلَا يَخْتِمُهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَهُ دَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دَمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَخْذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ.

وَفِي الْوَجِيزِ الْأَصَحُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْفَتَاوَى الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَسْهِيلًا عَلَى النِّسَاءِ.

وَالْأَصْلُ عِنْدَ زُفَرَ أَنَّهَا رَأَتْ مِنْ الدَّمِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ، وَهُوَ كَدَمٍ مُسْتَمِرٍّ وَإِذَا لَمْ تَرَ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ فَأَنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَالْأَصْلُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إذَا نَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا فَصَلَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الدَّمَيْنِ أَوْ الدَّمَانِ أَكْثَرُ مِنْهُ ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا نَظَرَ مُحَمَّدٌ بَيَانُ هَذِهِ الْأُصُولِ امْرَأَةٌ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ سَاعَةً دَمًا وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ سَاعَتَيْنِ طُهْرًا ثُمَّ سَاعَةً دَمًا فَهُوَ حَيْضٌ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَيَكُونُ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ كَدَمٍ مُسْتَمِرٍّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ لَا يَكُونُ مِنْهُ حَيْضًا أَمَّا عِنْدَ زُفَرَ فَلِأَنَّهَا لَمْ تَرَ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ أَقَلَّهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الطُّهْرُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّمَيْنِ وَلَيْسَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا.

وَكَذَا عِنْدَ الْحَسَنِ، وَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ يَوْمًا دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا أَوْ يَوْمَيْنِ دَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ زُفَرَ فَلِأَنَّهَا رَأَتْ فِي مُدَّةِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الدَّمَيْنِ وَلَيْسَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا، وَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَسِتَّةَ أَيَّامٍ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ الثَّلَاثَةُ تَكُونُ حَيْضًا مِنْ أَوَّلِ الْعَشَرَةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَمِنْ آخِرِهَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَمَا بَقِيَ اسْتِحَاضَةٌ، وَلَوْ رَأَتْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ يَوْمًا دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَأَرْبَعَةً دَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ فَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ

ص: 32