المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب شروط صحة الصلاة] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: ‌[باب شروط صحة الصلاة]

وَهُوَ عِرْقٌ بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ وَالتَّثْوِيبُ فِي الْفَجْرِ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ وَيُكْرَهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ اجْتِمَاعٍ وَيَقَظَةٍ وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَصِفَتُهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ إمَّا بِقَوْلِهِ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ أَوْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا) الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ عَلَامَاتُهَا وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ الشَّيْءَ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِهِ وَيُشْتَرَطُ اسْتِدَامَتُهُ ثُمَّ الشُّرُوطُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ شَرْطُ الِانْعِقَادِ لَا غَيْرُ كَالنِّيَّةِ وَالتَّحْرِيمَةِ وَالْوَقْتِ وَالْخُطْبَةِ وَشَرْطُ الدَّوَامِ كَالطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالثَّالِثُ مَا شُرِطَ وُجُودُهُ حَالَةَ الْبَقَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَدُّمُ وَلَا الْمُقَارَنَةُ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ قَالَ رحمه الله (يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يُقَدِّمَ الطَّهَارَةَ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ بَيَانِ الطَّهَارَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) أَيْ بِثَوْبٍ ضَيِّقٍ لَا يُرَى مَا تَحْتَهُ أَمَّا إذَا رُئِيَ مَا تَحْتَهُ لَا يُجْزِئُهُ وَهَلْ السَّتْرُ شَرْطٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَوْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبُوهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَفَائِدَتُهُ إذَا صَلَّى فِي قَمِيصٍ بِغَيْرِ أَزْرَارٍ وَكَانَ لَوْ نَظَرَ رَأَى عَوْرَتَهُ مِنْ زِيقِهِ وَهُوَ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ فَعِنْدَ مَنْ قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ تَفْسُدُ وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ عُرْيَانًا وَلَهُ ثَوْبٌ طَاهِرٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ.

وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ السَّتْرَ شَرْطًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَوْ كَانَ كَثِيفَ اللِّحْيَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ صَلَّى فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ كَدِرًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ صَافِيًا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ لَا يَصِحُّ وَيُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَفِيهَا أَوْلَى فَإِنْ صَلَّى فِيهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ صَلَّى فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَصَلَاتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَحِيحَةٌ

(قَوْلُهُ: وَالْعَوْرَةُ مِنْ الرَّجُلِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ) إلَى هَا هُنَا بِمَعْنَى مَعَ ثُمَّ الْعَوْرَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: غَلِيظَةٌ كَالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، وَخَفِيفَةٌ وَهِيَ مَا عَدَاهُمَا وَقَلِيلُ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَكَثِيرُهَا يَمْنَعُ وَحَدُّ الْمَانِعِ رُبُعُ عُضْوٍ فَمَا زَادَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ انْكَشَفَ أَقَلُّ مِنْ الرُّبُعِ لَا يَمْنَعُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي أَعْضَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَوْ جُمِعَ يَبْلُغُ رُبُعَ عُضْوٍ مَنَعَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَمْنَعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَانِعُ النِّصْفُ فَمَا زَادَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَا يَمْنَعُ، وَقِيلَ لَهُ فِي النِّصْفِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ جَعَلَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَالْعُضْوُ كَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالرَّأْسِ وَالشَّعْرِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ فِي الْمَرْأَةِ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ رُبُعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ مَنَعَ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ وَالذَّكَرُ بِانْفِرَادِهِ وَالْأُنْثَيَانِ بِانْفِرَادِهِمَا وَالدُّبُرُ بِانْفِرَادِهِ وَالْأَلْيَتَانِ بِانْفِرَادِهِمَا وَالرُّكْبَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ تَبَعٌ لِلْفَخِذِ فَهِيَ مَعَهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ نَاهِدَةً تَبَعٌ لِلصَّدْرِ وَإِنْ كَانَ تَدَلَّى كَانَ عُضْوًا بِانْفِرَادِهِ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ فِي اعْتِبَارِ الرُّبُعِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا انْكَشَفَتْ مِنْ الْغَلِيظَةِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَنَعَ الصَّلَاةَ وَاعْتَبَرُوهَا بِالنَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَذَا التَّغْلِيظَ فِي الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْفِيفٌ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي الدُّبُرِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَهُوَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ مَكْشُوفًا

(قَوْلُهُ: وَالرُّكْبَةُ مِنْ الْعَوْرَةِ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ وَالسُّرَّةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ وَعِنْدَهُ عَوْرَةٌ

(قَوْلُهُ: وَبَدَنُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ كُلُّهُ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ

ص: 46

الْقَدَمَ عَوْرَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ فَفِي الْهِدَايَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَوْرَةٌ فِي حَقِّ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالْمَشْيِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْكَفِّ بَاطِنُهُ أَمَّا ظَاهِرُهُ فَعَوْرَةٌ وَلَوْ انْكَشَفَ رُبُعُ قَدَمِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ عَوْرَةً مَنَعَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ صَلَّتْ وَرُبُعُ سَاقهَا مَكْشُوفٌ تُعِيدُ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا تُعِيدُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تُعِيدُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَفِي النِّصْفِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَعَلَهُ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ جَعَلَهُ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ وَالْحُكْمُ فِي الشَّعْرِ وَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَالْفَخِذِ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ هُوَ مَا عَلَى الرَّأْسِ وَأَمَّا الْمُسْتَرْسِلُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَحْوَطُ أَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَلَوْ انْكَشَفَ رُبُعُ أُذُنِهَا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهَا هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ كُلُّ عُضْوٍ هُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ لَنَا النَّظَرُ إلَى رِيقِهَا وَدَمِهَا، وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَذَا الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ مِنْ الرَّجُلِ وَشَعْرُ عَانَتِهِ إذَا حُلِقَ فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَصَلَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ

(قَوْلُهُ) : (وَمَا كَانَ عَوْرَةً مِنْ الرَّجُلِ فَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْأَمَةِ وَبَطْنُهَا وَظَهْرُهَا عَوْرَةٌ) وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَمَنْ فِي رَقَبَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ بِمَعْنَى الْأَمَةِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا جَعَلَ بَطْنَهَا وَظَهْرَهَا عَوْرَةً؛ لِأَنَّهُمَا يَحِلَّانِ مَحَلَّ الْفَرْجِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِظَهْرِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ أَوْ بَطْنِهَا كَانَ مُظَاهِرًا كَمَا لَوْ شَبَّهَهَا بِفَرْجِهَا وَالظَّهْرُ هُوَ مَا قَابَلَ الْبَطْنَ مِنْ تَحْتِ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ

(قَوْلُهُ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَدَنِهَا فَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْحُرَّةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَالٌ تُبَاعُ وَتُشْتَرَى فَفَارَقَتْهَا فِي السَّتْرِ حَتَّى إنَّ الْأَمَةَ إذَا صَلَّتْ وَرَأْسُهَا مَكْشُوفٌ جَازَتْ صَلَاتُهَا فَإِنْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْقِنَاعَ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ صَلَاتَهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا لَزِمَهَا الْآنَ بِخِلَافِ الْعُرْيَانِ إذَا وَجَدَ ثَوْبًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا كَانَ مَشْيُهَا ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَسَدَتْ وَإِنْ لَمْ تَسْتُرْ رَأْسَهَا أَوْ سَتَرَتْهُ وَقَدْ أَدَّتْ رُكْنًا فَسَدَتْ وَالْخُنْثَى حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَكَالْأَمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ صَلَّى مَعَهَا وَلَمْ يُعِدْ) هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ رُبُعُ الثَّوْبِ فَصَاعِدًا طَاهِرًا يُصَلِّي فِيهِ صَلَّى عُرْيَانًا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ رُبُعَ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ فَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُصَلِّي فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا وَعِنْدَهُمَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا أَوْ فِيهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ مَا مَقْصُودُهُ أَيْ مِنْ أَيِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ قَوْلُهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ عَلَى مَا عُرِفَ وَحَدُّ عَدَمِ الْوُجُودِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ فَصَاعِدًا.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا صَلَّى عُرْيَانًا قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الْقُدْرَةُ فَإِنْ أُبِيحَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ الْأَصَحُّ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي التَّيَمُّمِ

(قَوْلُهُ: ثَوْبًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ أَيِّ ثَوْبٍ كَانَ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: قَاعِدًا) صِفَةُ الْقُعُودِ أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُ، وَقَوْلُهُ يُومِئُ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا أَجْزَأَهُ) يَعْنِي بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ؛ لِأَنَّ فِي الْقُعُودِ سَتْرَ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَفِي الْقِيَامِ أَدَاءُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) يَعْنِي صَلَاتَهُ قَاعِدًا يُومِئُ وَإِنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ السَّتْرَ وَاجِبٌ لِحَقِّ الصَّلَاةِ وَحَقِّ النَّاسِ وَلِأَنَّهُ لَا خَلَفَ لَهُ وَالْإِيمَاءُ خَلَفٌ عَنْ الْأَرْكَانِ وَلِأَنَّ السَّتْرَ فَرْضٌ وَالْقِيَامَ فَرْضٌ وَقَدْ اُضْطُرَّ إلَى تَرْكِ أَحَدِهِمَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ آكَدُهُمَا وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْقِيَامُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَكَانَ السَّتْرُ أَوْلَى وَفِعْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا سَتْرٌ لَهُ فَكَانَ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ النَّافِلَةَ تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ وَلَا تَجُوزُ بِدُونِ السَّتْرِ حَالَ الْقُدْرَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْعُرْيَانِ يَعِدُهُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ الثَّوْبَ إذَا صَلَّى فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ

ص: 47

كَذَا فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ صَلَّى رَجُلَانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَاسْتَتَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَرَفٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَكَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى نَائِمٍ أَجْزَأَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الصَّلَاةَ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهِ بِنِيَّةٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّحْرِيمَةِ بِعَمَلٍ وَلَا غَيْرِهِ) وَالنِّيَّةُ هِيَ الْعِلْمُ السَّابِقُ بِالْعَمَلِ اللَّاحِقِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّكْبِيرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهَا وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ وَلَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ التَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى لَا يَقَعُ عِبَادَةً لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ التَّحْرِيمَةِ وَاخْتَلَفُوا إلَى مَتَى قَالَ بَعْضُهُمْ إلَى مُنْتَهَى الثَّنَاءِ، وَقِيلَ إلَى التَّعَوُّذِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ تُؤَدِّي إلَى وُقُوعِ الشُّرُوعِ خَالِيًا عَنْهَا فَإِنْ قِيلَ الصَّوْمُ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ وَقْتِ الشُّرُوعِ وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَلِمَ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ؟ قُلْنَا طُلُوعُ الْفَجْرِ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَلَوْ شُرِطَتْ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ لَضَاقَ الْأَمْرُ، وَأَمَّا وَقْتُ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ وَقْتُ حُضُورٍ وَيَقَظَةٍ فَيُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ

(قَوْلُهُ: لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ التَّحْرِيمَةِ بِعَمَلٍ) يَعْنِي عَمَلًا لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ وَالشَّرْطُ فِيهَا أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي فَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنْوَاعٌ وَإِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ جَازَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي فَرْضِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ فَرْضَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَكِنْ نَوَى الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ كَمَا يَقْبَلُ ظُهْرَ الْيَوْمِ يَقْبَلُ ظُهْرًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ ظُهْرًا فَائِتَةً، وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لَهُ.

وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إذَا صَلَّى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِهِ فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ كَانَ فَرْضُ الْوَقْتِ هُوَ الْعَصْرَ وَإِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ كَانَ نَاوِيًا لِلْعَصْرِ وَصَلَاةُ الظُّهْرِ لَا تَجُوزُ بِنِيَّةِ الْعَصْرِ، وَإِنْ نَوَى ظُهْرَ الْيَوْمِ جَازَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَاعْلَمْ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَأَدَّى بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهَا إرَادَةٌ وَالْإِرَادَةُ عَمَلُ الْقَلْبِ لَا عَمَلُ اللِّسَانِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ اللِّسَانِ يُسَمَّى كَلَامًا لَا إرَادَةً إلَّا أَنَّ الذِّكْرَ بِاللِّسَانِ مَعَ عَمَلِ الْقَلْبِ سُنَّةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْغَلَ قَلْبَهُ بِالنِّيَّةِ وَلِسَانَهُ بِالذِّكْرِ وَيَدَهُ بِالرَّفْعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ مُطْلَقُ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرَاوِيحِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِنِيَّةِ التَّرَاوِيحِ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ تَجُوزُ التَّرَاوِيحُ وَالسُّنَنُ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ إلَّا أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ قِيَامَ اللَّيْلِ وَفِي السُّنَّةِ أَنْ يَنْوِيَ السُّنَّةَ وَفِي الْوِتْرِ أَنْ يَنْوِيَ الْوِتْرَ، وَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَدَاءُ فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَا صَلَاةِ جِنَازَةٍ إلَّا مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَفَرَ ثُمَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَفَرْضُهُ إصَابَةُ عَيْنِهَا وَمَنْ كَانَ نَائِيًا عَنْهَا فَفَرْضُهُ إصَابَةُ جِهَتِهَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ الْجُرْجَانِيِّ فَرْضُهُ إصَابَةُ عَيْنِهَا أَيْضًا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ اشْتِرَاطُ نِيَّةِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِلنَّائِي فَعَلَى قَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ يُشْتَرَطُ وَعَلَى الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ، وَإِنْ صَلَّى إلَى الْحَطِيمِ أَوْ نَوَى مَقَامَ إبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَنْوِ الْكَعْبَةَ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ نَوَى الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَفَرْضُهُ الْعَيْنُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إصَابَتِهَا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ قِبْلَةَ الْمَدِينَةِ ثَبَتَتْ مِنْ حَيْثُ النَّصُّ وَسَائِرُ الْبِقَاعِ بِالِاجْتِهَادِ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ خَائِفًا فَيُصَلِّيَ إلَى أَيِّ وِجْهَةٍ قَدَرَ) سَوَاءٌ كَانَ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ إنْ انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ أَنْ يَغْرَقَ أَوْ الْمَرِيضُ لَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ يَجِدُ إلَّا أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِالتَّحْوِيلِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى) الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْمَجْهُودِ لِنَيْلِ الْمَقْصُودِ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ اجْتِهَادُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجِهَاتِ قِيلَ

ص: 48