المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الذَّنْبِ فَإِنَّ الذَّنْبَ فِيهَا عَظِيمُ الْقُبْحِ أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: الذَّنْبِ فَإِنَّ الذَّنْبَ فِيهَا عَظِيمُ الْقُبْحِ أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا

الذَّنْبِ فَإِنَّ الذَّنْبَ فِيهَا عَظِيمُ الْقُبْحِ أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا وَعِنْدَهُمَا لَا تُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْمُحْرِمُ مَكَّةَ وَتَوَجَّهَ إلَى عَرَفَاتٍ وَوَقَفَ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ طَوَافُ الْقُدُومِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَدْخُلْهُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَبِتَرْكِ السُّنَنِ لَا يَجِبُ الْجَابِرُ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ) سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ جَاهِلًا وَلَوْ وَقَفَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَأَفَاضَ مِنْ سَاعَتِهِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» إلَّا أَنَّهُ إذَا وَقَفَ مِنْ النَّهَارِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُدَّ الْوُقُوفَ إلَى بَعْدِ الْغُرُوبِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ وَقَفَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ امْتِدَادٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ اجْتَازَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ الْوُقُوفِ) وَهَذَا إذَا أَحْرَمَ وَهُوَ مُفِيقٌ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَالَ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ الْوُقُوفُ إجْمَاعًا لِأَنَّ مَا هُوَ الرُّكْنُ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ الْوُقُوفُ فَلَا يَمْنَعُهُ الْإِغْمَاءُ وَالنَّوْمُ كَرُكْنِ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا اخْتَلَّ مِنْهُ النِّيَّةُ وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِكُلِّ رُكْنٍ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَأَهَلَّ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَوَقَفَهُ بِالْمَنَاسِكِ كُلِّهَا أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ ضَاقَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَقْتُ الْعِشَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَّسِعُ لِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ وَكَانَ يَخْشَى إذَا اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ فَاتَهُ إتْيَانُ عَرَفَةَ لِلْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَيَذْهَبُ إلَى عَرَفَةَ لِأَنَّ أَدَاءَ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ آكَدَ فَفِي فَوَاتِ الْحَجِّ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي قَضَائِهِ إلَى مَالٍ كَثِيرٍ خَطِيرٍ وَسَفَرٍ بَعِيدٍ وَعَامٍ قَابِلٍ بِخِلَافِ فَوْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ قَضَاءَهَا يَسِيرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] .

(قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ) لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ كَالرِّجَالِ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا) لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَالْإِحْرَامُ لَا يُبِيحُ كَشْفَ الْعَوْرَاتِ وَلِهَذَا قَالُوا إنَّ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْمَخِيطَ وَالْخِمَارَ وَالْخُفَّ (قَوْلُهُ وَتَكْشِفُ وَجْهَهَا) لِقَوْلِهِ عليه السلام «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» وَلَوْ سَدَلَتْ شَيْئًا عَلَى وَجْهِهَا وَجَافَتْهُ جَازَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمَلِ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ) لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْمُلُ فِي الطَّوَافِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْكَشِفَ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ) أَيْ لَا تَرْمُلُ فِي بَطْنِ الْوَادِي لِأَنَّ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ الْجَلَدِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَلَكِنْ تُقَصِّرُ) لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي النِّسَاءِ مِثْلُهُ كَحَلْقِ اللِّحْيَةِ فِي الرِّجَالِ وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ مُمَاسَّتِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْقِرَانِ]

هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ اقْتِرَانِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَأَفْعَالِهِمَا فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْقِرَانَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْإِفْرَادَ مِنْ حَيْثُ التَّرَقِّي مِنْ الْوَاحِدِ إلَى الِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدَةُ قَبْلَ الِاثْنَيْنِ قَالَ رحمه الله (الْقِرَانُ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ وَقَالَ مَالِكٌ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ «أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كُنْت آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى كَتِفَيَّ وَهُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا» كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلِأَنَّ فِي الْقِرَانِ زِيَادَةَ نُسُكٍ وَهُوَ إرَاقَةُ الدَّمِ قَالَ عليه السلام «أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ» وَلِأَنَّ فِيهِ اسْتِدَامَةَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا مِنْ الْمِيقَاتِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُمَا وَلَا كَذَلِكَ التَّمَتُّعُ.

وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ أَيْ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِحْرَامٍ عَلَى حِدَةٍ لَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَوْ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا

ص: 162

لَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ إنَّ أَرْبَعًا أَفْضَلُ مِنْ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِنَّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَتَيْنِ لَا غَيْرُ فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ الْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ أَيْ مِنْ إفْرَادِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا جَمِيعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَأْتِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ فِي أَنَّ الْقِرَانَ يَكُونُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَصِفَةُ الْقِرَانِ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ) قَدَّمَ الْعُمْرَةَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَلِأَنَّ أَفْعَالَهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ

(قَوْلُهُ وَيَقُولُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ فَيَسِّرْهُمَا لِي) أَيْ اقْطَعْ مَوَانِعَهُمَا عَنِّي (قَوْلُهُ وَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ بِتَقْدِيمِ ذِكْرِ الْحَجِّ تَبَرُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ ابْتَدَأَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ) لِأَنَّهُ طَوَافٌ بَعْدَهُ سَعْيٌ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ وَيَسْعَى بَعْدَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهَذِهِ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَطُوفُ بَعْدَهَا طَوَافَ الْقُدُومِ وَيَسْعَى) كَمَا قُلْنَا فِي الْمُفْرِدِ وَلَا يَحْلِقُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ لِأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةٌ عَلَى إحْرَامِ الْحَجِّ فَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَسَعْيِهَا وَبَيْنَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ وَلَا يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَقَعُ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ طَافَ الْقَارِنُ وَسَعَى أَوَّلًا لِلْحَجِّ ثُمَّ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ فَالْأَوَّلُ لِلْعُمْرَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ فَإِنْ طَافَ طَوَافَيْنِ مَعًا لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ ثُمَّ سَعَى بَعْدَهُ سَعْيَيْنِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَسَاءَ بِتَأْخِيرِ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَتَقْدِيمِ طَوَافِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي الْمَنَاسِكِ عِنْدَهُمَا لَا يُوجِبُ الدَّمَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَطَوَافُ الْقُدُومِ سُنَّةٌ وَتَرْكُهُ قَطْعًا لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ أَوْ سُبُعَ بَقَرَةٍ وَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ) فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْأَفْضَلُ سُبُعُ بَدَنَةٍ أَوْ شَاةٌ قِيلَ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ لَحْمًا فَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ بِالْكَثْرَةِ يَكْثُرُ نَفْعُ الْمَسَاكِينِ فَلَوْ أَنَّ الْقَارِنَ حَلَقَ أَوَّلًا ثُمَّ ذَبَحَ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ ثُمَّ يَحْلِقَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ عِنْدَهُمَا لَا يُوجِبُ الدَّمَ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ عِنْدَنَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ لَا دَمَ جَبْرٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْأَكْلُ مِنْهُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ وَجَبَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ كَالْأُضْحِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ دَمُ جَبْرٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْأَكْلُ مِنْهُ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَذْبَحُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ) وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الصَّوْمِ إنْ شَاءَ تَابَعَهُ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إذَا كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلَا بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْهَدْيِ كَمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ حَتَّى دَخَلَ يَوْمُ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الدَّمُ أَيْ دَمُ الْقِرَانِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهَدْيِ وَتَحَلَّلَ فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمٌ لِلتَّحَلُّلِ قَبْلَ الْهَدْيِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ فِي خِلَالِ صَوْمِ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ وَسَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الصَّوْمِ وَإِنْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ مَا حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْحَلْقِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْخُلْفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَصُومُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ)

ص: 163