الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ مِنْ الْمَوْلَى، وَلَنَا أَنَّهُ إسْقَاطُ الْحَقِّ وَفَكُّ الْحَجْرِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ مَالِكِيَّةُ الْعَبْدِ فَلَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ، وَإِنْ وَقَّتَ لَهُ الْإِذْنَ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك شَهْرًا فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ أَبَدًا حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ إذْنَهُ إطْلَاقٌ مِنْ حَجْرٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، وَكَذَا إذَا رَآهُ الْمَوْلَى يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَلَمْ يَنْهَهُ وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمَوْلَى حَقٌّ فِي تَصَرُّفِهِ فَصَارَ سُكُوتُهُ رِضًا بِهِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا كَانَ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ وَلِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي تَصَرُّفِهِ كَانَ سُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ إسْقَاطًا لِحَقِّهِ كَذَا هَذَا وَلَا يُشْبِهُ هَذَا إذَا رَأَى رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ شَيْئًا فَسَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ إذْنًا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ بَائِعَ عَبْدِ غَيْرِهِ إنَّمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالتَّوْكِيلِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَإِنْ قَالَ أَجِّرْ نَفْسَك أَوْ اُقْعُدْ قَصَّارًا أَوْ صَبَّاغًا فَهُوَ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ التِّجَارَةِ وَذِكْرُ بَعْضِ التِّجَارَةِ إذْنٌ لَهُ فِي جَمِيعِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ، مِثْلُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ لِلْكِسْوَةِ أَوْ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ مَأْذُونًا بِهَذَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ بَابُ الِاسْتِخْدَامِ وَلَوْ قَالَ لَهُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْتُ لَك فِي التِّجَارَةِ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ إذَا جَاءَ غَدٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ وَكِيلِي فَجَاءَ غَدٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا، وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ عَزَلْتُك أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْك أَوْ قَالَ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا كُلُّهُ وَلَا يَصِيرُ الْوَكِيلُ مَعْزُولًا وَلَا الْعَبْدُ مَحْجُورًا وَلَا الْمُطْلَقَةُ مُرَاجَعَةً ثُمَّ الْعَبْدُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا بِالْعِلْمِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمَوْلَى أَذِنْتُ لِعَبْدِي فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا لِلتِّجَارَةِ كَالْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَكُونُ مَأْذُونًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، إنْ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ وَامْرَأَةٌ عَدْلَةٌ صَارَ مَحْجُورًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا إلَّا إذَا صَدَّقَهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْحَجِرُ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ رَسُولًا صَارَ مَحْجُورًا بِالْإِجْمَاعِ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ.
[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]
قَوْلُهُ (وَإِقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ جَائِزٌ) وَكَذَا بِالْوَدَائِعِ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ إذْ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَاجْتَنَبَتْ النَّاسُ مُبَايَعَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ دُيُونَ التِّجَارَةِ أَمَّا الْمَهْرُ وَالْجِنَايَةُ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْ رَقَبَتِهِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَهْرِ مَا كَانَ مِنْ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَقَرَّ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ وَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ افْتَضَّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِكْرًا بِأُصْبُعِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمَوْلَى وَهُوَ إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ إقْرَارٌ بِالْمَالِ وَيُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ فِي مَقَالَاتِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله
لَوْ قَالَ مَأْذُونٌ أَزَالَتْ أُصْبُعِي
…
بِغَسْلُ يُؤْخَذُ لِلْحَالِ اسْمَعْ
وَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَا إذَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَهْرِ كَمَا إذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَسَقَطَتْ فَذَهَبَتْ بِغَسْلُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا.
قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ مَمَالِيكَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ وَالْإِذْنُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى التِّجَارَةِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمَوْلَى فَسَدَ فَإِذَا دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِسَبَبٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي حَقِّ الْمَوْلَى. وَأَمَّا تَزْوِيجُهُ لِمَمَالِيكِهِ فَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِدَلَالَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رَقَبَتَهُ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَالُ بِمَنَافِعِهَا فَأَشْبَهَ إجَارَتَهَا وَلَهُمَا أَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ شَرِكَةَ عِنَانٍ، قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ فِي مَقَالَاتِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله
وَيَمْلِكُ الْمَأْذُونُ تَزْوِيجَ الْأَمَهْ
…
وَصَاحِبُ الْعِنَانِ وَالْمُضَارَبَهْ
قُيِّدَ بِالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ ذَلِكَ إجْمَاعًا وَقُيِّدَ بِالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ إجْمَاعًا وَقُيِّدَ بِصَاحِبِ
الْعِنَانِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوِضَ يَمْلِكُ ذَلِكَ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ (وَلَا يُكَاتِبُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَالْبَدَلُ فِي الْكِتَابَةِ مُقَابَلٌ بِفَكِّ الْحَجْرِ فَلَمْ يَكُنْ تِجَارَةً إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ مَلَّكَهُ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ نَائِبًا عَنْهُ وَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْكِتَابَةِ سَفِيرٌ عَنْهُ فَإِذَا كَاتَبَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ الْمَوْلَى جَازَ فَمَالُ الْكِتَابَةِ لِلْمَوْلَى لَا سَبِيلَ لِلْعَبْدِ عَلَى قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَقَبْضُ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ حُقُوقِ الْعَبْدِ فَإِنْ دَفَعَ الْمُكَاتَبُ إلَى الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ الْمَوْلَى بِقَبْضِهَا فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ لَحِقَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ بَعْدَمَا أَجَازَ الْمَوْلَى فَالْكِتَابَةُ لِلْمَوْلَى لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا صَحَّتْ بِالْإِجَازَةِ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ وَصَارَ فِي يَدِ الْمَوْلَى وَمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ قَبْلَ الدَّيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ كَاتَبَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ فَلَا يَمْلِكُ إجَازَةَ الْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَعْتِقُ عَلَى مَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْكِتَابَةَ فَالْعِتْقُ أَوْلَى لِأَنَّ الْعِتْقَ تَبَرُّعٌ وَلَا يُقْرَضُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ قَالَ عليه السلام «قَرْضُ مَرَّتَيْنِ صَدَقَةُ مَرَّةٍ» .
قَوْلُهُ (وَلَا يَهَبُ بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ) وَلَا يَتَصَدَّقُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِالنَّفْسِ وَلَا بِالْمَالِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمَّا إذَا كَانَ مَدْيُونًا فَلَا يَجُوزُ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى فَإِنْ كَفَلَ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يُعِيرَ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَأَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عِنَانٍ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَهُوَ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُهْدِيَ الْيَسِيرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ يُضَيِّفَ مَنْ يَصِلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا أَعْطَاهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ لَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْطَاهُ قُوتَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَكَلُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَوْلَى قَالُوا وَلَا بَأْسَ أَنْ تَتَصَدَّقَ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ وَلَا يَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ.
قَوْلُهُ (وَدُيُونُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ يُبَاع فِيهَا لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى) وَالْمُرَادُ دَيْنُ التِّجَارَةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَضَمَانُ الْغُصُوبِ وَالْوَدَائِعِ إذَا جَحَدَهَا وَمَا يَجِبُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْءِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عَقَرَ دَابَّةً أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا أَمَّا الدَّيْنُ الثَّابِتُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَقَوْلُهُ يُبَاعُ فِيهَا يَعْنِي يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمَوْلَى وَلِلْغُرَمَاءِ فِيهِ حَقٌّ وَفِي بَيْعِهِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَخْتَارُونَ تَرْكَ الْبَيْعِ لِيَسْتَوْفُوا مِنْ كَسْبِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَإِذَا بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وُقِفَ عَلَى إجَازَتِهِمْ كَمَا فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى يَعْنِي يَفْدِيَهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذْ أَفْدَاهُ لَمْ يَبْقَ فِي رَقَبَتِهِ لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ يُبَاعُ لِأَجْلِهِ قَوْلُهُ (وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ) سَوَاءٌ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ أَوْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ بَقِيَ لَهُمْ دَيْنٌ لَا يُطَالَبُ بِهِ الْمَوْلَى وَلَكِنْ يَتَّبِعُونَ بِهِ الْعَبْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَهَذَا إذَا بَاعَهُ الْقَاضِي أَمَّا إذَا بَاعَهُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَهُمْ حَقُّ الْفَسْخِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الثَّمَنِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِمْ أَوْ قَضَى الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ أَوْ أَبْرَءُوا الْعَبْدَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ الْفَسْخِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْوَصِيِّ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ فِي الدَّيْنِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ حَقُّ الْفَسْخِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَا لِلْغُرَمَاءِ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فَلَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْبَيْعَ وَيَسْتَسْعُوهُ فِي دَيْنِهِمْ وَهُنَاكَ لَيْسَ لَهُمْ اسْتِسْعَاءُ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ.
(مَسْأَلَةٌ) إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى عَبْدٍ دَيْنٌ فَوَهَبَهُ الْمَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَقَبِلَهُ سَقَطَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَإِنْ رَجَعَ الْمَوْلَى فِي هِبَتِهِ لَمْ يَعُدْ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبْرَأهُ فَهُوَ كَالنِّكَاحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَجُلًا لَوْ وَهَبَ أَمَةً لِزَوْجِهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ لَمْ يَعُدْ النِّكَاحُ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْعَبْدِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَةٌ
أُخْرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْعَبْدِ نَقْصٌ فِيهِ فَزَوَالُهُ عَنْهُ زِيَادَةٌ حَصَلَتْ وَالْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ مَتَى حَصَلَتْ فِيهَا زِيَادَةٌ فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَنَعَتْ الرُّجُوعَ. قَوْلُهُ (فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ دُيُونِهِ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) لِتَقَرُّرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ وَفَاءِ الرَّقَبَةِ بِهِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَجْرُ بَيْنَ أَهْلِ سُوقِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُعْتَقِدِينَ جَوَازَ التَّصَرُّفِ مَعَهُ وَالْمُدَايَنَةَ لَهُ فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ إلَّا بِالْعِلْمِ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ حَتَّى لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَا يَنْحَجِرُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خُرُوجُهُ مِنْ الْإِذْنِ بِالشُّهْرَةِ وَبِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ لَا يَشْتَهِرُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا صَارَ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا) ؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ يَسْقُطُ الْإِذْنُ، وَكَذَا بِالْجُنُونِ إذَا كَانَ مُطْبِقًا أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُطْبِقٍ فَالْإِذْنُ عَلَى حَالِهِ. وَأَمَّا اللِّحَاقُ إنْ حُكِمَ بِهِ فَهُوَ كَالْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ حَتَّى رَجَعَ مُسْلِمًا فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ جُنَّ الْعَبْدُ جُنُونًا مُطْبِقًا صَارَ مَحْجُورًا فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إذْنُهُ، وَإِنْ جُنَّ جُنُونًا غَيْرَ مُطْبِقٍ لَا يَنْحَجِرُ، وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَأْذُونُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ مَحْجُورًا عِنْدَ الِارْتِدَادِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا بِاللَّحَاقِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ صَارَ مَحْجُورًا) فَإِنْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ لَمْ يَعُدْ الْإِذْنُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) مَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِفُلَانٍ أَوْ غَصَبْته مِنْهُ أَوْ يُقِرُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَيَقُولُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ فَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي شَرْحِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَا فِي يَدِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ عِنْدَ الْحَجْرِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا لَزِمَتْهُ دُيُونٌ تُحِيطُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ) لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ لَمْ يَعْتِقُوا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَيَعْتِقُ مَنْ أَعْتَقَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُحِيطٌ بِمَالِهِ جَازَ عِتْقُهُ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ (وَإِذَا بَاعَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ) هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ لِلْمَوْلَى قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَهُ بِنُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إذَا بَاعَهُ بِنُقْصَانٍ يَجُوزُ وَيُخَيَّرُ الْمَوْلَى إنْ شَاءَ أَزَالَ الْمُحَابَاةَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَهَذَا خِلَافُ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ الْوَارِثِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ أَمَّا حَقُّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ لَا غَيْرُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ تُهْمَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الثَّمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ حَصَلَ الثَّمَنُ