المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إقَامَةِ الْغَيْرِ مَقَامَهُ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ قَالَ رحمه الله (كُلُّ - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: إقَامَةِ الْغَيْرِ مَقَامَهُ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ قَالَ رحمه الله (كُلُّ

إقَامَةِ الْغَيْرِ مَقَامَهُ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ قَالَ رحمه الله (كُلُّ عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ لِنَفْسِهِ أَيْ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ مُسْتَبِدًّا بِهِ، وَهَذَا الدَّفْعُ نَقَضَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ كُلُّ فِعْلٍ جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعُقُودِ وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ مِثْلُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ ثُمَّ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِي هَذَا أَوْ بِشِرَاءِ كَذَا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا قَالَ أَحْبَبْت أَنْ تَبِيعَ عَبْدِي هَذَا أَوْ رَضِيت أَوْ شِئْت أَوْ أَرَدْت فَهُوَ تَوْكِيلٌ، وَلَوْ قَالَ لَا أَنْهَاك عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِي لَا يَكُونُ هَذَا تَوْكِيلًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا لَا يَقَعُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ) أَيْ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَوْ بِالْجَوَابِ الصَّرِيحِ قَوْلُهُ (فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِثْبَاتِهَا) أَيْ فِي جَمِيعِهَا، وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَاللِّعَانِ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِيهَا وَلَا فِي إثْبَاتِهَا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَصِحُّ بِاسْتِيفَائِهِمَا مَعَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْمَجْلِسِ) يَعْنِي الْمَقْذُوفَ وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ وَوَلِيَّ الْقِصَاصِ. قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا) سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا يَعْنِي مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُصُومَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمْنَعُهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَائِبًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَمَّا دُونَهَا فَهُوَ كَالْحَاضِرِ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً جَازَ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْلَفْ خِطَابَ الرِّجَالِ فَإِذَا حَضَرَتْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ انْقَبَضَتْ فَلَمْ تَنْطِقْ بِحُجَّتِهَا لِحَيَائِهَا وَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَوَاتِ حَقِّهَا، وَهَذَا شَيْءٌ اسْتَحْسَنَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ جَعَلُوهَا كَالْمَرِيضِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَادَتُهَا تَحْضُرُ مَجَالِسَ الرِّجَالِ فَهِيَ كَالرَّجُلِ لَا يَجُوزُ لَهَا التَّوْكِيلُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُوجِبُ لُزُومَ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْحَيْضُ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ هِيَ طَالِبَةً قُبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً إنْ أَخَّرَهَا الطَّالِبُ حَتَّى يَخْرُجَ الْقَاضِي مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ بِهَا إلَى التَّوْكِيلِ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ يَعْنِي هَلْ تَرْتَدُّ الْوَكَالَةُ بِرَدِّ الْخَصْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ وَعِنْدَهُمَا لَا وَيُجْبَرُ وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ الْقَصْدَ بِالْإِضْرَارِ إلَى الْمُدَّعِي بِالتَّوْكِيلِ بِحِيَلِهِ وَأَبَاطِيلِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلُ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ وَإِلَّا فَيَقْبَلُهُ وَقَيَّدَ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالتَّقَاضِي وَالْقَضَاءَ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ جَائِزٌ إجْمَاعًا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ إجْمَاعًا ثُمَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إذَا أَقَامَ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ إيَّاهَا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ فِي مَنْعِ الْوَكِيلِ مِنْ الْقَبْضِ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْبَيْعُ.

قَوْلُهُ (وَمِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُون الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَالِكًا لِيُمَلِّكَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُمَا يَصِحُّ مِنْهُمَا

ص: 298

التَّصَرُّفُ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِهِ قَوْلُهُ (وَيَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ) قَيَّدَ بِذَلِكَ احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرَى وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الثَّمَنَ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ احْتِرَازًا عَنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا لَا يَمْلِكَانِهِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَالِكًا لِيُمَلِّكَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ (وَالْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِي الْعِبَارَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ أَوْ مَجْنُونًا كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا وَقَوْلُهُ وَيَقْصِدُهُ احْتِرَازًا عَنْ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ هَازِلًا لَا يَقَعُ عَلَى الْآمِرِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا وَكَّلَ الْحُرُّ الْبَالِغُ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ مِثْلَهُمَا جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَالْوَكِيلَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ مِثْلَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا إذَا وَكَّلَا مِثْلَيْهِمَا تَعَلَّقَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ، وَإِنْ وَكَّلَا دُونَهُمَا جَازَ أَيْضًا وَلَا يَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ وَفِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ مِثْلَهُمَا غَيْرُ مُنْحَصِرٍ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرَّقَبَةِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فَوْقَهُ كَتَوْكِيلِ الْمَأْذُونِ حُرًّا أَوْ دُونَهُ كَتَوْكِيلِ الْحُرِّ مَأْذُونًا قَوْلُهُ (وَإِنْ وَكَّلَا صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ) أَيْ يَعْرِفُ أَنَّ الشِّرَاءَ جَالِبٌ وَالْبَيْعَ سَالِبٌ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ وَالْفَاحِشَ (أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ جَازَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْحُقُوقُ وَيَتَعَلَّقُ بِمُوَكِّلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ عَلَى نَفْسِهِ مَالِكٌ لَهُ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَالتَّوْكِيلُ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِي حَقِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْتِزَامُ الْعُهْدَةِ الصَّبِيُّ لِقُصُورِ أَهْلِيَّتِهِ وَالْعَبْدُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ فَإِذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ يَتَخَيَّرُ كَمَا إذَا عَثَرَ عَلَى عَيْبٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ فِي قَاضِي خَانْ فَرْقًا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ فِي حَقِّ لُزُومِ الْعُهْدَةِ فَالْعَبْدُ إذَا عَتَقَ يَلْزَمُهُ تِلْكَ الْعُهْدَةُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ لُزُومِهَا حَقُّ الْمَوْلَى، وَقَدْ زَالَ حَقُّهُ بِالْعِتْقِ، وَالصَّبِيُّ لِأَجْلِ حَقِّهِ وَحَقُّهُ لَا يَزُولُ بِالْبُلُوغِ.

قَوْلُهُ (وَالْعُقُودُ الَّتِي يَعْقِدُهَا الْوُكَلَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ كُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ مِثْلُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَحُقُوقُ ذَلِكَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي مَا لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ حَلَفَ مَا لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ،.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ قَوْلُهُ (فَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ وَيُخَاصِمُ فِي الْعَيْبِ) ؛ لِأَنَّ

ص: 299

كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافَةً عَنْهُ اعْتِبَارًا لِلتَّوْكِيلِ السَّابِقِ كَالْعَبْدِ يَنْهَبُ وَيَصْطَادُ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ خِلَافَةً عَنْهُ أَيْ يَثْبُتُ الْمِلْكَ أَوَّلًا لِلْوَكِيلِ وَلَا يَسْتَقِرُّ بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ سَاعَتَهُ وَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ فِي عِتْقِ قَرِيبِ الْوَكِيلِ وَلَا فَسَادِ نِكَاحِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ الْحُقُوقُ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ هُوَ قَبْضُ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ صَبِيًّا مَحْجُورًا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا لَا يُخَاطَبَانِ بِالتَّسْلِيمِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَأَمَّا إذَا كَانَا مَأْذُونَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا الْحُقُوقُ فَيُخَاطَبَانِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

وَلَوْ أَمَرَ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَأَيُّهُمَا طَالَبَهُ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَيْهِ، وَلَوْ نَهَى الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ نَهْيُهُ، وَإِنْ نَهَى الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ غَيْرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ يَبْرَأُ عَنْهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ حَطَّ عَنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا حَطُّهُ، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ عَنْهُ الثَّمَنَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُوَكِّلُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ الْمِلْكُ فِي الشِّرَاءِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَكِيلِ مِلْكًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ وَمِنْهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافَةً عَنْ الْوَكِيلِ ابْتِدَاءً وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَوْ انْتَقَلَ إلَى الْوَكِيلِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ مَحَارِمُهُ إذْ اشْتَرَاهُمْ بِالْوَكَالَةِ وَيُجَابُ لِلْكَرْخِيِّ أَنَّهُمْ إنَّمَا لَا يُعْتَقُونَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَكِيلِ لَا يَسْتَقِرُّ.

قَوْلُهُ (وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَلَا يُطَالِبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمُهَا) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ صَارَ النِّكَاحُ لَهُ فَصَارَ كَالرَّسُولِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ، وَقَالَ أَبُو الصَّغِيرَةِ زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك، وَقَالَ الْأَبُ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ لِابْنِي جَازَ النِّكَاحُ لِلِابْنِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى؛ لِأَنَّ الْمُزَوِّجَ أَضَافَ الْإِيجَابَ إلَى الِابْنِ، وَقَوْلُ الْأَبِ قَبِلْت جَوَابٌ لَهُ وَالْجَوَابُ يَتَقَيَّدُ بِالْأَوَّلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ قَبِلْت لِابْنِي، وَلَوْ قَالَ أَبُو الصَّغِيرَةِ لِأَبِي الصَّغِيرِ زَوَّجْت ابْنَتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو الصَّغِيرِ قَبِلْت النِّكَاحَ يَقَعُ النِّكَاحُ لِلْأَبِ هُوَ الصَّحِيحُ وَيَجِبُ أَنْ يَحْتَاطَ فِيهِ فَيَقُولَ قَبِلْت لِابْنِي وَيَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت النِّكَاحَ لِأَجْلِ فُلَانٍ وَالْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ إنْ كَانَ وَكِيلَ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ إلَّا إذَا ضَمِنَ فَيُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ لَا بِالْعَقْدِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا طَالَبَ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ لِمَا أَنَّ الْحُقُوقَ إلَى الْعَاقِدِ قَوْلُهُ (فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ حَقُّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا دُونَ دَيْنِ الْوَكِيلِ وَبِدَيْنِ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ عِنْدَهُمَا وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْفَصْلَيْنِ أَيْ فِي الْإِبْرَاءِ وَالْمُقَاصَّةِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ الْوَكِيلُ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ فَإِنْ نَهَاهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ مَنْعُهُ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَمَبْلَغِ ثَمَنِهِ) لِيَصِيرَ الْفِعْلُ الْمُوَكِّلُ بِهِ مَعْلُومًا فَيُمْكِنُهُ الِائْتِمَارُ أَمَّا تَسْمِيَةُ جِنْسِهِ فَقَوْلُهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً. وَأَمَّا صِفَتُهُ فَقَوْلُهُ حَبَشِيٌّ أَوْ تُرْكِيٌّ أَوْ مُوَلَّدٌ وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هَا هُنَا النَّوْعُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ النَّوْعَ وَذَكَرَ الثَّمَنَ، فَقَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَمَبْلَغِ ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ لَفْظًا يَجْمَعُ أَجْنَاسًا كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ رَقِيقٍ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ حَتَّى يُبَيِّنَ النَّوْعَ مَعَ الثَّمَنِ، وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْأَجْنَاسِ كَالدَّارِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُوجَدُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ فَلَا يَدْرِي مُرَادَ الْآمِرِ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ

ص: 300