المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ] (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) الْمُزَارَعَةُ فِي اللُّغَةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَفِي - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ] (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) الْمُزَارَعَةُ فِي اللُّغَةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَفِي

[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) الْمُزَارَعَةُ فِي اللُّغَةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُخَابَرَةً؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ خَبِيرٌ وَقِيلَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَقْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِ خَيْبَرَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُزَارَعَةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ بَاطِلَةٌ) إنَّمَا ذَكَرَ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «وَمَا الْمُخَابَرَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَأْخُذَ أَرْضًا بِثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ» وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ إنَّمَا قَيَّدَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعَ بِاعْتِبَارِ عَادَةِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَتَزَارَعُونَ هَكَذَا وَقَوْلُهُ بَاطِلَةٌ أَيْ فَاسِدَةٌ وَإِذَا كَانَتْ فَاسِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ سَقَى الْأَرْضَ وَكَرَبَهَا وَلَمْ يَخْرُجْ شَيْء فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا فَاسِدَةٌ أَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَلِأَنَّ الْأَجْرَ مَعْدُومٌ أَوْ مَجْهُولٌ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهُ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هِيَ جَائِزَةٌ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ لَا يَجِدُ أُجْرَةً يَسْتَعْمِلُ بِهَا وَمَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» فَالْمُحَاقَلَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْحَقْلِ وَهُوَ الزَّرْعُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالزَّرْعِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْمُزَارَعَةُ. وَأَمَّا الْمُزَابَنَةُ فَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ نَخْرِصُهُ تَمْرًا. قَوْلُهُ (وَهِيَ عِنْدَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ لِوَاحِدٍ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ لِوَاحِدٍ جَازَتْ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِلْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ أَصْلُ الْمُزَارَعَةِ وَلَا يُقَالُ هَلَّا بَطَلَتْ لِدُخُولِ الْبَقَرِ مَعَهُ فِي الْعَمَلِ فَنَقُولُ الْبَقَرُ غَيْرُ مُسْتَأْجَرَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ تَابِعَةٌ لِعَمَلِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهَا آلَةُ الْعَمَلِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ بِإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلِأَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا كَانَتْ الْإِبْرَةُ تَابِعَةً لِعَمَلِهِ وَلَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهَا أُجْرَةٌ كَذَلِكَ هَذَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِوَاحِدٍ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ وَالْبَذْرُ لِوَاحِدٍ جَازَتْ أَيْضًا) وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَامِلَ مُسْتَأْجَرٌ لِلْأَرْضِ بِبَعْضٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ فَيَجُوزُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ لِوَاحِدٍ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ جَازَتْ أَيْضًا) وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ بِآلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ ثَوْبَهُ بِإِبْرَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ لِوَاحِدٍ وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ لِوَاحِدٍ فَهِيَ بَاطِلَةٌ) وَهَذَا الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ بَاطِلٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ هَا هُنَا مُسْتَأْجَرَةٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ تَابِعَةً لِلْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَطْ عَلَى الْعَامِلِ، وَاسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ

ص: 370

بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَا يَجُوزُ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهَا تُؤَدِّي إلَى الِاخْتِلَافِ فَرُبَّمَا يَدَّعِي أَحَدُهُمَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْآخَرِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ هَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ مُدَّةَ الزَّرْعِ عِنْدَهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ فَابْتِدَاؤُهَا وَانْتِهَاؤُهَا مَجْهُولٌ أَمَّا فِي بِلَادِنَا فَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ.

قَوْلُهُ (وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا مُشَاعًا) تَحْقِيقًا لِلْمُشَارَكَةِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مُسَمَّاةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ بِهِ تَنْقَطِعُ الشَّرِكَةُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ صَاحِبُ الْبَذْرِ أَنْ يَرْفَعَ بِقَدْرِ بَذْرِهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ لَا تُخْرِجَ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ.

قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَا مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَالسَّوَّاقِي) يَعْنِي شَرَطَاهُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَالْمَاذِيَانَاتُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ أَصْغَرَ مِنْ النَّهْرِ وَأَعْظَمَ مِنْ الْجَدْوَلِ وَهُوَ الْمَشْرَبُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْقِي بَعْضَ الْأَرْضِ وَالسَّوَّاقِي جَمْعُ سَاقِيَةٍ وَكَأَنَّهَا الَّتِي يُسْقَى بِهَا كُلُّ الْأَرْضِ وَهِيَ فَوْقَ الْجَدْوَلِ وَقِيلَ الْمَاذِيَانَاتُ الْعُيُونُ وَهِيَ لُغَةٌ فَارِسِيَّةٌ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا التِّبْنَ وَلِلْآخَرِ الْحَبَّ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُصِيبُهُ آفَةٌ فَلَا يَنْعَقِدُ الْحَبُّ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا التِّبْنُ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ التِّبْنَ نِصْفَيْنِ وَالْحَبَّ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْحَبُّ، وَإِنْ شَرَطَا الْحَبَّ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتِّبْنِ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ لِاشْتِرَاطِهِمَا الشَّرِكَةَ فَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ ثُمَّ التِّبْنُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ، وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي التِّبْنُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ فِيمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْحَبِّ وَالتَّبَعُ يَقُومُ بِشَرْطِ الْأَصْلِ، وَلَوْ شَرَطَا الْحَبَّ نِصْفَيْنِ وَالتِّبْنَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْعَقْدِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرِ أَمَّا صَاحِبُ الْبَذْرِ فَيَسْتَحِقُّ الْخَارِجَ بِبَذْرِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْعَامِلُ وَلَهُ ثُلُثُ مَا يَخْرُجُ أَوْ نِصْفُهُ وَلَمْ يُسَمِّ غَيْرَ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الشَّرْطِ هُوَ الَّذِي لَا بَذْرَ مِنْهُ، وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ. وَأَمَّا إذَا سَمَّى لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَمْ يُسَمِّ لِلْعَامِلِ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الْخَارِجِ صَارَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِالشَّرْطِ وَالْبَاقِي إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ لِلْمُزَارِعِ يَسْتَحِقُّهُ بِبَذْرِهِ فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ لِي النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ فَقُلْ بَذْلُ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخَارِجِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) هَذَا فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ إذَا كَانَ

ص: 371

الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ يَجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى وَلَمْ يُوجَدْ الْمُسَمَّى فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِلِ فَإِذَا فَسَدَتْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الْمَنْفَعَةِ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) أَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَهَلْ يُزَادُ عَلَى مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ حَتَّى فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ هُوَ الصَّحِيحُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا عَقَدَ الْمُزَارَعَةَ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ وَهُوَ الْبَذْرُ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِهَدْمِ دَارِهِ ثُمَّ بَدَا لِصَاحِبِ الدَّارِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ امْتَنَعَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْعَمَلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ عُذْرًا تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ اعْتِبَارًا بِالْإِجَارَةِ) يَعْنِي مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهَا فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تُرِكَتْ فِي يَدِ الْعَامِلِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ وَيُقْسَمَ عَلَى الشَّرْطِ وَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْعَامِلُ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ نَحْنُ نَعْمَلُ فِي الزَّرْعِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ وَأَبَى صَاحِبُ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الضَّرَرُ عَلَيْهِمْ فِي قَلْعِ الزَّرْعِ فَوَجَبَ تَبْقِيَتُهُ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ فِيمَا عَمِلُوا، وَإِنْ أَرَادُوا قَلْعَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى الْعَمَلِ وَقِيلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَقْلِعْهُ فَيَكُونُ بَيْنَكُمْ أَوْ أُعْطِهِمْ قِيمَةَ حِصَّتِهِمْ وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَك أَوْ أَنْفِقْ عَلَى حِصَّتِهِمْ وَتَعُودُ بِنَفَقَتِك فِي حِصَّتِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرَكْ كَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا عَلَى مِقْدَارِ حُقُوقِهِمَا) ؛ لِأَنَّ فِي تَبْقِيَةِ الْعَقْدِ إيفَاءُ الْحَقَّيْنِ وَفِي فَسْخِهِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ بِأَحَدِهِمَا فَكَأَنَّ تَبْقِيَتَهُ إلَى الْحَصَادِ أَوْلَى وَيَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْتَهَى بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَهَذَا عَمَلٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ حَيْثُ يَكُونُ الْعَمَلُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ بَقَّيْنَا الْعَمَلَ فِي مُدَّتِهِ وَالْعَقْدُ يَسْتَدْعِي الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ أَمَّا هُنَا الْعَقْدُ قَدْ انْتَهَى فَلَمْ يَكُنْ هَذَا إبْقَاءَ ذَلِكَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَخْتَصَّ الْعَامِلُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمَا وَذَلِكَ مِثْلُ أَجْرِ سَقْيِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَنْقَضِ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً.

قَوْلُهُ (وَأُجْرَةُ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ) وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَاهُ قَصِيلًا وَيَبِيعَاهُ فَالْحَصَادُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَاهُ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ) يَعْنِي الْحَصَادَ وَالدِّيَاسَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَلْزَمَا الْمُزَارِعَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَى الزَّرْعِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ وَعَنْ

ص: 372