المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط وجوب الزكاة] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: ‌[شروط وجوب الزكاة]

الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي.

قَالَ فِي الْوَجِيزِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّرَاخِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لَا تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَفِي تَأْخِيرِ الْأَدَاءِ عَنْهُمْ إضْرَارٌ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى التَّرَاخِي وَالْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ لِأَنَّ الْحَجَّ أَدَاؤُهُ مَعْلُومٌ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَالْمَوْتُ فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ لَا يُؤْمَنُ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ وَالزَّكَاةُ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ) اعْلَمْ أَنَّ شَرَائِطَ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةٌ: خَمْسَةٌ فِي الْمَالِكِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا مُسْلِمًا عَاقِلًا وَأَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَثَلَاثَةٌ فِي الْمَمْلُوكِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا كَامِلًا وَحَوْلًا كَامِلًا وَكَوْنُ الْمَالِ إمَّا سَائِمًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ.

(قَوْلُهُ إذَا مَلَكَ نِصَابًا) لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ لِمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ وَمَا دُونَ النِّصَابِ مَالٌ قَلِيلٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا فَقِيرٌ وَالْفَقِيرُ مُحْتَاجٌ إلَى الْمُوَاسَاةِ.

(قَوْلُهُ مِلْكًا تَامًّا) يُحْتَرَزُ عَنْ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَدْيُونِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْمِلْكَ التَّامَّ هُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمِلْكُ وَالْيَدُ وَأَمَّا إذَا وَجَدَ الْمِلْكَ دُونَ الْيَدِ كَمِلْكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ وَجَدَ الْيَدَ دُونَ الْمِلْكِ كَمِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَدْيُونِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.

(قَوْلُهُ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) إنَّمَا شَرَطَ ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ التَّنْمِيَةِ وَهَلْ تَمَامُ الْحَوْلِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ أَوْ مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ فَعِنْدَهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ يُؤَيِّدُهُ جَوَازُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ.

[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مُكَاتَبٍ زَكَاةٌ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ ذَكَرَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَقَدْ عُرِفَا بِقَوْلِهِ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ قُلْنَا ذَكَرَهُ لِلْبَيَانِ مِنْ جِهَةِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِأَدَاءِ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْجِهَادِ وَلَا مَا يَشُوبُهَا الْمَالُ كَالْحَجِّ بِخِلَافِ الْعُشْرِ فَإِنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ وَلِهَذَا تَجِبُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَتَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَوَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ كَالنَّفَقَاتِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجُنُونُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا فَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ إفَاقَةٌ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِفَاقَةُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَآخِرِهَا وَإِنْ قَلَّ وَيُشْتَرَطُ فِي أَوَّلِهَا لِانْعِقَادِ الْحَوْلِ وَفِي آخِرِهَا لِيَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ خِطَابُ الْأَدَاءِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ الْإِفَاقَةُ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا وُجِدَتْ الْإِفَاقَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ قَلَّ أَوْ كُثْرَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِهَا كَمَا فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَزِمَهُ صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ قَلَّتْ الْإِفَاقَةُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَهُوَ الرِّقُّ وَلِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْلَى إنْ أَدَّى مَالَ الْكِتَابَةِ سُلِّمَ لَهُ وَإِنْ عَجَزَ سُلِّمَ لِمَوْلَاهُ فَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِيهِ شَيْءٌ فَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ نَاقِصٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ بِالدَّيْنِ وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَاعْتُبِرَ مَعْدُومًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَطَشِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَجْلِ دَابَّتِهِ وَمَعْنَى قَوْلِنَا بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ يُهَانُ وَيُحْبَسُ فَصَارَ فِي صَرْفِهِ إزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَ كَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَارِ السُّكْنَى بَلْ أَوْلَى فَنَقَصَ مِلْكُ النِّصَابِ وَانْعَدَمَ الْغِنَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ كُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَدَيْنِ الزَّكَاةِ فَاَلَّذِي لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ وَالْمَهْرِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَسَوَاءٌ وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ وَهُوَ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَالنَّفَقَةُ إذَا قُضِيَ بِهَا مَنَعَتْ الزَّكَاةَ وَإِنْ لَمْ يُقْضَ بِهَا لَا تَمْنَعُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمَّا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَاسْتَقَرَّتْ فَلَا يَسْقُطُهَا مَا لَحِقَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ رحمه الله وَأَجْمَعُوا أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْعُشْرِ.

وَقَوْلُهُ يُحِيطُ بِمَالِهِ الْإِحَاطَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لَا يُحِيطُ بِهِ لَا تَجِبُ أَيْضًا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يَمْنَعُهُ أَنْ يَبْلُغَ

ص: 114

نِصَابًا حَتَّى لَوْ كَانَ الدَّيْنُ دِرْهَمًا وَاحِدًا فِي الْمِائَتَيْنِ مَنَعَ الْوُجُوبَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالًا وَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِثْقَالًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَبْقَ الْبَاقِي نِصَابًا جُعِلَ كَأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَلِأَنَّ الْمَدْيُونَ مِلْكُهُ فِي النِّصَابِ نَاقِصٌ لَا يُفِيدُهُ مِلْكُهُ لَهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا وَذَلِكَ آيَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَدَيْنِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ، وَالْخَرَاجُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ بِقَدْرِهِ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِي الْبَاطِنَةِ هُوَ يَقُولُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْبَاطِنَةِ فَهُوَ دَيْنٌ لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ قُلْنَا بَلَى لِلْإِمَامِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ إذَا عَلِمَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ عَدَمَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ وَيُسَلِّمُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِي مَالٍ قَائِمٍ أَوْ زَكَاةِ مَالٍ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ دَيْنِ زَكَاةِ الْمَالِ الْمُسْتَهْلَكِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ.

وَهَذَا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَوَجَبَتْ فِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ آخَرُ لَمْ يَجِبْ لِلثَّانِي شَيْءٌ وَمُنِعَتْ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ لَمَّا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ وَبَقِيَتْ الزَّكَاةُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ إنَّهُ اسْتَفَادَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أُخْرَى وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجِبُ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّ دَيْنَ الْعَيْنِ اُسْتُحِقَّ بِهِ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ بِهِ جُزْءٌ مِنْهُ فَبَقِيَ دَيْنًا لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ الْعِبَادِ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِمَامُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا يَصِيرُ دَيْنًا وَعِنْدَهُمَا يُطَالِبُ بِهِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ لِأَنَّهُ يُنْتَقَصُ بِهِ النِّصَابُ وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا وَلِأَبِي يُوسُفَ فِي الثَّانِي فَقَوْلُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا أَيْ فِي النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ دَيْنُ الزَّكَاةِ وَفِي النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ دَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ مَانِعَيْنِ لِلزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَا مَطَالِبَ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَصَارَ كَدَيْنِ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوُجُوبَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ زَكَّى الْفَاضِلَ إذَا بَلَغَ نِصَابًا) لِفَرَاغِهِ عَنْ الْحَاجَةِ وَإِنْ لَحِقَهُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ ثُمَّ بَرِيءَ مِنْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الدَّيْنَ بِمَنْزِلَةِ نُقْصَانِ النِّصَابِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ بَرِيءَ مِنْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا إلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا تَجِبُ رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا الْوَاهِبُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ عَيْنَ النِّصَابِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي دُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَسِلَاحِ الِاسْتِعْمَالِ زَكَاةٌ) لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَارٍ يَسْكُنُهَا وَثِيَابٍ يَلْبَسُهَا وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ إذَا كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكُتُبُ فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ نَحْوًا وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا كَانَ لَهُ مُصْحَفٌ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا تَجُوزُ لَهُ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ مُصْحَفًا يَقْرَأُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلْأَدَاءِ أَوْ مُقَارَنَةٍ لِعَزْلِ مِقْدَارِ الْوَاجِبِ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْأَصْلُ فِي النِّيَّةِ الِاقْتِرَانُ إلَّا أَنَّ الدَّفْعَ يَتَفَرَّقُ فَاكْتَفَى بِوُجُودِهَا حَالَةَ الْعَزْلِ تَيْسِيرًا كَتَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ وَقَوْلُهُ مُقَارِنَةٍ لِلْأَدَاءِ يَعْنِي إلَى الْفَقِيرِ أَوْ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ إذَا وَكَّلَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ جَازَ وَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ أَنْ يَدْفَعَ لِأَبِيهِ وَزَوْجَتِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا دَفَعَهَا إلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ جَازَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنْ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ ضَعْهَا حَيْثُ شِئْت لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهٍ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُهَا) يَعْنِي إذَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ وَكَذَا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا وَإِنْ نَوَى عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَمَّا نَوَى وَيَضْمَنُ الزَّكَاةَ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِ النِّصَابِ سَقَطَ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُؤَدَّى عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَائِعٌ فِي كُلِّ النِّصَابِ لِمَا أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ

ص: 115