المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأجير المشترك والأجير الخاص] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: ‌[الأجير المشترك والأجير الخاص]

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ مِنْهُ فِعْلًا مُتَعَارَفًا، وَأَمَّا إذَا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، أَوْ كَبَحَهَا كَبْحًا غَيْرَ مُعْتَادٍ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ إجْمَاعًا وَهَذَا عِنْدَهُمَا بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ إذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ بِدُونِ الْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِإِمْكَانِ التَّعْلِيمِ بِلَا ضَرْبٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَالتَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا فِي الْمُعَلِّمِ، وَالْأُسْتَاذِ الَّذِي يُسَلَّمُ إلَيْهِ الصَّبِيُّ فِي صِنَاعَةٍ إذَا ضَرَبَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ فَمَاتَ ضَمِنَا، وَأَمَّا إذَا ضَرَبَاهُ بِإِذْنِ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ لَمْ يَضْمَنَا وَهَذَا إذَا ضَرَبَاهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا يُضْرَبُهُ مِثْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ضَمِنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا إذَا ضَرَبَ الْأَبُ ابْنَهُ فَمَاتَ ضَمِنَ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ لِلتَّأْدِيبِ فَمَاتَ ضَمِنَ وَلَا يَرِثَانِ وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنَانِ وَيَرِثَانِ وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ، وَأَمَّا إذَا ضَرَبَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ لِنُشُوزٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَمَاتَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ إجْمَاعًا وَلَا يَرِثُ وَلَوْ وَطِئَهَا فَمَاتَتْ مِنْ وَطْئِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَكَذَا إذَا أَفْضَاهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَلَا يَضْمَنُ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ مَاتَتْ مِنْ وَطْئِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ أَفْضَاهَا، وَالْبَوْلُ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَمْسِكُ فَثُلُثُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا كَسَرَ فَخِذَهَا فِي حَالَةِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ كَسْرَ الْفَخِذِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ حَادِثٍ مِنْ الْوَطْءِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

(قَوْلُهُ: وَالْأُجَرَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَجِيرٌ مُشْتَرَكٍ وَأَجِيرٍ خَاصٍّ، فَالْمُشْتَرَكُ كُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَعْمَلَ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ مَنْ يَعْمَلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ مُخْتَصًّا بِعَمَلِهِ وَكَذَلِكَ الْخَيَّاطُ وَالصَّبَّاغُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَتَاعُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُوَ مَضْمُونٌ) عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلَفُهُ مِنْ شَيْءٍ غَالِبٍ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ - وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ بِجَمِيعِ حَوَانِيتِ الْبَيْتِ -، وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمَنَعَةِ وَمَوْتِ الشَّاةِ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْمَتَاعُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ مُحْدَثًا فِيهِ عَمَلٌ أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ مُصْحَفًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا، أَوْ سَيْفًا لِيَعْمَلَ لَهُ جِفْنًا، أَوْ سِكِّينًا لِيَعْمَلَ لَهَا نَصْلًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ، أَوْ السَّيْفُ، أَوْ السِّكِّينُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ عَلَى إيقَاعِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمَتَاعُ أَمَانَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ حَصَلَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَهُمَا يَقُولَانِ هُوَ مَضْمُونٌ احْتِيَاطًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْأُجَرَاءَ إذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ اجْتَهَدُوا فِي الْحِفْظِ وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ عِنْدَ الْفَتْوَى فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الصُّلْحَ عَلَى النِّصْفِ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا إذَا هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَيُعْطِيهِ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ وَلَوْ ادَّعَى الْأَجِيرُ الرَّدَّ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْأُجْرَةِ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَضْمُونٌ عِنْدَ الْأَجِيرِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ وَزَلَقِ الْحَمَّالِ وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ الْمُكَارِي الْحِمْلَ وَغَرَقِ السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهَا مَضْمُونٌ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ جَفَّفَ الْقَصَّارُ ثَوْبًا عَلَى حَبْلٍ فَمَرَّتْ بِهِ حَمُولَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَخَرَّقَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَجْفِيفُهُ إلَّا عَلَى حَبْلٍ، أَوْ حَائِطٍ بِهَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فَصَارَ ذَلِكَ مَأْذُونًا فِيهِ فَلَمْ يَضْمَنْ وَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْحَمُولَةِ؛ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي الِاجْتِيَازِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَصَارَ جَانِيًا بِسَوْقِهِ فَلِهَذَا لَزِمَهُ

ص: 264

الضَّمَانُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِهِ بَنِي آدَمَ مِمَّنْ غَرِقَ مِنْهُمْ فِي السَّفِينَةِ، أَوْ سَقَطَ مِنْ الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْهُ) وَإِنْ كَانَ بِسَوْقِهِ وَقَوْدِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَعَمَّدَهُ ضَمِنَهُمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بَنِي آدَمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَهُمْ لَكَانَ مُوجَبُ ضَمَانِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَضْمَنُ بِالْأَقْوَالِ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ قَوْلٌ وَلِأَنَّ بَنِي آدَمَ فِي أَيْدِي أَنْفُسِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا فَصَدَ الْفَصَّادُ أَوْ بَزَّغَ الْبَزَّاغُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ مَوْضِعَ الْمُعْتَادِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا عَطِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَجَاوَزَهُ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَزْغُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ تَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ أَمْ لَا وَلَوْ قَطَعَ الْخَتَّانُ حَشَفَةَ الصَّبِيِّ فَمَاتَ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ بَرِئَ مِنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ كُلُّ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ حَصَلَ مَوْتُهُ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَالثَّانِي غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ، وَأَمَّا إذَا بَرِئَ جُعِلَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ كَذَا فِي شَاهَانْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ، أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ) وَإِنَّمَا سُمِّيَ خَاصًّا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِعَمَلِهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ فِي الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ) بِأَنْ سُرِقَ مِنْهُ، أَوْ غُصِبَ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ) بِأَنْ انْكَسَرَ الْقِدْرُ مِنْ عَمَلِهِ، أَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ مُعْتَادٍ مُتَعَارَفٍ أَمَّا إذَا ضَرَبَ شَاةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا، أَوْ كَسَرَ رِجْلَهَا كَانَ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا، وَإِذَا مَاتَ شَيْءٌ مِنْ الْغَنَمِ، أَوْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ لَمْ يَضْمَنْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَكَذَا إذَا سَقَاهَا مِنْ نَهْرٍ فَغَرِقَتْ مِنْهَا شَاةٌ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي الْمُدَّةِ نِصْفُ الْغَنَمِ، أَوْ أَكْثَرُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً مَا دَامَ يَرْعَى مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَقَدْ وُجِدَ وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يُنْزِيَ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْزَاءَ حَمْلٌ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الْفَحْلُ نَزَا عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَإِنْ نَدَّتْ وَاحِدَةٌ فَخَافَ إنْ تَبِعَهَا ضَاعَ الْبَاقِي فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ التَّدْلِيسَ مِنْ فِعْلِهِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَامِنٌ لِلَّتِي نَدَّتْ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةٌ تُفْسِدُهَا الشُّرُوطُ كَمَا تُفْسِدُ الْبَيْعَ) يَعْنِي الشُّرُوطَ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ كَمَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ، أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، أَوْ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا إذَا شَرَطَ شَرْطًا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَمَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَصِحُّ فَسْخُهُ بِالْإِقَالَةِ كَالْبَيْعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ) لِأَنَّ خِدْمَةَ السَّفَرِ أَشَقُّ وَهَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى هَيْئَةِ

ص: 265

السَّفَرِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ السَّفَرِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَاسْتَأْجَرَهُ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ فِي الْمِصْرِ لِلْخِدْمَةِ وَسَافَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فَخَرَجَ عَنْ الْعَقْدِ فَصَارَ مُسْتَخْدِمًا لِعَبْدِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخْدُمَهُ يَوْمًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يَنَامَ النَّاسُ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ مِثْلُ غَسْلِ ثَوْبِهِ وَطَبْخِ لَحْمِهِ وَعَجْنِ دَقِيقِهِ وَعَلْفِ دَابَّتِهِ وَحَلْبِهَا - إنْ كَانَ يُحْسِنُهُ - وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ، وَإِنْزَالِ مَتَاعِهِ مِنْ السَّطْحِ وَرَفْعِهِ إلَى السَّطْحِ وَخِدْمَةِ أَضْيَافِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ الْخِدْمَةِ كَذَا فِي شَرْحِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ امْرَأَةً أَوْ أَمَةً لِلْخِدْمَةِ وَيَخْلُوَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ، وَإِذَا أَجَّرَ عَبْدَهُ سَنَةً فَلَمَّا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا وَأَجَازَهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُضَهَا، وَتَكُونُ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ لِلْعَبْدِ وَأُجْرَةُ مَا مَضَى لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَدْ قَبَضَ أُجْرَةَ السَّنَةِ كُلَّهَا سَلَفًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَاخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ فَالْأُجْرَةُ كُلُّهَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهَا بِالتَّعْجِيلِ وَيَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْعَبْدِ فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْقَبْضُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَلَوْ أَجَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ فَمَاتَ فِي الْمُدَّةِ عَتَقَتْ وَلَهَا الْخِيَارُ كَمَا فِي الْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ جَمَلًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مَحْمِلًا وَرَاكِبَيْنِ إلَى مَكَّةَ جَازَ) وَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ خَاصَّةً.

وَفِي الْغَايَةِ عَلَى الذَّهَابِ، وَالْمَجِيءِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمَحْمِلُ الْمُعْتَادُ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الرَّاكِبَيْنِ، أَوْ يَقُولُ عَلَى أَنْ أُرْكِبَ مَنْ أَشَاءُ أَمَّا إذَا قَالَ اسْتَأْجَرْت عَلَى الرُّكُوبِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَعَلَى الْمُكَارِي تَسْلِيمُ الْحِزَامِ، وَالْقَتَبِ وَالسَّرْجِ، وَالْبُرَةِ الَّتِي فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ وَاللِّجَامِ لِلْفَرَسِ، وَالْبَرْدَعَةِ لِلْحِمَارِ فَإِنْ تَلِفَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي يَدِ الْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ كَالدَّابَّةِ، وَأَمَّا الْمَحْمِلُ، وَالْغِطَاءُ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَعَلَى الْمُكْتَرِي إشَالَةُ الْمَحْمِلِ، وَحَطُّهُ وَسَوْقُ الدَّابَّةِ وَقَوْدُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْزِلَ الرَّاكِبِينَ لِلطَّهَارَةِ وَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَا يَجِبُ لِلْأَكْلِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ فِعْلُهُمَا عَلَى الظَّهْرِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُبْرِكَ الْجَمَلَ لِلْمَرْأَةِ، وَالْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاهَدَ الْجَمَّالُ الْمَحْمِلَ فَهُوَ أَجْوَدُ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَنْتَفِي بِمُشَاهَدَةِ الْمَحْمِلِ وَهُوَ الْهَوْدَجُ يُقَالُ فِيهِ مِحْمَلٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَيُقَالُ فِيهِ بِالْعَكْسِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مِقْدَارًا مِنْ الزَّادِ فَأَكَلَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ جَازَ أَنْ يَرُدَّ عِوَضَ مَا أَكَلَ) وَكَذَا إذَا سُرِقَ الزَّادُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ جَازَ أَنْ يَرُدَّ عِوَضَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأُجْرَةُ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ) أَيْ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ، وَالْعَقْدُ مُعَاوَضَةٌ، وَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ، وَإِذَا اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ ثَبَتَ الْمِلْكُ فِي الْأُجْرَةِ لِتَحَقُّقِ التَّسْوِيَةِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ التَّعْجِيلَ، أَوْ عَجَّلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُؤَجَّرُ فَأَعْتَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ صَحَّ عِتْقُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُؤَجِّرُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُؤَجِّرُ فَأَعْتَقَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَقُّ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ، أَوْ بِالتَّعْجِيلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَمْلِكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَأَعْتَقَهُ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَعِنْدَنَا لَا يَعْتِقُ وَعِنْدَهُ يَعْتِقُ، ثُمَّ الْمُؤَجِّرُ إذَا شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فِي الْعَقْدِ كَانَ لَهُ حَبْسُ الدَّارِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ كَالْمَبِيعِ، وَالْأُجْرَةَ كَالثَّمَنِ فَكَمَا وَجَبَ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَكَذَا يَجِبُ حَبْسُ الْمَنَافِعِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّعْجِيلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِذَا عَجَّلَ، ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا إذَا هَلَكَتْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: إذَا عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ مَلَكَهَا الْمُؤَجِّرُ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا عَجَّلَهُ.

فَعَلَى هَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَدَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَأَعْتَقَهُ صَاحِبُ الدَّارِ نَفَذَ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالتَّعْجِيلِ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ قَبْضِهَا، أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ مَاتَ

ص: 266

أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْمُعْتِقِ قِيمَةُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ تَسْلِيمُ الدَّارِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْعِوَضِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ تَعَذَّرَ بِالْعِتْقِ فَرَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ قَدْ مَلَكَهُ وَزَالَ مِلْكُ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فَقَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَاسْتَحَقَّ مِلْكَ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْأُجْرَةَ إلَّا فِي آخِرِ الْمُدَّةِ، أَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهَا فِي الْعَقْدِ مَتَى تَجِبُ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا: لَا يُطَالِبُهُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْمُدَّةِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُطَالِبُهُ عِنْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ، يَعْنِي أَنَّهَا تَجِبُ حَالًا فَحَالًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ إذَا وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَسَلَّمْ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ حَتَّى أَبْرَأَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ، أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَيْنًا كَانَتْ الْأُجْرَةُ، أَوْ دَيْنًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا أَبْرَأَ مِنْهَا، أَوْ وَهَبَهَا فَقَدْ أَبْرَأَ مِنْ حَقٍّ لَمْ يَجِبْ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ وَالتَّأْجِيلُ إنَّمَا هُوَ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ.

وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَةُ بِقَبُولِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ فَوُجُودُهَا وَعَدَمُهَا سَوَاءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا جَازَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ فَوَهَبَهَا الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إنْ قَبِلَ الْهِبَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ رَدَّهَا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ فَإِذَا رَدَّهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةِ كُلِّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْعَقْدِ) .

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَلِلْجَمَّالِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ) لِأَنَّ سَيْرَ كُلِّ مَرْحَلَةٍ مَقْصُودٌ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْتِهَاءِ السَّفَرِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَبْلُغَ ثُلُثَ الطَّرِيقِ، أَوْ نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْقَصَّارِ، وَالْخَيَّاطِ أَنْ يُطَالِبَا بِالْأُجْرَةِ حَتَّى يَفْرُغَا مِنْ الْعَمَلِ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَيَّاطُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ مَا خَاطَ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَسْتَوْجِبُ الْأُجْرَةَ أَيْضًا قَبْلَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْبَعْضِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأُجْرَةَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ) لِأَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ، وَفِي الْكَرْخِيِّ إذَا خَاطَهُ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ حَتَّى يَفْرُغَ فَإِذَا فَرَغَ، ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا لِلْعَمَلِ يَعْنِي - إذَا خَاطَهُ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِ الثَّوْبِ -، وَعِنْدَهُمَا الثَّوْبُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ إلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَخِيطٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ مَخِيطًا وَلَهُ الْأُجْرَةُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ فِي بَيْتِهِ قَفِيزَ دَقِيقٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُخْرِجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ) لِأَنَّ تَمَامَ الْعَمَلِ بِإِخْرَاجِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهِ فَإِنْ احْتَرَقَ الْخُبْزُ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَا يَضْمَنُ الْحَطَبَ، وَالْمِلْحَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَبْلَ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَإِنْ سُرِقَ الْخُبْزُ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ فَإِنْ كَانَ يَخْبِزُ فِي بَيْتِ صَاحِبِ الطَّعَامِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ وَقَعَ مُسَلَّمًا، وَبَيْتُهُ بِيَدِهِ فَاسْتَحَقَّ الْبَدَلَ بِتَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ يَخْبِزُ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ عَلَى أَصْلِهَا فِي ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ لِيَخْبِزَ لَهُ فِي بَيْتِهِ شَرْطُ كَوْنِهِ فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ إذَا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُخْرِجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ يَعْنِي لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ أَمَّا إذَا أَخْرَجَ بَعْضَ الْخُبْزِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ طَبَّاخًا لِيَطْبُخَ لَهُ طَعَامًا لِلْوَلِيمَةِ فَالْغَرْفُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ، وَإِنْ أَفْسَدَ الطَّعَامَ

ص: 267

أَوْ أَحْرَقَهُ، أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِلْوَلِيمَةِ؛ إذْ لَوْ كَانَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ فَلَا غَرْفَ عَلَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ الْخَبَّازُ، أَوْ الطَّبَّاخُ بِنَارٍ لِيَخْبِزَ، أَوْ لِيَطْبُخَ بِهَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَ بِهَا الْبَيْتُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَمَلِ إلَّا بِإِدْخَالِ النَّارِ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْمَكَانِ إذَا احْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ السُّكَّانِ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي هَذَا السَّبَبِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ اشْتَرَى رَاوِيَةً وَدَخَلَ بِهَا رَجُلٌ عَلَى دَابَّتِهِ فَنَفَرَتْ الدَّابَّةُ فَخَرَّتْ عَلَى الْقُدُورِ فَكَسَرَتْهَا، أَوْ وَقَعَ الْمَاءُ عَلَى الطَّعَامِ فَأَفْسَدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلَا عَلَى الطَّبَّاخِ، وَالْخَبَّازِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِغَيْرِ فِعْلِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَضْرِبَ لَهُ لَبِنًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ إذَا أَقَامَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ تَمَّ بِالْإِقَامَةِ وَالتَّشْرِيجُ عَمَلٌ زَائِدٌ كَالنَّقْلِ إلَى بَيْتِهِ، وَالْإِقَامَةُ هِيَ النَّصْبُ بَعْدَ الْجَفَافِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُشَرِّجَهُ) لِأَنَّ التَّشْرِيجَ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ وَالتَّشْرِيجُ هُوَ أَنْ يُرَكِّبَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ بَعْدَ الْجَفَافِ؛ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا تَلِفَ اللَّبِنُ قَبْلَ التَّشْرِيجِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ طِينٌ مُنْبَسِطٌ.

وَفِي الْمُصَفَّى إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ لَبِنًا فِي مِلْكِهِ فَعَمِلَهُ فَأَفْسَدَهُ الْمَطَرُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ أَقَامَهُ وَلَمْ يُشَرِّجْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ تَسْلِيمٌ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ التَّشْرِيجُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا إذَا عَمِلَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَمَا لَمْ يُشَرِّجْهُ وَيُسَلِّمْهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِهِ حَتَّى إنَّهُ إذَا فَسَدَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا عِنْدَ زُفَرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا قَالَ إنْ خِطْت هَذَا الثَّوْبَ فَارِسِيًّا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْته رُومِيًّا فَبِدِرْهَمَيْنِ جَازَ وَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ عَمِلَهُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ) .

وَقَالَ زُفَرُ الْعَقْدُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَلَنَا أَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ مَنْفَعَتَيْنِ مَعْلُومَتَيْنِ، وَالْأُجْرَةُ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالْعَمَلِ وَبِأَخْذِهِ فِي الْعَمَلِ يَتَعَيَّنُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَنْفَعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ صَبَغْته بِعُصْفُرٍ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ صَبَغْته بِزَعْفَرَانٍ فَبِدِرْهَمَيْنِ عَلَى هَذَا، ثُمَّ إذَا خَاطَهُ فَارِسِيًّا وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ رُومِيًّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْته غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى وَهُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ) .

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَنْقُصُ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الشَّرْطَانِ جَمِيعًا جَائِزَانِ.

وَقَالَ زُفَرُ كِلَاهُمَا فَاسِدَانِ، وَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ دِرْهَمًا، وَإِنْ قَالَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَا شَيْءَ لَك قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ.

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إنْ سَكَّنْت هَذَا الدُّكَّانَ عَطَّارًا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ سَكَّنْته حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ جَازَ وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ عَمِلَ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. (قَوْلُهُ:

ص: 268

وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فَاسِدٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ جُمْلَةَ شُهُورٍ مَعْلُومَةٍ) وَإِنَّمَا صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّهُ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَأُجْرَتَهُ مَعْلُومَةٌ وَالشَّهْرَ لَا يَخْتَلِفُ، وَإِنَّمَا فَسَدَتْ فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِيهَا مَجْهُولَةٌ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إذَا دَخَلَتْ فِيمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَاحِدِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ، وَأَمَّا إذَا سَمَّى جُمْلَةَ شُهُورٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ صَارَتْ مَعْلُومَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَكَنَ سَاعَةً مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى أَنْ يَمْضِيَ الشَّهْرُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهْرٍ سَكَنَ فِي أَوَّلِهِ) لِأَنَّهُ تَمَّ الْعَقْدُ بِتَرَاضِيهِمَا بِالسُّكْنَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ:، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قِسْطَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) لِأَنَّ الْحِصَّةَ مَعْلُومَةٌ بِدُونِ التَّقْسِيمِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ حِينَ يُهِلُّ الْهِلَالُ فَشُهُورُ السَّنَةِ كُلُّهَا بِالْأَهِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَالْكُلُّ بِالْأَيَّامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ بِالْأَيَّامِ، وَالْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِيَةُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ، وَالْحَجَّامِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ، فَإِنْ شَرَطَ الْحَجَّامُ شَيْئًا عَلَى الْحِجَامَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْحِجَامَةِ مَجْهُولٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَسْبِ التَّيْسِ) وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ فَحْلًا لِيَنْزُوَ عَلَى الْإِنَاثِ، وَالْعَسْبُ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ عَلَى ضَرْبِ الْفَحْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ)(الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَالْحَجِّ) وَكَذَا الْإِمَامَةُ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ، وَالْفِقْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قُرْبَةٌ لِفَاعِلِهَا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَإِذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِقْدَارُ نَفَقَتِهِ فِي الطَّرِيقِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اسْتَحْسَنُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَفِي الِامْتِنَاعِ تَضْيِيعُ حِفْظِ الْقُرْآنِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْفِقْهِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ وَيَجُوزُ عَلَى تَعْلِيمِ اللُّغَةِ، وَالْأَدَبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ إذَا حَضَرَ الْوَقْعَةَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَيَجُوزُ عَلَى حَفْرِ الْقَبْرِ، وَأَمَّا حَمْلُ الْمَيِّتِ قَالَ فِي الْعُيُونِ: يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ،.

وَفِي الْفَتَاوَى إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُمْ جَازَ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ) وَكَذَا سَائِرُ الْمَلَاهِي؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ

ص: 269