الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]
(بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ) اشْتِقَاقُهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَهُوَ التَّمَايُلُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا لِقِلَّةِ وُجُودِهَا وَقِلَّةِ إسَامَتِهَا وَالِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَأَقَلُّ سِنٍّ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا أَنْ يُنْزِيَ إذَا كَانَ ذَكَرًا أَوْ يُنْزَى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى قَالَ رحمه الله (إذَا كَانَتْ الْخَيْلُ سَائِمَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَعْطَى عَنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ) إنَّمَا شَرَطَ الِاخْتِلَاطَ لِأَنَّ فِي الذُّكُورِ الْمُنْفَرِدَةِ رِوَايَتَيْنِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ التَّنَاسُلِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ السَّوَائِمِ حَيْثُ يَجِبُ فِي ذُكُورِهَا مُنْفَرِدَةً لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا التَّنَاسُلُ حَصَلَ مِنْهَا الْأَكْلُ وَفِي الْإِنَاثِ الْمُنْفَرِدَةِ رِوَايَتَانِ الْأَصَحُّ الْوُجُوبُ لِأَنَّهَا تَتَنَاسَلُ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَعَارِ وَالنَّاسُ لَا يَتَمَانَعُونَ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَلَا تَجِبُ فِي الذُّكُورِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلَا فِي الْإِنَاثِ الْمُنْفَرِدَةِ لِأَنَّ نَمَاءَهَا بِالتَّوَالُدِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَكُونُ النِّصَابُ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الذُّكْرَانِ فَعَلَى هَذَا النِّصَابُ وَاحِدٌ.
وَالصَّحِيحُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِلَاطِ ثُمَّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ فِيهَا وَهَذَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْغَزْوِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلْغَزْوِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ الْوُجُوبُ فِي عَيْنِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهَا حَتَّى لَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْفَرَسَانِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اشْتَرَطَ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ أَوْ الْفُرْسُ عَلَى الثَّانِيَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَخَذَ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَقَوْلُهُ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ احْتَرَزَ بِهَذَا عَنْ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْخِيَارُ إلَى الْعَامِلِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا هَذَا الْخِيَارُ فِي أَفْرَاسِ الْعَرَبِ لِتَقَارُبِهَا فِي الْقِيمَةِ أَمَّا فِي أَفْرَاسِ الْعَجَمِ فَيُقَوِّمُهَا حَتْمًا بِغَيْرِ خِيَارٍ لِتَفَاوُتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْخَذْ زَكَاتُهَا مِنْ عَيْنِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْفُقَرَاءِ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لِأَنَّ عَيْنَهَا غَيْرُ مَأْكُولٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ يَنْبَغِي عِنْدَهُ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْخَيْلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا الرُّكُوبُ وَلِهَذَا قَرَنَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِيهَا بِالْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «فِي كُلِّ فَرَسٍ سَائِمَةٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ» وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْقِيَاسَ يُتْرَكُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَنْزِ أَيْضًا.
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْلَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْخُذُ صَدَقَةَ الْخَيْلِ مِنْ صَاحِبِهَا جَبْرًا لِأَنَّ زَكَاتَهَا لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا بِخِلَافِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ فَإِنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عَيْنِهَا وَلِلْإِمَامِ فِيهِ حَقُّ الْأَخْذِ وَلِأَنَّ الْخَيْلَ مَطْمَعٌ لِكُلِّ طَامِعٍ فَلَوْ وَلِيَ السُّعَاةُ أَخْذَ الزَّكَاةِ فِيهَا لَمْ يَتْرُكُوهَا لِصَاحِبِهَا وَكَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهَا لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ عِنْدَهُمَا وَإِنَّمَا تَرَكَا الْقِيَاسَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ إلَّا أَنَّ فِي الرَّقِيقِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَعَبْدِهِ صَدَقَةٌ» إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَمَلَ مَا رَوَيَاهُ عَلَى فَرَسِ الرُّكُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالرَّقِيقُ إلَّا أَنَّ فِي الرَّقِيقِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَالْفِطْرَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ فِي الْكَسْعَةِ شَيْءٌ» وَهِيَ الْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ مُلْحَقَةٌ بِهَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ وَالْحُمْلَانِ صَدَقَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا كِبَارٌ) الْفُصْلَانُ جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ أَوْلَادُ الْإِبِلِ وَالْحُمْلَانُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ الْحَمَلِ وَهُوَ أَوْلَادُ الْغَنَمِ وَالْعَجَاجِيلُ أَوْلَادُ الْبَقَرِ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جِنْسِ الْخَيْلِ فَلِمَ أَوْرَدَهَا فِيهَا قَبْلُ لِأَنَّ زَكَاةَ الْخَيْلِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَالزَّكَاةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا أَيْضًا فَأَوْرَدَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا) .
وَقَالَ زُفَرُ فِيهَا مَا فِي الْكِبَارِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا يَقُولُ
يَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْكِبَارِ وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ وَمَالِكٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ تَجِبُ فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُسِنَّاتِ جَعَلَ الْكُلَّ تَبَعًا لَهَا فِي انْعِقَادِهَا نِصَابًا دُونَ تَأْدِيَةِ الزَّكَاةِ حَتَّى لَا يَجْزِيَهُ أَخْذُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّغَارِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا اشْتَرَى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَصِيلًا أَوْ أَرْبَعِينَ حَمَلًا أَوْ ثَلَاثِينَ عِجْلًا أَوْ وُهِبَ لَهُ ذَلِكَ هَلْ يَنْعَقِدُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْعَقِدُ حَتَّى لَوْ حَالَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ مِلْكِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَصُورَةٌ أُخْرَى إذَا كَانَ لَهُ نِصَابُ سَائِمَةٍ فَحَالَ عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَتَوَالَدَتْ مِثْلَ عَدَدِهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الْأُصُولُ وَبَقِيَتْ الْأَوْلَادُ هَلْ يَبْقَى حَوْلُ الْأُصُولِ عَلَى الْأَوْلَادِ فَعِنْدَهُمَا لَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَبْقَى (قَوْلُهُ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ فَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ أَعْلَى مِنْهَا وَرَدَّ الْفَضْلَ أَوْ أَخَذَ دُونَهَا وَأَخَذَ الْفَضْلَ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْخِيَارَ إلَى الْمُصَدِّقِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِيَارَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْخِيَارَ إلَى الْمُصَدِّقِ إذَا كَانَ فِيهِ دَفْعُ زِيَادَةٍ لِأَنَّهُ فِي مِقْدَارِ الزِّيَادَةِ شِرَاءً وَإِلَى صَاحِبِ الْمَالِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَدْنَى وَالزِّيَادَةَ لِأَنَّهُ دَفَعَ بِالْقِيمَةِ وَفِي دَفْعِ الْقِيمَةِ الْخِيَارُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ وَجَبَ بِنْتُ لَبُونٍ وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضَ حِقَّةٍ فَالْخِيَارُ إلَى الْمُصَدِّقِ لِمَا فِي التَّشْقِيصِ مِنْ الضَّرَرِ وَالتَّفَاوُتِ بَيْنَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَبِنْتِ اللَّبُونِ شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَبَيْنَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَّةِ كَذَلِكَ وَبَيْنَ الْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ كَذَلِكَ وَبَيْنَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحِقَّةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَبَيْنَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْجَذَعَةِ سِتُّ شِيَاهٍ أَوْ سِتُّونَ دِرْهَمًا.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ) وَكَذَا فِي النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْعُشْرِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْمَعْلُوفَةِ صَدَقَةٌ) يَعْنِي بِالْعَوَامِلِ وَلَوْ سُمِّيَتْ وَبِالْمَعْلُوفَةِ وَلَوْ لَمْ تَعْمَلْ عَلَيْهَا لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي وَدَلِيلُهُ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِأَنَّ فِي الْمَعْلُوفَةِ تَتَرَاكَمُ الْمُؤْنَةُ فَيَنْعَدِمَ النَّمَاءُ فِيهَا مَعْنًى (قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ خِيَارَ الْمَالِ وَلَا رَذَالَتَهُ) أَيْ وَلَا رَدِيئَةً.
(قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الْوَسَطَ مِنْهُ) لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ فِي أَخْذِ خِيَارِهِ إضْرَارًا بِأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ وَفِي أَخْذِ رَذَالَتَهُ إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ فَيَقْسِمُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ وَوَسَطٌ وَيَأْخُذُ مِنْ الْوَسَطِ وَلَا يَأْخُذُ الرِّبَاءَ وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَلَا الْأَكُولَةَ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّنُ لِلْأَكْلِ وَلَا الْفَحْلَ وَلَا الْحَامِلَ وَيَحْسِبُ عَلَيْهِ فِي سَائِمَتِهِ الْعَمْيَاءَ وَالْعَجْفَاءَ وَالصَّغِيرَةَ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لِسَاعِيهِ عُدَّ عَلَيْهِمْ السَّخْلَةَ وَلَوْ أَتَاك بِهَا الرَّاعِي عَلَى كَفِّهِ وَلَا تَأْخُذْهَا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مَالًا مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَى مَالِهِ وَزَكَّاهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَائِهِ أَوْ لَا وَبِأَيِّ وَجْهٍ اسْتَفَادَهُ ضَمَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَشَرْطُ كَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْغَنَمِ مَعَ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ مِنْ السَّائِمَةِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَزَكَّاهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ وَمَعَهُ نِصَابٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَوْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضُمُّ إلَيْهِ ثَمَنَ السَّائِمَةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلًا جَدِيدًا وَعِنْدَهُمَا يَضُمُّهُ وَيُزْكِيهِمَا جَمِيعًا وَهَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّائِمَةِ يَبْلُغُ نِصَابًا بِانْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا ضَمَّهُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا ثَمَنُ الطَّعَامِ الْمَعْشُورِ وَثَمَنُ الْعَبْدِ الَّذِي أَدَّى صَدَقَةَ فِطْرِهِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إجْمَاعًا وَلَوْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمَاشِيَةٍ ضَمَّ الثَّمَنَ إلَى جِنْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ أَيْ يَضُمُّ الدَّرَاهِمَ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالْمَاشِيَةَ إلَى الْمَاشِيَةِ وَإِنْ جَعَلَ الْمَاشِيَةَ بَعْدَ مَا زَكَّاهَا عَلُوفَةً ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إجْمَاعًا لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ مَالِ الزَّكَاةِ فَلَمْ تَبْقَ نِصَابًا.
(قَوْلُهُ وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ حَوْلِهَا) لِأَنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ قَدْ لَا يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَجَعَلَ الْأَقَلَّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْإِسَامَةِ
فِي حَقِّ إيجَابِ زَكَاةِ السَّوَائِمِ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْإِسَامَةُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا) فَإِنْ قِيلَ إذَا عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ وَسَامَتْ نِصْفَهُ اسْتَوَى الْوُجُوبُ وَعَدَمُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ جَانِبُ الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ قِيلَ إنَّمَا لَا تَثْبُتُ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِ سَبَبِ الْإِيجَابِ وَالتَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّبَبِ (قَوْلُهُ وَالزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَاجِبَةٌ فِي النِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ وَالْعَفْوِ) وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا هَلَكَ الْعَفْوُ وَبَقِيَ النِّصَابُ يَبْقَى كُلُّ الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ يَسْقُطُ بِقَدْرِ الْهَالِكِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ هَلَكَ مِنْهَا أَرْبَعٌ فَعَلَيْهِ فِي الْبَاقِي شَاةٌ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ ثَمَانُونَ مِنْ الْغَنَمِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَهَلَكَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَعَلَيْهِ فِي الْبَاقِي شَاةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ نِصْفُ شَاةٍ وَإِنْ هَلَكَ سِتُّونَ فَنِصْفُ شَاةٍ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رُبُعُ شَاةٍ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُصْرَفُ الْهَالِكُ بَعْدَ الْعَفْوِ إلَى النِّصَابِ الْأَخِيرِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيه إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ النِّصَابُ الْأَوَّلُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تَابِعٌ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى الْعَفْوِ أَوَّلًا ثُمَّ إلَى النِّصَابِ شَائِعًا بَيَانُهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْإِبِلِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَهَلَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهَا عِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ عَنْهُ) قَيَّدَ بِالْهَلَاكِ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ لَا يُسْقِطُهَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ يُمْسِكُهَا عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا ضَمِنَهَا كَالْوَدِيعَةِ ثُمَّ الْهَلَاكُ إنَّمَا يُسْقِطُهَا إذَا كَانَ قَبْلَ مُطَالَبَةِ السَّاعِي بِهَا أَمَّا إذَا طَلَبَهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَقَدْ قَالَ الْكَرْخِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ طَالَبَهُ بِهَا مَنْ يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ فَصَارَ كَالْمُودِعِ إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ مَعَ الْإِمْكَانِ حَتَّى هَلَكَتْ.
وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ وَأَبُو سَهْلٍ لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يَسْتَدْعِي تَفْوِيتًا وَلَمْ يُوجَدْ فَأَمَّا فِي مَنْعِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ بَدَّلَ الْيَدَ فَصَارَ مُفَوِّتًا لِيَدِ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ.
وَفِي الْبَدَائِعِ كَافَّةُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ قَالُوا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ طَلَبَ السَّاعِي لِأَنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الْعَيْنَ أَوْ قِيمَتَهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ فَصَارَ كَمَا قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْحَوْلِ وَهُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ جَازَ) لِأَنَّهُ أَدَّى بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ بَيْنَ الْأَدَاءِ مُعَجَّلًا وَبَيْنَ الْأَدَاءِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُعَجَّلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَنْتَقِصَ النِّصَابُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَفِي الْأَدَاءِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ إذَا عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ صَرَفَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ وَقَعَتْ تَطَوُّعًا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فِي يَدِ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي اسْتَرَدَّهَا أَمَّا إذَا كَانَ أَدَاؤُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَقَعَتْ عَنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ انْتَقَصَ النِّصَابُ بِأَدَائِهِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرَائِطَ ثَلَاثٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ مُنْعَقِدًا وَقْتَ التَّعْجِيلِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ الَّذِي عَجَّلَ عَنْهُ كَامِلًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَفُوتَ أَصْلُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثَالُهُ إذَا كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَرْبَعٍ مِنْ الْإِبِلِ فَهَذَا مَالٌ لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ كَمَّلَ النِّصَابَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ لَا يَكُونُ مَا عَجَّلَ زَكَاةً وَيَكُونُ تَطَوُّعًا وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةٍ عَلَى فَقِيرٍ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ وَانْتَقَصَ النِّصَابُ بِمِقْدَارِ مَا عَجَّلَ وَلَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ كَانَ مَا عَجَّلَ تَطَوُّعًا وَإِنْ اسْتَفَادَ شَيْئًا حَتَّى كَمَّلَ بِهِ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ صَحَّ التَّعْجِيلُ عَنْ الزَّكَاةِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ اسْتَفَادَ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فَمَا عَجَّلَ لَا يَنُوبُ عَنْهُمَا لِأَنَّ التَّعْجِيلَ حَصَلَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِنُصُبٍ كَثِيرَةٍ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ نِصَابٌ وَاحِدٌ.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ النِّصَابِ الْمَوْجُودِ فِي مِلْكِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ خَمْسٌ