المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ١

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[سُنَنُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ]

- ‌[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[دَمُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ الْأَنْجَاسِ]

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِنْجَاء]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ النَّوَافِلِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ الشَّهِيدِ]

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَيْلِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْقِرَانِ]

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصّ]

- ‌[إجَارَةُ الْمُشَاعِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ شَرِكَةِ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةِ عُقُودٍ]

- ‌ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ

- ‌[شَرِكَةُ الْعِنَانِ]

- ‌[شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[أَرْكَانُ الصُّلْحِ]

- ‌[الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَازِحًا هَبْ لِي هَذَا الشَّيْءَ فَقَالَ وَهَبْته لَك فَقَالَ قَبِلْت وَسَلَّمَ الْهِبَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

- ‌[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْت أَرْضِي]

- ‌[وَقْفُ الْعَقَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْوَدِيعَةَ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مَسَائِلُ فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُنْثَى]

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِبَاقِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ وَالْغُصُوبِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

الفصل: فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ،

فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْعَقْدُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَ بِالْإِسْلَامِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالِاسْتِئْنَافِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا جَازَ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ لِئَلَّا يَسْتَذِلَّهُ بِالْخِدْمَةِ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّيِّ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى مُصْحَفًا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ.

[بَابُ الصَّرْفِ]

الصَّرْفُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الزِّيَادَةُ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْعِبَادَةُ النَّافِلَةُ صَرْفًا، وَالْفَرْضُ عَدْلًا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ انْتَمَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» الْعَدْلُ هُوَ الْفَرْضُ وَالصَّرْفُ هُوَ النَّفَلُ وَسُمِّيَ الْفَرْضُ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُ أَدَاءُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنْ النَّفْلِ وَالرَّدِّ فِي بَدَلَيْهِ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ. قَالَ رحمه الله: (الصَّرْفُ هُوَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي مَالَيْنِ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ وَهَذَا مَعْنَى الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِمَعَانٍ عَنْ الْبَيْعِ اخْتَصَّ بِاسْمٍ كَالسَّلَمِ.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِوَضَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ)

الصَّرْفُ اسْمٌ لِعُقُودٍ ثَلَاثَةٍ: بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَصَّ بِاسْمِ الصَّرْفِ اخْتَصَّ بِشَرَائِطَ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا وُجُودُ التَّقَابُضِ مِنْ كِلَا الْجَانِبَيْنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَاتًّا لَا خِيَارَ فِيهِ فَإِنْ أَبْطَلَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ - وَرَأْسُ الْمَالِ قَائِمٌ - انْقَلَبَ جَائِزًا خِلَافًا لِزُفَرَ، وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ بَدَلُ الصَّرْفِ مُؤَجَّلًا فَإِنْ أَبْطَلَ صَاحِبُ الْأَجَلِ أَجَلَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَتَقَدَّمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ تَفَرَّقَا عَنْ قَبْضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْقَلَبَ جَائِزًا فَلِزُفَرَ: رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ فِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ بَاعَهُمَا جَمِيعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَالطَّوْقِ وَيَكُونُ الطَّوْقُ بِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ صَرْفًا وَالْجَارِيَةُ بِتِسْعِمِائَةٍ بَيْعًا فَلَوْ افْتَرَقَا عَنْ غَيْرِ قَبْضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَطَلَ الصَّرْفُ، وَبَيْعُ الْجَارِيَةِ صَحِيحٌ بِتِسْعِمِائَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُمَا بِأَلْفٍ إلَى أَجَلٍ فَالصَّرْفُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْطُلُ فِي الْجَارِيَةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ فِي الْأُولَى: لَا يَبْطُلُ فِي الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِمَا انْعَقَدَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا بَطَلَ الصَّرْفُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهِ فَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ إبْطَالَ الْبَيْعِ فِي الْجَارِيَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ انْعَقَدَ عَلَى الْفَسَادِ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ فَسَادَ بَيْعِ الْجَارِيَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ شَرْطٌ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ بِإِنَاءِ فِضَّةٍ لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ إنَاءً مَصُوغًا مِنْ نُحَاسٍ بِإِنَاءٍ مِنْ نُحَاسٍ حَيْثُ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا مَعَ أَنَّ النُّحَاسَ بِالنُّحَاسِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ بِالصِّنَاعَةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تُعَارِضُ النَّصَّ، وَأَمَّا النُّحَاسُ وَالصُّفْرُ فَيَتَغَيَّرَانِ بِالصِّنَاعَةِ وَكَذَا الْحَدِيدُ حُكْمُهُ حُكْمُ النُّحَاسِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ ثَابِتٌ فِيهِمَا بِالْعُرْفِ فَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا بِالصَّنْعَةِ لِتَعَارُفِ النَّاسِ فِي بَيْعِ الْمَصْنُوعِ مِنْهُمَا عَدَدًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ، قَوْلُهُ:(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالصِّنَاعَةِ) ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ إذَا لَاقَتْ جِنْسَهَا فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا لَا قِيمَةَ لَهَا وَلِهَذَا قَالُوا فِيمَنْ غَصَبَ قُلْبَ فِضَّةٍ فَكَسَرَهُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُلْبَ مَكْسُورًا وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ، وَوَزْنُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ وَمَعَ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا شَيْءٌ آخَرُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْخِلَافِ تَبْلُغُ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ، أَوْ أَقَلَّ بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً كَالْقَلْسِ، وَالْجَوْزَةِ، وَالْبَيْضَةِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَاهُ لِيَجُوزَ الْعَقْدُ فَإِنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ نَجِدُهُ فِي قَلْبِكَ قَالَ أَجِدُهُ مِثْلَ الْجَبَلِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْخِلَافِ قِيمَةٌ كَكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يَكُونُ بِإِزَائِهَا بَدَلٌ فَيَكُونُ رِبًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يَدًا بِيَدٍ وَهَاءَ وَهَاءَ» «وَقَالَ لِابْنِ عُمَرَ حِينَ ذَكَرَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ لَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكُمَا لَبْسٌ» ، وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ «وَإِنْ وَثَبَ مِنْ سَطْحٍ فَثِبْ مَعَهُ وَلَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ» وَقَالَ عُمَرُ، وَإِنْ اسْتَنْظَرَكَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ أَيْ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ لِإِخْرَاجِ

ص: 221

بَدَلِ الصَّرْفِ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تُمْهِلْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَصُوغِ، أَوْ لَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَضْرُوبِ، أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَالْمُرَادُ الِافْتِرَاقُ بِالْأَبْدَانِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَا يَمْشِيَانِ مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَرْسَخًا، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ نَامَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمُفْتَرِقَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا بَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ جَازَ التَّفَاضُلُ وَوَجَبَ التَّقَابُضُ) أَمَّا التَّفَاضُلُ فَلِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَأَمَّا التَّقَابُضُ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» .

قَوْلُهُ: (وَإِنْ افْتَرَقَا فِي الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْعَقْدُ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا وَيَدُلُّ هَذَا الْقَوْلُ أَنَّ التَّقَابُضَ فِي الصَّرْفِ شَرْطُ الْجَوَازِ لَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: التَّقَابُضُ فِي الصَّرْفِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ لَا لِانْعِقَادِهِ وَصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: بَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا بُطْلَانَ إلَّا بَعْدَ الِانْعِقَادِ وَالصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ) حَتَّى لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَبْلَ قَبْضِ الْعَشَرَةِ اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا، أَوْ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَثَمَنُ الصَّرْفِ عَلَى حَالِهِ يَقْبِضُهُ وَيَتِمُّ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ قَبِلَ الْبَرَاءَةَ، أَوْ الْهِبَةَ بَطَلَ الصَّرْفُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُمَا لَمْ يَبْطُلْ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ إذَا وَهَبَ لَهُ ثَمَنَ الصَّرْفِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ فَأَبَى الْوَاهِبُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وُهِبَ لَهُ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ فَسْخَ الْعَقْدِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبْضِ فَيُجْبَرُ عَلَى مَا يَتِمُّ بِهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ فِي تَمَامِهِ حَقَّ الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُجَازَفَةِ أَكْثَرُ مِنْ التَّفَاضُلِ وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ جَائِزٌ فَكَذَا الْمُجَازَفَةُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ مِنْ ثَمَنِهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ حِصَّةَ الْفِضَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ) لِأَنَّ حِصَّةَ الْفِضَّةِ يُسْتَحَقُّ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَحِصَّةَ السَّيْفِ لَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا نَقَدَ مِقْدَارَ الْحِلْيَةِ وَقَعَ مَا نَقَدَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ؛ إذْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مِنْ ثَمَنِهِمَا) ؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يَصْرِفَ الْمَقْبُوضَ إلَى مَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُ وَلِأَنَّ الِاثْنَيْنِ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْوَاحِدِ وَعَنْ الْجَمَاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] ، وَإِنَّمَا يَخْرُجَانِ مِنْ الْمَالِحِ، وَإِنَّمَا قَالَ " مِنْهُمَا " مَعَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَالِحَ، وَالْعَذْبَ يَلْتَقِيَانِ فَيَكُونُ الْعَذْبُ كَاللِّقَاحِ لِلْمَالِحِ كَمَا يُقَالُ: يَخْرُجُ الْوَلَدُ مِنْ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْحِلْيَةِ) لِأَنَّهَا صَرْفٌ وَكَذَا السَّيْفُ إنْ كَانَ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِدُونِ الضَّرَرِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَالْجِذْعِ فِي السَّقْفِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ يَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي السَّيْفِ وَبَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ الْمُفْرَدَةُ أَزْيَدَ مِنْ الْحِلْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ لَا يُدْرَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ، ثُمَّ افْتَرَقَا وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَصَحَّ فِيمَا قَبَضَ) لِأَنَّهُ صَرْفٌ كُلَّهُ فَصَحَّ فِيمَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَبَطَلَ فِيمَا لَا يُوجَدُ، وَالْفَسَادُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ، ثُمَّ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ فَلَا يَشِيعُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّيْفِ وَمَعْنَى الشُّيُوعِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ حَظٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْآخَرِ

ص: 222

فَقَوْلُنَا " صَرْفٌ كُلَّهُ " احْتِرَازٌ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّيْفِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ الْإِنَاءُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا) وَلَا خِيَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ مَعَ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ) يَعْنِي بَعْضًا يَتَعَدَّى إلَى نَصِيبِ الْمُشْتَرِي، أَوْ لَا يَتَعَدَّى (كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ، وَفِي قَطْعِ الْإِنَاءِ ضَرَرٌ وَلَمْ يَأْتِ التَّفْرِيقُ مِنْ قِبَلِهِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ جَازَ الْعَقْدُ وَكَانَ الثَّمَنُ لَهُ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إذَا كَانَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَيَصِيرُ الْعَاقِدُ وَكِيلًا لِلْمُجِيزِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُجِيزِ حَتَّى لَوْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَبْلَ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَارَقَهُ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ - وَالْمُتَعَاقِدَانِ بَاقِيَانِ فِي الْمَجْلِسِ - صَحَّ الْعَقْدُ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ بَاعَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أُخِذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ) هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا لَوْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ لَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لَا مِنْ الْعَاقِدِ فَصَارَ كَهَلَاكِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ النُّقْرَةَ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ حِصَّتَهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي قَطْعِ الْإِنَاءِ ضَرَرٌ فَلَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ وَالدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ نَظِيرُ النُّقْرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي ذَلِكَ لَا تُعَدُّ عَيْبًا كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارًا بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ جَازَ الْبَيْعُ وَجُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنْسَيْنِ بِالْجِنْسِ الْآخَرِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُصَحِّحُهُ، وَالْآخَرُ يُفْسِدُهُ حُمِلَ عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ وَلَوْ بَاعَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ وَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ مِائَةً تُجْعَلُ بِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ وَيُجْعَلُ الدِّينَارُ بِتِسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَدِينَارًا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا جَازَ وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِالْفَضْلِ وَهَذِهِ تُسَمَّى قِسْمَةَ الِاعْتِبَارِ وَإِذَا اشْتَرَى دِينَارًا وَدِرْهَمَيْنِ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ وَتَقَابَضَا جَازَ وَيَكُونُ الدِّينَارُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَدِينَارَانِ بِدِرْهَمَيْنِ وَهَذِهِ تُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيمَا فِيهِ الرِّبَا عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا قِسْمَةُ الِاعْتِبَارِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الْجِنْسَ بِجِنْسِهِ، وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْعَقْدُ حَتَّى يَكُونَ الْجِنْسُ الْمُنْفَرِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَابِلُهُ حَتَّى يُجْعَلَ بِمِثْلِهِ، وَالْفَضْلُ بِالْجِنْسِ الْآخَرِ، وَهَذَا كَبَيْعِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ، وَالثَّانِي قِسْمَةُ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ جِنْسَيْنِ فِيهِمَا الرِّبَا بِجِنْسِهِمَا وَهُنَاكَ تَفَاضُلٌ، مِثْلُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ، وَمِثْلُ صَاعَيْ حِنْطَةٍ وَصَاعِ شَعِيرٍ بِصَاعَيْ شَعِيرٍ وَصَاعِ حِنْطَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَيُجْعَلُ كُلُّ جِنْسٍ فِي مُقَابَلَةِ الْجِنْسِ الْآخَرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا اشْتَرَى مِثْقَالَيْ فِضَّةٍ وَمِثْقَالًا مِنْ نُحَاسٍ بِمِثْقَالِ فِضَّةٍ وَثَلَاثَةِ مَثَاقِيلِ حَدِيدٍ جَازَ وَتَكُونُ الْفِضَّةُ بِمِثْلِهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ الْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ بِذَلِكَ الْحَدِيدِ وَكَذَلِكَ مِثْقَالُ صُفْرٍ وَمِثْقَالُ حَدِيدٍ بِمِثْقَالِ صُفْرٍ وَمِثْقَالِ رَصَاصٍ، فَالصُّفْرُ بِمِثْلِهِ وَالرَّصَاصُ بِمَا بَقِيَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ جَازَ وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ) وَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَتَوَازَنَا فَزَادَتْ إحْدَى الْعَشَرَتَيْنِ دَانَقًا فَوَهَبَهُ لَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صِحَاحًا جَازَ الْبَيْعُ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ الْعَشَرَةَ بِمِثْلِهَا وَوَهَبَ لَهُ الدَّانَقَ وَهُوَ هِبَةُ مُشَاعٍ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَصَحَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مُكَسَّرَةً لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الدَّانَقَ يَتَمَيَّزُ مِنْ الدَّرَاهِمِ إذَا كَانَتْ مُكَسَّرَةً فَهِيَ هِبَةُ مُشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَمْ تَصِحَّ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ.

. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ غَلَّةٍ وَدِرْهَمٍ صَحِيحٍ بِدِرْهَمٍ غَلَّةٍ) صَوَابُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ وَدِرْهَمَيْنِ غَلَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَدِرْهَمٍ غَلَّةٍ

ص: 223

، وَالْغَلَّةُ هِيَ الْمُكَسَّرَةُ قِطَعًا وَقِيلَ هِيَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَيَأْخُذُهُ التُّجَّارُ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوَزْنِ وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ فِي التَّحَرُّزِ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْحَرَامِ. قَوْلُهُ:

(وَإِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةَ فَهِيَ فِضَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الدَّنَانِيرِ الذَّهَبَ فَهِيَ ذَهَبٌ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْجِيَادِ) حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْخَالِصِ بِهِمَا وَلَا بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إلَّا مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا لَا عَدَدًا. قَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمَا الْغِشَّ فَلَيْسَا فِي حُكْمِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَكَانَا فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ) لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْلُصُ مِنْ الْغِشِّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ تَخْلُصُ مِنْهُ فَلَيْسَتْ بِمُسْتَهْلَكَةٍ فَإِذَا بِيعَتْ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فَهِيَ كَبَيْعِ نُحَاسٍ وَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ فَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا جَازَ) يَعْنِي الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ حُكْمِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فَصَارَتْ فِي حُكْمِ الْفُلُوسِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ بِيعَتْ بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا جَازَ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ وَهِيَ فِي حُكْمِ شَيْئَيْنِ فِضَّةٍ وَصُفْرٍ وَلَكِنَّهُ صَرْفٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِذَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْفِضَّةِ شُرِطَ فِي الصُّفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهَا إلَّا بِضَرَرٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ، وَالْغِشُّ سَوَاءٌ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِالْفِضَّةِ إلَّا وَزْنًا؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ ذَلِكَ وَزْنًا صَارَ بَائِعًا لِلْفِضَّةِ بِمِثْلِ وَزْنِهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ الْغِشِّ بِمِثْلِ وَزْنِهِ فِضَّةً كَذَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً، ثُمَّ كَسَدَتْ وَتَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قِيمَتُهَا آخِرَ مَا تَعَامَلَ النَّاسُ بِهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَسَدَتْ أَيْ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ أَمَّا إذَا كَانَتْ تَرُوجُ فِي هَذَا الْبَلَدِ وَلَا تَرُوجُ فِي غَيْرِهِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَهْلِكْ وَلَكِنَّهَا تَعَيَّبَتْ فَكَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَالَ أَعْطِنِي مِثْلَ النَّقْدِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ ذَلِكَ دَنَانِيرَ وَقَيَّدَ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّهَا إذَا غَلَتْ، أَوْ رَخُصَتْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ) لِأَنَّهَا مَالٌ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً جَازَ الْبَيْعُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَعَيُّنِهَا، وَإِذَا لَمْ تُعَيَّنْ فَالْعَاقِدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْهَا، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ غَيْرَهُ، وَإِنْ هَلَكَتْ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهَا. قَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِهَا حَتَّى يُعَيِّنَهَا) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا وَمَا لَيْسَ بِثَمَنٍ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ كَالثِّيَابِ وَقَيَّدَ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّهَا إذَا غَلَتْ، أَوْ رَخُصَتْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا بَاعَ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ، ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَالْكَلَامُ

ص: 224