الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعْطَى الْجُعْلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ بِيعَ الْعَبْدُ وَبُدِئَ بِالْجُعْلِ ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْغُرَمَاءِ.
وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَوْلَى كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَسَائِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ، وَإِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ عَبْدَ أَبِيهِ فَرَدَّهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ وَإِنْ وَجَدَ الْأَبُ عَبْدَ ابْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ فَلَا جُعْلَ لَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا كَانَ الرَّادُّ أَبًا لِلْمَوْلَى أَوْ ابْنِهِ وَهُوَ فِي عِيَالِهِ أَوْ رَدَّهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا جُعْلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَتَبَرَّعُونَ بِالرَّدِّ عَادَةً، وَإِنْ أَبَقَ عَبْدُ الصَّبِيِّ فَرَدَّهُ إنْسَانٌ فَالْجُعْلُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ. وَأَمَّا إذَا رَدَّهُ وَصِيُّهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى يَدِ نَفْسِهِ، وَإِنْ رَدَّ السُّلْطَانُ آبِقًا عَلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا قُضِيَ لَهُ بِقِيمَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا) هَذَا قَوْلُهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجِبُ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْأَرْبَعِينَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ حِينَ أَوْجَبُوا ذَلِكَ لَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ قَلِيلِ الْقِيمَةِ وَكَثِيرِهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ حَمْلُ الْغَيْرِ عَلَى الرَّدِّ لِيَحْيَى مَالُ الْمَالِكِ فَيَنْقُصُ دِرْهَمًا لِيَسْلَمَ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ تَحْقِيقًا لِلْفَائِدَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَبَقَ مِنْ الَّذِي رَدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لَكِنْ هَذَا إذَا أَشْهَدَ حِينَ أَخْذِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَائِعِ مِنْ الْمَالِكِ وَلِهَذَا إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْآبِقَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْجُعْلَ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلِهَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِهِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي حَالِ إبَاقِهِ وَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْجُعْلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ زَالَ بِالْعِتْقِ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَدَّ حُرًّا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ حِينَ رَدَّهُ فَلَهُ الْجُعْلُ؛ لِأَنَّهُ بِالْعِتْقِ قَابِضٌ لَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، وَكَذَا إذَا بَاعَهُ مِنْ الرَّادِّ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ وَبِقَبْضِهِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَلِأَنَّهُ قَدْ سَلِمَ لَهُ الْبَدَلُ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ حِينَ أَخَذَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدَ صَارَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ ضَمِنَ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ إذَا أَخَذَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ فَاشْتُرِطَتْ الشَّهَادَةُ لِتَزُولَ التُّهْمَةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْإِشْهَادُ حَتْمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ رَدَّهُ مَنْ لَمْ يُشْهِدْ وَقْتَ الْأَخْذِ لَا جُعْلَ لَهُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ أَمَارَةُ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ وَإِذَا جَاءَ بِالْآبِقِ إلَى مَوْلَاهُ فَوَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ فَلَهُ الْجُعْلُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ مِصْرَ مَوْلَاهُ فَأَبَقَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ فَإِنْ جَاءَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلَّذِي جَاءَ بِهِ الْجُعْلُ إذَا رَدَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيَجُوزُ عِتْقُ الْآبِقِ عَنْ ظِهَارِهِ إذَا كَانَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى قَبْضِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ رَهْنًا فَالْجُعْلُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ) وَإِبَاقُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرَّهْنِ وَالرَّدِّ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءً وَأَدَّى الرَّاهِنُ الْجُعْلَ قَضَاءً مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الْآبِقُ أَمَةً وَمَعَهَا وَلَدٌ رَضِيعٌ فَالْجُعْلُ وَاحِدٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوَلَدِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) أَرْضُ الْمَوَاتِ هِيَ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ مَرَافِقِ الْبَلَدِ وَكَانَتْ خَارِجَ الْبَلَدِ قَرُبَتْ مِنْ الْبَلَدِ
أَوْ بَعُدَتْ قَالَ رحمه الله (الْمَوَاتُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الزِّرَاعَةَ) بِأَنْ صَارَتْ سَبِخَةً أَوْ نَزِيَّةً؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ قَوْلُهُ (فَمَا كَانَ مِنْهَا عَادِيًا لَا مَالِكَ لَهُ أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ إذَا وَقَفَ إنْسَانٌ فِي أَقْصَى الْعَامِرِ فَصَاحَ لَمْ يُسْمَعْ الصَّوْتُ مِنْهُ فَهُوَ مَوَاتٌ) الْعَادِي هُوَ مَا تَقَدَّمَ خَرَابُهُ لَا أَنَّهُ مَكَانٌ لِعَادٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَوَاتِ لَمْ تَكُنْ لِعَادٍ وَقَوْلُهُ إذَا وَقَفَ إنْسَانٌ فِي أَقْصَى الْعَامِرِ يَعْنِي إنْسَانًا جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مِنْ مَرَافِقِ الْبَلَدِ وَكَانَتْ خَارِجَ الْبَلَدِ سَوَاءٌ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ فَهِيَ مَوَاتٌ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَأَبُو يُوسُفَ اشْتَرَطَ الْبُعْدَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ لَا يَنْقَطِعُ ارْتِفَاقُ أَهْلِهَا عَنْهُ وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ انْقِطَاعَ ارْتِفَاقِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَنْهَا حَقِيقَةً. قَوْلُهُ (مَنْ أَحْيَاهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهُ، وَإِنْ أَحْيَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَمْلِكْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَمْلِكُهُ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ عليه السلام «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ» وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِالْإِحْيَاءِ وَمَلَّكَهُ إيَّاهَا الْإِمَامُ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ إذَا أَحْيَاهَا وَلَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ، وَهَذَا إذَا تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ جَهْلًا أَمَّا إذَا تَرَكَهُ تَهَاوُنًا بِالْإِمَامِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا زَجْرًا لَهُ فَإِذَا تَرَكَهَا لَهُ الْإِمَامُ تَرَكَهَا بِعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ.
وَفِي الْهِدَايَةِ يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ تَوْظِيفِ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا سَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ حِينَئِذٍ يَكُونُ إبْقَاءُ الْخَرَاجِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ (وَيَمْلِكُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْلِمُ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ سَبَبُ الْمِلْكِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذْنُ الْإِمَامِ مِنْ شَرْطِهِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَجَّرَ أَرْضًا وَلَمْ يَعْمُرْهَا ثَلَاثَ سِنِينَ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ وَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ) حَجَّرَ بِالتَّشْدِيدِ وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ عِمَارَتَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَقَدْ أَهْمَلَهَا وَالْمَقْصُودُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إظْهَارُ عِمَارَةِ أَرَاضِيهَا تَحْصِيلًا لِمَنْفَعَةٍ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ وَلِأَنَّ التَّحْجِيرَ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ يُمْلَكُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْإِحْيَاءُ هُوَ الْعِمَارَةُ وَالتَّحْجِيرُ إنَّمَا هُوَ لِلْإِعْلَامِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَهُ بِوَضْعِ الْحِجَارَةِ حَوْلَهُ أَوْ يَعْلَمُونَهُ بِحَجَرِ غَيْرِهِمْ عَنْ إحْيَائِهِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ تُزْرَعُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً وَأَكْثَرَ مَا جُعِلَ لِلِارْتِيَاءِ فِي جِنْسِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الرَّغْبَةِ وَالِاخْتِيَارِ الثَّلَاثُ وَهِيَ الثَّلَاثُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ فَإِذَا تَرَكَهَا هَذَا الْقَدْرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ إتْلَافَهَا وَمَوْتَهَا فَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ دِيَانَةً، أَمَّا إذَا أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَلَكَهَا، وَإِنَّمَا هَذَا كَالِاسْتِيَامِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ فَعَلَهُ جَازَ الْعَقْدُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَيُتْرَكُ مَرْعًى لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَمَطْرَحًا لِحَصَائِدِهِمْ) وَمُحْتَطَبِهِمْ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فَلَا تَكُونُ مَوْتًا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا.
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فَلَهُ حَرِيمُهَا) مَعْنَاهُ إذَا حَفَرَ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِإِذْنِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ إحْيَاءٌ وَلِأَنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ كَفِنَاءِ الدَّارِ وَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَذَا حَرِيمُ الْبِئْرِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ لِلْعَطَنِ فَحَرِيمُهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا) يَعْنِي مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعُونَ هُوَ الصَّحِيحُ عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ الَّذِي يَنْزِعُ بِهِ يُجَاوِزُ الْأَرْبَعِينَ فَلَهُ مُنْتَهَى الْحَبْلِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ لِلنَّاضِحِ فَسِتُّونَ ذِرَاعًا) هَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرْبَعُونَ كَمَا فِي الْعَطَنِ وَالْكَلَامُ فِي طُولِ الْحَبْلِ كَالْكَلَامِ فِي الْعَطَنِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا سِتُّونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ذَكَرَهُ الْخُجَنْدِيُّ وَالذِّرَاعُ الْمُعْتَبَرُ يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ وَالنَّاضِحُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَحَرِيمُهَا ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ) .
وَفِي الْهِدَايَةِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تُسْتَخْرَجُ لِلزِّرَاعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ وَمِنْ حَوْضٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ وَمِنْ نَهْرٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إلَى الْمَزْرَعَةِ فَلِهَذَا قُدِّرَ بِالزِّيَادَةِ وَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَوْلُهُ (وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ فِي حَرِيمِهَا بِئْرًا مُنِعَ مِنْهُ) كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهِ وَالْإِخْلَالِ بِهِ فَإِنْ حَفَرَ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَكْبِسَهَا تَبَرُّعًا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّانِيَ بِكَبْسِهَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَفْرَهُ جِنَايَةٌ مِنْهُ كَمَا فِي الْكُنَاسَةِ يُلْقِيهَا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِرَفْعِهَا وَقِيلَ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ ثُمَّ يَكْبِسُهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ حَفَرَ الثَّانِيَ بِئْرًا وَرَاءَ حَرِيمِ الْأُولَى فَذَهَبَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَفْرِ فَلِلثَّانِي الْحَرِيمُ مِنْ الْجَوَانِبِ الثَّلَاثَةِ دُونَ الْجَانِبِ الْأَوَّلِ لِسَبْقِ مِلْكِ الْحَافِرِ الْأَوَّلِ فِيهِ وَالشَّجَرَةُ تُغْرَسُ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ لَهَا حَرِيمٌ أَيْضًا حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَغْرِسَ شَجَرًا فِي حَرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى حَرِيمٍ لِيَجِدَ فِيهِ ثَمَرَهُ وَيَضَعَهُ فِيهِ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ (مَا تَرَكَ الْفُرَاتُ أَوْ الدِّجْلَةُ وَعَدَلَ عَنْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ عَوْدُهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ)
لِحَاجَةِ الْعَامَّةِ
إلَى كَوْنِهِ نَهْرًا قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْمَوَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ