الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَعْرُوفُ بِأَخٍ لَهُ أَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ أَخَذَتْ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِجَدَّةٍ وَهُوَ ابْنُ الْمَيِّتِ أَخَذَتْ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِأَبِيهِ أَخَذَتْ ثُمُنَ مَا فِي يَدِهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِامْرَأَةٍ هَذِهِ امْرَأَةُ أَبِي إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ جَازَ وَيَكُونُ لَهَا الثُّمُنُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُنْكَسِرٌ عَلَيْهِمَا فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ يَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ وَلَهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الِابْنُ الْآخَرُ احْتَجْت إلَى قِسْمَتَيْنِ قِسْمَةٍ ظَاهِرَةٍ وَهُوَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَمَا حَصَلَ لِلْمُقِرِّ جُعِلَ عَلَى تِسْعَةٍ لِلْمَرْأَةِ اثْنَانِ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الْمُنْكِرَ ظَالِمٌ حَيْثُ أَخَذَ النِّصْفَ تَامًّا فَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَ الْمُقِرِّ، وَالْمَرْأَةِ عَلَى مَقَادِيرِ سِهَامِهِمَا يَعْنِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ سَهْمَيْنِ وَلَهُ سَبْعَةً فَلَمَّا صَارَ هَذَا النِّصْفُ عَلَى تِسْعَةٍ صَارَ الْكُلُّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ تِسْعَةٌ لِلْمُنْكِرِ وَسَهْمَانِ لِلْمَرْأَةِ وَسَبْعَةٌ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ فِي نَصِيبِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]
الْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ يَتَجَدَّدُ انْعِقَادُهُ بِحَسَبِ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ سَاعَةً فَسَاعَةً وَكَانَ الْقِيَاسُ فِيهَا أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخْلَقْ وَعَلَى مَا لَيْسَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ، وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَعْطِ الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كُنْت خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ - أَيْ أَعْطَى بِي الذِّمَامَ - وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا وَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَاسْتَوْفَى مِنْهُ عَمَلَهُ وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ» .
قَالَ رحمه الله: (الْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ) حَتَّى لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِ الْمَنَافِعِ حَائِلٌ أَوْ مَنَعَهُ مَانِعٌ، أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الِاسْتِبَاحَةِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَالْمَهْرُ لَازِمٌ لَهُ، وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِهَا حَائِلٌ، أَوْ مَاتَتْ عَقِيبَ الْعَقْدِ، ثُمَّ التَّمْلِيكَاتُ نَوْعَانِ تَمْلِيكُ عَيْنٍ وَتَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ فَتَمْلِيكُ الْعَيْنِ نَوْعَانِ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ نَوْعَانِ أَيْضًا بِعِوَضٍ كَالْإِجَارَةِ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ حَتَّى تَكُونَ الْمَنَافِعُ مَعْلُومَةً، وَالْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبَدَلِهِ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ كَجَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَالْمَبِيعِ، ثُمَّ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَتْ دَرَاهِمَ شُرِطَ فِيهَا بَيَانُ الْمِقْدَارِ وَيَقَعُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةَ الْمَالِيَّةِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ تَقَعُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْغَلَبَةُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ إلَّا إنْ يُبَيَّنَ أَحَدُهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَيْلِيًّا، أَوْ وَزْنِيًّا، أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وَيُسَلِّمُهُ عِنْدَ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ.
فَإِنْ بَيَّنَ الْأَجَلَ صَارَ مُؤَجَّلًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ ثِيَابًا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَيُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَبِيدِ، وَالْجَوَارِي وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مُشَارًا إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالرُّكُوبِ أَوْ الْمُزَارَعَةِ بِاللُّبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَازَ وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِخِدْمَةِ عَبْدٍ جَازَ، وَأَمَّا إذَا قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى، أَوْ رُكُوبَ دَابَّةٍ بِرُكُوبِ دَابَّةٍ أُخْرَى، أَوْ زِرَاعَةَ أَرْضٍ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمَنَافِعِ بِالْمَنَافِعِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِجِنْسِهَا، أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا يَخْدُمُهُ شَهْرًا بِخِدْمَةِ أَمَتِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ النَّسَاءَ لَا يَجُوزُ فِي الْجِنْسِ فَإِنْ خُدِمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُخْدَمْ الْآخَرُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَآجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ يَخِيطُ مَعَهُ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَصُوغَ
نَصِيبَهُ مَعَهُ فِي الشَّهْرِ الدَّاخِلِ لَمْ يَجُزْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّصِيبَيْنِ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ مُتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَمَلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَبْدَيْنِ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.
. (قَوْلُهُ: وَمَا جَازَ أَنْ يَكُون ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ جَازَ أَنْ يَكُون أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَنُ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَمَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً كَالْحَيَوَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُنْعَكِسٍ وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَنَافِعُ تَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالْمُدَّةِ كَاسْتِئْجَارِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى، وَالْأَرَضِينَ لِلزِّرَاعَةِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الدُّورِ، وَالْأَرْضِ لَا تَكُونُ مَعْلُومَةً إلَّا بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِيهَا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: شَهْرٌ، وَالْآخَرُ: أَكْثَرُ فَيَقَعُ التَّنَازُعُ.
(قَوْلُهُ: أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ) يَعْنِي طَالَتْ، أَوْ قَصُرَتْ لِكَوْنِهَا مَعْلُومَةً وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةً اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي إلَى طَوِيلِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ السِّعْرُ بِحَالِهِ لَمْ يَزْدَدْ وَلَمْ يَنْتَقِصْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ غَلَى أَجْرُهُ مِثْلَهَا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ ذَلِكَ وَيُجَدِّدُ الْعَقْدَ ثَانِيًا، وَفِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ يَجِبُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا بِأَنْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً فَإِنَّهَا إلَى وَقْتِ الزِّيَادَةِ يَجِبُ فِيهَا مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا، وَأَمَّا إذَا نَقَصَتْ أُجْرَتُهَا أَيْ رَخُصَتْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ.
وَفِي الْهِدَايَةِ الْإِجَارَةُ فِي الْأَوْقَافِ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَيْ لَا يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكَهَا فَإِنْ أَجَّرَ الْوَقْفَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَزْدَدْ الرَّغَبَاتُ وَلَا غَلَا السِّعْرُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ أَمَّا إذَا ازْدَادَتْ الرَّغَبَاتُ وَغَلَا السِّعْرُ فُسِخَتْ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ بِالزَّائِدِ وَيُؤْخَذُ فِيمَا مَضَى بِقَدْرِ الْمُسَمَّى وَعَلَى هَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ بِالزِّيَادَةِ عِنْدَ الْكُلِّ أَمَّا إذَا زَادَ وَاحِدٌ فِي أُجْرَتِهَا مُضَارَّةً فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْحَوَانِيتِ الْمَوْقُوفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَتَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالتَّسْمِيَةِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى صَبْغِ ثَوْبٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ، أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ أَوْ يَرْكَبَهَا مَسَافَةً سَمَّاهَا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الثَّوْبَ أَنَّهُ مِنْ الْقُطْنِ، أَوْ الْكَتَّانِ، أَوْ الصُّوفِ، أَوْ الْحَرِيرِ وَبَيَّنَ لَوْنَ الصِّبْغِ وَقَدْرَهُ وَجِنْسَ الْخِيَاطَةِ أَنَّهَا فَارِسِيَّةٌ، أَوْ رُومِيَّةٌ وَبَيَّنَ الْقَصَارَةَ أَنَّهَا مَعَ النَّشَا أَوْ دُونَهُ وَبَيَّنَ الْقَدْرَ الْمَحْمُولَ عَلَى الدَّابَّةِ وَجِنْسَهُ، وَالْمَسَافَةَ صَارَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا رَجُلًا، أَوْ يَتَلَقَّاهُ فَهُوَ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ مَوْضِعًا مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ التَّشْيِيعَ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَبْلُغَ عَلَيْهَا مَنْزِلَهُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَنْقَضِيَ الْإِجَارَةُ بِبُلُوغِهِ إلَى أَدْنَى الْكُوفَةِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَإِنْ عَلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَفَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ قَدْرَ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَالْبَدَلُ الْمَجْهُولُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ بِهِ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّتَهُ بِعَلَفِهَا لَمْ يَجُزْ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا، أَوْ أَمَةً لِلْخِدْمَةِ، أَوْ لِلطَّبْخِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ لِمَا ذَكَرْنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَارَةً تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالتَّعْيِينِ، وَالْإِشَارَةِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَنْقُلَ لَهُ هَذَا الطَّعَامَ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ) قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ وَمَا لَمْ يَحُطَّ الطَّعَامَ مِنْ رَأْسِهِ لَا تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ حَصَلَ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى الْهِلَالِ فَإِذَا انْسَلَخَ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَإِنْ كَانَ حَصَلَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً إنْ وَقَعَ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ وَقَعَ عَلَى تِلْكَ السَّنَةِ كُلِّهَا بِالْأَيَّامِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَالشَّهْرُ الْوَاحِدُ بِالْأَيَّامِ بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَيَكْمُلُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَثْوَارًا لِلْحَرْثِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهَا بِالْعَمَلِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِيَحْرُثَ لَهُ أَرْضًا مَعْلُومَةً يُعَيِّنُهَا، أَوْ يُقَدِّرُهَا بِالْمُدَّةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْرُثَ عَلَيْهِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ شَهْرًا وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ مَعَ هَذَا مَعْرِفَةَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ (مَسْأَلَةٌ) :
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أُجْرَةِ الْعَوْنِ الَّذِي يَبْعَثُهُ الْقَاضِي مَعَ الْمُدَّعِي إلَى خَصْمِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ وَكَذَا السَّارِقُ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأُجْرَةُ الْقَاطِعِ وَثَمَنُ الدُّهْنِ الَّذِي يَحْسِمُ بِهِ الْعُرُوقَ عَلَى السَّارِقِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مِنْهُ سَبَبُ وُجُوبِهَا وَهُوَ السَّرِقَةُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الدُّورِ، وَالْحَوَانِيتِ لِلسُّكْنَى، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَعْمَلُ فِيهَا) الْحَوَانِيتُ هِيَ الدَّكَاكِينُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَعَارَفَ فِيهَا السُّكْنَى فَتَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَهُوَ لَا يَتَفَاوَتُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ مَعْلُومَةً فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ نَوْعِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْحَدَّادَ، وَالْقَصَّارَ وَالطَّحَّانَ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِنُ الْبِنَاءَ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فَإِذَا رَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الدَّارِ جَازَ وَيَعْنِي بِالطَّحَّانِ رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الثَّوْرِ لَا رَحَى الْيَدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُمْنَعُ مِنْ الْكُلِّ وَقِيلَ إنْ كَانَ رَحَى الْيَدِ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ مُنِعَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي الْحَلْوَانِيُّ، وَأَمَّا كَسْرُ الْحَطَبِ فَلَا يُمْنَعُ عَنْ كَسْرِ الْمُعْتَادِ مِنْهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ بِنَفْسِهِ وَيُسْكِنَ غَيْرَهُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا فَإِذَا قَبَضَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا أَجَّرَهَا بِمِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا، أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا جَازَ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى لَا يَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ فَإِنْ كَانَ زَادَ فِي الدَّارِ شَيْئًا كَمَا لَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ طَيَّنَهَا، أَوْ أَصْلَحَ أَبْوَابَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ حِيطَانِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا الْكَنْسُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ زِيَادَةً وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مَنْ شَاءَ إلَّا الْحَدَّادَ، وَالْقَصَّارَ وَالطَّحَّانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْقُولًا أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ وَأَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ، وَإِذَا أَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ، أَوْ الْأَرْضَ مِمَّنْ آجَرَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا وَكَذَا بَعْدَ الْقَبْضِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، ثُمَّ إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرَاضِي لِلزِّرَاعَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُعْقَدُ لِلِانْتِفَاعِ وَلَا انْتِفَاعَ إلَّا بِالشِّرْبِ وَالسُّلُوكِ إلَيْهَا فَصَارَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَاهَا وَلَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، أَوْ الْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ وَلَا بَأْسَ بِاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ رِيِّهَا إذَا كَانَتْ مُعْتَادَةً لِلرِّيِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَزْرَعُ بِهِ بَعْضَهَا فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْإِجَارَةَ كُلَّهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْقُضْهَا وَكَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا رَوَى مِنْهَا كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ حَتَّى يُبَيِّنَ مَا يَزْرَعُ فِيهَا، أَوْ يَقُولَ: عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا أَشَاءُ) يَعْنِي أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ مَا لَمْ يَزْرَعْهَا أَمَّا لَوْ زَرَعَهَا وَمَضَتْ الْإِجَارَةُ صَحَّتْ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَحَمَلَ عَلَيْهَا حَمْلًا مُتَعَارَفًا فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَإِنَّ لَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ عَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَصَمَا قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَزْرَعُ فِيهَا وَلَا قَالَ عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا أَشَاءُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ فَإِنْ اخْتَصَمَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ فَإِنْ زَرَعَ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا قَبْلَ الْفَسْخِ تَعَيَّنَ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ وَلِلْمُؤَجِّرِ الْمُسَمَّى مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا أَشَاءُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا يَشَاءُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ السَّاحَةَ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا نَخْلًا، أَوْ شَجَرًا فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ قَلْعُ ذَلِكَ وَيُسَلِّمُهَا فَارِغَةً) لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزَّرْعِ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَفِيهَا زَرْعٌ فَإِنَّهَا تَبْقَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَيُمْكِنُ تَوْفِيَةُ الْحَقَّيْنِ وَنَظِيرُهُ مِنْ الْغَرْسِ وَالشَّجَرِ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَفِيهَا ثَمَرٌ فَإِنَّهُ
يُؤَخَّرُ إلَى إدْرَاكِهِ بِالْأُجْرَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى كَذَا فِي الْقَاضِي، وَإِنْ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْأَرْضِ رَطْبَةٌ فَإِنَّهَا تُقْلَعُ؛ لِأَنَّ الرِّطَابَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَأَشْبَهَتْ الشَّجَرَةَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْتَارَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا وَيَكُونَ لَهُ) إنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ فَحِينَئِذٍ يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ فَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْضَى بِتَرْكِهِ عَلَى حَالِهِ فَيَكُونَ الْبِنَاءُ لِهَذَا، وَالْأَرْضُ لِهَذَا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَهُ وَيَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الدَّوَابِّ لِلرُّكُوبِ، وَالْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَعْلُومَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ الرُّكُوبَ جَازَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ) عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ لَكِنْ إذَا رَكِبَ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَرْكَبَ وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مُرَادًا مِنْ الْأَصْلِ وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الرُّكُوبِ فَصَارَ كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَى رُكُوبِهِ فَإِنْ رَكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ مَا عُيِّنَ رَاكِبُهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَعَلَى هَذَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُّبْسِ وَأَطْلَقَ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ، أَوْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ فُلَانٌ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ، أَوْ أَلْبَسَ الثَّوْبَ غَيْرَهُ كَانَ ضَامِنًا إنْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ، أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ) لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَلِكَ فَصَحَّ التَّعْيِينُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ فَأَمَّا الْعَقَارُ وَمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ سَاكِنًا فَلَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ) لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَمَّى قَدْرًا، أَوْ نَوْعًا يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ فِي الضَّرَرِ أَوْ أَقَلُّ كَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ) لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ، أَوْ لِكَوْنِهِ خَيْرًا مِنْ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ كَيْلِ الْحِنْطَةِ شَعِيرًا لَا وَزْنًا وَبَعْضُهُمْ سَوَّى بَيْنَ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ شَعِيرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَعَطِبَتْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ أَثْقَلُ مِنْ الشَّعِيرِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا فِي أَحَدِ الْجَوْلَقَيْنِ حِنْطَةً، وَفِي الْآخَرِ شَعِيرًا فَعَطِبَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ وَنِصْفُ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْ الْحِنْطَةِ كَالْمِلْحِ، وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ) لِأَنَّ ضَرَرَ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا سَمَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا) لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالدَّابَّةِ فَإِنَّ الْحَدِيدَ يَقَعُ مِنْ الدَّابَّةِ عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِهَا، وَالْقُطْنُ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِهَا فَكَانَ أَخَفَّ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَيْسَرَ فَإِنْ هَلَكَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَمْلِهِ صَارَ مُخَالِفًا فَصَارَ كَالْغَاصِبِ كَذَا فِي الْقَاضِي، وَأَمَّا إذَا سَلِمَتْ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ الْحَدِيدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِثْلَ وَزْنِهِ قُطْنًا.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فَأَرْدَفَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ نِصْفَ
قِيمَتِهَا) يَعْنِي مَعَ الْأُجْرَةِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَأَرْدَفَ رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرْدَفَ صَبِيًّا لَا يَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَمْسِكُ فَهُوَ كَالرَّجُلِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ الثِّقَلُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ قَدْ يَضُرُّهَا حَمْلُ الرَّاكِبِ الْخَفِيفِ وَيَخِفُّ عَلَيْهَا رُكُوبُ الثَّقِيلِ لِعِلْمِهِ بِالْفُرُوسَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ) لِأَنَّهَا عَطِبَتْ بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ وَغَيْرُ مَأْذُونٍ وَالسَّبَبُ الثِّقَلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا كَانَ حِمْلًا لَا تُطِيقُهُ مِثْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ أَصْلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ عَادَةِ طَاقَةِ الدَّابَّةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ.
وَقَوْلُهُ " الثِّقَلِ " بِكَسْرِ الثَّاءِ وَتَحْرِيكِ الْقَافِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا وَبِالْخِلَافِ صَارَ ضَامِنًا، ثُمَّ إذَا عَادَ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأُجْرَةُ لِلذَّهَابِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلْمَجِيءِ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَاوَزَ الْمَكَانَ صَارَ مُخَالِفًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَالْأُجْرَةُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ عِنْدَنَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْحِيرَةِ فَنَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَا الْعَارِيَّةُ فَقِيلَ: تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا لَا جَائِيًا لِيَنْتَهِيَ الْعَقْدُ بِالْوُصُولِ إلَى الْحِيرَةِ فَلَا يَصِيرُ بِالْعَوْدِ مَرْدُودًا إلَى يَدِ الْمَالِكِ مَعْنًى أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا خَالَفَ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّمَانُ وَقِيلَ الْجَوَابُ مُجْرًى عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانِ مَعْلُومٍ فَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا وَجَلَسَ فِي دَارِهِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَطِبَتْ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِحَبْسِهِ لَهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُخَالِفًا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَذَهَبَ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَهُ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا، وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ.
وَإِذَا لَمْ تَهْلِكْ وَبَلَغَ الْمَوْضِعَ الْمَعْلُومَ، ثُمَّ رَجَعَ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ لِيَرْكَبَهَا فَذَهَبَ بِهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَسَلَّمَ الْمَفَاتِيحَ إلَيْهِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ سَكَنَهَا، أَوْ لَمْ يَسْكُنْ إلَّا إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ سُلْطَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ، أَوْ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا خِلَافٍ وَلَا جِنَايَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، أَوْ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا عُرْيًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَّا عُرْيًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِسَرْجٍ لَمْ يَرْكَبْهَا عُرْيًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْكَبَهَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَلْقِيَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَّكِئُ عَلَى ظَهْرِهَا بَلْ يَكُونُ رَاكِبًا عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ فَإِنْ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي إمْسَاكِهَا فَلَزِمَهُ الرَّدُّ فَإِنْ حَبَسَهَا فِي بَيْتِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا حَتَّى تَلِفَتْ إنْ كَانَ حَبَسَهَا لِعُذْرٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ.
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ)(كَبَحَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا) أَيْ جَذَبَهَا إلَى نَفْسِهِ بِعُنْفٍ. (أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ)(ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ)